موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

انتقادات في الجزائر لزيارة رئيس أركان البلاد إلى الإمارات

249

انتقدت أوساط جزائرية بدء رئيس أركان الجيش الجزائري بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة زيارة عمل غير محددة المدة، إلى دولة الإمارات في ظل مخاوف من تداعيات مؤامرات أبو ظبي على البلاد.

وقال مغردون جزائريون إن زيارة شنقريحة إلى الإمارات تأتي بخلاف الموقف الشعبي واسع النطاق الذي يطالب بعدم إقامة أي علاقات مع الإمارات بسبب دورها المناهضة للحراك الشعبي في البلاد.

وأكد المغردون أن مخاوف شديدة تسود في الجزائر من تبعية رجال العسكر في البلاد إلى أبو ظبي ومحاولة الإمارات دعمهم على حساب مطالب الحراك الشعبي الجزائري بالديمقراطية وتداول السلطة.

وتعد هذه الزيارة أول مهمة لشنقريحة خارج البلاد، منذ توليه منصبه نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حسب ما أفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.

وأوضحت الوزارة أنه “بدعوة من الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي، رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، يشرع اللواء السعيد شنقريحة، ابتداء من 22 فبراير/شباط 2020، في زيارة إلى دولة الإمارات”.

ولفتت إلى أن شنقريحة سيشارك خلال زيارته في فعاليات النسخة الرابعة لمعرضي “يومكس” (UMEX-2020) للأنظمة الدفاعية غير المأهولة و”سيمتكس” (simTEX-2020) لأنظمة المحاكاة والتدريب، المزمع تنظيمهما بين 23 و25 فبراير/شباط الجاري في أبوظبي.

ونُصب شنقريحة رئيساً بالنيابة لأركان الجيش الجزائري نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، خلفاً للراحل الفريق أحمد قايد صالح، الذي توفي في 23 من الشهر ذاته.

ومطلع هذا الشهر قالت صحيفة “الوطن” الجزائرية الخاصة إن زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى البلاد أعادت طرح التساؤل حول طبيعة العلاقات الجزائرية ـ الإماراتية.

وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي للجزائر جاءت غداة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما طرح الكثير من التساؤلات، خاصة في ضوء التوتر الشديد في علاقات البلدين، ودعم الإمارات للمشير حفتر في ليبيا، وفي المقابل دعم تركيا لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

وذكرت الصحيفة أنه بصرف النظر عن الاعتبارات السابقة، فإن الإمارات في المخيال الشعبي لها صورة مختلفة، وأن اسم هذه الدولة كان حاضرا في المظاهرات والحراك الشعبي.

ودليل ذلك أن المتظاهرين في الجزائر كانوا يهتفون ضد الإمارات وأن اسم الدولة ارتبط بكلمات مثل “الثورة المضادة” و”اللوبيات المشبوهة”، في ظل سعي أبو ظبي بالسعي لخنق الحراك الشعبي في الجزائر، وتمويل الذباب الالكتروني.

وفي هذا السياق عجت مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من التعليقات بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي للجزائر.

وذكرت الصحيفة بمساهمة نشرها الباحث في الشؤون الجيو سياسية علي بن ساعد أن الإمارات في الجزائر غير الظاهر للعلن، يتم تسييره بنوع من الغموض بين عصب السلطة، لأنه يتضمن ترتيبات مشبوهة، وأنه من بين التأثيرات الخارجية الأكثر أهمية وفاعلية، وأن هذا التأثير يعود للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي مكن الإماراتيين من التغلغل داخل دواليب النظام وتشكيل توابع لهم.

وذكر الباحث أن الإمارات نجحت في أن تتحول إلى مزود للجيش الجزائري بالسلاح والعتاد، بأسعار مرتفعة، رغم أنها لا تنتج ما تبيعه، متمكنة في ذلك من تجاوز دول كبرى في مجال التسليح، معتبرا أن الجزائر كان بإمكانها الحصول على ما تحصل عليه من الإمارات من المصدر الأصلي وبسعر أقل، متسائلا عن الفائدة بالنسبة للجزائر من ربط مصيرها ومصير جيشها بدولة لا تتحكم في أي تكنولوجيا، بل وتلعب دورا مشبوها في زعزعة استقرار المنطقة، الأمر الذي يتناقض مع المصالح الجزائرية.

وأشارت أيضا إلى مساهمة نشرها الباحث في الشؤون السياسية سيباستيان بوسوا في مجلة “لوبوان” الفرنسية والتي تحمل عنوان “الإمارات .. زعيمة الثورة المضادة”، والتي قال فيها إننا إذا نظرنا إلى ما يجري حوض المتوسط من مصر والجزائر مرورا بالسودان، فإنه من الصعب إعطاء توقعات بشأن فرص دمقرطة المنطقة التي تعاني من مشاكل عدة، في حين أن الإمارات التي تقدم نفسها كوسيط لحل الأزمات، تسعى لتطبيق نفس الدواء في كل مكان، وهو خنق الديمقراطية، وأن هذه الدولة تشن حملة ثورة مضادة فعالة وراديكالية في العالم العربي.

