موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات.. انتهاكات العمالة لا تنهي تحديات الديموغرافيا

124

أبرز تحليل لمركز متخصص حدة الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الوافدة في الإمارات والتعسف بحقوق العمال، مؤكدا في الوقت ذاته على أبو ظبي تواجه تحديات ديموغرافيا لا تنتهي.

وصدر التحليل عن المركز المعني بدراسة جنوب آسيا لـ”رياض حسن” أستاذ الأبحاث في معهد دراسات جنوب آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، ومدير معهد التفاهم بين المسلمين وغير المسلمين ، جامعة جنوب أستراليا، عن التحديات التي توجهها الإمارات.

وجاء في التحليل: تواجه الإمارات وهي واحدة من أغنى مناطق العالم عِدة تحديات جديدة، من التكنولوجيا إلى الديموغرافيا في وقت تنبعث فيه “القومية” مجدداً في جميع أنحاء العالم. وأصبحت الإمارات قوة اقتصادية في الشرق الأوسط مع وجود ملايين العمال المهاجرين، الذين أصبحوا أكبر بكثير من السكان الإماراتيين الأصليين.

وفي عام 2015 كان 89 بالمائة من السكان البالغ عددهم (9.3مليون) من العمال المهاجرين، وكانت الغالبية العظمى من هؤلاء العمال إما “شبه مهرة” أو “غير مهرة” من دول جنوب آسيا، حسب ما يشير مركز أوراسيا للدراسات والبحوث.

ولفت “حسن” في تحليله إلى أنّ الإمارات في عام 1971، كانت دولة فقيرة ومتخلفة نسبياً، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 2.5 مليار دولار.

وفي عام 2015، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 370 مليار دولار، مما يجعل الإمارات سابع أغنى بلد في العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. بين عامي 1971 و2015 ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 231 مرة.

يستمد ربع ناتجها المحلي الإجمالي من القطاعات المرتبطة بالنفط، ويأتي الباقي من الخدمات والتصنيع والبناء. يعمل 1٪ فقط من القوى العاملة الإماراتية في القطاع الخاص و60٪ في القطاع العام.

العُمال المهاجرين “غير المهرة”

وتأتي الزيادة الهائلة في ثروة البلاد من الأنشطة الاقتصادية لملايين العمال المهاجرين في الإمارات، حيث يستفيد الإماراتيون بشكل رئيس من تلك الأنشطة. في عام 2015، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في دولة الإمارات العربية المتحدة 67،616 دولارًا، وبلغ متوسط الدخل السنوي للعامل المهاجر 4355 دولارًا.

تقتصر الجنسية الإماراتية على أولئك الذين عاش أجدادهم في الإمارات السبعة التي تشكلهم قبل عام 1925. ولا يوجد في البلاد نظام للتجنس أو الإقامة الدائمة. ونتيجة لذلك، لا يملك العمال المهاجرون أي حقوق إقامة. وهم يعملون على عقود قصيرة الأجل، وعادة ما تصل إلى ثلاث سنوات.

يجب على الأجانب أن يكونوا راعيا فيما يعرف بنظام الكفالة. من خلال هذا النظام ، تقوم الدولة بإدارة المصادر والسيطرة على العمال المهاجرين عبر الفاعلين غير الرسميين في الدولة. الكفالة المتحالف نظام يتوسط للعمل في كنف الأسرة الحاكمة والمواطنين الإماراتيين.

ويدفع العمال الأجانب رسوماً إلى هؤلاء السماسرة الذين يقومون بعد ذلك برعاية المهاجرين ويتحملون مسؤولية تصرفاتهم ورفاهيتهم أثناء وجودهم في البلاد.

ونبه الباحث إلى أنّ عملية التوظيف في الإمارات تميل إلى الاستغلال الشديد. ويمكن أن تصل تكلفة الهجرة إلى ثلث المبلغ الذي يكسبه العمال ذوو المهارات المتدنية على تعاقدهم لمدة سنتين أو ثلاث سنوات. يتحمل العديد من العمال ديوناً كبيرة لتغطية تكاليف الهجرة. ووفقاً لدراسة أجرتها منظمة العمل الدولية عام 2016، فإن هذه التكاليف تميل إلى التراجع: حيث تنخفض التكاليف مع زيادة مهارات العمال وزيادة الأجور.

وبالتالي، فإن العبء الأقصى لتكلفة الهجرة يهبط على العمال شبه المهرة وغير المهرة، ومعظمهم من الأسر ذات الدخل المنخفض.

سبب التسامح العرقي والديني

يذهب الباحث إلى أكثر الجوانب إثارة للانتباه بالقول إنّ الدولة تتمتع بسلام عرقي وديني وصناعية- وهو أمر مثير للدهشة لأن غالبية العمال المهاجرين ينحدرون من مجتمعات ذات تاريخ طويل ومتوطن في كثير من الأحيان من صراعات عرقية ودينية وصناعية مثل باكستان.

