موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

غالبية الإسبان ضد إقامة ملكهم السابق في الإمارات “مأوى الفاسدين”

178

عبر غالبية الإسبان عن رفضهم الشديد للجوء ملكهم السابق خوان كارلوس إلى دولة الإمارات التي وصفوها بالمستبدة ومأوى الفاسدين، معتبرين أنه يهدف لحماية نفسه من الملاحقات القضائية مستقبلا أكثر من تقديم خدمة الى المؤسسة الملكية في البلاد.

ونشرت جريدة البايس الإسبانية استطلاع رأي حول الموضوع، حيث أكد 41% من الإسبان أنه كان يجب على الملك الأب البقاء في إسبانيا بدل اللجوء الى الخارج، ورأى 8% ضرورة بقائه في دولة أوروبية بدل اللجوء الى دولة غير أوروبية، بينما قرابة 20% تعتبر ضرورة بقائه للعيش في القصر الملكي في مدريد.

وفي تقييم لعملية لجوئه إلى الإمارات العربية، يعتقد 34% من الإسبان أنه يهدف الى حماية المؤسسة الملكية وحماية الملك فيليبي السادس من تطورات ملفه.

في المقابل يفسر قرابة 55% من الإسبان اللجوء الى أبو ظبي بحماية نفسه من أي ملاحقة قضائية دولية مستقبلا، بعد تقدم التحقيق في تورطه في عمولات مالية ضخمة مصدرها السعودية، وبالضبط في ملف رشاوى صفقة القطارات السريعة من مكة الى المدينة التي فازت بها شركات إسبانية.

وحول تأثير هذه الفضائح على المؤسسة الملكية ورؤية الإسبان بشأن استمراريتها أو رغبتهم في استمرارها، يرى قرابة 42% من الإسبان أنهم يتمنون زوالها في سنوات قليلة مقابل 30% يتمنون بقاءها طويلا، بينما 20% يتمنون بقاءها لمدة معقولة.

وعلاقة بما يسميه الإسبان عملية الهروب الكبيرة نحو الإمارات، يرى المهتمون بالشأن الإسباني أن لجوء الملك الأب خوان كارلوس إلى دولة غير ديمقراطية ومعروفة بالفساد المالي والسياسي والتورط في النزاعات، أعطى صورة توحي ببحثه عن الحماية والتهرب من الملاحقة القضائية في ملفات تورطه في الفساد المالي.

وأفادت مصادر سياسية رفيعة في إسبانيا، بأن لجوء الملك خوان كارلوس إلى الإمارات جاء بعدما هدد القضاء السويسري بمذكرة اعتقال في حقه إذا لم يمثل أمامه أو تأخر القضاء الإسباني في التحقيق معه، إذ لم يعد يتمتع بالحصانة الدولية التي كانت له عندما كان يعتلي العرش.

ويتجلى السبب الثاني في حصوله على تعهد من أبو ظبي بعدم تسليمه الى إسبانيا وسويسرا في حالة استدعائه أو إصدار مذكرة اعتقال. وكان القضاء السويسري هو أول من فتح التحقيق ضد الملك خوان كارلوس بعدما استعمل بنكا سويسريا في تبييض الأموال نحو بنما.

وكان القصر الملكي الإسباني قد أعلن يوم 3 أغسطس/ آب الجاري مغادرة الملك الأب خوان كارلوس البلاد الى وجهة ما، وجرى الحديث في البدء عن جمهورية الدومينيكان، ولاحقا تبين أنه التحق بإمارة أبو ظبي.

يجمع مراقبون على أن غياب القانون والامتثال للتشريعات الدولية في دولة الإمارات جعلها ملاذاً للفاسدين الملاحقين قضائيا في بلادهم في ظل السمعة المشبوهة دوليا لأبوظبي.

ويرى المراقبون أن الإمارات باتت مسرحا لإعادة غسل وتدوير الفاسدين للقيام بأدوار جديدة، علما أن منظمة الشفافية الدولية وضعتها مؤخرا على قائمة “الملاذات الضريبية”، فضلاً عن تقارير صحفية عالمية تتحدث عن تحوُّلها لمركز لغسل الأموال وحماية الفاسدين.

