موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق فرنسي: الإمارات تناهض مطالب الديمقراطية في الشرق الأوسط

177

يقول كاتب في مجلة “جون أفريك” الفرنسية إن هناك يدا خفية في مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي تسعى لفرض قيادتها على المنطقة، وهذه اليد هي يد دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع حليفتها المملكة العربية السعودية.

وقال الكاتب الفرنسي سيباستيان بوسوا وهو أيضا باحث في جامعة بروكسل الحرة -في تدوينة له نشرتها “جون أفريك”- إن بلدان الربيع العربي نجحت جزئيا في تسوية حالة عدم الاستقرار التي عرفتها سنة 2011.

واستعرض الكاتب ما أسماه “حالة الاستقرار النسبي” التي تعيشها كل من تونس وسوريا بعد عودتهما من جديد إلى استبداد دائم خصوصا مع مكوث الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة وهزيمة تنظيم الدولة، ومصر بعد فقدانها ثورتها، في حين لا يزال اليمن غارق في حرب تقودها السعودية والإمارات.

وفي ليبيا -يقول الكاتب- بينما يعمل المجتمع الدولي على تحقيق ما يصعب تحقيقه، ألا وهو إشراك جميع أطراف النزاع في كتابة تاريخ سياسي يقوم به الليبيون جميعا، ترتكب الإمارات جرائم حرب هناك بعد ما تردد عن اكتشاف وجود معسكرات تعذيب إماراتية في اليمن.

واستمر سيباستيان بالقول إنه وفي جميع هذه التغييرات التي يشهدها العالم العربي الإسلامي، تعمل السعودية والإمارات خلف الكواليس من أجل فرض قيادتهما؛ وهي استراتيجية عملت الرياض في واقع الأمر على تفعيلها.

ولتحقيق هذه القيادة، يقول الكاتب إنه يكفي تأسيس أنظمة استبدادية جديدة في المنطقة ومنع سير العملية الديمقراطية بشتى السبل وبمبرر أنها تتسبب في خلق حالة من عدم الاستقرار.

ويضيف الكاتب أنه يتم تجنيد الأنظمة العسكرية ضد الشعوب، وهو ما يخلق دوامة بشعة من القمع في هذه البلدان التي تبحث عن التغيير.

ولسنوات وقف النظام الإماراتي ضد الربيع العربي وعمل على تدبير ثورات مضادة تحاصر تحركات الشعوب العربية وتنقلب عليها خشية من تحرك شعبي يهدد أركانه.

حدث ذلك في كل من تونس ومصر وليبيا إضافة إلى اليمن وحتى البحرين بحيث ظلت أبو ظبي تعمل ضد تحركات الشعوب وتدعم العسكر في تلك الدول لمحاصرة أي تغيير يفضي إلى الحرية المنشودة.

ومع تجدد موجات الربيع في كل من السودان والجزائر عاد القلق ليسيطر على النظام الإماراتي الذي سارع إلى إعلان دعمه حكم العسكر في البلدين في مخالفة صريحة لرغبة الشعبين السوداني والجزائري.

ولم تتحرك الإمارات ردا على سقوط الرئيس السوداني عمر البشير، لكنها تخشى الآن انزلاق هذا البلد إلى الفوضى، ما من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي والإضرار بمصالحها.

وتقول إليزابيث ديكنسون من مجموعة الأزمات الدولية: “في السنوات الأخيرة، أصبح السودان أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لدول الخليج، وسقوط البشير هو بحد ذاته لحظة محورية”.

من جهته، يشير أندرياس كريغ من كلية كينغز في لندن، إلى فترة من “عدم الوضوح” بالنسبة للدول النفطية الخليجية خاصة الإمارات.

وبعد أيام من الصمت، ردت الإمارات وحليفتها السعودية بحذر باسم “الاستقرار” على رحيل البشير، الذي أبعده الجيش السوداني تحت ضغوط الشارع.

وأضاف كريغ أن الرجل القوي الجديد في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان، “يبدو أكثر ميلا من غيره لقبول السياسة الإماراتية، المتمثلة في عدم التسامح مطلقا مع الإسلام السياسي”.

وتمت صياغة رد فعل الرياض وأبو ظبي بعبارات اختيرت بعناية. وأكدت العاصمتان “دعم الشعب السوداني”، وعبرتا عن الأمل في “انتقال سلمي”، وقدمتا وعودا غامضة بمساعدة البلاد التي تغرق في الفوضى الاقتصادية يوما بعد يوم.

بدوره، يقول كريم بيطار من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، إن “السعودية والإمارات تقاومان بطبيعتها أي حركة تمرد شعبية”.

واضاف “أنها قوى تفضل الإبقاء على الوضع الراهن. إنها تخشى اتساع أي حركة احتجاج وطني، وأن يكون هناك انتقال للعدوى”.

وتابع بيطار أن “الإمارات تشعر بالقلق إزاء ما يحدث في السودان، وستبذل قصارى جهدها لضمان أن تكون عملية الانتقال ضمن الاستمرارية، ما يعني أن يبقى السودان تحت سيطرة الجيش”.

بدوره، يقول مصطفى العاني من مركز الخليج للأبحاث، إن “الإمارات لا تريد انتقالا عنيفا للسلطة، ولا تريد مأساة أخرى كما حدث في ليبيا أو سوريا أو العراق، والسبيل الوحيد هو الانتقال السلمي للسلطة”.

وتابع أن الرياض وأبو ظبي “توصلتا إلى استنتاج مفاده أن “التغيير أصبح حتميا” في السودان كما في الجزائر، طالما بقيت العملية تحت سيطرة الجيش.

ولدى السعودية والإمارات حساسية إزاء الاضطرابات التي لا يمكن السيطرة عليها مثل تلك التي أغرقت ليبيا في الفوضى عام 2011، وأدت إلى صعود جماعة الإخوان المسلمين، “عدوهم اللدود” في مصر، وبدرجة أقل في تونس.

ولم تتردد الدولتان في المشاركة عسكريا في اليمن المجاور عندما حادت المرحلة الانتقالية عن مسارها، وسمحت للمتمردين الحوثيين الذين يعتبرون مقربين من إيران، بالسيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

في الحرب اليمنية، حصلتا على دعم الجيش السوداني بقرار من الرئيس المخلوع عمر البشير ضمن التحالف العسكري بقيادة السعودية، الذي يتدخل في هذا البلد منذ عام 2015.

تقول ديكنسون إن “السودان يؤثر في العديد من المصالح الحيوية لدول الخليج. لقد كان حليفا رئيسيا للإمارات والسعودية ضد النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي، كما أرسلت الخرطوم قوات لليمن”.

وأضافت أن هذا البلد يعتبر “لاعبا حاسما في نزاع بين إثيوبيا ومصر حول استخدام مياه النيل، كما يمكنه أن يشكل عنصرا محوريا في الأمن الغذائي المستقبلي بالنسبة للخليج”.

وتابعت ديكنسون أن “أحد أهداف الإمارات هو التمسك باستقرار السودان، أي الحفاظ على مؤسسات الدولة في أثناء تنفيذ الإصلاحات وعملية الانتقال”.

وقالت: “لسنا في الخليج عام 2011 عندما كانت هذه الدول حساسة بشكل تام حيال أي عملية انتقال”، مضيف أنه “بالنظر إلى هشاشة المنطقة بأكملها (…)، فإن مرحلة انتقالية تحت السيطرة قد تكون أفضل السبل للمضي قدما”.

وفي بيان صدر قبل أيام حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أنه “إذا غرق السودان في الفوضى، فإن الاضطرابات يمكن أن تنتقل إلى ما وراء الحدود”.