موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: عار التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يهدد مكانة الأقصى

161

يهدد اتفاق عار التطبيع الإماراتي الإسرائيلي مكانة المسجد الأقصى في القدس المحتلة بما في ذلك التقويض المتدرج للوصاية والرعاية الأردنية على المقدسات المحتلة.

وأتت ما تسمى الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط المعروفة بـ”صفقة القرن” لتتوج السياسات والاستراتيجية الإسرائيلية بكل ما يتعلق بالسيادة الاحتلالية على الأقصى.

وتعتبر هذه الخطة عاملا أساسيا في مسألة تفريغ الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى من مضمونها، وتقويض دورها في رعاية المقدسات، ومحاصرة أي حضور ونفوذ للمملكة الهاشمية في فلسطين عامة، والقدس خاصة.

ومع التباطؤ في تنفيذ الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط والإجماع الفلسطيني الرافض لها بحثت واشنطن من خلال التحالف الإسرائيلي الإماراتي مواصلة قطار التطبيع والإمعان بالإستراتيجية الإسرائيلية لتعزيز التحالف الجديد في الخليج.

ويتجاوز التطبيع بين إسرائيل والإمارات دور الحلف التقليدي مع الأردن، والوصاية الهاشمية على الأقصى والمقدسات نحو مغازلة السعودية والإمارات عبر إغرائهما بموطئ قدم للتعاون والتنسيق بالسياحة الدينية، ونقل الحجيج المسلمين إلى القدس والأقصى.

ويعتقد المحامي خالد الزبارقة المختص في قضايا القدس والأقصى أن إسرائيل تسعى من ناحية فعلية إلى تفريغ الوصاية الأردنية من أي مضمون، لافتا إلى عسكرة الاحتلال للأقصى ومحيطه وتدخله في كل صغيرة وكبيرة في ساحات الحرم، بحيث إن المسلم المتوجه لساحات الحرم يشعر بأنه يدخل إلى ثكنة عسكرية إسرائيلية.

وأوضح أن إسرائيل تعمل منذ سنوات وبالتنسيق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تقويض أي نفوذ أردني بالقدس والأقصى، في ظل عملية ممنهجة بهدف ببناء الهيكل المزعوم في ساحات الحرم والتي يدفع بها السفير فريدمان.

وبما يخص التحالف الإسرائيلي الإماراتي وتداعياته على القدس والأقصى على وجه الخصوص، يعتقد المحامي الزبارقة أن الإمارات أصبحت إحدى الأدوات الصهيونية التي تستعملها إسرائيل لتنفيذ مشاريعها ومخططاتها في العالم العربي، مبينا أن الدور الإماراتي بالتآمر على القدس والأقصى أخذ منحى علنيا وخطيرا منذ العام 2014.

وبين الزبارقة أن الدور الإماراتي في حينه تجسد في تسريب 30 عقارا في سلوان ووادي حلوة وهما الحاميان الجنوبيان للأقصى، مؤكدا أن مؤسسات إماراتية مرتبطة بنظام أبو ظبي قامت بالدور الصهيوني في القدس والداخل الفلسطيني، إذ تم استخدام رجال أعمال فلسطينيين ومقدسيين لتدعيم البنية التحتية الإماراتية.

وتجلى الدور الإماراتي داخل أسوار القدس القديمة وعند جدران الأقصى -كما يقول الزبارقة- “من خلال محاولة شراء عقار إستراتيجي ملاصق للجدار الشمالي للأقصى عند باب فيصل، إلا أن مالكه رفض ذلك رغم المبالغ المالية الباهظة التي عرضت عليه”.

وفيما يخص خفايا بنود اتفاقية التطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي المتعلقة بالقدس والأقصى، يوضح الزبارقة أن الدور الإماراتي يعتبر اعتداء على القدس والأقصى والدين والمعتقدات الإسلامية، وذلك عبر التلاعب بالمفردات الدينية المتعلقة بالأقصى، حيث تم تعريفه بالمسجد القبلي، واعتبار ساحات الحرم الممتدة على مساحة 144 دونما ساحات يسمح حسب الاتفاقية الإسرائيلية الإماراتية لكل الديانات بالصلاة فيها.

وتدعيما لطرح الزبارقة يجزم الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا أن الإمارات ومن خلال تتبع نهجها ودورها في القدس والأقصى بالسنوات الأخيرة لا تعمل ولا تنشط من خلال رؤية خاصة بها بقدر ما أنها تعمل ضمن مشروع صهيوني تهويدي.

