موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بتوثيق دولي: قائمة طويلة من جرائم الإمارات والسعودية في اليمن

262

قائمة انتهاكات طويلة لحقوق الإنسان، بعضها يرتقي إلى جرائم حرب وتبدأ بقصف أهداف مدنية مروراً بالاختفاء القسري والتعذيب والاغتصاب وصولاً إلى انتهاك الكرامة الشخصية، باتت تلاحق رسمياً التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، بعد التقرير الذي أعده فريق خبراء يتبع للأمم المتحدة ويعنى بالتحقيق بالانتهاكات في اليمن.

ويضيق التقرير الأممي الخناق على التحالف ويضع قادته في دائرة المساءلة عن الجرائم التي تحدّث عنها التقرير الذي جرى تسلميه إلى مفوض حقوق الإنسان، ومن المقرر أن يعرض أمام المجلس في دورته في الشهر المقبل، لا سيما أنه يشمل تحديد أسماء مشتبه بمسؤوليتهم المباشرة عن جرائم الحرب في البلاد.

ودفع المأزق الذي وجد التحالف نفسه فيه إلى المسارعة في الإعلان عن أنه شرع بمراجعة تقرير فريق الخبراء الدوليين المعني بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وأنه سيتخذ “الموقف المناسب من التقرير بعد المراجعة القانونية”، وذلك على عكس مرات سابقة تجاهل فيها تقارير تنتقد جرائمه.

ويعدّ التقرير الأممي الأول من نوعه الذي يوجه الاتهامات بانتهاكات واسعة إلى التحالف، فيما وثقت منظمات حقوقية عدة، بينها هيومن رايتش ووتش، فضلاً عن وكالة “أسوشييتد برس”، فصولاً عدة من الانتهاكات التي ارتكبت في اليمن على أيدي التحالف السعودي والإمارات، خصوصاً في ما يتعلق بالمجازر التي تطاول المدنيين والانتهاكات في السجون التي تديرها قوات أبوظبي.

ويأتي التقرير، الذي يوثق أيضاً جرائم الحوثيين وانتهاكات قوات تابعة للشرعية اليمنية، في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة لتنظيم مشاورات بين الأطراف اليمنية، وبالتالي من المتوقع أن يلقي التقرير بظلاله على المفاوضات، على نحوٍ قد يدفع إلى تقديم تنازلات، خصوصاً أن التقرير تضمّن قائمة بأسماء المسؤولين عن الحرب من الأطراف المختلفة، من القيادات وقادة الجيوش والألوية وغيرها من الأسماء.

كما أنه يأتي وسط تسريبات أميركية بأن وزارة الدفاع (البنتاغون) وجهت تحذيراً إلى المملكة العربية السعودية، بأنها مستعدة لخفض الدعم العسكري والاستخباراتي، لحملتها ضد الحوثيين في اليمن، إذا لم يُظهر السعوديون أنهم يحاولون تقليل عدد القتلى المدنيين نتيجة الغارات، وهو ما أكده صراحة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس الثلاثاء، بحديثه عن مراجعة دورية للدعم المقدم للتحالف، مشدداً على ضرورة خفض الضحايا المدنيين. وأكد العمل على نقل الصراع إلى طاولة المفاوضات الأممية في أقرب وقت.

وتعكس تصريحات ماتيس القناعة التي تسود في دوائر صنع القرار في العديد من الدول الغربية، وبينها الولايات المتحدة، بأن الحرب التي بدأتها السعودية قبل أكثر من 3 سنوات في اليمن، بذريعة علنية هي الاستجابة لطلب الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي لمواجهة التمرد الحوثي، والتي لم تكن في حقيقة الأمر سوى محاولة لإثبات وزير الدفاع السعودي في ذلك الحين، محمد بن سلمان، جدارته العسكرية، بينما كان يخطط للتمهيد للوصول إلى العرش، تحوّلت إلى مستنقع تغرق فيه السعودية ودليل إضافي على الفشل الذي يلاحق ولي العهد، سواء في السياسة الداخلية أو على صعيد السياسة الخارجية.

