موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مجلة أمريكية تفضح خلافات الإمارات وحلفائها

204

اختار دونالد ترامب السعودية وجهة له خلال أول زيارة خارجية أداها بصفته رئيسا للولايات المتحدة، اعتبرها حلفاء واشنطن في الخليج العربي بمثابة فرصة لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد حقبة الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة والتوتر الذي أثاره أسلاف ترامب بشأن إيران.

ويقول الكاتب حسن حسن في تقريره الذي نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، إنه خلال “القمة العربية الإسلامية الأميركية” عام 2017، ناقش الحاضرون أجندة مشتركة للسنوات المقبلة في ظل القيادة السعودية، تضم استراتيجيةً للحد من توسّع إيران، ودحر السياسات الطائفية في بعض البلدان على غرار العراق، ومكافحة التطرف، وإحياء عملية السلام العربية الإسرائيلية، واحتواء الصراعات المستعرة.

وبعد مرور سنتين، تسبّبت قمة ترامب في نشوب العديد من الأزمات، بسبب الحصار الذي فُرض على قطر، واندلاع “الحرب الأهلية الثالثة” في ليبيا في أبريل/ نيسان. وفي الآونة الأخيرة، انسحبت مصر من التحالف الاستراتيجي المقترح في الشرق الأوسط، الذي يُطلَق عليه على نطاق واسع اسم “الناتو العربي”، وذلك على إثر خلاف حاد بينها وبين السعودية، بحسب الكاتب.

ووفقا لدبلوماسي عربي مطلع على الاجتماعات التي سبقت الانسحاب، اعترضت القاهرة على أسلوب القيادة المتبع في الرياض، إذ انتظر المسؤولون السعوديون أن يوافق شركاؤهم العرب على توقيع هذه الوثيقة، دون أي نقاش، قبل تقديمها رسميا إلى واشنطن.

وعموما، تتنامى الاختلافات بين مصر من جهة وكل من الرياض وأبو ظبي من جهة أخرى حول العديد من المواضيع، على غرار كيفية التعامل مع الحرب في اليمن وليبيا.

وأشار الكاتب إلى أن السعودية والإمارات، تمران ببعض التوترات بينهما ولا سيما بشأن اليمن. ويعترف كل من المسؤولين الإماراتيين والسعوديين سرا بمثل هذه الاختلافات، إذ اعترضت أبو ظبي على خطة الرياض للعمل مع المليشيات المرتبطة بحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يهيمن عليه الإسلاميون، وشكّلت في المقابل مليشياتها الخاصة.

علاوة على ذلك، سعت أبو ظبي إلى تنحية الرئيس اليمني المدعوم من السعودية، عبد ربه منصور هادي، الذي يقيم حاليا في المملكة.

ووفقًا لمصدر سعودي ذي نفوذ في الرياض، تبلور جدال جاد في المملكة خلال السنة الماضية حول ما إذا كانت سياسة المملكة الإقليمية، التي تتمثل في دعمها للانقلاب في مصر سنة 2013، وحصار قطر عام 2017، واستمرار الحرب بالوكالة في ليبيا، قد تشكّلت لخدمة المصالح الإماراتية الضيقة.

وفي الواقع، يختلف النهج السعودي الحالي عما كان عليه في أوائل 2015، عندما سعت المملكة إلى بناء تحالف واسع النطاق يتضمّن إصلاح العلاقات مع تركيا، قبل أن تُقرِّب حرب اليمن، الرياض من أبو ظبي.

وبالإضافة إلى ذلك، احتدم الخلاف داخل دولِ الكتلة التي تقودها السعودية. فعلى سبيل المثال، تعتقد دبي أن اقتصادها قد تضرّر بشكل مباشر بسبب النهج الإقليمي العدواني الذي اتبعته إمارة أبو ظبي.

