تتصاعد الشواهد على انهيار كبير يهدد اقتصاد دولة الإمارات في ظل تخبطه بسلسلة أزمات على مدار العامين الماضيين زادت قسوتها بفعل انتشار فيروس كورونا المستجد.
وطال تصاعد الأزمات كبرى الشركات في الإمارات في مختلف القطاعات، وتركزت خصوصا في إمارة دبي التي ضربت مؤخرا ضربة قوية بتأجيل إجباري للمعرض العالمي إكسبو الذي كان مقررا في تشرين أول/أكتوبر المقبل.
وكشفت وكالة رويترز العالمية للأنباء أن إمارة دبي في مراحل مبكرة من محادثات مع بنوك بشأن خيارات تمويل محتملة، بينما يعاني اقتصادها في ظل تداعيات فيروس كورونا بغرض الحصول على تمويل بين 3 مليارات و5 مليارات دولار.
وتؤثر قيود اجتماعية وعلى صعيد أنشطة الأعمال ناتجة عن الجائحة بشدة على قطاعات حيوية في مركز التجارة والسياحة في دبي فيما تشير تقديرات محللين إلى أن التفشي قد يكلف الإمارة ما بين 5% إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إذا استمرت القيود 3 أو 4 أشهر أخرى.
ولم تصدر دبي سندات حكومية منذ 2013، وتجري محادثات مع بنوك منذ العام الماضي، كما سبق وأوردت “رويترز”، بشأن عودة محتملة إلى أسواق الدين العالمية.
وفي الوقت الذي تزيد فيه الجائحة ضغط حاجة الإمارة للتمويل، قالت مصادر مصرفية إن من المستبعد العودة إلى سوق السندات في ظل الضبابية الحالية بالسوق.
ومستثمرو الديون العالميون ربما يكونون حذرين حيال أي سندات جديدة، نظرا لثقل عبء ديون دبي، التي تقدر بنحو 135 مليار دولار، أو ما يوازي 125% من الناتج المحلي الإجمالي، ويحل موعد سداد نصفها تقريبا قبل نهاية 2024.
وقال المصدر إن من غير الواضح ما إذا كانت أي أموال قد يتم جمعها ستذهب إلى حكومة دبي أو إلى شركات مملوكة للحكومة من خلال ضمان حكومي.
في السياق قالت الوكالة العالمية إن شركة طيران الإمارات تجري محادثات أيضا مع دائنيها التقليديين بشأن تمويل، فيما امتنعت الشركة المملوكة للدولة عن التعقيب على المناقشات.
وقالت دبي، الأسبوع الماضي، إنها تعتزم مساعدة شركة الطيران لتخفيف الضربة المالية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا من خلال ضخ سيولة جديدة، لكنها لم تقدم تفاصيل. وقال أحد المصادر إن جمع الأموال الذي تخطط له دبي، قد يستخدم جزئيا لدعم ضخ تلك السيولة.
وتستهدف محادثات طيران الإمارات جمع مليارات الدولارات من القروض، لتضاف إلى خطة الإنقاذ التي أعلنتها إمارة دبي لأكبر شركة طيران في العالم لرحلات المسافات الطويلة، وذلك بعدما تسبب فيروس كورونا في تعطيل حركة الطيران.
ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن مصادر مطلعة أن شركة الطيران تتواصل مع مصارف محلية ودولية بشأن التمويل الذي سيضاف إلى المساعدات المالية الحكومية، التي لم يكشف عن قيمتها.
وأوضحت المصادر أن من بين الخيارات التي يجري بحثها القروض الثنائية، حيث تكون تكلفتها أقل ويمكن الاتفاق عليها بسرعة وتكون بأقساط أقل بالمقارنة بالقروض المجمعة.
ولفتت المصادر إلى أنه لم تُتخذ قرارات نهائية بشأن الاقتراض. وتشغل “طيران الإمارات” في المتوسط أكثر من 500 رحلة في اليوم.
وفي وقت سابق من مارس/آذار الماضي قال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) اليوم إن على الحكومات أن تدرس على وجه السرعة تقديم المساعدة لشركات الطيران في الشرق الأوسط لإعانتها على مواجهة أزمة سيولة ناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
وأشار الاتحاد إلى أن الإمارات قد تخسر 13.6 مليون راكب وإيرادات أساسية بقيمة 2.8 مليار دولار، كما أن هناك 163 ألف وظيفة بقطاع الطيران مهددة بسبب كورونا.
وقال مصدران مطلعان إن طيران الإمارات تعتزم استئناف عملياتها على مراحل بدءا من أول مايو/أيار، وذلك بعد أن علقت رحلات الركاب في مارس/آذار الماضي.
وأوقفت الإمارات الرحلات الجوية للركاب لأسبوعين حتى الثامن من أبريل/نيسان لمواجهة انتشار فيروس كورونا، لكن بعض الناقلات تسير رحلات للأجانب.
في السياق ذاته قررت شركة إعمار العقارية -أكبر شركة عقارية مدرجة في الإمارات- خفض رواتب العاملين لديها، كما أعلنت تعليق العمل بعدد من المشروعات الرئيسية في دبي بسبب جائحة فيروس كورونا، وفق ما أوردت وكالتا بلومبيرغ ورويترز.
وأفادت وكالة بلومبيرغ أن شركة إعمار العقارية قررت خفض رواتب العاملين في جميع أنشطتها، في وقت أدت أزمة انتشار فيروس كورونا إلى توقف المشاريع والإضرار بسوق العقارات والمراكز التجارية في إمارة دبي.
ووفقا لخطاب أرسله رئيس مجلس الإدارة محمد العبار إلى الموظفين، فإن تخفيضات الرواتب دخلت حيز التنفيذ في الأول من أبريل/نيسان وحتى إشعار آخر، وتشمل كافة المستويات والكيانات التابعة للشركة، بحسب ما نقلت بلومبيرغ.
ووفق الوكالة، فإن الإجراءات تشمل اقتطاع راتب رئيس مجلس الإدارة بـ100%، والإدارة العليا بنسبة 50%، والإدارة المتوسطة بنسبة 40%، والموظفين الصغار بنسبة 30%.
وقالت رويترز أيضا إنها اطلعت على خطاب قال فيه رئيس مجلس إدارة إعمار إنه تخلى عن راتبه وإنه سيجري تخفيض رواتب عاملين آخرين بما يصل للنصف.
في الأثناء نقلت رويترز عن مصادر قولها إن إعمار العقارية، علقت العمل في مشروعات رئيسية في دبي، وسط تفاقم التباطؤ العقاري في الإمارة بسبب جائحة فيروس كورونا.
وقالت أربعة مصادر إن إعمار علقت مشروعات في دبي كريك هاربور المخطط له أن يستوعب منازل لعدد 200 ألف شخص. ويعني هذا وقف الأعمال ببرج دبي كريك هاربور الذي يوصف بأنه سيكون أعلى من برج خليفة، أعلى مبنى في العالم حاليا.
وكانت إعمار أعلنت الشهر الماضي تعليق بناء برج سكني فاخر في حي راق بدبي وأغلقت فنادق عدة مؤقتا بسبب تأثير الفيروس على السياحة.
وإعمار واحدة من شركات التطوير العقاري التي اضطرت لإعادة دراسة مشاريعها في ظل ضغط انتشار فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط على الموارد المالية لها.
وواجه القطاع العقاري في دبي صعوبات في السنوات العشر الأخيرة نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية وضعف أسعار النفط مما أفرز تخمة في معروض المنازل والمكاتب بالإمارة.