المدنيون أبرز المستهدفين

يسرد التقرير سلسلة من الجرائم والانتهاكات من قتل المدنيين وقصف الأسواق والأعراس والعزاءات وقوارب الصيد والأماكن المدنية المختلفة، مروراً بالقيود المفروضة على وصول الواردات والمساعدات الإنسانية وصولاً إلى الانتهاكات في السجون، ويصف الحوثيين بأنهم “سلطات الأمر الواقع”، وهو المصطلح الذي يثير غضب الحكومة، كما أنه يشمل مرفقاً سرياً بأسماء المسؤولين عن الانتهاكات.

ويقول التقرير، الذي جاء في 44 صفحة إن عدد الإصابات في صفوف المدنيين منذ مارس/ آذار 2015 وحتى يونيو/ حزيران 2018، بلغ 16706، بينهم 6475 قتيلاً و10706 جرحى، ويؤكد أن “غارات التحالف الجوية تسببت في سقوط معظم الإصابات المدنية الموثقة”، خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث استهدفت الغارات مناطق سكنية وأسواقاً وجنازات وحفلات زفاف ومرافق احتجاز وقوارب مدنية، ويؤكد أن المرافق الطبية لم تسلم من القصف الجوي.

وكشف فريق الخبراء أنه حقق في 13 حادثة من هذا النوع، عبر إجراء مقابلات مع الضحايا والشهود والعودة إلى مصادر موثوقة أخرى وتحليل صور الأقمار الصناعية والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو وزيارة المواقع في محافظات صنعاء وصعدة والحديدة، وأضاف “تأثرت المناطق السكنية بشكل متكرر بالغارات الجوية التي سببت في أغلب الأحيان دماراً هائلاً وخسائر بشرية بين المدنيين. وأوضح أنه استعرض 60 حادثة استهدفت فيها الغارات الجوية المنازل والمباني السكنية متسببة بمقتل 509 مدنيين، بينهم 84 امرأة و233 طفلاً.

وحقق الخبراء في الغارات الجوية التي استهدفت في 25 أغسطس/ آب 2017 مبنى سكنياً في منطقة فج عطان في مدينة صنعاء وأسفرت عن مقتل 15 مدنياً وجرح 25 آخرين، وكان بين الضحايا 11 طفلاً وسبع نساء. كذلك جرى التحقيق في ثلاث غارات وقعت في الـ20 من ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، في منطقة باب نجران في مدينة صعدة، واستهدفت منزل أسرة، ما أسفر عن مقتل 12 مدنياً، بينهم ثلاث نساء وثلاثة أطفال على الأقل.

وأشار الفريق إلى أنه استعرض 29 حالة عن الغارات الجوية على الأماكن العامة، بما في ذلك الهجمات على الأهداف في مناطق ذات كثافة سكانية عالية أسفرت، بحسب الإفادات، عن مقتل 311 مدنياً. وحقق في غارات بينها تلك التي استهدفت أحد الفنادق في منطقة أرحب في العام الماضي، وأدت إلى مقتل 55 مدنياً وجرح 50 آخرين.

كذلك استعرض الخبراء 11 حادثة استهدفت فيها الغارات الجوية الأسواق، وذكر التقرير أنه “في حادثة فظيعة للغاية أسفرت غارات قوات التحالف الجوية على سوق الخميس في مديرية المصطبة في محافظة حجة عن مقتل 107 مدنيين، من بينهم 25 طفلاً، في الـ15 من مارس/ آذار 2016، وحادثة أخرى باستهداف سوق في تعز نتج عنه مقتل 36 مدنياً وإصابة 46 آخرين، في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي”.

