موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات في عيون الإعلام الأوروبي.. دولة مارقة تثير الصراعات

465

ينظر الإعلام الأوروبي إلى دولة الإمارات بوصفها دولة مارقة تتورط في إثارة الصراعات ونشر الفتن خدمة لمؤامراتها في كسب النفوذ والتوسع على حساب قمع الدول ونهب مواردها.

قبل أيام صدر في فرنسا كتابا جديدا للإعلامي الشهير ميشيل توب يحمل عنوان “الوجه الخفي للإمارات العربية المتحدة”، يلقي من خلاله الضوء على ما يعتبرها خبايا تكتنف السياسة الإماراتية، خاصةً العلاقة بين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتأثير الكبير الذي تمارسه أبو ظبي في العالم، خاصةً تدخلها ضد موجات الربيع العربي.

ويقول غلاف الكتب الذي نشرته دار cherche midi، إن الإمارات معروفة بواجهتها الجميلة، غير أنه بعد تجاوز هذه المرآة، تظهر عدة مؤشرات تُحذر المتبع، مشاركة الإمارات في “الحرب القذرة” في اليمن.

ويضيف الغلاف أن الكتاب عبارة عن تحقيق معقد تم إجراؤه بشكل خاص في العالم العربي وفي الدول الأنجلوسكسونية، وأنه  “غوص في أعماق نظام غامض تحكمه استراتيجية من الإخفاء والألاعيب والتسلل”.

ويقول ميشيل توب في حوار مع مجلة “روفي بوليتيك”، إن السبب الذي جعله يؤلف هذا الكتاب هو قرار الاتحاد الأوروبي بإدراج الإمارات في القائمة السوداء للملاذات الضريبية، في وقت كانت الإمارات معروفة في الغرب غالبًا على أنها وجهة للعديد من السياح الذين يتجهون لاكتشاف الرمال والعمارات الشاهقة، متابعاً أن الفرنسيين لا يعرفون هذا البلد، ولا توجد كتب مرجعية حوله.

وأضاف توب أن التحقيق الذي أجراه جعلته يكشف مجموعة من المشكلات التي تختفي وراء الواجهة “البراقة” للإمارات، ومن ذلك طريقة توزيع السلطة في البلد، ونفوذها “المقلق” في عدة مناطق حول العالم. لكنه اكتشف أمرين أساسيين، الأول أنه في الوقت الذي يتم فيه التركيز على السعودية ذات النفوذ القوي، فهناك بلد هو “أكبر من أن يكون مجرد شقيقها الأصغر”، وتحديداً العلاقة بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.

ويقول الكاتب إن محمد بن زايد يشبه تماماً محمد بن سلمان، وأنه ليس فقط السعودية، التي “تقوم بسياسة ترويج إسلام سلفي يعود إلى القرون الوسطى”، فهناك كذلك الإمارات التي تتدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط وحتى فرنسا. ويوضح المؤلف أن بن زايد هو العقل الذي يحرّك بن سلمان، وأن الاثنين يشكلان “ثنائيا جهنميا”، واصفا بن زايد بـ”ميكيافيلي الصحراء”.

أما الأمر الثاني، فهو أن الإمارات تتزعم غالبًا طليعة من يواجهون الربيع العربي، وهو ما وقع في نسخته الأولى في مصر وليبيا وتونس والدول الأخرى، ويتكرر حاليًا مع نسخته الثانية، حيث تلعب الإمارات دورا في السودان وفي الجزائر. ففي هذا الأخير مثلا، تقوم بحملة تأثير كبيرة لأجل بقاء الجيش في السلطة. ويقول الكاتب إن أبو ظبي تقوم بالكثير لأجل منع الشعوب من تحقيق مطالبها.

ويبرز الكاتب كذلك في حواره طبيعة العلاقات الفرنسية-الإماراتية التي تقوّت منذ عهد الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، إذ وُقعت الكثير من الاتفاقيات السرية. وأورد أن أبو ظبي تسلك سياسة للضغط في فرنسا لأجل تحسين صورتها.

واختتم حديثه بالقول إن الكثير من مشاكل المجتمع الفرنسي تأتي من استيراد طابع إسلامي متشدد قادم من دول في الشرق الاوسط، بينها الإمارات.

قبل ذلك أبرز راينر هيرمان محرر الشؤون السياسية في صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” الألمانية، في دراسة له أنه ما من صراع في المنطقة العربية إلا وانخرطت فيه الإمارات، لكن هذا سيرتد عليها حتماً بنتائج قد تكون وخيمة.

وجاء في الدراسة “لا تجري الرياح في المنطقة العربية هذه الأيام بما تشتهي سفن الإمارات العربية المتحدة. البلد الثري والمتواضع من حيث المساحة صار لاعباً أساسياً في أكثر من موقع في الدول العربية”.

وأشارت الدراسة إلى إعلان الإمارات في اليمن عن إعادة تموضع قواتها، فيما في ليبيا ما زال مجرم الحرب خليفة حفتر المدعوم من قبل الإمارات يراوح على أبواب العاصمة الليبية. أما في السودان فتدعم الإمارات حكم العسكر.

