موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: تناقض صارخ بين سياسات النظام الإماراتي وتوجهات مواطني الدولة

317

ينتهج النظام الحاكم في دولة الإمارات سياسات تتناقض بشكل صارخ مع توجهات مواطني الدولة لا سيما عندما يتعلق بما تتورط به أبو ظبي من شن حروب وتدخلات خارجية.

وأظهر استطلاع الرأي “النادر” الذي نشره معهد واشنطن قبل أيام أن معظم الإماراتيين 69% يرون أن على الإمارات “أن تظل بعيدة عن الحروب خارج الحدود”.

وتؤكد التقديرات في الإمارات أن النسبة المذكورة أكبر بكثير من هذه، لكن في كل الأحوال فإنها نسبه تفرض على السلطات مراجعة السياسة الخارجية وهو ما يرفقه النظام الإماراتي.

وتخوض الإمارات حروباً عدميّة تثير المشكلات، وصناعة الخصوم، في المنطقة والعالم خاصة في حربها الإجرامية على اليمن وتدخلها العدواني في ليبيا.

وفي سبيل حروبه وتدخلاته الخارجية، يضحي النظام الإماراتي بجنود الدولة ويبدد ثرواتها التي هي ملك الشعب خدمة لأطماع كسب النفوذ والتمدد.

ولم تجنِ الإمارات من هذه السياسة المختلة، أي فوائد عدا إظهارها كدولة توسع وعبث في المنطقة تثير الشعوب وتتجاهل مطالب شعبها بسياسة حكيمة في المنطقة، في سياسة عنيفة بلا ثِمار وقطيعة مع إرث الآباء المؤسسين للدولة.

وتشير نتائج الاستطلاعات إلى أن نفس النسبة ترى أن على السلطات “الاهتمام بالأوضاع الداخلية”. فالدولة التي تقدم نفسها بلد ناطحات السحاب والقوة الاقتصادية الدافعة في الخليج، انصرفت في السنوات الأخيرة إلى الابتعاد عن مناقشة الأوضاع الداخلية والأرقام والتقارير المقلقة في السياسة والاقتصاد.

تجاهل النظام الإماراتي التنمية السياسة وبعث خطاب تحريض ضد مواطني الدولة، وتهميش وإقصاء كوادرها المؤهلة والنزيهة والكفؤة لصالح المدراء الأجانب الذين يؤسسون لهويات بلدانهم ومصالحها وليس للإمارات وأبنائها.

يدعو الإماراتيون الدولة إلى الالتفات إلى الملف الأسوأ المتعلق بحقوقهم، ومعالجة الانتهاكات، والحوار من أجل مستقبل الدولة وحمايتها، وإلى التراجع عن الحروب المفتوحة في الخارج والتي تتصاعد كل يوم.

فهذه السياسة المفرطة في استخدام القوة وإثبات الهيمنة تسيء للإماراتيين وتستهدف قيمهم وتنصب العداء للدولة على المدى الطويل.

وكان أظهر استطلاع معهد واشنطن الذي أجري في الإمارات في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، من قِبل شركة إقليمية رائدة في أبحاث الأسواق التجارية، معارضة شديدة لسياسات النظام الحاكم في الدولة فيما يتعلق بالتورط بحروب وتدخلات خارجية.

وعند تحليل نتائج الاستطلاع يتضح حدة الغضب الشعبي المكتوم لدى الإماراتيين تجاه نظام الدولة بما في ذلك تقصيره في معالجة أشكال الفساد واتخاذ مواقف عدوانية تجاه القضية والمقاومة الفلسطينية لصالح التطبيع مع إسرائيل.

وأبرزت نتائج الاستطلاع صورة للموقف الشعبي الإماراتي تجاه عدد من القضايا بما يخالف السياسة الرسمية للنظام وبشكل مغاير لما تسعى السلطات الإماراتية الترويج له.

