موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: أئمة وخطاب المساجد ضحايا الإجرام الإماراتي في اليمن

141

أعلنت مصادر يمنية اليوم عن وفاة رجل دين يمني متأثرا بجراحه إثر محاولة اغتيال تعرض لها الأسبوع الماضي في محافظة عدن جنوبي البلاد وذلك في تصاعد خطير لاستهداف أئمة المساجد والخطباء من قوات موالية للإمارات.

وقالت مصادر يمينة إن إمام وخطيب مسجد “عمر بن الخطاب” الشيخ “ياسر العزي” توفي في أحد مستشفيات عدن  متأثرا بجراحه بعد أسبوع من محاولة اغتياله.

وكان العزي قد تعرض لإطلاق نار من قبل مسلحين موالين للإمارات يستقلون دراجة نارية، في مديرية المنصورة، الأربعاء الماضي.

وتأتي هذه الحادثة بعد يومين، من وفاة الخطيب عمر دوكم في مدينة تعز أثر إصابته بطلق ناري الجمعة الماضية في حادثة مشابهه.

وحذر 12 حزبًا يمنيا من انزلاق البلاد إلى “فوضى شاملة” في حال استمرت الاغتيالات “الممنهجة”، ودعت الحكومة إلى حل جميع المليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية غير الرسمية في إشارة إلى القوات الموالية للإمارات.

جاء ذلك في بيان مشترك وقعته هذه الأحزاب، ومنها: المؤتمر الشعبي العام، والتجميع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي.

وأدانت تلك الأحزاب “مسلسل الاغتيالات الخطيرة والممنهجة التي طالت العديد من العلماء وأئمة المساجد وقيادات المقاومة في كلٍ من عدن (جنوب) وحضرموت (شرق) وتعز (غرب)”.

ودعت الحكومة الشرعية إلى “الإسراع في إجراء إصلاحات جذريه في المؤسستين العسكرية والأمنية على أسس وطنيه بقيادات مهنيه احترافيه، وإلغاء جميع الأجهزة الموازية خارج المؤسسات الرسمية”.

وقالت الأحزاب اليمنية إن الوضع في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة “يبدو مخيباً للآمال، لا سيما مع اتساع دائرة الاغتيالات، لتطال مدينة تعز ومدن محافظة حضرموت”.

وتسيطر قوات “الحزام الأمني”، المدعومة من الإمارات (إحدى دول التحالف العربي) على غالبية أجزاء من عدن، في وقت لا تخضع فيه تلك القوات لسلطة الحكومة الرسمية التي يدعى التحالف العربي أنه يحارب من أجلها.

وتتصاعد وتيرة حوادث الاغتيالات والعمليات الإرهابية من تعز إلى عدن وحضرموت في اليمن بشكل لافتٍ أخيراً وذلك بعد نحو عامين على بدء عمليات الانتشار الأمني والعسكري لما يُعرف بـ”قوات الحزام الأمني” و”النخبة الحضرمية” المدعومة من الإمارات والموالية لها.

وتُعدّ الاغتيالات التي تستهدف الدعاة من أبرز الملفات التي تُوضع حولها علامات الاستفهام في اليمن، وعلى وجه خاص في “المحافظات المحررة”، الخاضعة بدرجة أولى للإمارات التي تتولى بدورها واجهة نفوذ التحالف.

وتشير المعلومات إلى تعرّض ما يزيد عن 20 إماماً وخطيباً وداعية للاغتيال خلال السنوات الأخيرة. وكانت الاغتيالات امتدت من عدن إلى حضرموت، مطلع مارس/ آذار الحالي، باستهداف أحد شيوخ الصوفية البارزين، بمدينة تريم، وهو الحبيب عيدروس بن سميط.

