موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

في الإمارات.. التسامح غطاء للتعتيم على انتهاكات حقوق الإنسان

285

يُعرف شعب الإمارات بكرم أخلاقه واحترامه للآخرين والتسامح طبع إماراتي أصيل رسّخته القيم والعادات والتقاليد الإماراتية؛ وليس جديداً أن يتسامح الإماراتيون مع الديانات والعقائد كفطرة بشرية سوية تؤمن بالتعايش.

لكن جهاز أمن الدولة في الإمارات يستخدم هذا الطبع الإماراتي ليحوله إلى أداة وصولية لتحسين صورته والتعتيم على ملف حقوق الإنسان في البلاد.

بل يذهب الجهاز الأمني إلى استخدام التسامح مع الديانات والجنسيات الأجنبية المقيمة كمقايضة مع تلك الدولة أن هذا التسامح قائم مقابل غض الطرف عن القمع واستهداف الإماراتيين في البلاد.

من تلك الانتهاكات التي تؤكد استخدام التسامح كغطاء؛ تجاهل المطالبات الدولية بالإفراج الفوري على المعتقلين ووقف الانتهاكات التي تحدث بحقهم في سجون جهاز الأمن.

وخير مثال على ذلك الناشط الحقوقي أحمد منصور الذي بدأ إضراباً عن الطعام منذ 17 مارس/أذار بسبب الانتهاكات التي تحدث بحقه حيث يستمر جهاز الأمن في منع الزيارات المنتظمة عنه ويحتجزه في زنزانة بدون فرُش أو حتى “حمام” لقضاء الحاجة.

ويشدد ناشطون في الإمارات على التذكير بمقولة “الأقربون أولى بالمعروف”، وأهل البلد أولى بالتسامح واحتواء آرائهم وأفكارهم، تُبنى الأمم من الاختلاف، وتصحح مسارات الدول من النصيحة.

ويقول هؤلاء إن تجاهل أصوات الإصلاح واعتقال وتعذيب وارتكاب الجرائم القانونية والإنسانية بحق الناشطين، وتخويف المجتمع من قول كلمة الحق، يجعل الباطل هدفاً منشوداً يأسر كل مؤسسات الدولة من أجل تحقيقه، وخابت الدول والمجتمعات والمؤسسات التي تجعل من نفسها أسيرة لهدف الباطل وتمكينه على الحق.

ويبرزون أن رغبات جهاز أمن الدولة تطيح بطباع الإماراتيين وتشكك العالم العربي والإسلامي بسجيتهم وحسن تعاملهم وتسامحهم، فالقمع صورة سيئة للبلاد ولمواطنيه، فالسلطة ممثلة المجتمع كما أن أبناء الإمارات هم سفرائها.

ويروج النظام الحاكم في دولة الإمارات لشعار التسامح والسعادة في مخاطبة الإماراتيين، لكنها شعارات زائفة وليست أكثر من غطاء للقمع وانتهاك حقوق الإنسان، ومصدر تهديد للمواطن والمقيم بالاعتقال التعسفي.

إذ أن سلطة تمارس التسامح مع مواطنيها لا تحتاج إلى وزارة ودولة تتبنى رفاهية المواطنين في كل أعمالها لا تحتاج إلى وزارة للسعادة وبالتالي فإنها عمليا غطاء فقط للانتهاكات الحاصلة في الدولة لحقوق الإنسان.

ويظهر ملف حقوق الإنسان في الإمارات كعادته أشد قتامةً بالتقدم نحو المستقبل. وأصدر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بيانا ندد فيه باستمرار حبس الناشط الحقوقي الكبير أحمد منصور للعام الثاني على التوالي.

فيما دخل الناشط الحقوقي والمدوّن أسامة النجار عامه الثالث في السجن على الرغم من انتهاء مُدة حكمه الفعلية بالسجن ثلاث سنوات بسبب تدوينه على تويتر في انتهاك صارخ للقانون والدستور بل حتى انتهاك لـ”الإنسانية” والأعراف والتقاليد، وفضح لادعاءات السلطات المتواصلة حول ” التسامح”.

وفي نفس الوقت يدخل معتقل الرأي عبد الواحد البادي عامه الثاني بعد انقضاء فترة حكمه. وإلى جانب النجار والبادي ترفض الإفراج عن سعيد البريمي وعبد الله الحلو وفيصل الشحي وبدر البحري وأحمد الملا بعد قضائهم لعقوبة السجن المحكوم بها.

ويندفع الربع الأول لعام 2019 نحو الانتهاء، وهو عام التسامح كما تحب السلطات في الدولة تسميته، والمتابع للإمارات يجد شعارات التسامح والسعادة كمصدر تهديد وهو ما أثبتته الأشهر الأولى من العام.

كانت زيارة البابا فرانسيس للدولة لتظهر بكونها راعية للحريات الدينية في العالم، ومنارة في الشرق الأوسط مع استمرار الحروب في دول المنطقة والتي تشارك في معظمها الدولة إما بالقوات أو عبر أطراف سياسيين وعسكريين وانقلابين.

تنشر أبوظبي شعارات التسامح والسعادة من أجل التغطية على الملف الإنساني الرهيب، حيث قامت الإمارات بحملة اعتقالات وترهيب لمن يعبرون عن آرائهم في شبكات التواصل الاجتماعي، حكمت على العشرات من المواطنين الإماراتيين بالسجن بين 3 إلى 15 عاماً بتهم متعلقة بحرية الرأي والتعبير وممارسة النشاط الحقوقي في الدولة. حتى العرب والأجانب المقيمين يتم اعتقالهم ومحاكمتهم لأسباب متعلقة بحرية الرأي والتعبير.