إذ أظهر الاستطلاع أن الجمهور الإماراتي أبدى رفضه للحروب الخارجية بشكل عام والتصعيد مع إيران على وجه الخصوص.

وتعتقد أغلبية الإماراتيين (69 في المئة) أن الإمارات العربية المتحدة “يجب أن تظلّ بعيدة عن أي حروب خارج حدودنا، وأن يتم التركيز على القضايا الداخلية “عوضا عن ذلك، في حين أن السلطات الإماراتية تواصل تدخلاتها العسكرية بشكل مباشر أو غير مباشر في عدد من ساحات الصراع لا سيما في اليمن وليبيا.

وفيما تسعى السلطات الإماراتية تحسين علاقاتها مع إيران، عبر تسهيل العمليات التجارية والتحويلات المالية رغم العقوبات الأمريكية، وعبر تفعيل التنسيق الأمني فيما يتعلق بالحدود المائية بين البلدين، وارتفاع حجم التبادل الاقتصادي بينهما، إلا أن الأغلبية الساحقة من الإماراتيين ترى إنه ليس من المهم أن تتمتع بلادها بعلاقات طيّبة مع إيران.

ويقول (9 في المئة) من الإماراتيين فحسب إن هذه العلاقات هي حتى “مهمة نوعًا ما”، علما بأن هذه النسبة انخفضت بشكل طفيف عمّا كانت عليه في عام 2018 حيث كانت (13 في المئة). وعلى سبيل المقارنة، يقول نصف هؤلاء الناس تقريبًا إن العلاقات الطيّبة مع الولايات المتحدة مهمة بالنسبة للإمارات.

ولفت التقرير إلى أنه وبشكلٍ أدق وفي ما يخص إيران، يمكن ملاحظة الانقسام الطائفي حول بعض نواحي هذه المسألة.

فمن بين الأقلّيّة الشيعيّة الصغيرة، التي تبلغ (15 في المئة) من إجمالي عدد السكّان، فإن حوالي نصف العدد (47 في المئة) يعنيه نوعا ما على الأقل الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران؛ ومن بين الأغلبية السنية، هناك (نسبة 6 في المئة) فحسب يعنيها هذا الأمر.

لكن حتى معظم الشيعيين يقولون إن سياسات آية الله خامنئي “سيئة كفاية” على الأقل. وتبقى النسبة المؤيّدة لمرشد إيران بين المستجوَبين الشيعة والبالغة 26 في المئة أقلّيّة. أمّا بين المستجوَبين السنّة، يبلغ هذا الرقم مجرّد (5 في المئة).

وإلى ذلك، كانت المواقف إزاء “حزب الله” المدعوم من إيران سلبية أيضا بمعظمها، إذ يُبدي أكثر من (90 في المئة) آراء غير إيجابية حول ذلك التنظيم، في حين تشعر أكثر من نصف الأقلية الشيعية في الإمارات العربية المتحدة بالشيء نفسه.

وفيما يتعلق بالسياسات الأمريكية تجاه المنطقة، يرى عدد كبير من الإماراتيين (حوالي الثلث) أن أكثر شيء مفيد يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة هو “زيادة معارضتها العملية لنفوذ إيران وأنشطتها في المنطقة”.

واحتل المرتبة الثانية “بقاء الولايات المتحدة خارج منطقتنا بأكملها، أو على الأقل الانسحاب من الجزء الأكبر منها”، وذلك على الرغم من أن الفارق بين هذا الاختيار وأولئك الذين يأملون في أن “تفعل الولايات المتحدة” المزيد لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة في اليمن جاء بفارق نقطة واحدة “.

وفي حين أن الإماراتيين يعتقدون أن هناك عدة طرق يمكن للولايات المتحدة من خلالها أن تؤثر بشكل إيجابي في المنطقة إلا أن عددا كبيرا من الناس يفرّق بين الولايات المتحدة وقيادتها.

