موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات تكرس قيودها على حرية الانترنت وتهدد المخالفين بالعقوبات

195

حقوق الإنسان في الإمارات- هدد النظام الحاكم في دولة الإمارات مؤخرا بفرض عقوبات مشددة على من يحاول الالتفاف من مواطني الدولة والوافدين إليه على ما يفرض من قيود على حرية الانترنت.

وشكلت هذه التهديدات مفارقة عجيبة بينما احتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الثالث من أيار/مايو من كل عام في تعبير على حدة انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات.

فقد هددت السلطات الإماراتية مستخدمي الإنترنت بإجراءات قانونية حال قيامهم بتغيير أو إخفاء العنوان البروتوكلي “IP address”، والتي تستخدم للوصول إلى المواقع التي تحجبها الإمارات بما في ذلك عشرات المواقع الحقوقية والإخبارية والسياسية المعارضة.

وقالت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات الإماراتية في بيان إنه وفقا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، “يُعاقب كل من تحايل على العنوان البروتوكولي للشبكة المعلوماتية باستخدام عنوان وهمي أو عنوان عائد للغير أو بأية وسيلة أخرى، بقصد ارتكاب جريمة أو الحيلولة دون اكتشافها”.

و”العنوان البروتوكلي”، أو ما يعرف بـ”الإنترنت بروتوكول–IP”، هو المعرف الرقمي لأي جهاز حاسوب، أو هاتف محمول، أو آلة طابعة أو غيرها، ويكون مرتبطا بشبكة معلوماتية تعمل بحزمة بروتوكولات الإنترنت.

ويُشكّل “IP” الأساس الذي تعتمد عليه عمليّة توجيه الرزم (Routing) ضمن الشبكة، ويسمح ذلك بالاتصال بين الشبكات المُختلفة.

وتعد الإمارات بين أكثر 10 دول في العالم يستخدم مواطنوها الشبكات الافتراضية الخاصة “VPN”، التي تقود بتغيير الـ”IP” بغرض دخول مواقع الإنترنت المحجوبة، أو عند الرغبة في عدم الكشف عن الهوية، حسب تقرير “GlobalWebIndex”، لعام 2018. ووفق التقرير، فإن 25% من مستخدمي الإنترنت في الإمارات يستخدمون تلك الشبكات.

وتحجب السلطات الإماراتية 4939 موقعاً إلكترونياً على شبكة الإنترنت أمام مستخدمي ومشتركي قطاع الاتصالات في الدولة بما في ذلك حجب عشرات المواقع الإخبارية بينها مواقع محلية معارضة وأخرى عربية ودولية ومواقع لمنظمات مجتمع مدني.

واعتبرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن الإمارات تقبع في المرتبة (13) بين 19 بلدا عربيا على مؤشر حرية الإنترنت في تقرير “الإنترنت في العالم العربي“.

كما كان تقرير حديث لمنظمة فريدوم هاوس عن حرية الانترنت في العالم، قال إنه لا توجد حرية للإنترنت في الإمارات، فيما يستمر تدهورها في هذا المجال منذ عام 2013.

كما تحتل الإمارات مرتبة متأخرة على مؤشر حرية الصحافة الدولي الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود رغم السعي الرسمي للترويج لصورة مثالية عن واقع الحريات في الدولة.

ومؤخرا أظهر تقرير منظمة مراسلون بلا حدود حول مؤشر حرية الصحافة لعام 2020 أن الإمارات في المرتبة 131 من أصل 180 دولة يتناول التقرير أوضاع الصحافة فيها.

وتؤكد المنظمة الدولية توسع الإمارات في سياسة المراقبة الإلكترونية للصحفيين، الذين بات يستهدفهم النظام بشكل منتظم عبر قانون الجرائم الإلكترونية (2012)، بحيث يجد الإعلاميون والمدونون أنفسهم تحت مجهر السلطات بمجرد إدلائهم بتعليق ينطوي على شيء من الانتقاد.

ويواجه الصحفيون والمدونون في الإمارات مخاطر توجيه تهم لهم بالتشهير أو إهانة الدولة أو نشر معلومات كاذبة بهدف تشويه سمعة البلاد، حيث تنتظرهم أحكام قاسية بالسجن لفترات طويلة علماً بأن هناك من يتعرضون لسوء المعاملة أثناء احتجازهم.

