أبرزت أوساط أمريكية بحسب ما نشر موقع “إنسايد أرابيا” واسع الانتشار أن الإمارات تعد في قفص الاتهام الأمريكية نتيجة سياساتها العدوانية وما تحيكه من مؤامرات لكسب النفوذ الخارجي.
وجاء في تقرير للموقع: بعد مرور عام على توسط الولايات المتحدة في اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، الأمر الذي أشار بشكل غير مباشر إلى علاقات أقوى بين الدولة الخليجية وواشنطن، فإن جهود أبوظبي السرية للتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية والتجسس على المواطنين الأمريكيين تؤثر سلبا على تلك العلاقات المزدهرة.
وفي أحدث التطورات، فرضت محكمة أمريكية غرامة على 3 من أفراد الاستخبارات والجيش السابقين بقيمة 1.68 مليون دولار أمريكي، في منتصف سبتمبر/أيلول، لقيامهم بالعمل كقراصنة مرتزقة للإمارات.
وقد عمل الجناة، وهم “مارك باير” و”ريان آدامز” و”دانييل جيريك”، في شركة الأمن السيبراني “دارك ماتر”، وهي شركة تعمل أساسا كذراع للحكومة الإماراتية.
وإذا كانت هناك حكاية مثالية لكيفية تعريض العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر، فمن المؤكد أنها الطريقة التي وظفت بها الإمارات هؤلاء الأمريكيين لتنفيذ عمليات إلكترونية غير قانونية وحملات قرصنة ضد الصحفيين والناشطين المحليين في أمريكا.
وتوضح ملفات القضية بالتفصيل مؤامرة من قبل الرجال الثلاثة لمساعدة الإمارات في الحصول على بيانات من أجهزة الكمبيوتر والخوادم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والخوادم في الولايات المتحدة، وذلك خلال فترة عملهم لصالح شركة “دارك ماتر”.
وأكد “بريان فورندران”، مساعد مدير قسم الإنترنت في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن مثل هذه الإجراءات لن يتم التسامح معها.
وقال في بيان: “سوف يحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل كامل مع الأفراد والشركات التي تستفيد من نشاط إلكتروني إجرامي غير قانوني. وهذه رسالة واضحة لأي شخص، بما في ذلك موظفو الحكومة الأمريكية السابقون، الذين فكروا في الاستفادة من قدرتهم على الوصول للمعلومات لاستخدامها لصالح حكومة أو شركة أجنبية. هناك مخاطر، وستكون هناك عواقب”.
ووفقا لوثائق المحكمة التي نُشرت في 15 سبتمبر/أيلول، وافقت وزارة العدل الأمريكية على إسقاط التهم الجنائية ضد المتهمين بشرط أن يعترف الرجال الثلاثة بانتهاك القوانين الأمريكية ودفع كل منهم مئات الآلاف من الدولارات كغرامات. كما أنهم لن يتمكنوا أبدا من الحصول على تصريح أمني من حكومة الولايات المتحدة مرة أخرى.
ويعتقد الخبراء الذين استشهدت بهم صحيفة “نيويورك تايمز” أن وزارة العدل وافقت على إسقاط التهم الجنائية مقابل غرامات بسبب المخاوف من أن الفضيحة الدبلوماسية الذي تم الكشف عنها خلال المحاكمة قد تعرض العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات للخطر.
علاوة على ذلك، يمكن أن تكشف مثل هذه الإفصاحات عن تفاصيل محرجة حول مدى التعاون بين شركة “دارك ماتر” ووكالات الاستخبارات الأمريكية.
وأوضح موظفو “دارك ماتر” السابقون أنه في حين استهدف المسؤولون الإماراتيون مواطنين أمريكيين، كان تركيزهم على اختراق الهواتف وأنظمة الكمبيوتر لمنافس الإمارات الرئيسي قطر، حتى أنهم اخترقوا رسائل البريد الإلكتروني بين وزير قطري والسيدة الأمريكية الأولى السابقة “ميشيل أوباما”، بخصوص رحلتها المخطط لها إلى قطر في عام 2015. ومع ذلك، لا شك أن هذه القضية أضرت بسمعة الإمارات في واشنطن.
