تحولت تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى نقمة على معارضي الإمارات التي تطلق المشاريع الضخمة وتنفق الملايين لامتلاك أحدث أجهزة التجسس والمراقبة والقرصنة.
وأجمعت 23 منظمة حقوقية في نداء مشترك على مطالبة الإمارات بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان على أراضيها، وعلى رأس ذلك مراقبة منتقدي الحكومة بواسطة تقنيات المراقبة المُتطورة لتضييق الخناق على المُعارَضة.
وسبق أن وصف موقع “إنتليجنس أونلاين” الاستخباري الفرنسي، دولة الإمارات بأنها مركزا إقليميا لتقنيات الأمن السيبراني والتجسس والمراقبة الإليكتروني وتستقطب في سبيل ذلك كبرى الشركات الضخمة حول العالم.
من جهتها كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أن الإمارات تتنافس مع المملكة العربية السعودية على شراء الآلاف من “رقائق نفيديا” عالية الأداء والضرورية لبناء برامج “الذكاء الاصطناعي” وسط مخاوف حقوقية من سوء الاستخدام.
فقد اشترت السعودية ما لا يقل عن 3000 من رقائق “نفيديا” H100 وهو المعالج البالغ تكلفته 40 ألف دولار، والذي وصفه رئيس الشركة، جنسن هوانغ، بأنه “أول رقاقة كمبيوتر في العالم مصممة للذكاء الاصطناعي التوليدي”.
وبحلول نهاية عام 2023، ستتلقى السعودية “الرقائق المتخصصة”، بعد صفقة بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 120 مليون دولار.
وفي الوقت نفسه، ضمنت الإمارات الوصول إلى الآلاف من تلك الرقائق، وطورت بالفعل نموذجها اللغوي الكبير مفتوح المصدر، المعروف باسم “فالكون”.
وأطلقت الإمارات “دليل الذكاء الاصطناعي التوليدي” كجزء من “التزام الحكومة بتعزيز مكانتها العالمية الرائدة في قطاعي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي”.
وعلى مدار شهرين، تم تدريب طراز “فالكون” الإماراتي، المتاح الآن مجانا عبر الإنترنت، باستخدام شرائح “”نفيديا”.
وبناء على ذلك أثار قادة منظمة العفو الدولية وخبراء حقوق الإنسان الغربيون مخاوف من أن “البرامج المطورة في السعودية والإمارات قد تفتقر إلى الإطار الأخلاقي وميزات السلامة التي تحاول شركات التكنولوجيا الكبرى تطبيقها”.
وقالت إيفيرنا ماكجوان، مديرة مكتب أوروبا في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا في بروكسل: “المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون هم أهداف متكررة للحملات الحكومية القمعية في السعودية والإمارات”.
وتحدثت لـ”فايننشال تايمز” عن إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لـ”تكثيف المراقبة غير القانونية”، ووصفت الفكرة بـ”المخيفة”.
يعتبر الأمن الإلكتروني أحد التحديات الحديثة التي ينبغي أن يتعامل معها النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان. لا تريد الحكومات الاستبدادية أن ينشر هؤلاء النشطاء الحقيقة حول أنظمتهم العزيزة وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان ضد شعوبهم، وبالتالي، سيفعلون كل ما بوسعهم لإسكاتهم.
وفي هذا العصر الجديد من الفضاء الإلكتروني، لا يمكن حماية هؤلاء النشطاء بمجرد هروبهم إلى بلدٍ آخر والعمل فيه.
وأصبح الفضاء الإلكتروني ساحةً أخرى للناس للدفاع عن حقوقهم. وبالتالي انتُهكت خصوصياتهم وسلامتهم من جراء سوء استخدام التقنيات الحديثة.
وتُعرفُ الإمارات بسجلها الفظيع في مجال حقوق الإنسان ومُعاملتها للمعارضين. ولا يعرضُ تقرير الأمم المتحدة حول ممارسات حقوق الإنسان في البلاد تفاصيل إجراءات المُراقبة فقط، بل أيضاً حوادث التعذيب والاعتقالات التعسفية والحرمان من المحاكمة الحرة.
كما إن حرية التعبير والصحافة والتجمع محدودة للغاية في البلاد. ويعملُ النشطاء الإماراتيون بلا كلل، ويُناضلون من أجل حقوق الإنسان في بلدهم، أما الآن فعليهم العمل بحذر أكبر.
ومرارا تم الكشف عن تورط الإمارات باستخدام تقنيات إسرائيلية بغرض التجسس والقرصنة على مدار سنوات وهو ما أكده مؤخرا تحقيقا دوليا لكبرى وسائل الإعلام العالمية.
ومن ذلك الكشف عن فضيحة مدوية للنظام الإماراتي باستهدافه 10 آلاف رقم هاتف عبر مجموعة بيغاسوس NSO الاسرائيلية للتجسس.
ويشمل المستهدفون إماراتيون صحافيون وناشطون ومعارضون ولائحة مذهلة من الأهداف التي يلاحقها نظام أبوظبي.
وتم كشف هذه التفاصيل ضمن تحقيق استقصائي تعاوني تم تنسيقه عبر “قصص محظورة” أو Forbidden Stories للصحافة ومقره باريس، والمختبر التقني لمنظمة العفو الدولية.