موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات تستهدف اقتصاديات الدول بتلاعب واسع بالعملات

209

تستهدف دولة الإمارات اقتصاديات العديد من الدول خاصة تلك التي ترتبط على علاقات متوترة بعمليات تلاعب واسع بالعملات المحلية ضمن مؤامرات أبوظبي لكسب النفوذ والهيمنة.

ووجّه مسؤولون ونواب برلمان وخبراء اقتصاد في عدة دول اتهامات مباشرة إلى الإمارات بأنها تسعى إلى تخريب أسواق الصرف وضرب عملاتها الوطنية وتدمير اقتصاداتها.

وأتهم خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة بليبيا، الإمارات بالعمل على تخريب اقتصاد وعملة ليبيا، وقال: “لدينا معلومات بأن الإمارات لها علاقة بالمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها ليبيا وسعيها لانهيار الدينار الليبي”.

واتهمت أطرف تونسية، منذ عدة أيام أيضا، الإمارات بالعمل على زعزعة الدينار التونسي وهزه في إطار الثورة المضادة الشرسة التي تشنها ضد الدولة والتجربة الديمقراطية في البلاد، مستغلة الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد.

وفي العراق تلعب الإمارات دورا خطيرا في الضغط على الدينار العراقي عبر تشجيع تهريب الأموال إلى دبي، ومساعدة مليشيات وزعماء طوائف في تهريب النقد الأجنبي إلى خارج العراق، وهو ما يتسبب في الضغط بشدة على الدينار ويزيد من حجم المضاربات عليه.

وعلى مدى السنوات الأخيرة، تكرر المشهد مع عملات دول أخرى تناصبها الإمارات العداء، حيث ضاربت أبوظبي بشدة على الليرة التركية قبيل الانتخابات الرئاسية وعقب الانقلاب الفاشل، والريال القطري عقب الحصار الرباعي في 5 يونيو 2017، والريال اليمني عقب اندلاع حرب اليمن في مارس 2015.

وبحسب مراقبين فإن الهجمات الإماراتية نجحت في تدمير بعض العملات، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها لعملات دول أخرى، مثل الريال القطري والليرة التركية.

تركيا في مرمى الاستهداف

التلاعب في سوق العملات أهم أسلحة الإمارات، التي تسعى من خلاله، إلى توجيه ضربات للاقتصاد التركي من وقت لأخر.

ورغم أن الليرة التركية شهدت تراجعات حادة في العديد من الأوقات السابقة، إلا أن البنك المركزي التركي استطاع أن يضبط سوق الصرف، ما أدى إلى استقرار العملة المحلية وصمودها أمام خطط إضعافها.

وقال الخبير الاقتصادي التركي، خليل أوزون، إنه لم يعد تدخل الإمارات لضرب الاقتصاد التركي والليرة، موضع توقع أو اتهام، بل إن هناك الكثير من الأدلة، أبرزها تمويل الانقلاب الفاشل (2016) بثلاثة مليارات دولار كما قال وزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو، ودعم منظمة فتح الله غولن، ومن ثم المتابعة بضرب سمعة الاقتصاد التركي والليرة بعد فشل الانقلاب، ووقوف أنقرة إلى جانب الدوحة بعد الأزمة الخليجية مطلع يونيو/حزيران 2017.

وحول أشكال التدخل الإماراتي بالليرة والاقتصاد التركي وأثره على قدرة الأتراك الشرائية، يضيف أوزون أن هناك تدخلا مباشرا عبر إغراق السوق بالليرة وسحب العملات الأجنبية للخارج وبالتالي الضغط على العملة المحلية، كما استعملت الإمارات الشائعات الكاذبة مراراً، لضرب سمعة السياحة لعلمها بمدى دورها بالاقتصاد وتوفير الدولار لتركيا.

والهدف من ذلك، حسب أوزون، الإساءة لسمعة الاقتصاد التركي دولياً والتأثير على القوة الشرائية للمستهلكين وإرباك الداخل التركي وحرف البلاد عن أهدافها التنموية عام 2023.

وتراجع سعر صرف العملة التركية أمام العملات الرئيسية والدولار، لأسباب أغلبها سياسية، بحسب مراقبين، فمن 1.42 ليرة للدولار 2006 بلغت نحو ليرتين عام 2012 ليبدأ مشوار التراجع بعد الانقلاب الفاشل 15 يوليو/تموز 2016 وقت هوت أول مرة إلى ما دون 3 ليرات مقابل الدولار، ووصل الدولار إلى أكثر من 7 ليرات خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، قبل أن تتحسن لتستقر عند عتبة 6.85 ليرات حاليا.

