كشفت تقارير دولية متطابقة أن دبي في دولة الإمارات كرست نفسها وجهة غسيل الأموال المفضلة لأثرياء روسيا وإسرائيل في ظل غياب معايير الرقابة والشفافية.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن شركة “بيترهومز” الدولية للاستشارات، إن الروس كانوا أكبر المشترين غير المقيمين للعقارات السكنية في دبي في الربع الثالث، حيث يبحثون عن ملاذ آمن في ظل الصراع في أوكرانيا والتجنيد العسكري الإلزامي في روسيا وتشديد العقوبات الغربية.
وتوضح بيانات الشركة أن المشترين القادمين من بريطانيا احتلوا المرتبة الثانية، رغم تراجعهم 43 % عن الربع السابق، ثم جاء المشترون من الهند وألمانيا وفرنسا. وارتفع عدد المشترين الروس غير المقيمين 11 % عن الربع السابق.
وقال “ريتشارد ويند” العضو المنتدب في بيترهومز “الروس الفارون من الحرب، و(مع) التجنيد (العسكري) الأخير، أصبحوا أكثر الجنسيات (شراء) خلال الصيف، وفي ظل استمرار الحرب في أوكرانيا نتوقع بقاء هذا الاتجاه”.
ومنذ بداية العام، كانت روسيا وبريطانيا أكبر منشأ للاستثمار في سوق العقارات في دبي التي تعافت بقوة من الركود الذي شهدته عام 2020، على الرغم من أن ارتفاع فوائد الرهن العقاري وتكلفة المعيشة قد يشكلان رياحا معاكسة.
وأشار “ويند” إلى أن ضعف الجنيه الإسترليني قد يجعل بعض المستثمرين البريطانيين يعيدون تقييم الموقف، إلا أنه لا يتوقع تأثيرا كبيرا على استثمارات الأفراد أصحاب الثروات الضخمة.
وأوضحت “بيترهومز” أن تقريرها للربع الثالث اعتمد منهجية مختلفة تغطي فقط المشترين غير المقيمين، وليس إجمالي المشترين.وجاء الروس في المرتبة الرابعة في تقريرها السابق للنصف الأول من 2022 لأكبر المشترين بعد كل من الهند وبريطانيا وإيطاليا.
وقال “ويند” إن التغيير يهدف إلى تحديد بلدان منشأ الاستثمار الوافد لسوق دبي بشكل أوضح.
وذكرت “بيترهومز” أن إجمالي صفقات البيع والقيمة ارتفعا بمقدار 61 % في الربع الثالث على أساس سنوي، إذ تم بيع 22895 وحدة بقيمة إجمالية 52.39 مليار درهم (14.26 مليار دولار)
في السياق قالت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، إن سوق العقارات في إمارة دبي سجل رقما قياسيا جديدا بعد بيع فيلا فخمة بجزيرة النخلة الاصطناعية مقابل 163 مليون دولار، دون الكشف عن هوية المشتري، مشيرة إلى استمرار تدفق الأموال الروسية والإسرائيلية للإمارة.
وحسب الوكالة الأمريكية، فإن “الصعود المستمر” لسوق العقارات في إمارة دبي خلال العام الماضي، لن يجعل هذا الرقم القياسي يستمر طويلا.
عندما اشترى الملياردير الهندي، موكيش أمباني، قصرا في جزيرة النخلة بقيمة 80 مليون دولار في دبي لابنه الأصغر خلال مارس الماضي، كان ذلك رقمًا قياسيًا جديدًا لسوق العقارات في دبي. وبعد صمود الرقم لسبعة أشهر، دفع مشتر مجهول 82.4 مليون دولار مقابل عقار في جزيرة النخلة أيضا.
وفي أكتوبر، أعلنت دائرة الأراضي والأملاك بدبي عن الصفقة العقارية القياسية الجديدة بقيمة 163 مليون دولار في نخلة جميرا كذلك، دون الكشف عن هوية المشتري، مسجلة أعلى مستوى على الإطلاق.
ونقلت الوكالة الأميركية عن الوسطاء والمطورين العقاريين، فإن أكثر من 70 من المعاملات العقارية تدفع نقدا أو دون قروض عقارية.
وبالتالي فمن المرجح أن يكون أي تباطؤ بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض محدودا، بحسب توقع مجموعة “سي بي آر إي” العقارية التي تتخذ من لوس أنجلوس مقرا لها.
كما أن هناك مزايا ضريبية أخرى في دبي على اعتبار أن المشترين يدفعون 4 بالمئة رسوما لدائرة الأراضي، مقارنة بضريبة المنازل الفاخرة في لندن على سبيل المثال التي تبلغ 15 بالمئة.
وتفرض دبي ضريبة القيمة المضافة ورسوم الشركات، لكن لا توجد ضرائب على الدخل.
وذكرت “بلومبيرغ” أن الكثير من مشتري العقارات في دبي هم من الروس الأغنياء الذين يبحثون عن ملاذ آمن لأموالهم عقب غزو بلادهم لأوكرانيا.
وبالإضافة إلى الروس، فإنه من بين الوافدين الجدد مستثمرون إسرائيليون وأصحاب مليونيرات في العملات المشفرة.
كما كان هناك أيضا مصرفيون يفرون من قيود كوفيد في آسيا وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العاصمة لندن.
وارتفعت أسعار العقارات الرئيسية في الإمارة بنسبة 70.3 بالمئة خلال الاثني عشر شهرا حتى سبتمبر، مما يجعلها أكبر الرابحين على مؤشر “Knight Frank” العالمي، الذي يركز على أكثر المنازل المرغوبة والمكلفة في المدينة.
وتشير الوكالة الأميركية إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة والتباطؤ الاقتصادي المرتبط بارتفاع أسعار الطاقة العالمية، أعاق الصفقات العقارية في مدن عالمية عدة، منها لندن وباريس ونيويورك.
ولا توفر دائرة الأراضي والأملاك في دبي عادةً الوصول إلى المعلومات المتعلقة بهويات المشترين لعقارات معينة، كما أن سجل العقارات بالمدينة ليس عامًا.
يقول مراقبون اقتصاديون إن السلطات في دبي ليس لديها حافز كبير لزيادة الرقابة أو ممارسة مزيد من الشفافية بسبب الفوائد الاقتصادية للأموال التي تتدفق في سوق العقارات.
وقالت جودي فيتوري، الباحثة غير المقيمة بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، التي أجرت أبحاثا عن قطاع العقارات في الإمارة، إن “دبي مكان سهل لشراء العقارات بشكل مجهول نسبيًا”.
وأضافت أنه “مع كل أزمة دولية، يبدو أن الأموال تتدفق هناك وأحيانا يتم تشجيعها علنا كما حدث أثناء كوفيد، ولكن ليس كذلك بالنسبة للصراع الروسي. وفي كلتا الحالتين، سيظل جزءا أساسيا من خطة التنمية الاقتصادية الخاصة بهم”.