موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

وثائق مسربة تكشف تورط البنك المركزي الإماراتي في انتهاك العقوبات ضد إيران

255

كشفت وثائق مسربة منسوبة لوكالة مكافحة الجرائم المالية (فنسن) التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية، أن شركات إماراتية ساعدت إيران في التهرب من العقوبات المفروضة عليها، وأن المصرف المركزي الإماراتي لم يستجب لتحذيرات بشأن هذه الانتهاكات.

وبحسب الوثائق المعروفة بـ”ملفات فنسن” التي نشرت تفاصيلها شبكة “بي بي سي” البريطانية، فإن شركة “غونيش” للتجارة العامة ومقرها دبي أدخلت معاملات مالية مشبوهة بقيمة 142 مليون دولار أمريكي إلى النظام المالي الإماراتي في عامي 2011 و2012.

وكان أحد المصارف البريطانية قد نوّه إلى نشاطات الشركة المذكورة، ولكنها تمكنت من الاستمرار في استخدام المؤسسات المالية المحلية في دولة الإمارات.

وفي عام 2016، قالت الولايات المتحدة إن شركة “غونيش” ضالعة في مخطط كبير يهدف إلى تقويض العقوبات المفروضة على إيران.

وصفّت شركة “غونيش” للتجارة العامة أعمالها في السنتين الأخيرتين، ويقول الادعاء العام الأمريكي إن الشركة جزء من شبكة، يديرها تاجر الذهب التركي الإيراني “رضا ضراب”، وأجرت تعاملات تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات لصالح الحكومة الإيرانية وغيرها من الجهات الإيرانية المشمولة بالعقوبات الأمريكية.

والوثائق المذكورة، والمعروفة بملفات فنسن FinCEN، سُربت إلى موقع بزفيد الإخباري الذي سلمها بدوره إلى التحالف الدولي للصحفيين الاستقصائيين وهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على إيران للمرة الأولى خلال أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران بين عامي 1979 و1981.

ومنذ ذلك الحين، فرضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إجراءات تهدف إلى إجبار إيران على تغيير سلوكها، ومنها الحد من برنامجها النووي، وكان أحد هذه الإجراءات حجب إيران عن النظام المصرفي العالمي الذي يتعامل بالدولار الأمريكي، وكان ذلك في عام 2012.لكن لم تثر أي مخاوف أخرى حول نشاطات الشركة عقب اعتقال ضرّاب في مدينة ميامي الأمريكية في عام 2016.

وتعتمد المصارف العاملة في دولة الإمارات على المصارف الأمريكية الكبرى لمراقبة ما تدفعه بالدولار والموافقة عليه، ويطلق عليها “المصارف المراسلة”.

ويتعين على المصارف المراسلة أن تحيط السلطات المختصة علما بأي شكوك بوقوع نشاطات إجرامية كغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك عن طريق رفع وثيقة تعرف باسم “تقرير عن نشاط مريب (SAR)”.

وتتضمن ملفات فنسن FinCen تقريرا يظهر أن فرع مصرف ستاندارد تشارترد البريطاني في نيويورك أجرى اتصالا بالمصرف المركزي الإماراتي في عام 2012، وذلك بعد أن لاحظ المئات من التعاملات المريبة من جانب شركة “غونيش” للتجارة العامة.

إلا أن هذا التقرير لم يذكر أن هذه النشاطات تتعلق بمحاولات إيران التهرب من العقوبات المفروضة عليها.

وتعد “تقارير النشاطات المريبة” إحدى الطرق التي تستخدم لتحذير السلطات الحكومية وجهات فرض القانون بوقوع نشاطات غير عادية ينبغي التحقق منها، رغم أن هذه النشاطات لا تشكل بالضرورة دليلا على ارتكاب أي جرم.

وكان المصرف المركزي الإماراتي قد أبلغ مصرف “ستاندارد تشارترد” بأن “القضية قد أحيلت إلى الجهات القضائية المختصة”، وأن “الحسابات قد أغلقت في سبتمبر/أيلول 2011.

ولكن مصرف “ستاندارد تشارترد” أكد أن الشركة تمكنت من “مواصلة نشاطاتها المريبة” عن طريق “استخدام حسابات مختلفة لدى مصارف أخرى”.

وفي حقيقة الأمر، لم يتخذ المصرف المركزي أي اجراء لمنع شركة “غونيش” من استخدام حسابين لدى مصرفين إماراتيين آخرين هما بنك رأس الخيمة الوطني وبنك الإمارات دبي الوطني.

وتظهر ملفات فنسن FinCEN أن شركة “غونيش” للتجارة العامة تمكنت من تدوير ما قيمته 108 ملايين دولار من التعاملات وصفت بأنها مريبة حتى شهر سبتمبر/أيلول 2012، معظمها من خلال بنك رأس الخيمة الوطني.

وقال المصرف إنه لا يعلّق على التعاملات التي تجرى من خلاله مراعاة للسرية، ولكنه أصر على أنه يتقيد بتعليمات وبنود مكافحة غسيل الأموال والعقوبات المالية، وأنه يتبع سياسات صارمة وضعها لهذا الغرض.

وفي أبريل/نيسان 2013، رفع مصرف نيويورك ميلون الأمريكي تقرير نشاطات مريبة قال فيه إنه عقب تحقيق أجرته الحكومة الأمريكية في نشاطات شركة “غونيش” فإنه خلص إلى أن الشركة المذكورة تجري تعاملات الغرض منها تجاوز العقوبات المفروضة على إيران.

والأحد الماضي أعلنت الولايات المتحدة، بشكل أحادي، إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وفق تقنية الارتداد، مهددة كافة الدول التي ستحاول خرق تلك العقوبات.

وقال وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، إن العقوبات الأممية ضد إيران دخلت حيز التنفيذ مرة أخرى.

وفي 14 أغسطس/آب الماضي، رفض مجلس الأمن الدولي محاولة أمريكية لتمديد حظر دولي على توريد السلاح لإيران إلى ما بعد انقضاء أجل الحظر الحالي في أكتوبر/تشرين الأول، غير أن الولايات المتحدة ماضية في مساعيها استنادا لتفسيرها القانوني لبند في الاتفاق النووي.