ولا تترك الإمارات بلداً عربياً يمر بمرحلة انتقالية أو خرج من ثورة جديدة وأطاح بالأنظمة القمعية، إلا وذهبت مسرعة إليه؛ محاوِلةً إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه من خلال ثورة مضادة، وهو ما كان مع الجزائر منذ الأيام الأولى لحراكها ضد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

وعلى مدار أسابيع وأشهر الحراك الشعبي في الجزائر، رُفعت شعارات ولافتات وتغريدات جزائرية تطالب بـ”ابتعاد الإمارات عن الجزائر وعدم التدخل فيها”. وانتقل الأمر إلى منصات التواصل الاجتماعي، إذ تصدَّر وسم “#لا_للإمارات_بأرض_الشهداء” قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في الجزائر.

كان الاقتصاد الطريق السهل الذي دخلت منه الإمارات إلى الجزائر، من خلال السيطرة على منشآتها الاستراتيجية المهمة؛ كالموانئ والمصانع والتحكم فيها من خلال عقود تمت خلال حكم بوتفليقة، المستقيل تحت وطأة احتجاجات شعبية غاضبة.

وتعد الجزائر محوراً مهماً في البحر الأبيض المتوسط، باعتبارها معبر اً إلى أوروبا شمالاً، وإلى الساحل الأفريقي جنوباً، وهو بحر متصل بالمحيط الأطلسي.

كما أحكمت الإمارات السيطرة على الشركة العمومية للتبغ والكبريت في الجزائر، وتقاسمت أسهمها مع الحكومة الجزائرية، وفق ما وجده “الخليج أونلاين”، وسط تصاعد الأصوات المنادية بإنهاء تلك الهيمنة بعد استقالة بوتفليقة.

وتحتكر الإمارات ميناء “جنجن” من خلال شركة “موانئ دبي العالمية”، إذ تحصل على 70% من موارد الميناء؛ وهو ما دفع الجزائريين بعد انتهاء حكم بوتفليقة إلى استرجاعها.

ويعد ميناء “جنجن” من أكبر موانئ الجزائر ويقع بالطاهير في ولاية جيجل، قرب مطار فرحات عباس، وطاقته الاستيعابية 4.5 ملايين طن سنوياً، ويستجيب لكل التقنيات الحديثة في مجال النقل البحري.

ويحتوي على أرضية يصل عمقها إلى 18.2 متراً، وهو موصول بأهم محاور الاتصالات، لا سيما المنفذ شمال جنوبي جيجل-سطيف، وخط السكك الحديدية، وهو ما يجعله المحور المفضل للنقل الأورو-أفريقي.

وبعد تلك الهيمنة الإماراتية على الموانئ والمصانع في هذا البلد الأفريقي، ظهرت المطامع السياسية الأخرى لـ”أبناء زايد” في الجزائر، من خلال البدء بإقامة قاعدة عسكرية لها في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود بين موريتانيا ومالي من جهة، وبين موريتانيا والجزائر من جهة أخرى.

وجاء مشروع إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية، في وقت يعاني فيه حليف أبوظبي بليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عثرات سياسية وعسكرية، إضافة إلى الموقف الجزائري الرافض للعمليات العسكرية التي ينفذها “رجل الإمارات” ضد حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، والتي تتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها.

وسبق الحديث عن إنشاء هذه القاعدة العسكرية الإماراتية تحذيراتٌ من المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي الأسبق، من وجود ثورة مضادة تقودها الإمارات والسعودية ومصر، تستهدف كلاً من الجزائر وتونس والمغرب.

ويؤكد الباحث السياسي الجزائري علي لخضيري، أن محاولات الإمارات التأثير في منطقة شمال أفريقيا، خاصةً الجزائر، ليست جديدةً خاصة بعد الربيع العربي، والردة على الثورات من خلال الانقلاب عليها إلى جانب السعودية والبحرين.

وتعد محاولة التمدد الإماراتي في الجزائر، حسب حديث لخضيري واضحة في السنوات الأخيرة من خلال بوابة الاقتصاد، بعد تشغيلها ميناء العاصمة الذي يعد عصب الاقتصادي المحلي.

ويقول لخضيري: “هناك محاولات إماراتية للتأثير في الجزائر وصنّاع القرار بها خاصة خلال الحراك الشعبي، وعلاقاتها مع قيادات الجيش الجزائري، وبوتفليقة”.

وعمِل بوتفليقة، كما يؤكد لخضيري، مستشاراً للشيخ زايد وكانت بينهما علاقات وطيدة، ولكن بعد الحراك الشعبي وما أفرزه من سلطة جديدة، تعثر الوجود الإماراتي رغم محاولات أبوظبي تثبيت وجودها في هذا البلد المهم من الناحية الاستراتيجية وامتداد الجغرافيا السياسية.

