موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تزايد التنافس الإماراتي السعودي على النفوذ في اليمن

181

ضمن حربهما الإجرامية والعدوانية على اليمن تتسع رقعة الصراع على النفوذ بين الإمارات والسعودية مع صحوة تبدو متأخرة للأخيرة، لخطر الهيمنة الإماراتية في جنوب البلاد، حيث توجد أبرز الموانئ البحرية والثروات النفطية.

وبعد عدن (جنوب)، ومحافظة المهرة (شرق)، باتت حضرموت كبرى محافظات البلاد، محطة تنافس جديدة بين أبوظبي والرياض، بدت ظواهره واضحة للعيان خلال الأيام الماضية. فمدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، والتي كانت وعلى مدى عامين أشبه بمحمية إماراتية، أصبحت في مقدمة اهتمامات المملكة التي أيقنت على ما يبدو أكثر من أي وقت مضى، مآلات فقدان سيطرتها على أجزاء كبيرة من البلاد، لصالح حليفتها الطامعة لتوسيع نفوذها خارج الحدود، ضمن منهجية دأبت عليها منذ عام 2011 لكبح جماح ثورات الربيع العربي.

وكان مشهد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، وهو جالس إلى جانب السفير الأميركي، ماثيو تولر، متصدراً منصة احتفال في قاعدة “الريان” العسكرية، شرقي مدينة المكلا، يوم الخميس الماضي، غير مألوف، في منطقة ترزح تحت نفوذ أبوظبي، التي غابت عن الاحتفالية، في خطوة أثارت تساؤلات كثير من المتابعين عن مستقبل حضرموت، وفق المعطيات المستجدة على الأرض.

ومن المكلا، أعلن آل جابر، وهو أعلى مسؤول سعودي يزور المحافظة منذ اندلاع الحرب، عن مشاريع مقبلة ستنفّذ بدعم من الرياض، وهي رسالة أكد عليها آل جابر أكثر من مرة في خطاباته وتصريحاته، ما يعني أنّ حضرموت ستكون مسرحاً لتنافس محموم على النفوذ بين الرياض وأبوظبي.

وقبل قدوم السفير السعودي إلى المكلا، كانت ملامح التنافس السعودي الإماراتي قد بدأت برفع لافتات شكر عملاقة للمملكة العربية السعودية من دون حليفتها الإمارات للمرة الأولى، لكنها لم تدم طويلاً، إذ أقدم شباب تحت أعين قوات الأمن الموالية للإمارات بتمزيقها في اليوم التالي، قبل أن يغادر محافظ حضرموت، اللواء الركن فرج البحسني، إلى الإمارات في زيارة غير معلنة أثارت جدلاً كبيراً.

لكن البحسني قطع زيارته بعد يومين فقط، عائداً إلى المكلا، ليستقبل السفير السعودي محمد آل جابر ويدشّن معه منحة نفطية مقدمة من المملكة في حفل احتضنه ميناء المكلا، فازدحمت المدينة مرة أخرى بيافطات عملاقة تحمل صور العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، محمد بن سلمان، وعبارات الثناء للمملكة.

لم يكن قدوم السفير آل جابر إلى المكلا، وحده دليلاً على وضع الرياض ثقلها في حضرموت، فالحشد الإعلامي الكبير واستقدام مندوبين لوكالات عالمية ووسائل إعلام أجنبية لتغطية احتفالية تسليم حماية ساحل حضرموت لقوات محلية، وتدشين منحة نفطية سعودية لكهرباء المحافظة، تبدو شواهد أخرى على احتدام التنافس بين الحليفين في المحافظة الأهم اقتصاديا وجغرافياً، في بلد تتآكل سيادته يوماً بعد آخر.

على المقلب الآخر، بدت الإمارات ممتعضة إلى حدّ ما من الوضع الجديد، فبالتزامن مع الحضور السعودي، أعلنت قوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتياً انطلاق عملية عسكرية تحت اسم “القبضة الحديدة” لملاحقة تنظيم “القاعدة” في المناطق الغربية لمدينة المكلا بدعم وإسناد إماراتي، في خطوة بدت تأكيدا من أبوظبي على نفوذها العسكري في المحافظة، بحسب مراقبين.

وفي سياق الامتعاض الإماراتي، لا يمكن فصل تصريحات رئيس الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن، أحمد بن بريك، والتي هدّد خلالها بقلب الطاولة على الجميع، بعد رفع العلم اليمني إلى جانب العلم السعودي في مدينة المكلا، معتبراً لك استفزازا للجنوبيين، عن هذه التطورات.

يذكر أنّ الوجود السعودي المكثّف في حاضرة محافظة حضرموت والذي يتزامن مع قرب عقد مشاورات السلام بين أطراف النزاع اليمنية، كان قد سبقه حضور مماثل في مدينة عدن ومحافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان، تحت لافتة البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن، وهو نهج سيشمل محافظات أخرى على ما يبدو.

وبحسب سياسيين، فإنّ الحضور السعودي في حضرموت، يأتي كرغبة لضمان نفوذ لها عبر شواطئ البحر العربي، وهو امتداد لوجودها في محافظة المهرة، هروباً من مضايقة إيران حول مضيق هرمز والخليج العربي، وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر.

ويعتبر مراقبون أن الكفّة ترجح لمصلحة السعودية لعوامل كثيرة في التنافس مع الإمارات، ويأتي في مقدمة ذلك الوجدان الشعبي الذي يعتبر أقرب إلى السعودية منه للإمارات، فضلاً عن السمعة السيئة التي لحقت بالإمارات في ساحل حضرموت من خلال إدارتها الملف الأمني، وإقامتها سجوناً سرية وارتكابها انتهاكات بحق معتقلين.