في نفس الوقت تحاول السلطات تقديم قمعها للمعبرين عن آرائهم بأنه موجه ضد جمعية دعوة الإصلاح أو ما يعرف بـ”الإسلام السياسي” والحقيقة أن ذلك غير صحيح على الرغم من أن أعضاء الجمعية في مقدمة المستهدفين، لكن القمع يطال الجميع.

ويوم 20 مارس/أذار من كل عام يحتفي العالم بـ”يوم السعادة”، لتذكير سكان الأرض أن السعادة حق من حقوق البشر، وليست مفهوماً يجري تطويعه واستخدمه كقناع يخفي وجه عابس للمواطنين والسكان.

في الإمارات الاحتفاء إعادة تذكير بأحوال المواطنين والمقيمين وحقوقهم التي يستبيحها جهاز أمن الدولة ويحظر أي حديث حول سعادة أخرى غير التي يقوم بتعريفها وتقديمها للمجتمع المحلي وللعالم حكومات وشعوب.

وخلال شهر مارس/أذار الجاري تم كشف أن المعتقلين السياسيين في سجون جهاز أمن الدولة وهم أكثر من 200 معتقل يتعرضون لانتهاكات سيئة حيث أن معظمهم محرومون من الزيارة، وفي العادة تقوم السلطات باحتجاز بعضهم في سجون انفرادية لأيام، وترفض خروجهم من أجل الشمس، كما أن حملات التفتيش الليلة ومداهمة أماكن نومهم لا تنقطع.

وفي منتصف مارس/أذار نشرت الخارجية الأمريكية تقريرها عن انتهاكات حقوق الإنسان في العالم خلال 2018، وأشارت إلى ما يرتكبه جهاز أمن الدولة في الإمارات من انتهاكات فجّة بحق المواطنين والمقيمين تشمل جرائم التعذيب والاعتقالات والمحاكمات السياسية، وانتهاك الحريات المدنية والخصوصية في البلاد.

ويشير التقرير الأمريكي إلى الحريات المدنية في الإمارات بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات وعديمي الجنسية.

وفي مقال أعدته المحررة في صحيفة “فايننشال تايمز” رولا خلف تحت عنوان “رسالة دبي لشعبها: كن متسامح وإلا” ناقشت فيه واقع حقوق الإنسان في الإمارات بعيداً عن شعارات التسامح التي تطلقها في دعايتها الرسمية.

وقالت إن الإمارات تظل نادرة في الشرق الأوسط فهي مستقرة وبحكومة فاعلة. وكان من المفترض أن تعطيها مظاهر القوة هذه الثقة لتتبني التسامح الحقيقي لا التحايل من خلال ماركة”.

والقمع في الإمارات لا يستهدف الناشطين الإماراتيين من دعوة الإصلاح بل يمتد حتى للأجانب ورفع معتقل بريطاني سابق في الإمارات قضية قانونية ضد أبوظبي بعد اعتقاله وتعذيبه بعد ارتدائه قميص قطر لكرة القدم.

يقول علي عيسى أحمد، 26 عاماً، الذي يعمل حارس أمن، إنه قُبض عليه واستُجوب واحتُجز أثناء إجازته في الإمارات بعد مشاهدة مباراة لكرة القدم في كأس آسيا في يناير / كانون الثاني.

في نفس الوقت لجأت عائلة جندي بريطاني سابق معتقل في أبوظبي يدعى “اندرو نيل” إلى وسائل الإعلام بعد 6 أشهر من اعتقاله كاشفة عن أوضاع اعتقاله السيئة للغاية.

وقالت العائلة إن الظروف السائدة في السجن حيث يتم احتجازه في أبو ظبي سيئة، وهم يخشون على ابنهم الذي يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة بعد جولات متعددة في مناطق النزاع خلال 24 عامًا في الجيش.

وأضافت: “أندرو ينام على فراش يبلغ سمكه بوصة واحدة على أرضية خرسانية – لا توجد أسرة. عليه أن يشتري طعامه الخاص. إذا كان يريد أي شيء آخر، مثل أدوات النظافة، فيجب عليه شرائها من السوق السوداء”.

من جهتها أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن شركة Matter Dark الإماراتية تنافس بقوة مع NSO الإسرائيلية في انتشار ظاهرة “خصخصة التجسس” حول العالم، مشيرة إلى مشروع تستهدف به اعتراض الاتصالات الخلوية بقطر.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، في تحقيق موسع أن الشركة الإماراتية تدفع بسخاء لجذب أفضل المواهب التكنولوجية من (إسرائيل) والولايات المتحدة ودول أخرى، بهدف استخدامها في أنشطة التجسس الإلكتروني وأدوات المراقبة.

وبحسب المقابلات، فإن قراصنة تابعين للشركة الإماراتية تمكنوا من تحويل جهاز منزلي عادي لمراقبة الأطفال إلى أداة تجسس، مشيرة إلى أن أنشطة الحرب الإلكترونية، التي تقودها الشركة بالوكالة عن الإمارات، تعتمد على قراصنة تلقوا تدريبهم بوكالات تجسس أمريكية.