موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات ملاذ اقتصادي آمن لروسيا وسط تهديدات بعقوبات دولية

473

تواجه دولة الإمارات تهديدات بالتعرض إلى المزيد من العقوبات الدولية لاسيما من الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية توفيرها ملاذا اقتصاديا آمنا لروسيا.

وتواجه قفزة التعاون بين الإمارات وروسيا خطراً متزايداً، في ظل اتجاه الولايات المتحدة الأميركية لمدّ أثر العقوبات إلى الدول التي توفر ملاذاً اقتصادياً لموسكو وفي مقدمتها الإمارات.

ودخلت الإمارات لأول مرة قائمة أكبر 20 شريكاً اقتصادياً أجنبياً لروسيا، وفق إحصاءات موسكو الرسمية لعام 2022، التي أعلنتها موسكو.

وسجلت أبوظبي مستوى قياسياً للتبادل التجاري مع موسكو، بلغت قيمته 9 مليارات دولار، بحيث زاد حجم الصادرات من روسيا إلى الإمارات بنسبة 71%، إلى 8.5 مليارات دولار، والواردات 6% إلى 500 مليون دولار.

وذلك تكون الإمارات “الشريك التجاري العربي الأول لروسيا”، في وقت جاءت أرقام القفزة التجارية القياسية بين البلدين في إطار زيادة وتيرة التعاون الاقتصادي بينهما بشكل كبير خلال السنوات الماضية.

وتحتضن أسواق الإمارات أكثر من 4 آلاف شركة روسية، فيما تمتلك 60 مشروعاً في روسيا.

وتعتبر الإمارات أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، حيث تستحوذ على 55% من إجمالي التجارة الروسية الخليجية.

كذلك تُعَدّ أبوظبي الوجهة الأولى عربياً للاستثمارات الروسية، وتستحوذ على 90% من إجمالي استثمارات موسكو في الدول العربية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ذكر وزير الدولة للتجارة الخارجية الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي أن نسبة التجارة غير النفطية بين الإمارات وروسيا ارتفعت بنسبة 57% خلال عام 2022.

ومثل انتهاج الإمارات لموقف الحياد حيال الغزو الروسي لأوكرانيا البوابة الكبرى للقفزة التجارية، إذ ضغطت العقوبات الغربية على اقتصاد روسيا بعد غزو أوكرانيا بقوة.

وجاء التعاون مع الإمارات بمثابة ملاذ لتخفيف وطأة العقوبات، وهو ما كان له بالغ الأثر في انكماش الاقتصاد الروسي خلال العام الماضي فقط بنسبة 2.1% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يقل كثيراً عن التوقعات الدولية، حسبما أوردت وكالة “بلومبيرغ”.

فالتوقعات الرسمية الروسية كانت تشير إلى انكماش الاقتصاد بمعدل 3%، فيما دارت توقعات كثير من المحللين الغربيين حول انكماش بمعدل 10% في بدايات فرض العقوبات على موسكو، منذ حوالي عام.

وإزاء ذلك، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية آنا سوانسون، في مقال نشرته بصحيفة “نيويورك تايمز” مطلع فبراير/ شباط الجاري، أن “اقتصاد روسيا ربما كان قد تعافى بالفعل إلى مستويات ما قبل الحرب”.

بينما عدل صندوق النقد الدولي، في 20 فبراير/ شباط، من توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي لعام 2023، مرجحاً نسبة 0.3%، في تحسن حاد عن تقديراته السابقة بانكماش نسبته 2.3%.

وحقق التكامل الاقتصادي مجموعة من المكاسب لفائدة الإمارات وروسيا، منها توسيع الأسواق لتتمكن شركات البلدين من تطوير قدراتها التنافسية، إضافة إلى توفير ملاذ لرؤوس أموال الأثرياء الروس، بما يؤمنها من العقوبات الغربية من جانب، ويضخ مليارات الدولارات في اقتصاد الإمارات من جانب آخر.

