موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الكشف عن أكثر الشركات سرية في النظام السيبراني للتجسس في الإمارات

427

كشف موقع إماراتي معارض عن خفايا أكثر الشركات سرية في النظام السيبراني للتجسس في دولة الإمارات تكريسا لنهج أبوظبي القائم على المراقبة وتعزيز الاستبداد.

ويتعلق الأمر بشركة “بيم تريل “(BeamTrail) التي أوكل إليها مهمة اختراق المعلومات الشخصية للمواطنين والمقيمين في الإمارات ضمن عملية إعادة تنظيم الاستخبارات التقنية في أبوظبي.

وقال موقع (الإمارات 71) المعارض، إن شركة “بيم تريل” اضطرت إلى تنظيم نفسها بما يتماشى مع الأنشطة الأمنية والعسكرية. وعقب فضيحة شركة “دارك ماتر” جرى إعادة تنظيم الاستخبارات التقنية وعمليات التنصت في الإمارات، حيث أصبحت العمليات الهجومية والدفاعية منفصلة الآن.

ويستمر القطاع السيبراني الإماراتي في عملية التحول وإعادة التنظيم تحت إشراف جهاز أمن الدولة (المخابرات)، ومجموعة إيدج التي تجمع كل أدوات الدفاع الإماراتية.

وتعزز شركة “بيم تريل” السيبرانية شبه الحكومية مكانتها مع إعادة تنظيم أنشطتها الأمنية والعسكرية ضمن مجموعة (G42) التي يترأسها مستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد.

ومنذ سنوات ينطلق مفهوم أبوظبي للأمن السيبراني من مبدأ: لماذا تتوقف عند التجسس على الأعداء بينما يمكنك التجسس على الجميع؟ ليبدو الأمر كما لو أن قطة ضاعت في الحي وبدلاً من البحث عنها باستخدام طائرة مسيّرة –مثلاً- يبحثون عن كل شيء وفي كل مكان بما في ذلك المنازل وغرف النوم وصالة الطعام.

ثلاثي التجسس في أبوظبي

إذا كنت تعتقد أن هاتفك مخصص فقط لتسيير شؤون حياتك، فكر مرة أخرى!. في الإمارات هو عقدة في شبكة مراقبة واسعة؛ بفضل ثلاثة كيانات رئيسية تبني النسيج الكبير للمراقبة والتجسس من العاصمة أبوظبي:

NESA (الآن SIA): هو في الأصل الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني، والتي أصبحت وكالة استخبارات الإشارات (SIA)، هذا هو المكان الذي حصلت فيه أبوظبي على لعبة التجسس السيبراني، مع المساعدة الأمريكية، إنها مثل ابن عم وكالة الأمن القومي الأمريكية لكن أكثر هدوءاً وانتهاكاً لحقوق الإنسان وللخصوصية.

تقوم هذه الوكالة بجمع الإشارات من المعلومات المخابراتية التي يجري تجميعها من التجسس وحركة المرور والاتصالات وكل شيء في الإمارات؛ لتخرج بتصورات متعددة.

دارك ماتر (الآن “Digital14” ديجتال14): كانت دارك ماتر مثل إجابة جهاز الأمن الإماراتي عام 2014 على “ماذا لو كان لدينا جيشنا السيبراني الخاص؟” كما لو كان قراراً بلعب الشطرنج لكن بدلاً من الفرسان والجنود يوجد معالجات إلكترونية وقراصنة تم تجنيدهم من كل مكان من الولايات المتحدة وحتى الاحتلال الإسرائيلي.

وفي عام 2016 أصبحت مقاولاً لمشروع رافين (أكبر مشروع تجسس لأبوظبي)، والذي استهدف التجسس على حكومات وصحفيين ونشطاء حقوق إنسان في الإمارات وجميع أنحاء الشرق الأوسط، شارك فيه (NESA).

وقالت تقارير أخرى في عام 2021 إنه جرى نقل أنشطتها السبرانية الهجومية إلى (Digital14).

وفي 2022 أعلنت شركة Digital 14 عن تسريح مهندسي الاستخبارات السيبرانية لديها تدريجياً، حيث منحتهم الشركة خيار ترك الشركة بالكامل أو العمل في شركة تحت اسم (CPX).

بيم تريل: تقوم بالعمل على المعالجات الإلكترونية، وتعديل التقنيات في التردادت اللاسلكية. فلو كانت إشارة هاتفك الذكي جيدة جدا، فيمكن اختراقه من على غواصة في قاع خندق مارياناس (أعمق نقطة في سطح الأرض)، عبر تقنية تحوّل الأجهزة الذكية إلى عقدة مراقبة، ليبدو الأمر كما لو أن كل مصباح كهربائي في منزلك يستمع إلى محادثتك حول ما يجب تناوله على العشاء.

في أبوظبي وتحت إشراف جهاز أمن الدولة يتشكل “ثلاثي التجسس” هذا، وبه تتلاشى الخطوط الفاصلة بين الاستخبارات الحكومية وقطاعات التكنولوجيا الخاصة، كل شيء هنا يندفع للتجسس على المواطنين والمقيمين ودول المنطقة وكل ما تريده السلطات.