ويستدرك بالقول: “تأثير الإمارات في القرار الجزائري من خلال الاقتصاد لم ينجح، فاستخدمت أساليب أخرى، كدعم قضايا حساسة ضد الجزائر، منها المغرب في مسألة الصراع المتعلق بالصحراء الغربية”.

ويضيف “كما عمِلت الإمارات على دعم قادة موريتانيا، إضافة إلى ما تقدمه للواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، والمساهمة في استمرار الصراع بها والذي تؤيد فيه الجزائر حكومة الوفاق المعترف بها دولياً”.

ويتابع “نحن أمام بلد مكوناته تختلف من الناحية البنيوية، ومحاولات التأثير الإماراتية لن تكون نتائجها كما الحال بما فعلته نفسه مع مختلف الدول؛ وهو ما دفعها إلى الذهاب شرقاً وغرباً للضغط على الجزائر.

وعن القواعد العسكرية الإماراتية الموجودة في النيجر، والحدود الموريتانية، يوضح لخضيري أنها تقع في أماكن حساسة بالنسبة للجزائر، خاصة في منطقة “الساحل والصحراء”، التي توجد بها القوات الفرنسية.

وتعمل الإمارات على دعم القوى الغربية من أجل لي ذراع الجزائر بالمنطقة التي تتحكم في كثير منها، وفق تأكيد الباحث السياسي الجزائري.

وحاولت الإمارات إجهاض الحراك الشعبي الجزائري، وفق ما كشفه الدبلوماسي الجزائري وأحد مؤسسي حركة “رشاد”، محمد العربي زيتوت.

وعُرف عن الإمارات، منذ تنحي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إثر حراك شعبي، أنها تسعى إلى فرض هيمنتها على هذا البلد من خلال السيطرة على حكامه، والتفرد بقراراتهم، وفق تأكيدات الحراك.

ويؤكد زيتوت أن الإمارات والسعودية تقفان ضد تطلعات الشعب الجزائري، وتريدان هدم ثورته ونشر الفوضى في البلاد، كما فعلتا بليبيا ومصر وسوريا.

وتحاول الإمارات دائماً الوصول إلى الجزائر خاصةً جيشها، فعملت مؤخراً على الدخول في مشروع تعاون بين الجيش الوطني الجزائري من جهة، ومجموعة “مرسيدس بينز” الألمانية من جهة أخرى، لإنتاج عربات مصفحة “نمر”.

ووقَّعت مجموعة “توازن” الإماراتية اتفاقاً ضمن المشروع الجزائري-الألماني لدعم الصناعات الميكانيكية داخل وزارة الدفاع الجزائرية، لكنه لم يكن يستجيب للخيارات الاستراتيجية التي وضعها الجيش الجزائري في تعاونه مع الصناعة العسكرية الألمانية.

وأكد الدبلوماسي السابق، أن الإمارات تقيم الآن قاعدة عسكرية في النيجر قرب الحدود الجزائرية، كما أنها موجودة في مالي، حيث موَّلت الحرب الفرنسية هناك إلى جانب حليفتها السعودية؛ باسم الحرب على الإرهاب.

وكشف زيتوت أن “الوجود الإماراتي في الجزائر له أشكال مختلفة؛ فهي تسيطر على أهم ميناء هناك وهو ميناء العاصمة، وميناء جنجن في الشرق، وعلى شركة التبغ والكبريت، وهي من أكثر الشركات الجزائرية ربحاً”.

وتابع: “كما أن الإمارات موجودة في الجزائر كوسيط بين وزارة الدفاع والجنرالات والألمان في تركيب بعض شاحنات وسيارات مرسيدس العسكرية بشكل أساسي، وهي وسيط مع الصينيين لتركيب مصنع للذخيرة في إحدى المدن الجزائرية”.

وبيّن أن الإمارات تغلغلت في النظام القائم بالجزائر إبان وجود الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان مستشاراً لدى الإماراتيين في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، خاصة أنهم أدوا دوراً كبيراً جداً إلى جانب السعوديين في قدومه على ظهر دبابة.

وأشار إلى أن النفوذ الإماراتي في الجزائر ليس جديداً، ولكن هدفه “إحداث خراب بها إلى جانب الدول العربية والإسلامية وتدميرها؛ كما فعلت في اليمن وليبيا والعراق وسوريا”.

وأردف بالقول: “أمراء الإمارات أشرفوا على الانقلاب في أكبر دولة عربية شهدت ديمقراطية ناشئة؛ وهي مصر، حيث إنهم يستفيدون، ونظرتهم هي أنه تجب السيطرة على الشعوب والبلدان”.

ولفت الدبلوماسي الجزائري السابق إلى أن بعض القوى العالمية تدعمها للقيام بذلك؛ بهدف السيطرة على هذه البلدان، خاصةً الجزائر التي تريد تقسيمها وإيصالها إلى الحالة الليبية، وخلق سيسي وحفتر جديدين، وصناعة مليشيات كالتي أسستها في اليمن.