ومع تزايد العقوبات الغربية على روسيا، ازداد إقبال الأغنياء والأثرياء الروس على إمارة دبي تحديداً، خصوصاً أن شراء العقارات في الإمارات يمكّن المستثمرين من الحصول على تأشيرة إقامة تصل مدتها إلى 3 سنوات حال استثمار 272 ألف دولار، و5 سنوات حال استثمار 1.36 مليون دولار.

وعبّر رجل العقارات الإماراتي حسين سنجواني، عن هذا التبادل المصلحي بين روسيا والإمارات، بقوله: “العديد من الشخصيات الروسية حاولت حلّ مشاكلها الخاصة بالعقوبات، ودبي تستفيد من أيّ أزمة”، حسبما أوردت قناة CNBC عربية.

وعلى أثر ذلك، زادت حركة الطيران الخاص من موسكو إلى دبي، ورصد محققون شاركوا في تحقيق مفتوح المصدر أن العديد من اليخوت الفاخرة ترسو في دبي، نظراً لأن الإمارات لم تطبق العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، ولهذا تحظى هذه اليخوت الفاخرة بحرية وأمان، وهي ترسو هناك.

وفي عام 2021، كانت دبي الوجهة المفضلة لـ6% من السياح القادمين من روسيا، بواقع 600 ألف زائر، وفقاً للجمعية الروسية لمنظمي الرحلات السياحية.

كذلك، تُعَدّ روسيا بوابة لسوق واسعة، تمثل دول الاتحاد الأوراسي، وهو اتحاد اقتصادي بين الدول الواقعة في وسط وشمال آسيا وشرق أوروبا، ويضم كلاً من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزستان.

لذا فإن فوائد القفزة التجارية بين الإمارات وروسيا تتجاوز تبادل المنافع المباشر إلى التكامل بساحة الاتحاد الأوراسي وغيره من مناطق النفوذ الاقتصادي للبلدين.

وفي هذا الإطار، منح مصرف الإمارات المركزي رخصة مصرفية لبنك MTC الروسي، وذلك وفقاً للمعلومات المنشورة على موقعه الإلكتروني في 22 فبراير/ شباط الجاري.

وينطوي ترخيص البنك على دلالة خاصة، لأنه أول بنك أجنبي منذ سنوات يحصل على ترخيص في الإمارات.

لكن قفزة التعاون بين الإمارات وروسيا تواجه خطراً متزايداً، في ظل اتجاه الولايات المتحدة الأميركية لمدّ أثر العقوبات إلى الدول التي توفر ملاذاً اقتصادياً لروسيا، وذلك بعد احتفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأرقام الاقتصاد الروسي، التي جاءت فوق توقعات الانكماش المتوقعة.

هذا التمديد هدد به نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو صراحة بقوله إن “الولايات المتحدة ستحذر الشركات مباشرةً من التهرب من العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا”.

وأضاف “أدييمو”، موجهاً حديثه لمسؤولي الدول والشركات المتعاونة مع روسيا: “يمكنكم مواصلة القيام بأشياء تفيد موسكو وتزودها بالدعم المادي، ولكنكم بعد ذلك تتحملون خطر فقدان الوصول إلى الاقتصاد الأوروبي والأميركي والبريطاني.. هذا خياركم”.

ويأتي التهديد الأميركي في وقت حساس بالنسبة إلى الإمارات، التي وُضعَت العام الماضي تحت إشراف معزز من قبل مجموعة العمل المالي “فاتف”، وهي هيئة مراقبة عالمية لمكافحة غسل الأموال.

ويمثل تعاطي أبوظبي مع هذا التصنيف المالي، ومع التهديد الأميركي بشأن عقوبات محتملة، محددين رئيسيين في استمرار زواج المصالح الاقتصادية بين الإمارات وروسيا من عدمه.