ويتابع تقرير فريق الخبراء أن الجنازات والأعراس لم تسلم من هذه الهجمات، مشيراً إلى استعراض خمس حوادث من هذا النوع، ومنها الهجوم الأكثر دموية في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2016، على القاعة الكبرى في صنعاء، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 132 مدنياً وجرح 695، بينهم 24 صبياً.

وحقق الفريق في استهداف التحالف في إبريل/ نيسان الماضي حفل زفاف في منطقة بني قيس في محافظة حجة، ونتج عنه مقتل 23 مدنياً، بينهم ثمانية أطفال، كما أشار إلى قصف التحالف سجناً في مديرية “الزيدية”، في محافظة الحديدة، ما أدى إلى مقتل 63 مدنياً، واستهداف معتقل الشرطة العسكرية في صنعاء في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، حيث قُتل ما لا يقل عن 39 مدنياً من الذكور، بعضهم من المعتقلين، وبينهم 8 صبيان، واستعرض الفريق تسع حوادث من أصل 11 عملية للتحالف استهدفت قوارب مدنية قبالة شواطئ الحديدة خلال السنوات الماضية، وأشار إلى حادثة استهداف أحد القوارب التي تحمل لاجئين صوماليين، ما أدى إلى سقوط 32 قتيلاً، بينهم 11 امرأة.

ويؤكد التقرير أنه على الرغم من الحماية الخاصة الممنوحة للمرافق الطبية والمواقع التعليمية والثقافية والدينية بموجب القانون الدولي الإنساني، فقد تضرر أو دُمّر عدد كبير منها جراء غارات التحالف الجوية طيلة فترة النزاع، إذ استعرض الخبراء المعلومات المتعلقة بما لا يقل عن 32 من هذه الحالات.

وحصل الفريق على معلومات موثوقة تفيد بأن قائمة “الأهداف المحظورة” – no-strike list – للأماكن المحمية، لم تُعمَّم على قادة التحالف على النحو الواجب، ويقول إن الغارات ألحقت الضرر بمرافق تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، ومنها غارة في مديرية حبان بمحافظة تعز في ديسمبر/ كانون الأول 2015، وسيارة إسعاف في صعدة في يناير/ كانون الثاني 2016، ومستشفى منطقة عبس في محافظة عبس في أغسطس/ آب من العام نفسه.

وقال الفريق إن القضايا المحددة التي حقق فيها الخبراء تثير مخاوف جدية حول عملية الاستهداف التي يطبقها التحالف، وإنهم طلبوا الحصول على معلومات محددة حول عملية الاستهداف المعتمدة ولكنه للأسف لم يتلق أي رد حتى تاريخه، وقال إن التقارير العلنية المختصرة للفريق المشترك لتقييم الحوادث التابع للتحالف لا تقدم أي تفاصيل حول عملية الاستهداف. ولذلك اقتصر عمل الخبراء على النظر في نتائج الغارات الجوية.

يقول التقرير إنه، بناءً على الحوادث التي تمّت دراستها والمعلومات الواردة بشأن عملية الاستهداف، تتوفر لدى فريق الخبراء أسباب وجيهة للاعتقاد بغياب أي هدف عسكري ظاهر في الجوار، فإن الأهداف التي يتم ضربها تثير مخاوف جدية بشأن احترام مبدأ التمييز وكيفية تحديد الأهداف العسكرية واختيارها.

وإن استخدام الذخائر الموجهة بدقة يشير عادة إلى أن ما تم ضربه هو الهدف، كما يقول إن عدد الضحايا المدنيين يثير مخاوف جدية بشأن طبيعة تقييمات التناسب المعتمدة ومدى فعاليتها، كما أن توقيت بعض الهجمات وخيار الأسلحة المستخدمة، حسب التقرير، يثير مخاوف جدية بشأن طبيعة أي تدابير احترازية معتمدة ومدى فعاليتها.