هذه الأزمات وربما غيرها أيضاً طالت أكثر مما كان يتوقع أصحاب القرار في أبو ظبي عندما قرروا التدخل فيها. والآن ازدادت التكاليف المرتبطة بهذه التدخلات، كما تدفع الإمارات ثمناً سياسياً أيضاً: حيث يرتفع على الصعيد الداخلي ما يعرف بـ “القمع المالي” المرتبط بسعر الفائدة وسط تراجع شعبية الإمارات على الصعيد الدولي.

كانت الإمارات ولفترة طويلة عقب تأسيسها عام 1971 المكان الذي كان يحلم الكثيرون – من منطقة الشرق الأوسط ومن خارجها – بالعيش فيه، فهو البلد الذي وجد كل شخص في عهد مؤسسه الشيخ زايد فرصته، التي لم تُتاح له في بلده الأصلي.

وكان المجتمع هو الأكثر ليبرالية، وكان الحفاظ على التوازن السمة المهيمنة، داخلياً وخارجياً. أما اليوم فتريد الإمارات تحت القيادة الجديدة وعلى رأسها محمد بن زايد أن تصبح أشبه بشرطي في المنطقة العربية. وفي الداخل صار القمع هو الصبغة التي حلت محل الانفتاح السابق.

ثلاثة عوامل كان لها الأثر الأكبر في هذه التغيرات البطيئة عبر العقود الماضية. أول تهديد وجودي أحس به حكام الإمارات جاء إثر الغزو العراقي للكويت.

بعدها بدأت الإمارات بإيلاء التسلح اهتماماً خاصاً، تزامن ذلك مع صعود محمد بن زايد صاحب الخلفية العسكرية والذي تخرج عام 1979 من أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة، ليصبح ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات.

ثانياً، بدأت ملاحقة الإخوان المسلمين الذين كان مسكوتاً عنهم فترة طويلة خاصة بعد النجاحات التي حققتها الجماعة في برلمانات الكويت والبحرين. وأخيراً كان سقوط أنظمة حليفة في المنطقة عقب ما عُرف بـ “الربيع العربي” في عام 2011.

النتيجة الأولى تمثلت في ظهور الإمارات إلى جانب المملكة العربية السعودية كشرطي في المنطقة والمسؤول عن بقاء الحال على ما هو عليه.

وأصبحت الدولتان بإمكانياتهما العسكرية والمالية الضخمة قائدتين للثورات المضادة. أحد الأهداف كان الحيلولة دون تنظيم انتخابات، كذلك كان من الأهداف القضاء على الحركات الإسلامية التي كان من الممكن أن تفوز في انتخابات حرة. والعمل على رفع مستوى التسلح خاصة بفضل الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا كان له الفضل في تقديم الإمارات كجبهة قوية في الأزمة مع إيران.

كانت طموحات الإمارات أكبر من قدراتها ومواردها بكثير، ففي اليمن كان الهدف الرئيسي من التدخل هو طرد جماعة أنصار الله الحوثية الموالية لإيران وتقطيع أوصال جماعة الإخوان المسلمين.

لكن الإمارات اضطرت في نهاية المطاف إلى التراجع عن هذا النهج. خاصة مع ازدياد نظرة الازدراء إليها كقوة احتلال. فاضطرت هذه الأخيرة إلى تبني استراتيجية جديدة ربما يسهل معها السيطرة على الموقف فصارت تسوق لانفصال الجنوب، مستغلة بذلك ميليشيات يمنية مناصرة لهم.

كان للإمارات الدور الأكبر في الحصار المفروض على قطر. لكنه أيضا فشل وانقلب على قطر قوة داخلية وخارجية ولم ينل من الحدث المرتقب في عام 2022 والمتمثل في تنظيم بطولة العالم لكرة القدم.

مليارات الدولارات التي ضختها الإمارات إلى مصر بهدف تثبيت دعائم الحكم لنظام السيسي هناك، ما زالت لم تأت أكلها بعد. فالنظام لم يتمكن من إيجاد فرص عمل مستدامة للمصريين الذين يزداد عددهم بمليونين ونصف المليون نسمة كل عام. علاوة على القمع والاضطهاد المتزايدين في مصر.

الأزمات في اليمن وليبيا والسودان ومصر وقطر هي الأهم التي تضطلع فيها الإمارات بدور محوري. لكن الخطر الفعلي سيكون في حال ارتداد الفشل في دولة منها أو أكثر على قادة أبو ظبي.

محمد بن زايد لا يزال ممسكاً بزمام الأمور بقوة، ويشكّل اليوم مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الثنائي الذي يقود العالم العربي. لكن حتى محمد بن سلمان نفسه يبدو اليوم وقد فقد بريقه، فهو الذي كان له الدور الأكبر في إشعال فتيل الحرب في اليمن.

تلك الحرب التي تحولت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث. وعليه لم تعد الإمارات ذلك البلد الذي كان يُضرب فيه المثل. فقد أصبح الشغل الشاغل لقادة البلد الوقوف في وجه تغيير فات أوانه في الدول العربية. وهو الأمر الذي سترتد نتائجه في وقت ما على منفذه.