قوبل تصاعد تدخلات النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة في كل من السودان وليبيا والصومال بانتقادات الأمريكية شديدة في ظل دور أبو ظبي التخريبي لتأجيج الصراع الداخلي في تلك الدول.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، جيم ريش، إن بلاده تراقب دور الإمارات في نزاعات السودان وليبيا والصومال.
وكان التقرير السنوي لحالة السلم والأمن في أفريقيا كشف عن إسهام التدخلات الإماراتية بالقرن الأفريقي في تعقيد العلاقات الثنائية بين دول المنطقة، وهو الأمر الذي يقود إلى إفشال أي مساعٍ للإصلاحات الإقليمية.
وقال التقرير، الذي أُطلق ضمن النسخة الثامنة من منتدى “تانا” للسِّلم والأمن، الذي أقيم بمدينة “بحر دار” شمالي إثيوبيا، السبت الماضي، إن ما تفعله الإمارات من عسكرة بمنطقة البحر الأحمر ستكون له تداعيات أمنية عديدة على المنطقة.
وأشار إلى أن صفقات التعاون التي أبرمتها الإمارات مع أرض الصومال وبونت لاند كانت انتهازية؛ إذ لم تأخذ في الحسبان ما ستسببه من تعقيدات وانقسامات بين هاتين الإدارتين والحكومة المركزية بالصومال.
كما تعمل الإمارات إلى جانب السعودية في محاولة لاختراق المجلس الانتقالي العسكري في السودان واستمالة قادته نحوهما، واستغلال العلاقات الجيدة التي تربطهما مع قيادات فيه.
وسبق أن أقرت دولة الإمارات بدعمها هجمات مليشيا قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس، وتصف حكومة الوفاق المعترف بها دولياً بـ”الإرهابية”.
ودخلت الإمارات منطقة القرن الأفريقي منذ أكثر من عشر سنوات، مدفوعة برغبتها في خدمة أطماعها التوسعية في تلك المنطقة من القارة السمراء.
في هذه الأثناء قال تحقيق نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية للصحفي المخضرم جورج مالبرونو إن واشنطن لا تريد دخول حرب مع طهران وإن كانت على أهبة الاستعداد لذلك، وفي نفس الوقت ذكر أن السعودية والإمارات أعدتا بالفعل خطة لغزو إيران.
ولفت الصحفي إلى أن أميركا -التي ظلت طيلة الثلاثين سنة الماضية تنتهج مع إيران سياسة “اللاحرب واللاسلم” الحذرة- بدأت مع رئيسها الحالي دونالد ترامب ترسل إشارات تعكس تغيرا في تلك السياسة، مشيرا إلى انسحابها من الاتفاق النووي الذي أبرم مع طهران عام 2015، وإرسالها حاملة الطائرات أبراهام لينكولن مصحوبة بقاذفة للقنابل إلى الشرق الأوسط.
وأضاف أن مبرر تعزيز الوجود الأميركي هو وجود “تهديد حقيقي” ضد أهداف أميركية بالعراق وسوريا، بل حتى وجود “خطة” إيرانية لاستهداف المصالح الأميركية في الخليج، حسب الصحف الإسرائيلية التي ذكرت أن جهاز الاستخبارات (الموساد) زود بها الأميركيين.
وأيا كانت حقيقة هذه “التهديدات” فإن الصحفي استنتج أن الوضع الحالي ينذر بشكل متزايد بوقوع اشتباك بين الطرفين.
ونقل في هذا الإطار عن محلل فرنسي خبير بالشؤون الخليجية قوله “ما حصل من تطورات في الأشهر الأخيرة يدفع باتجاه شيء واحد هو المواجهة” مستبعدا في الوقت ذاته “دخول إيران وأميركا في حرب” ولكنه مع “احتمال حصول انزلاق في مياه الخليج”.
وقال الصحفي المخضرم إن إيران ما فتئت تكرر أنها “لا تريد الحرب” مع التأكيد على أنها “سترد على أي هجوم يوجه لها” مما يعني حسب الصحفي أن كلا الطرفين جاهز للحرب.
وتحدث عن تطوير إيران استراتيجية بحرية تتبنى شكلا من أشكال الحرب غير المتكافئة القائمة على زرع الألغام في مضيق هرمز، وتحرش أسراب الزوارق الإيرانية السريعة بالمنشآت البحرية الأميركية وإطلاق النار من صواريخ أرض أرض مضادة للسفن منشورة على شواطئها.
وأورد التحقيق هنا تحذير القائد السابق لقوات البحرية بالحرس الثوري الإيراني اللواء علي فدوي “في حالة نشوب صراع، سنكون في كل مكان وفي أي مكان للوصول إلى أعدائنا” وهو ما اعتبر الصحفي أن الهدف منه واضح وهو جعل “الفضاء مشبعا” لتعقيد مهمة أنظمة الدفاع الأميركية.
ونبه إلى أنه في خضم حرب العصابات البحرية هذه، يمكن لسرعة القوارب الإيرانية المسلحة بقاذفات الصواريخ أن تصل إلى 65 عقدة، وهو ما يمكن أن يسمح لعدد منها -حسب تقرير من مركز الدراسات المتقدمة للبحرية الفرنسية- أن يدمر في عملية “انتحارية” السفن الحربية الأميركية المدججة بالسلاح بدرجة أكبر ولكنها غير معدة للتصدي لمثل هذا النوع من حرب العصابات.
كما يمكن لإيران حسب الصحفي دون عناء كبير أن تضع كمية من الألغام في مضيق هرمز تجعله غير صالح للملاحة، مما يعني أن إيران -التي يقر مسؤولوها أنها لا يمكن أن تواجه قوة عظمى مثل أميركا عسكريا- إنما تريد أن يدرك عدوها أن الثمن الذي سيدفعه في حالة مهاجمته سيكون باهظا.
ونقل صاحب التحقيق بالصحيفة عن خبير بشؤون الخليج تأكيده أن حليفيْ واشنطن بالمنطقة (أبوظبي والرياض) يراهنان على وقوع انزلاق ما يؤدي لمواجهة أميركية إيرانية ويريدان التحرك بسرعة قبل نهاية ولاية ترامب الحالية.
وذكر الصحفي أن ولي العهد السعودي طلب من جنرالاته إمداده بخطة لغزو إيران، ونقل بهذا الصدد عن مصدر عسكري فرنسي قوله إن لعبة الفيديو التي نشرت قبل فترة وفيها محاكاة لهجوم سعودي على إيران تدخل في هذا الإطار.
وأكد المصدر الفرنسي أن جنرالات سعوديين تحدثوا عن هذه الخطة لضباط فرنسيين قالوا إن السعودية طلبت قوارب يمكن إنزالها على الساحل الإيراني، لكن باريس حذرتهم من مغبة التفكير في مثل هذه المقامرة.
غير أن الصحفي لدى لوفيغارو نقل عن الخبير بالشؤون الخليجية قوله “إن وجود ترامب وصقور مثل جون بولتون ووليي العهد السعودي بن سلمان والإماراتي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعني وجود تحالف خطير ضد إيران”.
ورغم خطورة اندلاع مثل هذا الصراع، فإن الصحيفة الفرنسية تختم تحقيقها بأن السيناريو الأسوأ لا يمكن استبعاده.