كما يرى أن الفشل في التأكد من استطاعة جميع القادة المعنيين الوصول إلى “قائمة الأهداف المحظورة” يثير مخاوف جدية بشأن القدرة على الالتزام بالحماية المخصصة لهذه الأهداف، ويعتبر أن شن “الضربات المزدوجة” المتقاربة زمنياً، في بعض الحالات، وإصابتها أوائل المستجيبين (المسعفين) يثير مخاوف جدية بشأن إذا ما كان يتم إعداد تقييمات تناسب مُحدَّثة واتخاذ تدابير احترازية في الضربات التالية”.

القيود على المساعدات

لا تقتصر إدانة التقرير الدولي للتحالف السعودي الإماراتي على الهجمات ضد المدنيين، بل يمتد إلى جوانب أخرى، في مقدمتها القيود المفروضة على وصول المساعدات. ويقول إنه منذ مارس/ آذار 2015، فرض التحالف في اليمن قيوداً بحرية وجوية محكمة وبدرجات متفاوتة مستنداً إلى أحكام قرار مجلس الأمن رقم 2216 بشأن حظر الأسلحة.

وأشار إلى أنه كانت لذلك آثارٌ واسعة النطاق ومدمرة على السكان المدنيين، خصوصاً في المناطق التي تسيطر عليها سلطات الأمر الواقع (إشارة إلى الحوثيين).

ويشير إلى أنه رغم آلية التفتيش التي تعتمدها الأمم المتحدة استمر التحالف بإجراء عمليات تفتيشٍّ إضافية، وعلى قاعدةٍ تبدو تعسفية، ومع بواخر من الدخول. كذلك لم يصدر التحالف قائمة مكتوبة بالمواد المحظورة، علمًا أنه يتم منع بعض المواد من دون سابق إنذار. وفيما تصل مدة الحصول على تصريح من آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن إلى 28 ساعة كمعدلٍ عام، قد يستغرق الحصول على تصريح إضافي من التحالف بضعة أسابيع.

وفيما يتطرق التقرير إلى تصرفات التحالف عقب إطلاق الحوثيين صاروخاً باليستياً باتجاه السعودية في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، عندما أغلق المنافذ كافة لأسابيع، يقول إن الطبيعة التعسفية للقيود، التي فاقمها الحصار المفروض في نوفمبر/ تشرين الثاني، تركت أثراً مروعاً ومثبطاً على الشحن التجاري. وكان أثرها على السكان هائلاً.

كذلك تراجعت، بشكلٍ كبير، إمكانية الوصول إلى المواد الغذائية والوقود نتيجةً لارتفاع تكاليف توصيل هذه المواد إلى الأسواق. وقد طاولت هذه التكاليف المرتفعة المستهلكين، إذ أمست الكميات المحدودة من السلع بعيدة المنال من حيث التكلفة بالنسبة إلى غالبية السكان.

ويشير في الوقت ذاته إلى أن الأزمة تفاقمت بتوقف الحكومة عن دفع أجور موظفي القطاع العام الأمر الذي أثر على ربع سكان البلاد ومنذ عامين، بالتالي فإن الآثار المترتبة على ارتفاع الأسعار وتضاؤل القدرة الشرائية كانت كارثية على سكان اليمن.

ويرى التقرير أنه كان من الممكن توقع الضرر الذي سيلحق بالسكان المدنيين في اليمن، بسبب تشديد القيود على الواردات البحرية، لأن اليمن كان معتمداً على الواردات بشكل أساسي منذ ما قبل النزاع، ويفيد بأنه حتى إبريل/ نيسان 2018، كان نحو 17.8 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي و 8.4 ملايين على شفير المجاعة.

كما كانت المرافق الطبية معطلة وأمسى الوصول إلى المياه النظيفة أكثر صعوبةً وعانى اليمن من أوسع تفشٍ للكوليرا في التاريخ الحديث، ويتابع أنه “بالرغم من الأثر الكبير لهذه القيود على المدنيين، فإنها على الأرجح لن تكون فعالة في تحقيق الأهداف العسكرية المُعلنة بسبب غياب قائمة واضحة ومنشورة بالمواد المحظورة، ويقول إنه “خلال السنوات الثلاث من فرض القيود البحرية، لم يتم ضبط أية أسلحة عبر عمليات التفتيش التي تجريها قوات التحالف وآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش”.