وهناك محطات كبرى هوت خلالها الليرة التركية، أهمها ليلة الانقلاب الفاشل في 15 تموز 2016 ومن ثم أغسطس/ آب 2018 جراء التوتر الأميركي التركي وانتعاش مضاربات العملة.

وعن الدور الإماراتي في هذه الاضطرابات يقول المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو: “للإمارات الدور الأبرز باستهداف الاقتصاد والليرة، ولدى أنقرة وثائق حول التحويلات الإماراتية لجماعة فتح الله غولن ومن ثم المضاربات الهائلة في أغسطس/ آب 2018 وقت هوت الليرة من 5.3 إلى نحو 7 ليرات في يوم واحد، وتم كشف حسابات ومصادر التلاعب الذي قادته الإمارات إلى جانب السعودية”.

ويضيف كاتب أوغلو أن الإمارات مستمرة حتى اليوم، وعبر القوى الناعمة، منها الإعلام، لتشويه الاقتصاد التركي والتركيز على العجز التجاري والديون، لتضرب الاستثمار والسياحة وتسيء لتركيا ولليرة.

من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة ماردين التركية، مسلم طالاس إن هناك هدفين من المساعي الخارجية لضرب الليرة، الأول الإساءة للحكومة وسياسة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والثاني إظهار أن مناخ هذه الدولة غير مطمئن بسبب تقلبات سعر الصرف، ما يؤثر على جذب الاستثمارات الخارجية المباشرة.

وحول آلية التأثير على العملات وإضعاف سعرها، يضيف طالاس أنه في الدول المتطورة يتم عادة التلاعب والتسلل من خلال أسواق المال، وتؤخذ معدلات الفائدة على السندات الحكومية مؤشراً مهماً، فحين تكون معدلات الفائدة مرتفعة، تكون المخاطر عالية وتتراجع الرساميل عن إقراض الحكومات.

ويتابع: “أما في الاقتصادات الناشئة، فيتم عادة التصيّد عبر سعر الصرف، لأنه يعطي مؤشرات على سوء الإدارة والأداء الحكومي، ولها انعكاسات سلبية على الشعب ومستوى المستهلكين المعيشي”.

مخاوف في تونس

بات الاقتصاد التونسي في مرمى عواصف الداخل والخارج، بعد تصعيد القوى المضادة للثورة لتعقيد الوضع السياسي في البلاد وجرّها نحو الانفجار الاجتماعي. واتهمت أطرف تونسية الإمارات بالعمل على زعزعة الدينار في إطار الثورة المضادة الشرسة التي تشنها ضد الحكومة والتجربة الديمقراطية في تونس، مستغلة الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد.

وتتعمق مشكلات الاقتصاد التونسي في ظل وضع سياسي مشحون، وتعطيل المؤسسة التشريعية بدفع من قوى خارجية تريد إشاعة الفوضى وإفشال المسار الديمقراطي وإرباكه، لخدمة مصالحها الإقليمية وبسط نفوذها في المنطقة، حسب مراقبين.

وتتهم أحزاب وازنة في البرلمان الإمارات ببذل جهود مكثفة لتوجيه السياسات الداخلية والخارجية لبعض الدول، وبينها تونس، بهدف بناء “نظام إقليمي جديد” ينسجم مع تصوراتها.

وشهدت تونس تطورات سريعة ومتلاحقة، خلال الفترة الأخيرة، أبرزها تقديم رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ استقالته بعد اتهامه بمخالفات مالية، وعلى إثر ذلك كلف الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء السبت، وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل الحكومة الجديدة.

ويخشى مهتمون بالشأن السياسي والاقتصادي أن تطاول شظايا الخطة الإماراتية الاقتصاد التونسي المنهك، وأن يصل مداها إلى سوق الصرف الأجنبي.

ودخل برلمان تونس في دوامة المشاحنات السياسية، أدى إلى تعطل أعماله بعد منع الحزب الحر الدستوري كل الجلسات العامة ومناقشة مشاريع قوانين اقتصادية مهمة.

ونبّه عضو البرلمان نور الدين البحيري، مما يقوم به ما وصفهم بـ”عصابات الخلفان” في تونس، معتبرا أن ما يرتكبه الحزب الدستوري الحر من احتلال بالقوة لفضاءات مجلس نواب الشعب ومحاولة تعطيل أعماله ليس مجرد احتجاج، بل تنفيذ لمخطط معاد للبلاد وثورتها وخضوعا لإملاءات أجنبية وعمل إجرامي متعمد.