وتاريخيا، لطالما ركّزت دبي على تشجيع السياحة والتجارة والاستثمار الأجنبي، مع تجنب النزاعات الإقليمية، لكنّ الحرب المستمرة في اليمن، والحصار المفروض على قطر، والقيود المفروضة من قبل أبو ظبي على الأمن الداخلي في جميع أنحاء الإمارات، أثّرت سلبا في أعمال دبي.

وينقل الكاتب عن الأستاذ المساعد في كلية كينغز كوليدج في لندن، أندرياس كريغ، أن “وقع الأزمة الخليجية كان على أشده في دبي، التي من المرجح أن تكون أكثر المتضرّرين اقتصاديا، حتى أكثر بكثير من قطر”.

وعلى الرغم من أن دبي لم تعلن أبدا عن سخطها تجاه السياسة الخارجية للبلاد، فإن اختلاف الإمارتَينِ حول كيفية التعامل مع النزاعات يتضح بسهولة داخل المنطقة.

وفي أغسطس/آب الماضي، كشفت سلسلة من التغريدات التي نشرها حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، أن استراتيجية دبي تركّز على السياسات المحلية بدلا من النزاعات الإقليمية.

وجاء في إحدى التغريدات “يتمثّل الدور الحقيقي للسياسي في تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والصحفي وغيرهم، بالإضافة إلى تسهيل حياة المجتمعات وحل الأزمات، بدلا من خلقها، وإرساء الإنجازات بدلا من تفكيكها”.

وأورد الكاتب أن هذه الاختلافات المتنامية اتضحت الشهر الماضي من خلال مكالمة هاتفية جمعت بين رئيس الوزراء البحريني وأمير قطر بمناسبة بداية شهر رمضان. وبعد انتشار أنباء حول المكالمة، أكدت وكالة الأنباء الحكومية في البحرين صحّة هذا الاتصال، لكنها نقلت عن وزير شؤون مجلس الوزراء قوله إن الأمر لا يمثل الموقف الرسمي للبحرين تجاه قطر ولن “تؤثر في التزامات البحرين مع السعودية”.

وبالنسبة للبحرين، يعتبر كثيرون أن مقاطعة قطر هي مجرد تنفيذ لإرادة السعودية، بدلا من أن تعكس رؤيتها الخاصة، فالبحرين تعدّ واحدة من البلدان الأكثر تضررا من الحصار، من حيث التجارة والسياحة والاستثمار.

ومن هذا المنطلق، تتحدّث هذه الديناميكية عن عيب رئيس في التحالف العربي، وهو عدم الإيمان بالقيادة السعودية المحتملة. وفي ظلّ تنامي فشل السياسات مع مرور الوقت، يرغب كل من الحلفاء بشكل متزايد في حماية مصالحهم ضد الآخرين، إذ إن الشيء الوحيد الذي يميلون إلى الاتفاق عليه يتمثل في الحفاظ على التحالف الشكلي الذي يجمعهم، والذي من شأنه أن يسمح للسياسات الفاشلة والصراعات المتوقفة بمواصلة الجمود.

وخلص الكاتب إلى أن الدبلوماسي العربي -الذي ورد ذكره في البداية- وصف هذه المعضلة بأنها “مشكلة المحرضين المتعددين”، حيث يجب الاتفاق على إنهاء الصراع في اليمن بين كل من الإمارات والسعودية.

وفي المقابل، لا يمكن للسعودية وحدها إيجاد حل وسط مع قطر دون الأخذ في الحسبان ما يراه البعض مَطالبِ الإمارات الأكثر تشدّدا لفرض رؤيتها للتغيير داخل قطر والمنطقة ككل.

ويكشف هذا الوضع عن نوع الاضطرابات المتنامية بوضوح داخل المنطقة في الوقت الراهن، حيث ينتصر الانقسام والخوف على الوحدة والاستقرار، الذي يعد أحد تداعيات أول زيارة خارجية أدّاها ترامب منذ سنتين.