موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: المجلس الوطني الاتحادي.. هيئة تعبر عن السلطة لا عن الإماراتيين

129

احتفى المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات في الثاني عشر من فبراير/شباط بالذكرى السابعة والأربعين لتأسيسه، وسط تطابق دلائل بأن المجلس يمثل السلطة والنظام الحكام وليس الإماراتيين.

وبين التأسيس واليوم انحدر المجلس من سيء إلى أسوأ، فلم يعد تلك الهيئة البرلمانية التي تمثل المواطنين بقدر تمثيله للسلطات، ما يجعله مغيب عن دوره الحقيقي في صناعة القرار والمستقبل في الدولة بعد أن كان حاضراً في السنوات الأولى لتأسيسه.

تأسس المجلس مع تأسيس الاتحاد كممثل لصوت الشعب الإماراتي في الإمارات السبع. وفي جلساته الساخنة عند التأسيس بمناقشة كل مشاكل واحتياجات الإماراتيين والمشكلات السياسية والاقتصادية تدهور المجلس حيث أصبح أداة فقط لتحسين سلطة الأجهزة الأمنية.

وعلى الرغم من أن المجلس بلا صلاحيات تشريعية ورقابية إذ أن دوره يأتي كسلطة استشارية إلا أن من ضمن اختصاصه: “مراجعة مشروع الميزانية العامة للدولة، ومشروعات حساباتها الختامية. مناقشة الموضوعات العامة التي تتعلق بشؤون الاتحاد، وتقديم التوصيات”.

لكن المجلس لا يناقش أياً من الأمرين على الرغم من أن الأمر الأول متعلق بمراجعة صرف “المال العام” و”إيرادات الدولة”، وعادة ما يناقش المجلس ما تطلب الحكومة مناقشته وليس العكس!

وما يظهر ذلك أن التقارير الدولية تُثير السخط المحلي من مراقبة المساجد، ومنع المواطنين والمقيمين من أداء العبادات دون مراقبة، ووقف حرية التجمع بالمسجد أو تقديم موعظة للمصلين دون إذن مُسبق من جهاز أمن الدولة، واعتراف السلطات بأن تلك إجراءات تقوم بها.

وبعكس ما هو مطلوب منه بإثارة قلق المواطنين مع الحكومة والأجهزة الأمنية، دعا المجلس الوطني في يناير/كانون الثاني الماضي جهاز الأمن إلى مراقبة “جميع مساجد الإمارات”!

الانتخاب

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلن مسؤولون حكوميون أن الانتخابات القادمة ستشمل ارتفاعاً في عدد المواطنين المسموح لهم بالانتخاب، وفي المرة الأولى للانتخابات 2006 كان 1% من الإماراتيين مسموح لهم المشاركة “انتخاباً وترشيحاً” وفق قوائم تم إعدادها مسبقاً من قِبل جهاز أمن الدولة وفي انتخابات 2015 كانت ذات القوائم عدا إضافات لم يتجاوز 10%.

وعلى الرغم من الوعود الحكومية إلا أن قرار رئيس الدولة مطلع هذا العام لم يشر إلى زيادة في القوائم، للتنافس على نصف المقاعد في البرلمان، وبدلاً من ذلك صدر قرار دعائي أن تكون حصة النساء 50% من عدد المقاعد، في محاولة لتحسين السمعة وليس تحسين العملية الانتخابية أو وضع المجلس الوطني.

المراقب لتجربة الإمارات يرى أن صانع القرار السياسي في البلاد أقام الحجر وهمش البشر ورأيهم، وحرم أبناء الإمارات من القرارات الهامة التي تمس حياتهم، بوجود رأي في مجلس وطني كامل الصلاحيات، كدولة ذات سيادة، يفترض أن يكون المواطن هو مصدر التشريع وليس المستشارين الأجانب.

ويتبنى هذا المجلس (البرلمان) جميع الدول التي تشعر بأهمية شعبها وضرورة مشاركتهم في صنع القرار بمقابل تحملهم المسؤولية في “الضرائب، والرسوم..الخ”، ذلك لأنها أدركت بان الحكومات التي تخضع لإرادة شعوبها وتعبر عن آلامهم وآمالهم وتشاركهم في السراء والضراء هي حكومات مستقرة ومزدهرة في الداخل وقوية ومحترمة في الخارج.

وترى دراسة رأي عام نشرت في الصحافة الرسمية عام 2010، إن 79 بالمائة من مواطني الإمارات يرغبون بمجلس وطني كامل الصلاحيات، إلا أن النظام الحاكم للدولة تجاهل هذه المطالب واستخدام المجلس كأداة من أدواته المتعددة لتحسين السمعة.

حجم الفجوة

أظهرت تلك الدراسة حجم الفجوة بين المشاركة السياسية للإماراتيين ووعيّهم السياسي العالي. وهو الشرط الذي طرحه “برنامج التمكين السياسي” الذي دشنه رئيس الدولة عام 2006، الذي يشترط التدرج في المشاركة السياسية حتى تمكين المجلس الوطني الاتحادي من صلاحياته، مع زيادة الوعيّ الجماهيري بأهمية “البرلمان” وحاجته.

بمعنى أن التدرج في العمل السياسي سيوصل إلى مجلس وطني (برلمان) كامل الصلاحيات ينتخبه كل أفراد الشعب.

عدا الدراسة السابقة أظهر مؤشر الديمقراطية 2018، أن التعددية والعملية الانتخابية في الإمارات (صفر) من (10) كواحدة من أسوأ الدول في العالم في الانتخابات.

وفي المشاركة السياسية (2.2) من 10، والثقافة السياسية (5) من (10)، وهذه النسبة المقدرة تقديراً تظهر حجم الفجوة بين الوعي السياسي للإماراتيين وبين مشاركتهم في الانتخابات والمشاركة السّياسية.

على الرغم من أن معظم الإماراتيين يمتلكون ثقافة سياسية واسعة داخلية وخارجية إلا حجم مشاركتهم وصلاحيات مجلسهم الوطني (البرلمان) لا يتناسب مع هذا الوعي.

لذلك فإن المجلس الوطني وصلاحياته بحاجة إلى إصلاح حقيقي ليتضمن مشاركة كاملة لكل الإماراتيين لانتخاب كل أعضاء المجلس ضمن صلاحيات دستورية كاملة، وهي الدعوة التي قام بها نشطاء ومثقفون إماراتيون ومحامون ومسؤولون في الدولة في عريضة قُدمت لرئيس الدولة عام 2011، لكن الرد كان قاسياً باعتقال العشرات من الموقعين عليها واستهدافهم وتشويه سمعتهم وإقصائهم في حملة مستمرة منذ ذلك الحين وحتى اليوم.