موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: دبي بوابة نهب ذهب مناطق النزاع ونقله إلى مصافي التكرير السويسرية

250

أظهر تحقيق لمنظمتين غير حكوميتَين تنشطان في سويسرا أن إمارة دبي الإمارات تعد بوابة نهب ذهب مناطق النزاع ونقله إلى مصافي التكرير السويسرية، وسط انتقادات لتواطئ حكومي إماراتي.

وتَخضَع شركات سويسرية لتكرير الذهب – على رأسها شركة فالكامبي (Valcambi SA) – للتدقيق بسبب الأضرار والمخاطر المُرتفعة الناجمة عن توفير سوق لـ “ذهب الصراع” المُستخرج في أفريقيا، والداخل إلى سلسلة توريد هذه المصافي عبر دولة الإمارات.

ونشرَت منظمتان غير حكوميتَين تقريرَين مُتوازييَن يتناول أحدهما تحت عنوان Détour Dorée (المُنعَطَف الذهبي) الذي نَشَرَته منظمة ‘سويس أيد’ (Swissaid) ومقرها في بَرن، تجارة الذهب في دولة الإمارات مع التركيز على مُصَفّي وتاجر الذهب ‘كالوتي’ – الذي يقع مقره في دبي – وعلاقاته بشركة ‘فالكامبي’، لتكرير المعادن الثمينة التي يقع مقرها في كانتون تيتشينو.

وقد أدان التقرير “نفاق نظام يلجأ فيه الفاعلون إلى وسطاء لإخفاء مَصدر الذهب، بدلاً من الحصول عليه مُباشرة من المصدر”.

وقام مارك أومَّل، رئيس قسم المواد الخام في “سويس أيد”، بالتحقيق في سلسلة توريد المصافي السويسرية التي تستورد الذهب من الإمارات، وأجرى أبحاثاً ميدانية في دبي في أوائل عام 2020 بالإضافة إلى مقابلات مع العشرات من المُطّلعين على أسرار هذه الصناعة.

وكانت الإمارات قد صدَّرت 149 طناً من الذهب، بقيمة 6,8 مليار فرنك سويسري (7,2 مليار دولار)، إلى دولة جبال الألب في عام 2019.

كما ورَدَ في التقرير، كانت المصادر الحقيقية – لبعض هذا الذهب على الأقل – هي المناجم الحِرَفية الأفريقية وسوق الذهب في دبي.

وفي عام 2018، كان نِصف الذهب المار عبر دبي يأتي من القارة الأفريقية. ويعود هذا الذهب الذي صُدِّر معظمه بصورة غير مشروعة إلى مناطق منكوبة بالصراعات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة دارفور في غرب السودان.

وكما يُشير التقرير، تتم مُعالجة هذا الذهب من قبل شركات إماراتية لا ترتبط بعلاقات مباشرة مع المصافي السويسرية، الأمر الذي يجعل تَتَبُّع مصدر المعدن الأصفر وضمان استخراجه في ظل ظروف تحترم حقوق الإنسان والبيئة أمراً مُستحيلاً.

وقال أومَّل “نحن ندعو المصافي السويسرية التي تتمتع بتأثير ووَزن كبير في السوق، إلى الشراء من المناجم ومن عمال المناجم الحرفيين مباشرة دون المرور عبر دبي، حيث لا يمكنها تحديد مصدرها حتى”.

وأضاف: “من ناحية، لديك شركة ‘ميتالور’ (METALOR) إحدى كُبريات المصافي السويسرية الأربعة المُتخصصة في تكرير وصقل الذهب، التي تقول أنها لا تستورد الذهب من دبي بسبب إستحالة تتبع مصدره، ولأن مخاطر الإنتهاء بذهب غير شرعي في نهاية المطاف مرتفعة للغاية. ومن ناحية أخرى لديك مصفاة “فالكامبي”، التي تستورد كميات ضخمة. إنها مشكلة”.

وتعد شركة “فالكامبي” هي أكبر مستورد سويسري للذهب من الإمارات، تليها في المرتبة الثانية – وإن كان بفارق واضح – شركة تكرير الذهب السويسرية “آرغور هيراوس” (Argor-Heraeus) التي يقع مقرها في كانتون تيتشينو.

ووفقاً لمنظمتي “سويس أيد” (Swissaid) و”غلوبال ويتنس” (Global Witness) غير الحكوميتين المُطَّلِعتين على خفايا هذه الصناعة، قامت شركة “فالكامبي” بين عامي 2018 و2019، باستيراد 20,5 طناً من الذهب من شركة “كالوتي” مباشرة، بالإضافة إلى حصولها على أكثر من 60 طناً أخرى من شركة “تراست وان” للخدمات المالية المحدودة (Trust One Financial Services) المُسَجَّلة في المملكة المتحدة والمُرتبطة بـشركة ‘كالوتي’.