وتزامنت الحوادث الأخيرة مع انفلات أمني متزايد، إذ شهدت عدن أخيراً العديد من الحوادث تبناها “داعش”، آخرها استهدف حراسة كلية الآداب الأسبوع الماضي. أما حضرموت، فقد كانت، الأربعاء الماضي، على موعد مع أحد أبرز الحوادث الدامية التي توجّهت فيها الاتهامات إلى كل من تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.

وقتل في المحافظة عشرة جنود من أفراد “النخبة الحضرمية” بكمين نصبه مسلحون في منطقة وادي حجر، في قضية تواترت حولها أكثر من رواية. وشهدت شبوة هي الأخرى، انفجاراً أودى بحياة عدد من جنود “النخبة الشبوانية”.

وتحول اليمن منذ ثلاث سنوات إلى ساحة حربٍ وتدخلٍ إقليمي، طاولت آثارها بدرجة أو بأخرى أغلب مدنه.

وفي هذه الحرب ظل مصطلح “المرتزقة” يرِد غالباً كمفردة من مفردات التراشق الإعلامي بين الأطراف المتحاربة، وليس تعبيراً عن وجود ملموس، له مناطق تمركُز، حيث تكفلت الكثافة البشرية في هذا البلد، بتوفير بيئة خصبة لمختلف الأطراف للاستقطاب والتجنيد.

ومع ذلك، فإن دخول الإمارات، كثاني أهم دولة في “التحالف العربي”، إلى جانب السعودية، جعل من المرتزقة الأجانب في اليمن، عنواناً بارزاً في وسائل إعلام عالمية ومحافل حقوقية، في مقابل اتهامٍ متكرر من قبل الشرعية و”التحالف” لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) باستقدام خبراء ومقاتلين من إيران و”حزب الله”، وتجنيد نازحين أفارقة.

وإذا كان مصطلح “المرتزقة” يطلق غالباً على من يقاتلون في بلد أجنبي لأجل المال فقد حضر في الحالة اليمنية مُرتبطاً بالجانب العسكري الإماراتي، والدور الذي تلعبه أبوظبي في هذا البلد كثاني أهم دولة في التحالف الذي تقوده السعودية. وهي تتولى واجهة الحضور العسكري للتحالف، في المناطق الجنوبية والشرقية للبلاد.

وتحدثت صحيفة “نيويورك تايمز”، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عن إرسال الإمارات مئات المرتزقة الكولومبيين سراً للقتال في اليمن.

وكتبت الصحيفة الأميركية أن “وصول 450 جنديا من أميركا اللاتينية، من بينهم جنود من بنما والسلفادور والتشيلي، إلى اليمن، يضيف مكوناً جديداً للتشكيلة الفوضوية من الجيوش الحكومية، القبائل المسلحة، المنظمات والشبكات الإرهابية، والمليشيات اليمنية”.

وذكرت الصحيفة أنه جرى اختيار القوات الكولومبية الموجود في اليمن، من لواء يبلغ تعداده حوالي 1800 جندي من أميركا اللاتينية، موجودين في قاعدة عسكرية إماراتية.

ومعلوم أن الأمم المتحدة أقرت في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 1989 “الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم”.

ولطالما ارتبط ذكر الإمارات بتجنيد المرتزقة الأجانب منذ سنوات حيث أشارت “نيويورك تايمز”، في التقرير ذاته إلى أن بناء جيش المرتزقة الأجنبي في الإمارات كان يدار سابقاً من قبل مؤسسة “بلاك ووتر”، المرتبطة بمؤسسها إيريك برينس.

كما أشارت إلى أن المجندين الأجانب في الإمارات من المرتزقة يتقاضون من ألفي إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي. ونقلت الصحيفة عن ضابطٍ عسكري كولومبي سابق، قوله إن المجندين الذين وُظّفوا في اليمن، سيتلقون مبلغاً إضافياً قدره ألف دولار أسبوعياً.

وبحسب تقارير عدة، فإن تجنيد معظم الجنود السابقين في كولومبيا، يتمُّ من قبل شركة “غلوبال انتربرايزس”، وهي شركة كولومبية يديرها قائد العمليات الخاصة السابق، أوسكار غارسيا باتي، وهو قائد لواء القوات الكولومبية في دولة الإمارات.

في السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن “قائد عمليات مرتزقة بلاك ووتر في اليمن المدعو ماسياس باكنباه، وهو مكسيكي الجنسية، قتل في محافظة تعز جنوبي غرب اليمن”، وذلك في ديسمبر/كانون الأول 2015.

إلى ذلك، نقلت وكالة “فرانس برس”، عن ضابطين سابقين وخبير أمني، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن الإمارات أرسلت سرّاً نحو 300 مرتزق إلى اليمن.

وقالت المصادر للوكالة إن “خبرة الجنود الكولومبيين السابقين في قتال المليشيات اليسارية وتجار المخدرات في بلدهم، شجّعت الإمارات على الاستعانة بهم نظراً لقلة خبرة جيشها نسبياً.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، أفادت تقارير صحافية بأن “الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات”، وجهت رسالة إلى أعضاء البرلمان في كولومبيا، وإلى الرئيس خوان مانويل سانتوس، تؤكد فيها وجود لواء من 1800 مقاتل كولومبي دفعت بهم الإمارات إلى اليمن. وحثّت الحملة السلطات الكولومبية على ضرورة “ملاحقة المرتزقة الكولومبيين الموجودين في اليمن”.

وبحسب مواقع إخبارية، فقد تمّ الإعلان، في نوفمبر/تشرين الأول 2017، في العاصمة الفرنسية باريس، خلال مؤتمر صحافي عقدته مجموعة من المحامين والخبراء في القانون الدولي، عن تقديم شكوى جنائية باسم “اللجنة العربية لحقوق الإنسان” أمام مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، بشأن ارتكاب الإمارات “انتهاكات” عبر استخدامها مرتزقة في اليمن.

ونقلت هذه المواقع عن محمد جميل، رئيس المنظمة، أنه تمّ التواصل مع البلدان التي ينحدر منها المرتزقة (أستراليا، وكولومبيا، والسلفادور، وبنما، وتشيلي)، وأن منظمته طالبت تلك البلدان بسحب رعاياها من اليمن.

ونسبت للمحامي والخبير الدولي في ملفات جرائم الحرب، جوزيف براهام، قوله إن عدم توقيع اليمن والإمارات والسعودية على معاهدة روما، وعدم اعتراف هذه الدول بنظام روما الخاص بالجنائية الدولية، “لا يمنع محاكمتها لوجود ثغرة قانونية سيتمُّ استثمارها في محاكمة الإمارات، بسبب لجوئها إلى مرتزقة يقدر عددهم بما بين 1500 و2000 مرتزق من جنسيات مختلفة، من أستراليا وتشيلي وكولومبيا وبنما والسلفادور وجنوب أفريقيا، وهي بلدان تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية.

وباستثناء الساحل الغربي الذي برز فيه الحديث عن “المرتزقة الأجانب” المجندين من قبل الإمارات، خصوصاً في العام الأول للحرب، فإن وجودهم ومهامهم ليست واضحة على وجه الدقة، غير أن القوات الإماراتية يتركز وجودها بشكل عام، في كلٍ من عدن ومحيطها من المحافظات الجنوبية، وصولاً إلى حضرموت في الشرق، بالإضافة إلى القواعد الموجودة في جزر في البحر الأحمر، وجزيرة سقطرى في المحيط الهندي.

وكثيراً ما تحدّث الإعلام التابع للحوثيين وحلفائهم، عن مشاركة “مرتزقة” في الساحل الغربي (ميناء المخا ومديرية ذوباب القريبة من مضيق باب المندب)، يعملون لصالح شركات في “بلاك ووتر” وغيرها وأعلنوا عن سقوط قتلى منهم، إلا أنّ الإمارات لم تصدر تعليقاً بالنفي أو التأكيد.