ويبرز من ذلك اعتُقال المدون أحمد منصور في مارس/آذار 2017 والحُكم عليه بالسجن 10 سنوات وغرامة قدرها مليون درهم (ما يعادل 250 ألف يورو)، وذلك بتهمة تشويه سمعة الدولة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر “معلومات خاطئة وشائعات وأكاذيب عن الإمارات” بهدف الإضرار بسمعة البلاد.

وفيما أن حرية التعبير مكفولة بموجب دستور الإمارات فإن النظام الحاكم يفرض الرقابة على منشورات محلية أو أجنبية إذا كانت تنطوي على أي انتقاد للسياسة الداخلية أو العائلات الحاكمة أو الدين أو علاقة الدولة بحلفائها أو الاقتصاد المحلي، وذلك بموجب قانون المطبوعات والنشر لسنة 1980.

وينص القانون في الإمارات على عقوبات بالسجن وغرامات مالية كبيرة بحق كل من ينتقد سياسة الدولة أو يطالب بإصلاحات عبر الإنترنت.

ويبرز ناشطون حقوقيون أن الرقابة المفروضة من قبل السلطات الإماراتية على شبكة الإنترنت والصحافة تضاعفت، كما أنها كثفت جهودها لإسكات المعارضين، والحد من حقهم في حرية التعبير.

والأسبوع الماضي طالب نواب في البرلمان والأحزاب البريطانية حكومة المملكة المتّحدة بتقديم حماية أكبر لنشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين في عموم العالم، والمملكة السعودية ودولة الإمارات على وجه الخصوص.

وعبّر 36 عضوًا في البرلمان والأحزاب البريطانية في العريضة التي قدّموها إلى الحكومة عن قلقهم من استغلال الأنظمة القمعية في السعودية والإمارات ومصر والصين والمجر لجائحة “كورونا” كذريعة لإسكات أصوات المعارضة، وتعزيز سجلّهم الأسود في الحريات وحقوق الإنسان.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، في تقرير لها، فإنّ بعض الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد قاموا بـ”تأنيب” الصحفيين لقيامهم بإعلان إحصائيات للمصابين بفيروس “كورونا” الوبائي.

وأصدرت الحكومة الإماراتية الشهر الماضي  قراراً بحظر نشر الأخبار والإرشادات الصحية المتعلقة بفيروس “كورونا”، وحصر هذه المهمة في وزارة الصحة والجهات المعنية دون غيرها، حيث يحظر على أي شخص نشر أو إعادة نشر أو تداول المعلومات غير المعلنة رسمياً، أو غير المعتمدة من وزارة الصحة أو الجهة الصحية، وينطبق ذلك على نشر الأخبار عبر وسائل الإعلام المسموعة أو المقروءة أو المرئية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو المواقع الإلكترونية، أو وسائل تقنية المعلومات، أو غيرها من طرق النشر أو التداول، فيما تصل العقوبة إلى فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم إماراتي (نحو 5000 دولار).

من جهته يبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” أنه ليس صعباً تشريح “حرية” الرأي والتعبير في الإمارات، فالحرية المنعدمة والسجون والأحكام السياسية وتعدد الانتهاكات في تلك السجون مع تعدد أساليب القمع والإرهاب، هي عناوين التقارير الحقوقية الدولية المتعلقة بالدولة، وبجهازها الأمني الذي يتمدد ويستحوذ على السلطات الثلاث إضافة إلى وسائل الإعلام.

ويؤكد المركز أن هذه الصورة معاكسة تماماً لتلك التي تقدمها السلطات باعتبار الدولة جنة “التسامح” و”السعادة” وفي ابريل/نيسان تم إضافة “اللامستحيل” إلى القائمة، حيث “يتعرض المواطنون الإماراتيون الذين يتحدثون عن قضايا حقوق الإنسان أو يعبرون عن آرائهم تلك التي لا تتبنى وجهة نظر السلطات لخطر الاحتجاز التعسفي والسجن والتعذيب، وهو جزء من الاعتداء المتواصل للسلطات الإماراتية على حرية الرأي والتعبير في البلاد”.