وتقاول شركات محددة قريبة من سلطات أبوظبي معظم المشاريع الحكومية، فيما تبقى الشركات الأخرى في حالة ركود وربما الإفلاس، ما يؤثر على هذا القطاع الواعد.

يجعل إعادة تنظيم هذا القطاع السيبراني -وبدور كبير من “بيم تريل”- من الأجهزة الذكية مصدراً لتجسس السلطات، يمكن من خلالها الوصول حتى إلى ثلاجتك الذكية، وإطلاع الحكومة على نظامك الغذائي، هذا الذي تعمل عليه الشركة الجديدة.

الأدوات الهجومية

لا توجد معلومات في الموقع الإلكتروني لـ”بيم تريل” الذي لم يجرِ تحديثه منذ 2018، والذي يحدد عمل الشركة بالقول: “نقوم بتصميم وتطوير مجموعة من منتجات الترددات الراديوية ذات البنية المفتوحة”.

ونُقلت مؤخراً مهمة تطوير الأدوات الهجومية الترددية لاختراق أنظمة Wifi و GSM و 3G وغيرها من الأنظمة من دارك ماتر والشركات شبه الحكومية الأخرى إلى الكيان الجديد “بيم تريل” الذي صعد في العامين الماضيين بسرعة، برئاسة العسكري الإماراتي والمخضرم في الصناعة هشام فاضل.

فاضل، الذي كان يعمل مع جنرال ديناميكس في تكنولوجيا الاتصالات العسكرية، ترأس سابقا قسم العقود الحكومية في شركة الياه سات الإماراتية للاتصالات عبر الأقمار الصناعية. وقبل انضمامه إلى “بيم تريل” في مايو 2018، أمضى عامين كرئيس للمشاريع الخاصة في دارك ماتر.

سرية تامة

تكتنف السرية عمل الشركة بشكل كبير، ليس فقط في مهامها والمشاريع التي تقوم بها وشركاؤها، بل حتى موظفيها.

ويقول مهندس برمجيات أول تقدم لوظيفة في “بيم تريل” في أبوظبي، في مايو الماضي، إنها أسوأ مقابلة عمل في حياته “لم تكن هناك كاميرات قيد التشغيل، ولم أكن أعرف من يجلس بجانب الآخر سألت لا أراكم يا رفاق، وكان الرد لدينا مشكلة لذلك لا يمكننا تشغيل الكاميرا”.

وأضاف: يبدو أنهم خائفون من أن يأتي الناس ويكشفونهم.

يؤكد على ذلك رئيس قسم بيانات أجرى مقابلة أيضاً، أشار فيها إلى أن الشركة طلبت الحفاظ على سرية العمل بموجب اتفاقية عدم إفشاء؛ هذا يعني أنه لا يمكنك إظهار وظيفتك في السيرة الذاتية.

مقابلة أخرى لمطور React قال إنه لم يُجرِ مقابلة العمل في مكتب الشركة بأبوظبي. مضيفاً: جئت إلى دبي لأجل عمل شخصي، والتقيت على الفور بالفريق في مركز تجاري… هذا غريب جداً، لم أقم أبداً بإجراء أي من مقابلاتي في مركز تجاري للحديث عن مهام الوظيفة.

في سبتمبر 2023 كانت المقابلة النهائية لمهندس برمجيات آخر والتي وصفها بكونها غريبة تماماً: لقد طُلب مني مهمة من نوع “الأميرة والنمر”. وعندما أعطيت الجواب، قيل لي: لقد عرفت الحل للتو.

ولم يشر المهندس إلى المهمة التي طلبت منه. و”السيدة أو النمر” قصة قصيرة بدون حل. تدور أحداثها في مملكة يحكمها دكتاتور شبه بربري، وتتمحور حول نهج الملك للعدالة: “أي شخص يرتكب خطأ يُستدعى إلى الساحة الملكية حيث يختار مصيره بالاختيار بين بابين. خلف أحد الأبواب يوجد نمر شرس يأكل الشخص حياً، وخلف الباب الآخر توجد عذراء جميلة سيتزوج منها على الفور؛ مصير الفرد يتحدد بالصدفة والثقة العمياء”.

لو كانت تكنولوجيا التجسس عرضاً للأزياء في الشرق الأوسط، لكانت أبوظبي تتبختر في مدرج أحدث أزياء التجسس بقدرتها على شرائها واستخدامها ضد المواطنين والمقيمين.

إذ يمكنها تحويل أي جهاز ذكي إلى أداة مراقبة دون اعتبار للمعضلة الأخلاقية التي تعتبر واحدة من أكبر مسؤوليات الدولة بالحفاظ على خصوصية مواطنيها ومقيميها، ويعرض اقتصاد البلاد للصدمات مع مخاوف تسريب معلوماتهم وبياناتهم لصالح أشخاص أو هيئات منافسه.

وبينما تقرأ هذا التقرير تذكر أن “بيم تريل” يمكنها استخدام التقنية للتجسس بطرق لا يمكن تخيلها، كما لو أنها تعطي جهاز الأمن فرشاة رسم جديدة ونحن جميعاً والإمارات على اللوحة، وننتظر لنرى نوع الصورة التي ستظهر في مستقبل الدولة.