وقد سئل العمال عن سبب هذه الظروف في استطلاع حديث أجراه كل من سيلينيي وحسن ، وأجاب 94 في المائة منهم: “الخوف من الترحيل الذي أبقى على سلوكيات العمال العدوانية والعداوات العرقية تحت السيطرة”.

ولأن العمال الأجانب يفتقرون إلى حقوق الإقامة، فإن الخوف من الترحيل هو الآلية الرئيسية التي تفرض التسامح العرقي والديني. يسمح فقط للعمال ذوي الدخل الشهري بأكثر من 10،000 درهم ، أو 27،000 دولار أمريكي، بإحضار العائلات، وبالتالي فإن معظم العمال هم من الذكور.

ويعمل معظمهم ثمان ساعات في اليوم، ستة أيام في الأسبوع ويعيشون في مساكن مكتظة في معسكرات العمل بعيداً عن مكان عملهم. حوالي 5 في المئة من العمال هم من المهنيين مثل الأطباء والمهندسين والمحاسبين.

وحتى في ظل هذا النظام القاسي، فإن تجربة مجتمع متعدد الأعراق ومتعدد الديانات تزيد من التسامح العرقي والديني.

وتابع الباحث: “ربما لن يكون نموذج “نظام الترحيل” الإماراتي جذاباً بالنسبة لألمانيا الصناعية المتقدمة وأمريكا الشمالية وأستراليا.

وعلى خلاف الإمارات العربية المتحدة والأنظمة الخليجية الأخرى، التي عادة ما تجذب العمال شبه المهرة وغير المهرة، فإن معظم البلدان الصناعية المتقدمة تهتم بجذب المهاجرين ذوي المهارات العالية.

ولذلك توفر تلك الدول توفر مسارات التجنيس للمهاجرين المهرة، وبالتالي جذب أفضل العاملين المؤهلين. الهجرة المؤقتة إلى الإمارات ودول الخليج الأخرى تمنع هجرة الأدمغة- القادة ذو العمال المهرة- بينما تولد مستوى عالٍ من التحويلات المالية من العمال ذوي الأجور الرديئة بشكل رئيسي.

نهج غير مستدام

ولفت الباحث إلى أنّ الدرس الرئيسي للأنظمة الاستبعادية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة هو أن هذا النهج غير مستدام.

وأشار إلى أنّ الإمارات تحتاج إلى الانتقال من الاقتصادات كثيفة العمالة إلى الاقتصادات ذات الاقتصادات العالية التي تتطلب رأس المال وعمالة أقل لتقوم بعمل أكثر مهنية ومهارة.

وأكد أن سياسات تأميم القوى العاملة في الإمارات العربية المتحدة هي فشل. فقط 1 في المائة من القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص بسبب نقص المهارات المناسبة المطلوبة للاضطلاع بمهارات عالية. كما يتقلص عدد السكان بشكل كبير، حيث يعانون من انخفاض الخصوبة، من 6.9 ولادة لكل امرأة في عام 1960 إلى 1.8 اليوم، أي ينتقل سكانها الميسورين نسبيا إلى تحول الديمغرافي.

الانتقال من الترحيل إلى التجنيس

ولفت الباحث إلى أنّ الانتقال من نظام الترحيل إلى نظام التجنيس في الإمارات أصبح أمراً حتمياً. فالنمو الاقتصادي في دول جنوب آسيا – المصدر الرئيسي للعمالة الإماراتية في الوقت الراهن – سيوفر ظروف عمل ومعيشة أفضل في الداخل، وخاصة للعمال المهرة.

وسوف تجد دولة الإمارات صعوبة متزايدة في التنافس على العمالة ذات المهارات العالية دون منح الإقامة الدائمة والمواطنة للعمال.

وذهب الباحث إلى أنّ أهم الآثار السياسية وربما الأصعب على قبول الإماراتيين الأصليين في تحرك الدولة نحول نظام هجرة شمولي، فسوف تتوقف الدولة عن كونها عربية. فغالبية السكان من الهنود غير المسلمين.

ويشير الكاتب إلى أنّ من المفارقات أن العمال الوافدين كان لهم دور فعال في زيادة الروابط الاجتماعية بين مواطني دولة الإمارات وحكامهم عن طريق مشاركة تصورات المواطنين للعمال المهاجرين كمنافسين في سوق العمل وتهديدًا للتماسك الوطني.

وسيمثل التجنيس من جنوب آسيا انخفاض نسبة المواطنين في السكان، يشكل غير المواطنين تهديدًا للهوية الثقافية الوطنية من خلال عدم مشاركة القيم المحلية.

كما تنظر السلطات الإماراتية إلى العمال الوافدين كمصدر محتمل لـ “نضال الطبقة العاملة” من أجل حقوق اجتماعية واقتصادية وسياسية أفضل، وهي أمور لم يستطع الإماراتيون الأصليون الحصول عليها.

واختتم بالقول: “بغض النظر عن مدى الصعوبة التي يعترف بها السكان الأصليون، فإن المدن الرئيسية في الإمارات – دبي وأبوظبي – أصبحت في الواقع هي مدن جنوب آسيا”.