وعند السؤال عن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال (8 في المئة) من المستجوَبين الإماراتيين إن سياساته “جيّدة كفاية”.

من الأمور الأخرى التي تعني عامة الناس في الإمارات بنسبة أقل هي القضيّة الفلسطينية، التي جاءت في المرتبة الأخيرة ضمن أولوياتهم بالنسبة إلى السياسات الإقليمية الأمريكية عند إجراء استفتاء في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

وتختلط المواقف حول هذه المسألة. فما زال أكثر من نصف الإماراتيين (68 في المئة)، يوافقون على أن “الدول العربية يجب أن تؤدي دورا أكبر في محادثات السلام” من خلال “تقديم الحوافز إلى كلا الطرفين من أجل اتخاذ مواقف أكثر اعتدالا”.

وبرغم الموقف العدائي للدولة تجاه حركة حماس يلاحظ أن عددا كبيرا ما زال يعبّر عن موقف إيجابي إزاء حركة “حماس”. وسبق أن انتقدت الحكومة الإماراتية “حماس” في الماضي، لكن ما زال ثلث الإماراتيين يتمسكون برأي إيجابي نوعا ما حيال هذه الحركة.

وفيما يخص الدين، يقول 29 في المئة من الإماراتيين: “علينا أن نستمع إلى من يُحاول منا تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالا وتسامحا وعصرية”. ويشكّل ذلك زيادة بالنسبة إلى السنوات السابقة، كما يشكّل بالمقارنة مع البلدان الأخرى الخاضعة للاستفتاء نسبة أعلى بكثير.

وفي الإمارات، يسيطر هذا الرأي المعتدل بشكلٍ أكبر نوعا ما بين الأقلية الشيعية، إذ يوافق حوالي النصف نوعا ما على هذا التصريح.

وعلى سبيل المقارنة، يؤيّد (30 في المئة) من السنة التفسير الأكثر اعتدالا للإسلام، حيث أن هناك (44 في المئة) “يعارضون إلى حد ما” و (25 في المئة) “يعارضون بشدة” هذا التصريح.

في الوقت نفسه، ما زال أكثر من ربع الإماراتيين يعبّرون عن رأي إيجابي نوعا ما على الأقل إزاء جماعة “الإخوان المسلمين”، الذين تعتبرهم الحكومة الإماراتية بمثابة منظّمة إرهابية. ورغم حملة الحكومة ضد المنظّمة، بقي هذا الرقم ثابتا تقريبا في خلال السنوات الثلاث الماضية.

وبناء على ما جاء بتقرير معهد واشنطن، لم تتبدل هذه النسبة في السنوات الثلاث الماضية رغم حملة رسمية عنيفة وشديدة الوطأة أحياناً ضد الجماعة مع العمل على تشويه صورتها داخليا وخارجيا.

وعند السؤال عن العلاقات مع الجماعات الدينية الأخرى، تتنوع الأرقام أكثر فأكثر. فتُعرب أغلبية الإماراتيين (65 في المئة) عن تأييد تحسين العلاقات مع المسيحيين. غير أن نسبة (2 في المئة) فحسب توافق على هذه العبارة: “علينا أن نُظهر المزيد من الاحترام إلى اليهود في العالم، وأن نحسن علاقاتنا معهم”.

ويبقى الإماراتيون منقسمين أيضا بشأن عددٍ من القضايا المحلية الأخرى. فعند السؤال حول إذا ما كانت حكومتهم تقوم بما يكفي لـ”مشاركة أعباء الضرائب والواجبات الأخرى بطريقة عادلة”، يقول نصفهم تقريبا إن الحكومة تقوم بالكثير جدا لمعالجة هذه المسألة.

لكن ما يثير المزيد من القلق هو أنه عند السؤال حول “تخفيض مستوى الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية”، يقول ثلث المستجوَبين إن حكومتهم لا تفعل سوى “القليل جدا” لتحقيق هذا الهدف.