ولا تعد هذه الحلقة السيئة في العلاقات الإماراتية الأمريكية سابقة من نوعها، بالنظر إلى المحاكمة المستمرة لـ “توماس باراك”، وهو مواطن أمريكي متهم بالتجسس نيابة عن حكومة الإمارات أثناء عمله في إدارة “ترامب”.
وتؤكد لائحة الاتهام غير النهائية أن “باراك” تواصل مع المسؤولين الإماراتيين باستخدام تطبيق مشفر على هاتفه لتنسيق الجهود لتعزيز مصالح السياسة الخارجية لدولة الإمارات مع إدارة “ترامب”.
ويُزعم أنه عمل مع المتآمرين المشاركين “راشد سلطان”، الإماراتي المقرب من ولي العهد “محمد بن زايد”، و”ماثيو جرايمز”، وهو مواطن أمريكي كان يعمل في شركة الأسهم الخاصة التي يملكها باراك “كولوني كابيتال”.
ومن الحقائق الملحوظة أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة كانت تميل بشدة لصالح الإمارات خلال فترة “ترامب”. وقد ردد الرئيس السابق بشكل صارخ رواية أبوظبي الداعمة للحصار المفروض على قطر، ووقع على صفقة أسلحة قياسية بقيمة 23 مليار دولار للإمارات، واستخدم “الفيتو” أمام الكونجرس لحماية حربها في اليمن.
وفي وقت سابق من هذا العام، تناولت تقارير صحفية وثيقة تتعلق بالإمارات من قاعدة بيانات وزارة العدل الأمريكية، والتي نشرت بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب “فارا”.
وتكشف التقارير كيف دفع “اللوبي الإماراتي” أكثر من 132 مليون دولار أمريكي منذ عام 2011 في مدفوعات مكشوفة لخدمات الضغط، لتأمين مصالح الإمارات في واشنطن، ما يجعلها أكبر منفق بين دول الشرق الأوسط.
ومع ذلك، توجد دلائل متزايدة على أن النهج العدواني للإمارات في التأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلى جانب علاقاتها الوثيقة غير العادية بإدارة “ترامب”، قد أدى إلى نتائج عكسية بالنسبة لأبوظبي.
وفي الواقع، سعى الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى فك الارتباط بالشرق الأوسط عسكريا ودبلوماسيا، ثم أعاد تركيز الأصول الأمريكية نحو التحدي الكبير في القرن الـ 21، وهو صعود قوة الصين.
علاوة على ذلك، فإن الطريقة التي أقامت بها إدارة “بايدن” علاقات أوثق مع خصم الإمارات، أي قطر، هو أمر يثير حفيظة أبوظبي وفزعها.
وعندما شكر “بايدن” الدوحة لتمهيدها الطريق لمحادثات السلام بين الأفغان، ومساعدة الولايات المتحدة على تنفيذ “أكبر جسر جوي لنقل الناس في التاريخ”، خلال الانسحاب الأخير من أفغانستان، أطبق الصمت في أبوظبي. بل ذهب “بايدن” ليقول إن “الإجلاء من كابل لم يكن ممكنا لولا مساعدة قطر”.
ومن الواضح أن “الأوقات الجيدة” بالنسبة للإمارات قد ولت، حيث تجد نفسها معزولة أكثر عن حلفائها القدامى، بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية ومصر. كما تواجه عددا متزايدا من التهديدات الناجمة عن مغامراتها المأساوية في اليمن وليبيا وتونس.
وإذا كانت الإمارات بحاجة بشكل عام إلى حماية المظلة الأمنية الأمريكية، فهي أكثر احتياجا الآن بالتأكيد. لكن من الواضح أن واشنطن تظهر نوعا من اللامبالاة تجاه أبوظبي، في أعقاب تجسسها على المواطنين الأمريكيين، إلى جانب محاولاتها التسلل واختراق حكومة الولايات المتحدة.