موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات ونهج تبديل الولاءات في سبيل أطماعها

149

حاول النظام الإماراتي في اليومين الماضيين التقليل من حدة ما يتعرض له من انتقادات علنية من حلفائه على خلفية خطواته الأخيرة التي أظهرت بوضوح إتباعه نهج تبديل الولاءات في سبيل أطماعه ومصالحه فقط.

لكن ما هو واضح للعيان أن غدر النظام الإماراتي بحلفائه خاصة في المملكة العربية السعودية أصبح شديد الوضوح لا لبس فيه خاصة وأن أبو ظبي بدت كأنها تنتقل من محور إلى أخر.

كانت الإمارات قدمت نفسها في انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013 في مصر، كزعيمةً لمحور الثورات المضادة في العالم العربي لسحق ثورات الربيع العربي.

وهو دور كانت الإمارات تمهد له قبل ذلك بسنوات من خلف الكواليس، مع الحرص في الوقت نفسه على إظهار نفسها في مقام الدولة المحايدة التي لا تتدخل في شؤون المنطقة، وأن وظيفتها خدماتية اقتصادية بالدرجة الأولى.

إلا أن الذي كشف بعد ذلك معاكس تماماً لما كانت الإمارات تحاول ترويجه، إذ كشرت عن أنياب عدائية توسعية، سياسياً وميدانياً، في عديد من دول الأزمات في المنطقة، محاولة تصدير السعودية قائدةً لما سمّي “التحالف العربي”، والذي تجاوز دوره في الحرب على اليمن إلى ما هو أبعد بكثير.

خلال المرحلة اللاحقة لأزمة الخليج، والذي قادته الإمارات ضمن المحور الرباعي، برز أن نفوذ أبوظبي السياسي يتجاوز بكثير ذلك المفترض أن يكون للسعودية، باعتبارها الدولة الكبرى في المحور، إذ لم تكتف أبوظبي بالمشاركة في حرب اليمن، بل زرعت أذرعاً عسكرية لها في اليمن، وهو ما لم تقم به السعودية.

كان واضحا أن الإمارات تحاول السير على الخط الإيراني في تأسيس فصائل محلية تدين لها بالولاء، تماما كحال الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان. وهي وجدت ضالتها في الانفصاليين الجنوبيين الذين لا يدينون بالولاء للسلطة الشرعية في اليمن.

والأمر نفسه ظهر في ليبيا، فالدعم الإماراتي لمليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر فاق بكثير ذلك الذي تقدّمه السعودية، ومعلومات كثيرة أشارت إلى دور مباشر لطيران إماراتي في شن غارات على طرابلس خلال حملة حفتر الأخيرة عليها.

وبعد الثورة السودانية، انتقلت الإمارات في محاولة التأثير السياسي إلى الخرطوم، عبر دعم المجلس العسكري بوجه المعارضين المدنيين، ومدّت المجلس بالسند السياسي الإقليمي والدولي لإبقائه، والوقوف في وجه تمدّد الاحتجاجات الشعبية في دول أخرى في المنطقة.

غير أن الأمور اليوم تبدو مختلفة بالنسبة للإمارات، ليس لجهة وقف دعم الثورات المضادة، بل في ما يتعلق بالاصطفاف في المحور الذي كان يروج خلال السنوات الماضية، لأن إيران هي الشر المطلق في المنطقة، وهو محور أدت فيه أبوظبي دوراً قيادياً حتى وقت غير بعيد، عندما اندلعت أزمة الملاحة في مضيق هرمز، واتضح أن كل الرهانات التي كانت موضوعة على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمواجهة إيران سقطت في الامتحان الأول، والذي سجلت طهران فيه نقاطاً بالجملة ضد الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الخليجية المتحالفة في هذا المحور.

لم تنتظر أبوظبي طويلاً للقفز من المركب الغارق، أو المتعطل في وسط الأمواج المتلاطمة، فسارعت إلى نقل البندقية عبر وفد أمني زار طهران على عجل، وعقد معها اتفاقاتٍ حدوديةً واقتصاديةً مصرفية.

كان التبرير الإماراتي للزيارة أنها خاصة بـ”تنظيم الصيد” في الخليج، وأن الاجتماع هو جزء من اللقاءات الدورية التي يعقدها المسؤولون الإماراتيون مع نظرائهم الإيرانيين، على الرغم من أننا لم نسمع أو نقرأ عن هذه الاجتماعات خلال السنوات الست الماضية على الأقل.

وعلى الرغم من أن الإيرانيين سارعوا إلى تكذيب المسؤولين الإماراتيين، وكشفوا عن الاتفاقات التي تمت خلالها، ولكن يمكن التصديق أن “الصيد” هو أساس الزيارة الإماراتية، لكن بالتأكيد ليس نفسه ذلك الخاص بالأسماك، بل المتعلق بالمصالح السياسية والاقتصادية للإمارات تحديداً، والتي تضعها فوق كل اعتبار، وهي مستعدّة لتبديل الولاءات من أجلها، فالرياح التي كانت تنشدها سفن الإمارات من المواجهة مع إيران لم تأت كما تشتهي، وكان لا بد من التفافةٍ تتماشى مع توجهات الرياح الجديدة، فكان اللقاء في طهران وكان الانسحاب من اليمن، ومن غير المعلوم بعد ما قد يحمله موسم “الصيد” الإماراتي.

لكن ما هو معلوم وواضح أن الإمارات غدرت بحلفائها السعوديين وأدارت لهم ظهرها مفضلة التراجع خطوة للوراء في العلاقة مع إيران وإدارة حرب بالوكالة في اليمن خدمة لمصالحها ودون أي اعتبار لمصالح الرياض.