ووفقاً للتقرير، تلقّى التحالف والحكومة اليمنية إشعارات كافية بشأن الأذى الحاصل ومسؤوليتهما عنه، كما حصل الاثنان على فرصةٍ كافية لتصويب الوضع، لكن التحالف فشل في إلغاء القيود أو تعليقها بحسب ما يقتضيه القانون الدولي، وأغلق مطار صنعاء الدولي فعلياً أمام الرحلات الجوية للطيران المدني منذ عامين، ما منع آلاف اليمنيين من الحصول على الرعاية الصحية في الخارج، ويضيف أنه “في ذلك الوقت كان نظام الرعاية الصحية في اليمن قد تلاشى.

وأُجبر المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة على الالتجاء إلى سلوك طرق بديلة تتطلب سفرًا طويلاً وعبوراً إلى جبهات نشطة في رحلات محفوفةٍّ بالمخاطر الجمة وكل ذلك مقابل تكاليف باهظة.

ويرى الفريق أنه تتوفر أسباب منطقية للاعتقاد بأن فرض هذه القيود الجوية والبحرية يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ويقول إنه “يتوجب على الحكومة أن تتوصل تدريجياً إلى التطبيق الكامل للحقوق الاجتماعية والاقتصادية لسكان اليمن وأن تعمل على ضمان تحقيق المعايير الدنيا لهذه الحقوق. كذلك يتوجّب على الحكومة والدول الأعضاء في التحالف السماح بمرور الإغاثة الإنسانية وتسهيل مرورها “بشكل سريع ومن دون عرقلة”.

وفي الوقت ذاته، يقول إنه “بالنظر إلى ما تركته الحصارات المفروضة بحكم الأمر الواقع (الحوثيون) من أثرٍ إنساني شٍديد على السكان المدنيين، وبغياب أي أثر عسكري يمكن التحقق منه، فإن هذه الحصارات تشكل انتهاكاً لمبدأ التناسب بحسب القانون الدولي الإنساني.

ويقدم التقرير ما يشبه الإنذار من أن مسؤولي الحكومة اليمنية وقادة التحالف السعودية والإمارات معرضون للمساءلة ويقول “ترقى أفعال كهذه مع توفر شرط النية إلى جرائم دولية”. وبما أن هذه القيود قد تم إعدادها وتطبيقها نتيجة لسياسات الدولة، بالتالي فمن المحتمل أن تتحمل المسؤولية الجنائية الفردية لكافة مستويات الجهات المسؤولة (بما فيها أعلى تلك المستويات) في حكومات الدول الأعضاء في التحالف كما في اليمن.

تعذيب المحتجزين

ووفقاً للتقرير، تؤكد التحقيقات التي أجراها فريق الخبراء على انتشار الاعتقال التعسفي بشكل واسع في جميع أنحاء البلد، وكذلك سوء المعاملة والتعذيب في بعض مرافق الاحتجاز.

في معظم الحالات، لم يُبلغ المحتجزون بأسباب اعتقالهم، ولم يتم توجيه أي تهم ضدهم، كما منعوا من التواصل مع محامين أو قضاة، وعُزلوا عن العالم الخارجي لفترات طويلة أو غير محددة، وما يزال بعضهم مفقوداً.

ويضيف “تستخدم الأطراف مرافق احتجاز غير معلن عنها في محاولة واضحة، وفي حال تأكدت هذه المعلومات تكون هذه المحاولة غير شرعية، لإبقاء المحتجزين خارج نطاق القانون. بالإضافة إلى ذلك، أفاد بضعة معتقلين في مناطق تحت سيطرة سلطات الأمر الواقع (الحوثية)، بأنهم مثلوا أمام محاكم بحيث انتهكت الإجراءات المتبعة الأصول القانونية المرعية الأساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك الحق في التمثيل القانوني”.

