موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تحارب وسائل الإعلام في مناطق سيطرتها في اليمن

119

أربع حوادث استهدفت الصحافيين بمناطق سيطرة الحكومة في اليمن، حيث الوجود العسكري الإماراتي حاضر بقوة، وهي الأولى من نوعها في النصف الثاني من فبراير الماضي.

ففي ثلاث حوادث بمحافظة عدن أحرق مسلحون مطابع الشموع للصحافة والإعلام، وتعرضت إذاعة “بندر عدن” لقذيفة آر بي جي؛ فيما استدعت إدارة البحث الجنائي في المحافظة الصحافي فتحي بن لزرق، بعد كتابات له في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، انتقد فيها الحكومة والوضع القائم في عدن.

محافظة حضرموت شهدت اعتقال السلطات الأمنية الصحافي عوض كشميم، مسؤول الحريات بفرع نقابة الصحافيين اليمنيين في المحافظة، الذي استقال من إدارة مؤسسة “باكثير” للنشر، بعدما وجه انتقادات لعملية “الفيصل” التي أطلقتها الإمارات في وادي المسيني بحضرموت مؤخراً.

رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، فتحي بن لزرق- الذي استدعته إدارة البحث الجنائي بعدن- اعتبر ما يحدث في المحافظات الجنوبية من استهداف للوسط الصحافي محاولة لإسكات قادة الرأي.

وأشار بن لزرق إلى أن “حرية الصحافة تنحسر في المحافظات المحررة؛ مثلها مثل المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي شمالاً”.

وتابع بن لزرق قائلاً: “لم يحدث قط في تاريخ الصحافة أن تم إحراق مقر صحيفة، ولم يحدث أن تمت مطاردة صحفي بسبب منشورات على فيسبوك”.

وبحسب بن لزرق فإن “حال الصحافة في جنوب اليمن هو الأسوأ على الإطلاق هذه الأيام، والسبب غياب الدولة وتسوُّد المليشيا الواجهة في كل شيء”، مؤكداً أن “الحل لهذه المشكلة لن يكون إلا بتحركٍ حكوميٍّ حقيقيٍّ لحماية المؤسسات الصحفية وصون الحريات”.

وكان فتحي بن لزرق كشف– عقب وصول بلاغ استدعائه– أن شخصيات أمنية في محافظة عدن طلبت منه الصمت، وعدم النشر حول مخطط لاغتياله مقابل سلامته.

من جهتها اتهمت توكل كرمان، الحائزة جائزة نوبل للسلام، في منشور لها على موقع “تويتر”، الإمارات بتوجيه القيادات العسكرية في حضرموت نحو اعتقال الصحافي عوض كشميم لـ”تشكيكه في جدّية الحرب على الإرهاب”.

وندد الاتحاد الدولي للصحفيين بعملية الاعتقال؛ كما أدانت نقابة الصحافيين اليمنيين ما وصفتها بالهجمات “الخطرة والإجرامية” ضد وسائل الإعلام في مدينة عدن، وشهدت محافظتا مأرب وتعز وقفات احتجاجية لصحافيين طالبوا الحكومة بضمان سلامة الصحافيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

نقابة الصحافيين اليمنيين رصدت، في تقريرها السنوي للعام الماضي، 300 حالة انتهاك، تورطت جماعة الحوثي بـ204 حالات، فيما سُجلت 54 حالة ضد جهات تتبع الحكومة الشرعية، و8 حالات قام بها التحالف العربي، و3 حالات قام بها الحراك الجنوبي، وارتكب “مجهولون” 28 حالة.

ويُثار الحديث حول أهداف يسعى من خلالها المنفذون للعمليات التي استهدفت الصحافيين إلى تكميم الأفواه عما يحدث من اختلالات وقصور في المحافظات الجنوبية، والتعتيم على أي ملفات قد تضر بالفصائل والقوى الموجودة في تلك المناطق، وغالباً ما استهدفت العمليات الصحافيين غير المحسوبين على الإمارات.

الكاتب والباحث السياسي ثابت الأحمدي اعتبر أن “الخلل الكائن في مجال الصحافة والإعلام وما يتعلق بها هو جزء من الخلل العام للدولة؛ حيث يعيش اليمنيون مرحلة اللادولة، بكل ما تعني الكلمة، ليس في الجانب الإعلامي والصحفي فحسب؛ بل في مختلف المجالات”.

وأشار الأحمدي إلى أن “الخلل يكمن أيضاً في قطاع الجيش والأمن، والصحة، والقضاء، كما هو الشأن في قطاع الصحافة والإعلام”.

وتابع قائلاً: “لا ننسى أن هناك قوى- أشار إليها تقرير الخبراء في الأمم المتحدة- تعمل خارج سياق الدولة الشرعية، بمليشياتها ومسلحيها؛ وهي السبب الرئيس في كل ما يجري في الجنوب تحديداً، ولا تختلف عن مليشيا الحوثي في الشمال”.

وأكد الأحمدي أن “ما حدث للصحافة والصحفيين مؤخراً في حضرموت وعدن جرائم مفتعلة عمداً، ضمن سياسة خلط الأوراق الجارية، وأيضاً الضغط على أطراف في الشرعية، لتحقيق مصالح معروفة، ولا يحتاج أي متابع لأدنى جهد لمعرفة ما إذا كانت تلك الجنايات مجرد حوادث عابرة أم جرائم متعمَّدة مع سبق الإصرار والترصد”.

وأثناء اشتداد المعارك يرى الأحمدي “أنه لا صوت للكلمة في الغالب، والصوت المسموع عادةً للبندقية وروائح البارود، ومن الطبيعي لعصابات المليشيا أن تستهدف في أول برامجها الكلمة والصحافة والكاميرا والإذاعة والقناة، فهي أدوات وشهود نقل الجريمة، لأن الضوء يفضح أعمالها التخريبية”.

واعتبر الأحمدي أن “الوسط الصحافي، مثله مثل غيره من بقية الأوساط الأخرى، سيدفع الثمن، وسيناضل في مجاله، وسينجح تارة، ويفشل تارة أخرى؛ لكنه لن يترك مهمته المقدسة في التنوير، باعتبار الإعلام اليوم جزءاً من المعركة، ومؤثراً فيها إلى حد كبير”.

وأضاف الأحمدي أن “الحكومة اليمنية اليوم لا تملك من أمرها إلا الشيء اليسير في حده الأدنى، ومن المؤكد أن أي خروقات أو تجاوزات- كتلك التي تعرض لها الوسط الصحافي- هي مرصودة من قبل المنظمات الحقوقية؛ لكنها مرصودة ضد مرتكبيها وليس ضد طرف آخر، وقد تصعّد هذه المنظمات من هذه القضايا، وقد تساوم بها، لأن بعض المنظمات الحقوقية الغربية تخلط بين السياسة والحقوق، ولا تتعامل بمنهجية صارمة في القضايا الأخلاقية والحقوقية”.