موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إمعان الإمارات في تقويض حكومة اليمن السبب الرئيسي للانهيار الاقتصادي فيه

148

“الحرب الاقتصادية وانهيار سعر العملة اليمنية أشدُّ خطراً من الحرب العسكرية القائمة، وأسرع فتكاً بالوطن”. هذا ما أقرّ به وزير الدولة اليمني محمد مقبل الحميري، تفاعلاً مع ما يعيشه اليمنيون بعد انهيار سعر الريال اليمني مقابل الدولار، وسط تحميلهم جميع الأطراف المنخرطة في الحرب، من الحكومة الشرعية والحوثيين والتحالف الإماراتي السعودي المسؤولية.

لكن يبقي التحالف من وجهة نظر غالبية المواطنين وحتى السياسيين والاقتصاديين يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية نتيجة سياساته المتبعة منذ بدء تدخله في اليمن، والتي بلغت مرحلتها الأشد خطورة في الآونة الأخيرة، بعد إمعان الإمارات في تقويض سلطة الشرعية.

ومن لم يشر من اليمنيين بأصابع الاتهام مباشرة إلى التحالف السعودي الإماراتي كمتورط ومسؤول وبما لا يبرئ الحوثيين، فإنه يؤكد أن التحالف هو المعني بوقف الانهيار الاقتصادي، الذي يهدد حياة الملايين وينذر بتغييرات على كافة المستويات، على غرار ما حدث في مدينة تعز، جنوبي اليمن.

فقد خرجت تظاهرة شارك فيها محتجون غاضبون بسبب انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار، ورددوا شعارات مناوئة لدول التحالف وطالبوها بالرحيل عن البلاد، على أثر الممارسات التي تقود البلاد إلى مجاعة شاملة.

وهتف المشاركون “لا تحالف بعد يوم”، تفاعلاً مع الدعوات التي توجهت إلى “ثورة جياع” في مختلف المحافظات، سواء تلك الخاضعة للتحالف والشرعية أو لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، في صنعاء ومحيطها، كرد فعل على الانهيار الاقتصادي المريع الذي تشهده البلاد.

وجاءت تظاهرة تعز بعد ساعات من إعلان السعودية عن منحة مالية بمبلغ زهيد قدره 200 مليون دولار للبنك المركزي اليمني. وهو المبلغ الذي واجه يمنيون الإعلان عنه بالسخرية، خصوصاً أنه جاء عقب اتصال هاتفي أجراه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أطلع خلاله الأول الثاني على مستجدات الوضع الاقتصادي، وطلب دعماً سعودياً في مواجهة الأزمة، لكن الرد السعودي بتقديم 200 مليون دولار فقط بدا أقرب إلى رفض طلب هادي وليس تجاوباً مع ما أراده.

وذهبت بعض التفسيرات إلى اعتبار المبلغ مؤشراً على أن الرياض غير بريئة من الأزمة، وعلى أنه ليست هناك نية لتداركها.

ووجّه السواد الأعظم من الرأي اليمني الاتهامات أو المطالبات للتحالف السعودي الإماراتي بتحمل المسؤولية، بوصفه متورطاً ومعنياً بالضرورة بالأزمة، وسط تباين التفسيرات لموقف دولتي التحالف، بين من نظر إليه كحالة من اللامبالاة، ومن أعرب عن اعتقاده بأن هناك سيناريو ما يختمر للمرحلة المقبلة، على غرار التمهيد لإسقاط الحكومة التي تعالت أصوات بعض مسؤوليها ضد تصرفات التحالف في أشهر سابقة.

وقد عززت هذا الاعتقاد مجموعة الآراء التي تبناها حلفاء أبوظبي في “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانقلابي، وذلك عبر محاولة توجيه السخط صوب الحكومة والدعوة إلى التحرك ضدها من جديد.

هذا التطور، دفع وزير النقل بالحكومة اليمنية صالح الجبواني، إلى اعتبار أن “ما يجري، محاولة جديدة لإسقاط الحكومة (من حلفاء أبوظبي)”.

وجاء في تغريدة على حسابه على موقع “تويتر”، يوم الاثنين الماضي، أن “الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة “هما المكونان السياديان اللذان بقيا من اليمن الواحد قبل الانهيار والتشظي، الذي تسعى له أطراف عدة على الأرض”.

وأضاف “حينما صمدت الحكومة في معركة يناير/ كانون الثاني 2018 (مواجهات عدن مع حلفاء الإمارات) ثم أزمة سقطرى (في مايو/ أيار الماضي)، تم دفع العُملة للانهيار، والهدف إسقاط الحكومة ثم ابتزاز الرئيس لتشكيل حكومة تضفي على التشظي والانهيار صبغة رسمية”.

واتفق حديث الجبواني، الذي أشار بوضوح إلى أن “أزمة العملة لا تخرج عن معركة الشرعية مع الإمارات”، مع الأسباب المتداولة سواء في الأوساط الإعلامية أو لدى رجال الأعمال والصيارفة.

ولخّص مالك إحدى شركات الصرافة والتحويلات، سبب انهيار سعر الريال اليمني أمام الدولار قائلاً إن “الإمارات تلعب”. وشرح وجهة نظره قائلاً “هذه لعبة الإمارات، وهي التي تتحكم بالوضع في عدن والجنوب وتقوم بسحب العملة”.

ومعلوم أن الخلاف مع أبوظبي على رأس الأسباب التي أضعفت الحكومة الشرعية في المناطق التي انتُزعت فيها السيطرة من الحوثيين، وأنه العامل الذي منع الحكومة وهادي من الوجود في الداخل للقيام بالمهام الدستورية. وبدت الحكومة مكبّلة أكثر من أي وقتٍ مضى، حتى عن توجيه النداءات وعمل ما أمكن لوقف الانهيار.

وفي ظلّ الرأي الحكومي الخجول، الذي وضع المسؤولية بصورة غير مباشرة على التحالف بطلب الدعم اللازم، ذهب عددٌ غير قليل من اليمنيين إلى اعتبار أن “ما يجري ليس صمتاً من السعودية والإمارات فحسب، بل هو جزء من الحرب التي تنفذانها لتحقيق أجندة خاصة”، وذلك بعدما عزز واقع المناطق “المحررة” من الحوثيين صورة بأن دعم “الشرعية” وإعادتها لم يكن سوى شعار.

أما في ما يتعلق بالاقتصاد على نحو خاصٍ، تحديداً المحافظات الجنوبية والشرقية والوسطى، حيث الثروة النفطية والغاز، فإن حسابات التحالف الغامضة تمنع الحكومة من الاستفادة من هذه الموارد، فضلاً عن مصادرة قرارها بفرض سلطتها، والاقتصار على التعامل مع اليمنيين من خلال “السلال الغذائية” للمساعدات، التي تبدو دعاية أضعف من أن تغطي على حقيقة أن التحالف يخلق أكبر مجاعة وكارثة إنسانية تهدد أرواح الملايين، أو أن ذلك هو النتيجة الملموسة لحرب السعودية والإمارات منذ سنوات.

ووسط أزمة العملة، بدا ألا قيمة لأخبار الحرب أو التصريحات السياسية والعسكرية، فمظاهر الحياة تأثرت في جميع المدن، وأصيبت بشلل نسبيٍ، وتوجه اهتمام عامة اليمنيين نحو الانهيار المرعب للريال وشبح الجوع الذي تتوارد أخباره بين المدن والقرى اليمنية التي يطحن الغالبية منها الفقر والأزمة الإنسانية منذ سنوات.