موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق بريطاني: الإمارات متورطة بالاتجار بالبشر باستغلالها شبانا سودانيين

196

أثبت تحقيق بريطاني تورط النظام الحاكم في دولة الإمارات بالاتجار بالبشر عبر استغلالها شبانا سودانيين كمرتزقة للقتال في اليمن وليبيا.

ونشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تحقيقا حول استخدام الإمارات شركات سياحية سودانية للعمل من الباطن لصالح شركة أمن إماراتية، بهدف توظيف سودانيين حراس أمن للعمل في الدولة، ثم إرسالهم بعد ذلك إلى مواقع القتال في اليمن لحراسة مصالح إماراتية، أو إلى ليبيا لحراسة منشآت النفط وحقوله.

فعندما قرأ عبد الرحمن الذكي الذي يعمل مدرسًا في الخرطوم، إعلانًا في أيلول/سبتمبر الماضي يبحث عن حراس أمن للعمل في الإمارات براتب حوالي ثمانية آلاف درهم (2.175 دولارًا) في الشهر، كان يعتقد أن أحلامه قد تحققت أخيرًا.

ذهب الذكي وهو مهندس تقنية معلومات يبلغ من العمر 34 عامًا، كان يبحث عن حياة أفضل لعائلته، لزيارة وكالة أماندا للسفر والسياحة في وسط العاصمة السودانية التي نشرت الإعلان.

قيل له إن العمل لصالح شركة الأمن الإماراتية بلاك شيلدز Black Shields وسيكون مقره في أبو ظبي أو أي مدينة أخرى في الإمارات.

بعد عدة مقابلات خاصة بالوظيفة، دفع الذكي حوالي 80 ألف جنيه سوداني (950 دولارًا) لوكالة أماندا بعد تأكده من أن الراتب يبلغ 8 آلاف درهم، وأن وكالة السفر ستتولى نقله إلى الإمارات.

وبالفعل سافر الذكي إلى الإمارات في 19 يناير (كانون الثاني). غير أنه سرعان ما تحول حلمه إلى كابوس بعد أن اكتشف أنه سيتلقى في الواقع تدريبًا عسكريًّا لمدة ثلاثة أشهر ثم يرسل إلى ليبيا، لحماية مصافي النفط والمواقع الاستراتيجية في المنطقة التي يسيطر عليها قائد حكومة الشرق خليفة حفتر، أو إلى اليمن.

قصة الذكي هي قصة كل الشبان السودانيين الخمسين الذين رُحِّلوا من الإمارات يوم الثلاثاء الماضي نتيجة تعرضهم للاحتيال.

وكشف الشباب العائدون عن أن المئات من بني جلدتهم تعرضوا للاستغلال من قبل بلاك شيلدز لحماية حقول النفط الإماراتية في ليبيا، وكذلك منشآت أخرى في اليمن الذي تمزقه الحرب.

ويُعتقد أن نحو 3 آلاف سوداني تعرضوا للخداع من قبل بلاك شيلدز، التي تعاقدت مع شركات مثل وكالة أماندا للسفر والسياحة للإعلان عن وظائف لصالح الشركة الإماراتية.

وحصلت وكالات السفر السودانية في الخرطوم، التي تعمل كمتعاقدين من الباطن لبلاك شيلدز، على ملايين الجنيهات السودانية من الشباب الذين استجابوا للإعلانات بسبب ارتفاع معدلات البطالة في السودان.

وفي حديثه إلى “ميدل إيست آي” لدى وصوله إلى مطار الخرطوم يوم الثلاثاء، قال الذكي: “عندما وصلنا إلى الإمارات، أدركنا أننا تعرضنا للاحتيال؛ إذ أخذت الشركة جوازات سفرنا وهواتفنا المحمولة وكل شيء، وأرسلتنا إلى معسكر تدريب عسكري يسمى مدينة زايد العسكرية”.  ويقع هذا المعسكر في أبو ظبي.

قالت فايزة أخت الذكي إنها تعد هذا الاحتيال جريمة، ودعت الحكومة السودانية إلى الوقوف مع الضحايا. وأضافت: “أعتقد أن ما حدث هو محاولة لاستخدام الشباب السوداني كمرتزقة”.

وتابعت: “هذا إتجار واضح بالبشر، وينبغي أن تتحمل هذه الشركة المسؤولية عن ذلك. من المفترض أن تدافع حكومتنا الانتقالية عن حقوقنا وتحمينا وتحمي كرامتنا، خاصة بعد الثورة السودانية”.

زار “ميدل إيست آي” وكالة أماندا للسفر والسياحة في وسط الخرطوم يوم الأربعاء، لكن الوكالة كانت مغلقة، والمكالمات الهاتفية للمدير حذيفة وغيره من موظفي الوكالة لم يرد أحد عليها.

وكان العشرات من الباحثين عن عمل ينتظرون خارج الوكالة في محاولة لاستعادة أموالهم.

هناك أيضًا الشاب أحمد مصطفى، الذي كان يرتدي الزي الرسمي لجيش الإمارات، صرح لـ”ميدل إيست آي” بأن زملاءهم في المعسكر، وأولئك الذين التقوا بهم في وقت سابق خلال المقابلات من أجل الوظيفة، أبلغوهم بأنهم أرسلوا للعمل في حماية حقول النفط في ليبيا، بينما أرسل آخرون لحماية المنشآت الأخرى في اليمن بعد الانتهاء من التدريب.

وتعد دولة الإمارات من بين العديد من الدول التي تدعم ميليشيات خليفة حفتر في حملته للانقلاب على حكومة الوفاق المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس.

وقال المتظاهر عاطف أحمد لميدل إيست آي إنهم سيواصلون التظاهر أمام السفارة حتى يعود جميع الضحايا السودانيين من الإمارات.

وأضاف أنه “أمر غير مقبول بالمرة، بعد التضحيات خلال الثورة السودانية من أجل الحفاظ على كرامة الشعب السوداني، أن نرى ما يحدث هذه الأيام في الإمارات، إنه نوع من الامتهان بالنسبة لنا”.

وانتقدت مروة حسن، وهي متظاهرة أخرى، سياسات دولة الإمارات تجاه السودان والمنطقة ككل. وصاحت: “لماذا يريدون استخدام شعبنا كمرتزقة في اليمن وليبيا، لا علاقة لنا بمصالحهم في هذه البلدان، ولماذا يستغلون فقر شبابنا لاستخدامهم بشكل سيئ على هذا النحو”.

من جانبها، قالت الحكومة السودانية إنها تراقب الوضع عن كثب، وهي على اتصال بسلطات الإمارات لضمان سلامة الشباب السوداني. كما قالت إن القضية لن تؤثر في العلاقات بين البلدين.

وقالت الحكومة: “تجري الحكومة السودانية مناقشات مكثفة مع سلطات الإمارات العربية المتحدة لمتابعة وضع السودانيين الذين يُعتقد أنهم وقعوا عقودًا غير واضحة مع شركة أمنية في الإمارات العربية المتحدة، وأرسل بعضهم إلى ليبيا للعمل حراس أمن في حقول النفط في ليبيا”.