موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات.. مستعمر تحت جلباب الشرعية

150

قوات عسكرية إماراتية ضخمة وصلت الشهر الماضي إلى مطار محافظة سقطرى اليمنية بشكل مفاجئ، ودون تنسيق رسمي مع الحكومة اليمنية الشرعية.

وقد تزامن هذا التحرك الإماراتي مع تواجد رئيس حكومة هادي ووفد من الوزراء في المحافظة في مهمة عمل رسمية منذ أيام.

تلا ذلك وصول طائرة عسكرية إماراتية أخرى إلى مطار سقطرى على متنها جنود وآليات عسكرية متنوعة، تم نشرها لاحقا في مطار وميناء المحافظة، بعد طرد القوات اليمنية المكلفة بحماية تلك المؤسسات.

وهي تحركات تعزز فعليا مخاوف الشارع اليمني من سعي الإمارات لاحتلال محافظة الأرخبيل التي تضم واحدة من أجمل الجزر في العالم (جزيرة سقطرى) وأكبر الجزر العربية على الإطلاق، ذات الموقع الإستراتيجي الفريد، والثروات المتنوعة.

هذا التحرك الإماراتي الأخير سبقته العديد من التحركات المثيرة للريبة والتوجس لدى اليمنيين.

ففي أوقات سابقة وضعت الإمارات أقدامها في الأرخبيل تحت رداء تحالف دعم الشرعية في اليمن، وبذريعة التصدي لجماعة الحوثي.

ووفر التحالف الغطاء المناسب للمشروع الإماراتي التوسعي في المناطق الحيوية اليمنية، ومكنه من فرض تواجده العسكري والسياسي بنزعته المحتلة، على حساب الشرعية والهوية اليمنية ككل.

ووفق ذلك أقامت الإمارات معسكرات تابعة لها في سقطرى، وعدن وغيرها من المناطق الخاضعة للشرعية والتحالف.

ورسمت لنفسها نهجا توسعيا شاذ عن أهداف وسياسات التحالف والشرعية اليمنية، حتى باتت ممارساتها تفصح عن نواياها الاستعمارية بشكل علني، واستفزازي للإرادة اليمنية، ففي سقطرى على وجه التحديد سارعت بخصخصة المؤسسات، واستبدلت الكثير من الموظفين المحليين بآخرين أجانب.

وفي قطاع الكهرباء استقدمت كوادر أجنبية للإشراف على سير العمل فيه، وتخطط فعليا لفصل إدارة كهرباء المحافظة عن حضرموت، واستبدالهم بمتعاقدين جرى تأهيلهم في الإمارات.

وعلى المستوى العسكري أنشأت معسكرات خاصة موالية لها، دون أدنى اعتبار للشرعية، ومنعت المجندين من أبناء المحافظة من العمل في محافظتهم، واستقدمت قوات من النخبة الحضرمية بدلا عنهم.

ليس هذا فحسب، بل إنها وسعت نفوذها في الأرخبيل عن طريق شراء الذمم والضغط على المسؤولين، وشراء آراضي واسعة لإقامة مشاريعها الخاصة، رغم صدور قرار رئاسي قضى بمنع بيع أو تأجير أي أراض يمنية لمستثمرين أو دول أجنبية، فضلا عن قيامها بتشغيل شركة الاتصالات الإماراتية في الأرخبيل دون تصريح رسمي من الحكومة اليمنية.

كل ذلك أزاح الستار عن مشروع توسعي استعماري خطير يهدف للبسط والسيطرة على الثروات اليمنية، ويعزز من تشظي البلاد فوق التشظي القائم أصلا منذ أكثر من أربع سنوات.

بقي الإشارة إلى أن ثمة صراع عميق بين الإمارات ودولة هادي تتصاعد روائحه بين فترة وأخرى ، على خلفية أطماع الإمارات، ونزعتها التوسعية في الأراضي الخاضعة للشرعية.

والتحركات العسكرية الإماراتية الأخيرة في أرخبيل سقطرى، جاءت لتؤكد ذلك الصراع المسجى بلغة دبلوماسية.

إذ سارعت الإمارات لحشد جنودها في المحافظة بهدف إعاقة مشاريع التنمية التي تنفذها حكومة بن دغر هناك.

ورغبة في تحجيم نفوذ دولة هادي والاستئثار بكامل شؤون وموارد المحافظة، باعتبارها جزء من حصة الإمارات في إرث دولة انهكتها الصراعات المحلية والوصايات الدولية والإقليمية.

إن نشاط الإمارات في سقطرى والجنوب يعد تجاوزا خطيرا على اليمن كدولة مستقلة وبالتالي يتطلب تحركا عاجلا من دولة هادي باتخاذ موقف صريح وعلني ضد ذلك السلوك الاستعماري لدولة جاءت إلى البلاد تحت راية تحالف قدم لنصرة الدولة ومساعدتها في الحفاظ على وحدتها واستقرارها، وإخراجها من براثن الصراع إلى طريق السلام والاستقرار.

إنها فرصة أمام الرئاسة اليمنية لتقليم أظافر الإمارات وردعها عن التدخل في الشأن المحلي اليمني، خصوصا وقد طال الصمت إزاء تصرفات الإمارات على امتداد ثلاث سنوات ونيف.

والتحرك إن لم يأتي الآن فإن المؤشرات تؤكد بأن الإمارات ستمضي في تفخيخ الوضع في الأرخبيل، وسترعى صراعا بين القوى الموالية لها والقوى الموالية للرئيس هادي على غرار ما قامت به في عدن قبل أشهر قليلة من الآن، وبالتالي ستتعرض الشرعية لنكسة جديدة، وحدوث هذا يعني أن دولة هادي غير جديرة بثقة الشعب اليمني الذي بات متضجرا من التواجد الإماراتي في مختلف المناطق الخاضعة للشرعية، كونه تواجد شذ عن إرادة المجتمع اليمني والدولي وبات تواجدا غير مرغوب فيه على الإطلاق.

بوسع هادي الآن أن يقلب الطاولة على الإمارات إن بادر بتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي وقيادة التحالف المناصر لشرعيته، يقضي بإعفاء الإمارات من دورها في التحالف، وسحب قواتها من الأرخبيل وكل المدن التي تتواجد فيها، وفي هذه الحالة فقط يستطيع هادي أن يحافظ على ثقة الشعب، ويعيد لليمنيين حقا تحاول الإمارات الاستيلاء عليه بكل صلف، ومن ثم التفرغ لمواصلة طريقه نحو إقامة دولة اليمن الاتحادي الذي بات خيار السواد الأعظم من أبناء اليمن.

أما أن قبل هادي بأي وساطات وتفاهمات مع الإمارات، فإنه سيترك الباب مشرعا أمام مزيد من التعسفات، والتجاوزات الإماراتية، وسيخسر شريحة كبيرة من الجماهير اليمنية المؤيدة له، وصولا إلى تجريده من منصبه كرئيس شرعي في المستقبل القريب.