واستذكر الخطيب الدور الإماراتي في شراء عشرات العقارات في القدس القديمة وبتخوم الأقصى لتحويلها إلى نزل وفنادق للحجيج المسلمين، في حين أظهرت وثائق البيع والشراء التي عرضت في المحاكم الإسرائيلية أن العقارات التي اشترتها الإمارات حولت إلى جمعيات استيطانية تنشط بتهويد القدس وتدفع نحو بناء الهيكل المزعوم.

وحينما يتم الحديث عن نموذج “بيت إبراهيم” في أبو ظبي بوجود مسجد وكنيس وكنيسة، بمعنى أن كل أبناء سيدنا إبراهيم يصلون تحت سقف واحد، يقول الخطيب إن “هذا النموذج يتم الترويج له وتعميمه بغية تنفيذه في الأقصى، بحيث لا يمكن عزله عن تصريحات جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي، والذي طلب السماح لجميع أبناء الديانات السماوية بالصلاة في جبل الهيكل، بحيث يتم بينهم الاتفاق على مكان وزمان الصلاة”.

ويرى الخطيب أن تصريحات المسؤولين الأميركيين بمثابة دعوات واضحة وصريحة لإحداث تغيير في ساحات الحرم وتقسيم الأقصى، متسائلا: هل كان ذلك سيمر بسهولة في ظل الوصاية الأردنية، أم أنه يجب تقليم هذه الوصاية وتفريغها من مضمونها؟

وحذر من مخطط نزع الوصاية من الأردن وتحويلها عبر التطبيع الإماراتي إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مما يمهد للتنازل عن الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في القدس والأقصى بحجة مشروع السلام الإقليمي، وتهيئة الظروف لتقبّل فكرة بناء الهيكل المزعوم.

ويعتقد الخطيب أن إسرائيل في ظل الدعم الأميركي غير المسبوق والتشرذم العربي والوضع الفلسطيني المأزوم تشكل حالة لفرض السيادة الاحتلالية على الأقصى، وخلق حالة لقبول بناء الهيكل في ساحات الحرم بدعم وتمويل سعودي وإماراتي.

وفي الجانب الإسرائيلي، استبعد الصحفي المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية يواف شتيرن أن تكون إسرائيل عازمة على نقل السيادة على المقدسات والأقصى إلى السعودية أو الإمارات، مؤكدا أن المعلن من قبل تل أبيب هو استعدادها للتعاون مع الرياض وأبو ظبي لتوسيع دائرة التطبيع ومنح تأشيرات للعرب والمسلمين لزيارة القدس والأقصى.

وأوضح شتيرن أن تل أبيب وفي ظل التطبيع عازمة على فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة بالقدس القديمة والأقصى دون أي شراكة، وهي خطوة أحادية الجانب وقد تستثني الأردن، ودون حتى التنسيق مع الجانب الفلسطيني الذي له الحق بالاطلاع والشراكة بترتيبات لزيارة العرب والمسلمين للقدس والأقصى.

ويعتقد الصحفي الإسرائيلي أن سحب الوصاية والرعاية الأردنية على القدس والأقصى بمثابة تغيير للوضع القائم الذي نص عليه اتفاق وادي عربة للسلام بين إسرائيل والأردن، وذلك بعد مرور أكثر من ربع قرن على توقيع الاتفاقية.

لكن شتيرن استبعد أن يؤدي ذلك إلى تصادم بين تل أبيب وعمّان أو الانحلال من الاتفاقيات بين البلدين، مرجحا بأن الإدارة الأميركية كفيلة باحتواء أي أزمة بين إسرائيل والأردن الذي لديه مصلحة بأن يكون هناك تعاون أكبر بين إسرائيل ودول عربية أخرى، بغية تخفيف الضغوطات عنه بسبب الوصاية على الأقصى والرعاية للمقدسات.

ورأى الصحفي الإسرائيلي أن التطبيع والسياحة الدينية للقدس والمقدسات من وجهة النظر الإسرائيلية تحول في غاية الأهمية وخطوة أخرى نحو فرض السيادة الإسرائيلية على كامل القدس، وهو مؤشر من قبل تل أبيب على إعادة النظر بتحالفها الإستراتيجي مع الأردن، والبحث عن تحالف علني في عمق الخليج، لكن دون الاستغناء عن العمق والدور الأردني بالإقليم.