وملك إسبانيا السابق ليس الأول الذي يقصد أبوظبي هرباً من تهم فساد مالي أو سياسي، فقد سبقه إلى ذلك كثير ممن كانوا مطلوبين لشعوبهم ولقضاء بلادهم، وقد تحوَّل بعضهم في وقت لاحق، إلى قادة للثورات المضادة وقادوا عمليات تخريب بلادهم تحت حماية الإمارات وبدعم مالي وسياسي وعسكري منها.

ويقول المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن اختيار زعيم أوروبي مثل ملك إسبانيا السابق، لأبوظبي منفىً اختيارياً له دليل قاطع على أن هذه الدولة لا تحترم القانون الدولي، وتؤدي دوراً مهماً لغسل الفاسدين وإعادة تدويرهم إن أمكن؛ لتحقيق أجندات سياسية تصب كلها ضد مصلحة الشعوب.

ويضيف التميمي أن أبوظبي باتت بلداً لا يحترم القانون ويستثمر في الممارسات الخارجة، مشيراً إلى أن أبوظبي تكرّس دوراً عالمياً يقوم على إعادة غسل وتدوير القيادات والمجرمين ومن ألحقوا أضراراً ببلدانهم.

ويؤكد لجوء ملك إسبانيا السابق إلى أبوظبي هارباً من تهم الفساد، أن الإمارات أصبحت ملاذاً آمناً له ولأمثاله؛ برأي التميمي، الذي يقول أيضاً، إن الصندوق السيادي الإماراتي قادر على إعادة تدوير مثل هذا الفاسد وتأهيله لأداء دور جديد على غرار سابقيه ممن هربوا إليها ثم دشنوا مشروعات مناهضة لرغبات شعوبهم.

اللافت، يضيف المحلل اليمني، أن زعيم دولة أوروبية يهرب من دولة القانون فلا يجد ملاذاً إلا أبوظبي لكي يغسل فيها سمعته السيئة ويستغل ثرواته ويشغّل أمواله فيها؛ وهو ما يعني أن هذا البلد يؤدي دوراً أُوكل إليه القيام به ولن يحاسبه أحد عليه، لأن هذا لو حدث في بلد آخر لما نجا قادته من الحساب.

وخلص المحلل اليمني إلى أن ممارسات أبوظبي تحولت إلى مركز لإدارة الأعمال الإرهابية والتخريبية والمناهضة للديمقراطيات ولمحاولات الاستقرار، كما هو الحال في اليمن وليبيا والصومال، فضلاً عن أنها باتت المكان الأكثر أمناً لتشغيل الأموال غير النظيفة، كما قال.

وفي عام 2012، استقبلت أبوظبي المرشح السابق للرئاسة المصرية أحمد شفيق، الذي غادر إليها هارباً من تهم فساد كثيرة كانت منظورة أمام القضاء المصري آنذاك، وظل مقيماً بها حتى أعلن نهاية 2017 عزمه خوض المنافسة الرئاسية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حليف أبوظبي القوي؛ وهو ما دفع الأخيرة إلى ترحيله للقاهرة، ليوضع في إقامة جبرية انتهت بتراجعه عن الترشح.

كما أن نجل الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، حوَّل أموالاً كثيرة إلى الإمارات، عقب الإطاحة بوالده من الحكم في 2011، وبنى مشروعاً عقارياً ضخماً كلَّفه مبالغ طائلة بمنطقة جميرة في إمارة دبي بالإمارات.

وحالياً تحتضن أبوظبي عائلة عيدروس الزبيدي الذي يرأس “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي انقلبت قواته على الحكومة المعترف بها دولياً في الجنوب وأعلنت حكماً ذاتياً في سقطرى، بعد معارك دامية ضد قوات الحكومة، لينتهي الأمر باتفاق سياسي جرى توقيعه في الرياض هذا الشهر، وحصل بموجبه “الانتقالي” على مقاعد في الحكومة.

