موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات والسعودية تتنازعان في حرب اليمن والدول الحليفة اختفت من المشهد

167

قبل أيام قليلة سحبت الإمارات قواتها من المجمع الحكومي في مديرية الغيظة عاصمة محافظة المهرة شرقي اليمن في أحدث نزاع لأبو ظبي مع السعودية.

واتهمت الإمارات حليفتها السعودية بمحاربة تواجد أبو ظبي بصورة متعمدة، وعلى الرغم أن الإمارات تقوم بدفع مرتبات عدد 2000 جندي منذ قرابة ثلاثة أعوام، في مديريات محافظة المهرة إلا أن السعودية استطاعت ازاحتها بالقوة على أثر خلاف توسع النفوذ.

والخلاف السعودي الإماراتي، أن تجاهل السلطة المحلية للقوة الإماراتية في المهرة، هو الآخر جعل من الإماراتيين في موقف أضعف، ما دفعهم إلى مغادرة المحافظة وتسليم مقر قيادتهم إلى السعوديين وتسريح الجنود بإجازة مفتوحة.

وتحدث مصدر مقرب من الفريق الاماراتي قائلا: نحن نعرف جيدا ان السعودية تعمل بدفع السلطة المحلية لتجاهلنا وعدم التعامل معنا، وهذا ليس في المهرة فقط بل حتى جزيرة سقطرى، التي أكد أنها لن تخرج عن الاشراف الاماراتي رغم محاولات السعودية لدعم المحافظ محروس للاشتباك معنا على اتفه الامور.

وأوضح “المصدر” أن الإمارات لن تسمح لأحد بتقليص دورها الذي قدمته سواء في المهرة و سقطرى او اي محافظة من المحافظات اليمنية، وعلى القيادة السعودية أن تنتبه من التهور والهرولة نحو ما لا يحمد عقباه .

والتحالف السعودي الاماراتي يمر بمرحلة خلاف داخلي شديد منذ قرابة عام، وذلك على إثر عدم الاتفاق على توزيع مناطق توسع النفوذ تحت ذريعة تحقيق أهداف التحالف العربي، وقد واجهت مطامع دول التحالف التوسعية رفض شعبي كبير في المهرة وسقطرى.

في موازاة ذلك يبدو أن “التحالف العربي” لم يعد عربيا لا اسماً ولا وظيفةً، خاصة مع تصاعد الإدانات الدولية للانتهاكات التي ترتكبها السعودية والإمارات في اليمن، فضلاً عن تقاسم الحصص بين الدولتين في البلد الفقير.

فمنذ أن انطلق التحالف بعملياته العسكرية ضد مليشيا الحوثي باليمن، في مارس 2013، حمل اسم “التحالف العربي”، لكن هذه التسمية بدأت تتحوّل شيئاً فشيئاً لتقتصر على مسمّى “التحالف الإماراتي السعودي”.

الأمر لم يقتصر على تغيّر الاسم فقط، بل إن الهدف الذي تأسّس التحالف من أجله “ضلّ الطريق”، كما يقول مراقبون؛ فبدلاً من قتال المليشيات المدعومة إيرانياً بدأت الرياض وأبوظبي “تقاسم الحصص” فيما بينهما هناك.

غير أن شريحة واسعة من اليمنيين باتوا ينعتون التدخّل السعودي والإماراتي بـ”الاحتلال”، في ظل إحكام سيطرة الدولتين على صنع القرار والمصادر الحيوية والاقتصادية لليمن.

والتسمية الجديدة للتحالف لم تعد مقتصرة على وسائل إعلام محلية، بل إن صحفاً دولية ومواقع إلكترونية شهيرة باتت تستخدم مصطلح “التحالف السعودي الإماراتي في اليمن”.

ولعل السؤال الأبرز بعد 3 سنوات من القتال الذي لا أفق لانتهائه وسط إدانة دولية وحقوقية واسعة يحوم حول أسباب تحوّل التحالف العربي إلى سعودي-إماراتي، وأين اختفى دور بقيّة الدول المشاركة؟

انسحاب دول

عند تأسيسه كان التحالف يضم 9 دول؛ هي: السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر ومصر والأردن والسودان والمغرب، لشنّ غارات على مواقع الحوثيين واستعادة العاصمة اليمنية صنعاء.

ولا يمكن تجاهل الدول التي رفضت المشاركة لاعتبارات سياسية في منطقة الشرق الأوسط؛ وهي: إيران، وسوريا، والعراق، والجزائر، حسب تقرير لوكالة الأناضول التركية نشرته في 2015.

ومع استمرار القتال في اليمن دون التوصّل إلى حل للصراع الذي أدخل البلاد في مجاعة غير مسبوقة، بدأ يضمحلّ دور الدول المشاركة وانسحبت أخرى، في حين تصدّرت السعودية والإمارات المشهد.

وكانت الأزمة الخليجية وحصار قطر مرحلة مهمة في عمر التحالف المثير للجدل، حيث أُعلن انسحاب قوات الدوحة من التحالف، والتي قُدّرت بألف جندي، مسنودين بعشرات الطائرات العسكرية.

