موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات في سعي مكشوف للاستيلاء على المكانة الدينية للسعودية

368

يتحالف النظام الحاكم في دولة الإمارات مع السعودية علنا لكنه يظهر في سعي مكشوف للاستيلاء على المكانة الدينية للمملكة التي تحتضن الحرمين الشريفين.

وهذه الأيام عكَس “مهرجان الأديان” الذي أقامته دولة الإمارات، جامعةً بين شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرانسيس الأول، نهماً واضحاً من أبوظبي كي تكون جامعةً للأديان، ورغبةً في منافسة دور السعودية الإسلامي.

وكان لافتاً الاستقبال المهيب لشيخ الأزهر، الذي أقامه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مساء الأحد 3 فبراير 2019، حيث كان على رأس مستقبليه، كما قبَّل رأسه، لإضفاء الاحترام عليه وتقديمه باعتباره مرجعاً لعموم المسلمين.

وحرصت الإمارات، بثقلها السياسي والمادي، على استغلال زيارة بابا الفاتيكان أبوظبي، في الوقت الذي أصبحت فيه صورتها مربوطة بانتهاكات في كثير من دول العالم، وعدم تقبُّل معارضيها، ورفض التسامح مع جيرانها المسلمين.

ومما برز خلال القداس الذي أقامه البابا والذي وُصف بأنه “أكبر حشد جماهيري في تاريخ الإمارات”، حيث “حضره 50 ألفاً داخل الملعب و120 ألفاً خارجه”، ضعف التغطية الإعلامية السعودية بشكل كبير لزيارة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، في خطوة تشير إلى صدور توجيهات عليا بهذا السياق.

وذهبت تقديرات مراقبين إلى القول إن تجاهُل الرياض مؤشر على توتر غير معلن مع أبوظبي لأسباب مختلفة، أهمها تضارب المصالح باليمن، في حين اعتبر آخرون أن السعودية ممتعضة، لتجاهُل علمائها في مؤتمر “الأخوة الانسانية”، خاصةً أنه يجمع علماء الأزهر والمقربين منه، وهو الأمر الذي اعتبرته تهميشاً لدورها الإسلامي.

كما ذهب آخرون إلى أن تجاهُل الرياض الحدث الإماراتي يأتي لوضعها الديني، خاصة بعد سلسلة الانفتاح الذي عاشته في السنوات الثلاث الماضية؛ ومن ثم رأت أن مشاركتها ستحمّلها تبعات، هي في غنى عنها.

محاولات أبوظبي إزاحة السعودية عن مكانتها الدينية ليست وليدة اليوم، فالإمارات التي تتبع المذهب المالكي ومقربة من التيارات الصوفية، لطالما نظرت بعين البغض إلى السعودية، التي تعتنق “السلفية الوهابية”؛ نظراً إلى الاختلاف الديني بينهما.

فمع تأسيس الإمارات عام 1971، عملت الحكومة الإماراتية على جلب الدعاة من المغرب، الذي يتبع المذهب المالكي، الذي أسسه الإمام مالك بن أنس في القرن السابع الهجري، وهو الأمر الذي أسهم في انتشاره بالإمارات حينها، علاوة على أن مشايخ المالكية في المغرب يميلون إلى الصوفية.

أما في السعودية، فقد تبنَّت الدولة السعودية الأولى عام 1744م، دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب “السلفية” التي تحارب البدع والخرافات وكل ما يجعل المسلم يقدسه من دون الله أو الطرق الشِّركية، ولعل أصل الخلاف بين الدين في الرياض وأبوظبي يكمن في هذه النقطة.

فالمندوب الدائم للإمارات العربية المتحدة لدى “اليونسكو”، السفير عبد الله النعيمي، قال فيما يعكس وجهة نظر الحكومة الإماراتية تجاه “السلفية الوهابية”، في 5 فبراير 2019: “قبل دخول الوهابية إلى سواحل الخليج، كانت الصوفية تتسيَّد المشهد، واليوم يعود الشباب لاعتناق هذا المذهب الروحي كبديل للتطرف الذي لمسناه في مناطق ودول عدة”.

وكان المؤتمر الذي عُقد في العاصمة الشيشانية (غروزني)، وحضره عدد من علماء الأزهر ومشايخ محسوبين على الطرق الصوفية عام 2016، أثار غضب السعودية، لاستبعاد هيئة كبار العلماء فيها، خصوصاً أنه زعم تحديد هوية “أهل السُّنة والجماعة”.

وبعد إعلان مخرجات المؤتمر، الذي حضره ممثلون من مصر، أصدر المركز الإعلامي بالأزهر بياناً حول موقف شيخه أحمد الطيب من مؤتمر غروزني الخاص بتعريف من هم “أهل السنة والجماعة”، واستنى حينها السلفية.

وعبّر عدد من علماء السعودية عن استيائهم من التوصيات التي خرج بها المؤتمرون، عادين إياه بداية انقسام للأمة واتهموا جهات “تتخذ من الدين ستاراً لها لتمزيق صف العالم الإسلامي وفتح نوافذ للفتنة بين مذاهب أهل السنة والجماعة، في حين تمر الأمة الإسلامية بمخاض عسير وهي أحوج ما تكون إلى من يلملم شتاتها، لا تفريقها إلى مذاهب”، حسب قولهم.

والمتابع لسياسة الإمارات في المنطقة يلاحظ نهماً واضحاً لها في تصدر قيادة الشرق الأوسط، حتى على حساب حلفائها في السعودية وقد ظهر ذلك بوضوح في اليمن من خلال دعمها لأطراف في جنوب اليمن تهدف للانفصال.

كما انتقل التنافس والمناكفة بينهما إلى الشق الإعلامي، ففي يناير الماضي، أثار مستشار ولي عهد أبوظبي عبد الخالق عبد الله، مجدداً حفيظة نشطاء سعوديين على منصات التواصل، الثلاثاء الماضي، إثر قوله بأن بلاده باتت “الأهم” في المنطقة.

وأوضح أن “البعض يستكثر القول إن 971 (مفتاح الاتصال بدولة الإمارات)، الرمز الدولي الأهم بالمنطقة”.

وفي مقابل ذلك اعتبر مغردون سعوديون تغريدات الأكاديمي الإماراتي استفزازاً للمملكة، التي تعد الجار الأكبر والشريك السياسي الرئيسي للإمارات خصوصاً في عملياتها العسكرية باليمن، وفي عدة ملفات بالمنطقة منها حصار قطر.

كما أثار حفيظة السعوديين في مناسبة أخرى بتاريخ 17 نوفمبر الماضي؛ عندما دعا، عبر تغريدة، لإطلاق سراح هتون الفاسي، إحدى أبرز الناشطات الموقوفات في المملكة على خلفية اتهامها بـ”التخابر لصالح جهات خارجية”.

ويرى مراقبون للوضع الخليجي أن السلطات الإماراتية هي من تتحكم بأغلب السياسات، في محور السعودية الإمارات البحرين منذ صعود محمد بن سلمان إلى ولاية عهد المملكة في 2017.