الإمارات كانت أيضاً ملاذاً آمناً للسياسي الفلسطيني محمد دحلان، الذي فصلته حركة “فتح” في يونيو 2011، وأحالته للمحاكمة بتهم مالية وجنائية، منها التخطيط لتشكيل حركة مسلحة للسيطرة على مقاليد الحكم بالقوة، والذي سعى للإطاحة بالرئيس محمود عباس، بدعم إماراتي مصري.

ويُتهم دحلان بالتورط في عدد من الملفات المتعلقة بدعم الانقلابات والثورات المضادة بالبلدان العربية، وقد أدرجته الحكومة التركية في ديسمبر 2019، على القائمة الحمراء للمطلوبين؛ على خلفية اتهامه بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت عام 2016.

ووصفت صحيفة “لوموند” الفرنسية، في تحقيق لها عام 2017، دحلان بأنه “قلب المؤامرات السياسية والمالية في الشرق الأوسط”. وتحدثت عن دوره في “تخريب ثورات الربيع العربي ومحاصرة الإسلاميين”، وأشارت إلى أن تحركاته في المنطقة تحظى بدعم “سخي ورعاية من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد”.

وقالت الصحيفة إن دحلان يؤدي دوراً مُهماً في دعم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بالسلاح، وكذا سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل الذي يخطط لاستعادة ما أضاعته منه الثورة الليبية؛ حيث كان يجري تجهيزه لخلافة والده.

وحالياً تُعتبر الإمارات المرجعية الرئيسة للواء المتقاعد حفتر الذي يقود ما يُعرف بقوات شرق ليبيا التي تسيطر حالياً على موانئ النفط الليبية بعد فشلها في اجتياح طرابلس وإسقاط حكومة الوفاق المعترف بها دولياً.

وبالإضافة إلى الدول الأفريقية والعربية، احتضنت دولة الإمارات فاسدين من دول أخرى مثل رئيسة الوزراء التايلاندية السابقة ينغلوك شيناواترا، التي واجهت قضايا فساد في بلادها.

كما هرب الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف إلى دبي بحجة تلقي العلاج، بعد توجيه تهم إليه بالفساد المالي والسياسي، وقد صدرت أحكام غيابية بحقه، وصل بعضها للإعدام بتهمة الخيانة.

وفي مارس 2019، أدرج الاتحاد الأوروبي الإمارات ضمن قائمة “الملاذات الضريبية”؛ حيث تساعد البلدانُ المدرجة في هذه القائمة العملاءَ الأجانب ليكونوا معفيِّين من دفع الضرائب داخل بلدانهم، من خلال التواطؤ المصرفي.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ركزت في تقرير لها عام 2018، على هجرة المليونيرات إلى دبي، معتبرةً إياها أفضل مثال على ذلك؛ حيث يشير التقرير إلى هروب 5 آلاف من المليونيرات إلى دبي عام 2017، مما زاد عدد سكانها الأثرياء بنسبة 6%.

ومنتصف سبتمبر 2018، أعلنت الحكومة الباكستانية الجديدة عن فتح تحقيقات رسمية في استثمارات تقدَّر قيمتها بنحو 150 مليار دولار لأثرياء باكستانيين تقول إنهم غسلوها في عقارات بدولة الإمارات.

وأواخر 2019، كشفت وسائل الإعلام الماليزية عن أولى قضايا الفساد التي تتابعها ماليزيا في الإمارات؛ حيث أعلن شخص يدعى “لوتيك جو” لصحيفة “ماليزيا كيني” الإلكترونية، أنه حصل على اللجوء السياسي في الإمارات من خلال هدر مليارات الدولارات من صندوق سيادي بماليزيا.

وفي تقريرها السنوي عن مؤشر الفساد في العالم، كشفت منظمة الشفافية الدولية وهي منظمة معتمدة غير حكومية، في فبراير 2020، أن دبي أصبحت ملاذاً لغسل الأموال، وأن رجال الأعمال الفاسدين يمكنهم شراء العقارات في هذا البلد دون أي قيود.

وأصدر مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة، ومقره واشنطن، تقريراً في يونيو 2019، عن استخدام سوق العقارات في دبي كملجأ لغسل الأموال، من قِبل عديد من منتفعي الحروب وممولي الإرهاب ومهربي المخدرات.