أما السودان الذي يشارك بنحو 6 آلاف جندي، وفق مصادر رسمية محلية، فقد تعرّض لضعوط شعبية مطالبة بالانسحاب من التحالف، بعد مقتل أكثر من 400 سوداني، بينهم 12 ضابطاً.

وفي مايو الماضي، نشر موقع “الأحداث نيوز” السوداني تقريراً قال فيه: إن “الخرطوم أبلغت السعودية رسمياً أنها لا تنوي تجديد قواتها العسكرية التي تشارك في التحالف العربي باليمن، بدءاً من حزيران (يونيو) المقبل، وفقاً للبروتوكول العسكري المتّفق عليه في غرفة العمليات”.

ومع تواتر العديد من التطورات الإقليمية اللاحقة، ومن ضمن ذلك الأزمة الخليجية، أصبحت مشاركة القوات السودانية في اليمن محاصَرة بعدد من الأسئلة والاستفهامات والاتهامات.

كما أن المغرب أعلن عن سحب طائراته العسكرية من حرب اليمن، فيما بعض الدول المشاركة، مثل مصر والبحرين، ظلّت ضمن التحالف لتسجيل موقف سياسي تضمن من خلاله رضا الرياض وأبوظبي، واستمرار الدعم الإماراتي-السعودي، خاصة اقتصادياً.

وبالنسبة إلى الكويت والأردن فإن دورهما يبدو محدوداً، حتى إنه يكاد ينعدم، وهذا يمكن ترجمته باقتصار الرد الحوثي على السعودية والإمارات من خلال القصف الصاروخي وعمليات عسكرية داخل البلدين الخليجيين، واستثناء الدول الأخرى.

انتهاكات وإدانات

ويتعرّض التحالف إلى انتقادات من جهات سياسية وحقوقية دولية؛ على خلفيّة استهداف غاراته المدنيين في الصراع مع الحوثيين وحليفهم المخلوع، علي عبد الله صالح. إضافة إلى دور التحالف في فرض الحصار والإغلاق على هذا البلد.

وفي 5 سبتمبر 2017، قالت المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن انتهاكات حقوق الإنسان متواصلة من جميع أطراف الصراع باليمن، في خرق واضح للقانون الإنساني الدولي، منتقدة ممارسات التحالف.

وقالت في تقرير مطوّل تناول الوضع الإنساني في اليمن منذ 2014، إنه تم تسجيل أكثر من 4500 غارة جوية للتحالف، بين يوليو 2016 ويونيو 2017، أدّت إلى مقتل 933 مدنياً وإصابة أكثر من 1400 شخص.

وخلال الشهر ذاته، اتّهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” التحالف بمفاقمة الوضع الإنساني في اليمن من خلال القيود التي يفرضها على دخول السلع الأساسية. وقالت المنظمة إنّها زادت الأوضاع المتردّية لليمنيين، وانتهكت القانون الدولي الإنساني.

وفي أكتوبر من العام ذاته، أدرجت الأمم المتحدة التحالف في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال. واتهم التقرير السنوي لعام 2016 السعودية بقتل وتشويه الأطفال واستهداف وهدم مدارس اليمن ومستشفياته.

وهذا غيض من فيض الانتهاكات التي أدانها المجتمع الدولي، ما يعني أن التحالف انحرف عن مساره في قتال الحوثيين واستعادة العاصمة صنعاء من سيطرتهم.

تقاسم الحصص

وبعد عامين من بدء عمليات السعودية والإمارات في اليمن، بدأت تظهر مطامع الدولتين الاقتصادية؛ من خلال سيطرتهما على الموانئ والمنافذ والمدن التي تعتبر متنفّس اليمن الاقتصادي.

واستغلّت السعودية والإمارات مشاركتهما في التحالف لتسيطرا من خلال قوات أمنية وعسكرية درّبتها (لا تمتثل للحكومة اليمنية الشرعية) على جزيرة سقطرى وميناءي عدن والمخا، جنوبي البلاد.

فضلاً عن أن الدولتين أقامتا قواعد عسكرية في جزيرة ميون، جنوب غرب، المتاخمة لمضيق باب المندب، الذي يمثّل ممراً مائياً استراتيجياً للتجارة العالمية.

ولم تعد الإمارات تخفي أطماعها في جزيرة سقطرى اليمنية، وباتت تسطير عليها بعد أن أرسلت خامس طائرة عسكرية، في مايو الماضي، وسط مطالبات يمنية بمغادرة القوات الإماراتية، وتعديل سياسة أبوظبي باليمن.

وكنوعٍ من استشعار خطر أبوظبي في اليمن كشف مصدر في الرئاسة اليمنية عن تحرّكات سعودية لإنشاء 3 قواعد عسكرية تابعة لها بمناطق مختلفة جنوبي اليمن.

وتطمح السعودية لإنشاء قاعدة في جزيرة سقطرى قرب خليج عدن، والخاضعة كلياً لسيطرة القوات الإماراتية التي تريد في المقابل تكريس نفوذها غير الشرعي في اليمن خاصة موانئه.