وقال البحيري في تدوينة على صفحته الرسمية إن الإمارات تساعد أذرعها في تونس من أجل تعطيل عمل البرلمان والتأثير على مؤسسات الدولة، وخاصة المؤسسة التشريعية.

ويعتبر الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق، سليم بسباس، أن الإمارات تلعب على ورقة الاقتصاد والدينار من أجل تفجير الوضع الاجتماعي في تونس، وإحراج منظومة ما بعد الثورة عبر السعي لإثبات فشلها في الاستجابة لأهداف التونسيين الذين يتوقون لوضع اقتصادي واجتماعي أفضل.

وأضاف بسباس أن الاقتصاد أداة مهمة تستغلها الأحلاف الإقليمية التي تسعى إلى إفشال التجربة الديمقراطية التونسية، مشيرا إلى أن إرباك الحياة السياسية وتعطيل عمل مؤسسات التشريع يؤثران مباشرة على المالية العمومية التي تنتظر تعبئة موارد مالية من الخارج، فضلا عن تأثير ذلك على مناخ الاستثمار.

وحول التدخل الإماراتي باللعب في سوق الصرف الأجنبي في تونس قال بسباس إن الدينار التونسي لا يزال محميا من تداعيات “العاصفة” السياسية التي تمر على البلاد بدفع من قوى خارجية، مرجحا ألا يطول صمود الدينار واستقرار سعر الصرف في حال تواصل الوضع على ما هو عليه لمدة أطول. وتستقر العملة المحلية حاليا عند نحو 2.8 دينار مقابل الدولار.

وفسر وزير المالية السابق صمود الدينار رغم محاولات زعزعة سوق الصرف بالسياسة المالية التي ينتهجها البنك المركزي التونسي بالحد من الواردات والحفاظ على رصيد العملة، فضلا عن تحسن التدفقات المالية المتأتية من التصدير والسياحة قبل جائحة كورونا.

وأفاد بسباس في ذات السياق أن المناخ السياسي المتوتر لم يعد يخدم مصلحة الاقتصاد التونسي وسوق الصرف، مرجحا أن يعود الدينار إلى النزول مجددا بسبب تضارب مصالح الدول الرافضة للتجربة الديمقراطية التونسية، ومنها الإمارات، مع ما تعيشه تونس من تحوّل سياسي بعد الثورة.

وخرج الاقتصاد التونسي من أزمة كورونا بخسائر كبيرة في نسب النمو التي تراجعت بأكثر من 7 نقاط، فضلا عن فقدان أكثر من 270 ألف وظيفة وملامسة عدد العاطلين عن العمل المليون عاطل، فضلا عن تصاعد نسب الفقر والاحتجاجات الاجتماعية.

وتراهن تونس على ترميم خسائرها ما بعد كورونا على تنشيط الاستثمار وإحياء مشاريع كبرى تساعد على زيادة النمو واحتواء البطالة المتفاقمة، غير أن التوتر السياسي بات طاردا للمستثمرين. وتحجم الإمارات منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011 عن ضخ استثمارات في تونس بسبب رفضها للنظام السياسي الجديد في البلاد، كما عطلت كل اتفاقيات الاستثمار التي تم توقيعها مع نظام بن علي.

وفي مايو/ أيار الماضي طالب برلمانيون بإلغاء العمل باتفاقية استثمارية بين الدولة التونسية وشركة “سما دبي” المبرمة بتاريخ 26 نيسان/إبريل لعام 2007، والتي باعت بمقتضاها تونس مساحة 837 هكتارا من ضفاف بحيرة تونس الجنوبية للشركة مقابل دينار رمزي واحد لقاء تكفل الطرف الإماراتي بإنشاء مدينة عصرية كاملة تفتح العاصمة على البحر، وتشغل ما لا يقل عن 300 ألف موطن شغل باستثمار قدره 14 مليار دولار آنذاك.

واعتبرت كتلة ائتلاف الكرامة التي طالبت بإلغاء الاتفاق مع مجموعة “سما دبي”، أنه رغم مرور أكثر من 13 عاما على الاتفاق، لم يتم إنجاز شيء وبقيت أرض المشروع جرداء قاحلة، ولم تتمكن الدولة من استثمارها ولا من البحث عن مستثمرين جدد لإحيائها، فضلا عما أظهره القضاء المالي بملف الصفقة المذكورة من تلقي عائلة بن علي لعمولات ورشاوى وبمئات المليارات مقابل إهدائهم قطعة من تراب وبحر تونس للمستثمر الإماراتي.