وفي إشارة إلى المعتقلات التابعة للإمارات وحلفائها جنوبي البلاد، يقول التقرير إنه في عدن والمكلا، فقد أضرب المعتقلون عن الطعام احتجاجاً على غياب الإجراءات القانونية الواجبة.

وقد أُصدرت ونُفذت أحكامٌ بالإعدام في صنعاء وعدن في غياب المعايير القانونية المرعية، وتعرض المعتقلون أثناء الاستجواب للضرب كما تم صعقهم بالكهرباء وتعليقهم رأساً على عقب وإغراقهم، كل ذلك فيما هم معصوبو الأعين و/ أو مكبلو الأيدي.

علاوة على ذلك، هُددوا بممارسة العنف ضد أُسرهم واحتُجزوا في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، في انتهاكٍ لمبدأ المنع المطلق للتعذيب أو المعاملة القاسية واللاإنسانية. وقد أوردت تقارير معلومات عن سوء الأوضاع في تلك المرافق وشُح فادح في الرعاية الطبية.

وأكد فريق الخبراء أنه أجرى مقابلات ذات صلة بالاحتجاز المُمارس من قبل القوى الموالية للحكومة وكذلك قوات التحالف، وزار سجن المنصورة والسجن المعروف بـ”بئر أحمد”، سيئ السمعة، والذي كان يديره موالون للإمارات.

ويضيف “اعتُقل مئات الأشخاص لاعتبارهم معارضين للحكومة أو للإمارات العربية المتحدة”. مشيراً إلى أنه ظهرت في أوائل عام 2017 تقارير متماسكة تتحدث عن ارتكاب انتهاكات في مرافق احتجاز أو مراكز غير مُصرّح بها خاضعة لسيطرة الإمارات، وبعد مطالبة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تسليم جميع أماكن الاحتجاز والسجون السرية التي استُحدثت خارج إطار مؤسسات الدولة وتقديم ملفات القضايا إلى السلطات القضائية، أطلق سراح عشرات المعتقلين بالرغم من أنه لغاية يونيو/حزيران 2018 كان المسؤولون في الحكومة يدعون أن سلطتهم على مرافق الاحتجاز في الجنوب محدودة جداً.

وأوضح أنه تعرض المعتقلون للتعذيب والمعاملة القاسية في عدد من مرافق الاحتجاز، ومنها مرفقا احتجاز الريان والبريقة (المكلا وعدن) تحت سيطرة الإمارات العربية المتحدة، وفي مرفق 7 أكتوبر في أبين وسجن لحج المركزي وسجن المنصورة في سجون الحزام الأمني، بالإضافة إلى مرفق احتجاز الأمن السياسي في مأرب الواقع تحت سيطرة الحكومة.

اغتصاب على أيدي إماراتيين

وقال فريق الخبراء إنه أجرى تحقيقات في العنف الجنسي، بما في ذلك اغتصاب معتقلين ذكور بالغين على يد موظفين إماراتيين. وبحسب وصف المعتقلين في مرفق الاحتجاز التابع للتحالف في البريقة، فقد تم استجوابهم وهم عُراة ومعصوبو الأعين ومقيدو الأيدي، كما تعرضوا للاعتداء الجنسي وللاغتصاب.

أما في سجن بئر أحمد فقد داهمت القوات الإماراتية المرفق وارتكبت أعمال عنف جنسي، وإنه في مارس/ آذار 2018، تم تجريد حوالي 200 معتقل من ملبسهم بشكل جماعي، بينما قام الإماراتيون بفحص فتحات شروجهم قسراً. خلال عملية التفتيش هذه تم اغتصاب العديد من المعتقلين باستخدام أدوات مختلفة وعصي وأصابع اليدين.