“من الصادم أن كمية كبيرة من الذهب لا زالت تأتي من كالوتي بعد كل المشاكل التي تورطت فيها”، يقول أومَّل، ويضيف: “نحن نرى بأن وجود علاقة من هذا النوع مع مصفاة مُعتمدة من قبل رابطة سوق لندن للسبائك (فالكامبي) ينطوي على مشاكل كبيرة”.

وسطاء غامضون

التقرير الآخر هو عبارة عن تحقيق أجرته منظمة ‘غلوبال ويتنَس’ بعنوانBeneath the Shine: A Tale of Two Gold Refiners (تحت البريق: قصة مصفاتَي ذهب). وهو يتفق مع استنتاج منظمة سويس أيد باحتمال حصول كالوتي على ذهب سوداني مُرتبط بالصراع وانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور بين عامي 2012 و2019.

وبحسب ما ورد في التحقيق، قامت كالوتي بشراء الذهب من بنك السودان المركزي، الذي حصل عليه من جماعات مسلحة تسيطر على مناجم في دارفور.

حول ذلك، تُعَلِّق سيما جوشي، مديرة الحملات في منظمة غلوبال ويتنَس قائلة “في الوقت الذي تُقَدِّم فيه ‘فالكامبي’ نفسها كرائدة في هذه الصناعة في ما يتعلق بالتزوّد من مصادر مسؤولة، وتَدَّعي أنها تذهب إلى أبعَد من معايير العناية الواجبة التي تعتمدها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المُعتَرَف بها دولياً، إلا أنها تَخرق تلك المعايير ذاتها عندما تخفق في التحقق من ممارسات ‘كالوتي’ غير المسؤولة في الحصول على الذهب، وتَستَمر في الحصول عليه من مصفاة مثيرة للجدل”.

ونقلت تقارير منظمة سويس أيد عن الرئيس التنفيذي لشركة فالكامبي مايكل ميساريك قوله: “أنا متأكد من نزاهتي بنسبة 90%، ونحن نعرف مصدر الذهب في 85-90% من الحالات”، دون أن يُحَدِّد ما إذا كان يتحدث عن الإمارات العربية المتحدة أو الإمدادات العالمية للمعدن الأصفر. لكن ما يقلق سويس أيد هي نسبة الـ 10-15% المُتبقية.

في نفس السياق، قالت شركة تكرير “ارغور هيراوس” التي حصلت على الذهب من الإمارات إنها تعرف أن أبوظبي “سوق حساسة لصناعة المعادن الثمينة” لكنها تعمل فقط مع الشركات التي “تتقيد بالقوانين بصرامة وتتحمل المسؤولية الشخصية” هناك.

وحَثَّت الشركة التي يقع مقرها في سويسرا المنظمات غير الحكومية مثل سويس أيد على المساعدة في تطوير مصادر موثوقة للذهب في الإمارات العربية المتحدة وخارجها، بدلاً من توجيه اتهامات غامضة.

رقابة مجزأة ومُعيبة

في سويسرا، تتبع المصارف والجواهريون وصُنّاع الساعات في نهاية سلسلة التوريد إجراءات مختلفة لبذل العناية الواجبة.

وعلى إثر قيامها بتحليل ممارسات 15 شركة، وجدت “سويس أيد” أن قدرة هذه الشركات على ضمان مصدر الذهب النظيف محدودة. كما شككت المنظمة غير الحكومية أيضاً في مصداقية رابطة سوق لندن للسبائك (وهي هيئة الترخيص الرئيسية في قطاع الذهب)، التي رَفَضت ممارسات كالوتي، ولكن قدرتها على التحقق من هوية مزودي المصافي السويسرية مثل ‘فالكامبي’ تبقى محدودة.

في الشهر الماضي، وجد مكتب التدقيق الفدرالي السويسري أن هناك “أوجه قصور” في نظام المراقبة الحالي للمعادن الثمينة.

ومع قيام سويسرا بتكرير ومُعالجة ثلثي الذهب العالمي، ولكونها المركز الرئيسي لتجارة الذهب العالمية، تَوَد العديد من المنظمات غير الحكومية التي تركز على البيئة وحقوق الإنسان، أن تتبنى الدولة مبادرة للأعمال المسؤولة، في محاولة لإلزام الشركات التي تتخذ من سويسرا مقراً لها بتقييم تأثير أنشطتها وأنشطة الشركات التابعة لها على حقوق الإنسان والبيئة في داخل البلاد وخارجها.