موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

هزيمة جديدة في تونس لحلف الثورات المضادة بقيادة الإمارات

214

تحزن عواصم الثورة المضادة كثيراً، ليس على تقدّم القوى الثورية في تونس إسلامية وقومية ويسارية فحسب، وإنما لغياب الدماء المراقة في تونس، فقد حرصت الإمارات والسعودية، ومن تبعهما بضلال، على إراقة الدماء في أي بلد يسعى إلى التحول الديموقراطي، والاعتماد على صناديق الذخيرة لا صناديق الاقتراع.

لكن الإمارات فشلت في العثور على خليفة حفتر، أو عبدالفتاح السيسي، أو بشار الأحد ومن شابههم من قتلة في تونس.

وهذا ما مكّن الشعب التونسي من إدارة خلافاته بسلمية، بعيداً عن الاحتراب، وقام الجيش بدوره في حماية البلاد وخياراتها، ولم يتدخل لإنجاح وزير الدفاع، عبد اللطيف الزبيدي، الذي خسر الانتخابات الرئاسية.

فانتخابات مجلس النواب التونسي ما قالته الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، حقيقة “فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من أهلها”، فلا مكان في تونس لشخصيةٍ مثل نبيل القروي، الشخص الملاحق بتهمة الفساد، والذي سخّر العمل الخيري وقناته “نسمة” لمصالحه الانتخابية، ولم يتورّع من الالتقاء بضابط الموساد السابق، إري بن مينشاي، لترتيب علاقته مع ترامب، والذي بحث، حسب حوار مع الأخير، معه الوضع في ليبيا أيضاً (!) وليس مستغرباً أن يكون تحويل الأموال إلى الضابط من الإمارات!

هذا عبث بالأمن القومي التونسي، ولا يقل أهمية عن قضايا الفساد. عملياً هو استدعاء للتدخّل الصهيوني والأجنبي في تونس. وقد نجح التوانسة في معاقبته في الصناديق، والأمل أن يواصل القضاء مهمته في كشف حجم الفساد والتآمر. صحيحٌ أن الرجل تمكّن من الوصول إلى المرتبة الثانية بعد حركة النهضة، إلا أن كتلته هلامية، ولن تبقى بعد خسارته الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية المتوقع أن يخسرها بجدارة.

دور القوى الثورية التي تتصدّرها حركة النهضة التي حصلت على أكثر من نصف مليون صوت (نحو 56 مقعداً، مع امتدادٍ يضيف لها 17 أخرى) ليس هزيمة القروي وامتداداته، بقدر ما هو بناء تحالفات سياسية صلبة قادرة على إدارة الحكم بقيم الثورة عدالة ونزاهة وتنمية، فاستمرار حال عدم الاستقرار السياسي يمنع أي نهوضٍ في الاقتصاد التونسي يحسّن حياة الناس، ويخفف معاناتهم. على القوى الثورية أن تتذكّر أن ما أطاح الديموقراطية في مصر هو عجز النخب عن التفاهم في ما بينها، وهو ما دفع شقاً منها إلى استدعاء الجيش للانقلاب على التجربة برمّتها.

نضجت تجربة التحول الديموقراطي في تونس “حتى احترقت”، وآن للبلاد التي قدّمت نموذجاً على مستوى عالمي في الثورة أولاً، وفي الانتقال الديموقراطي والتوافق ثانياً، أن تنعم بحكومةٍ مستقرةٍ تتمكّن من مواجهة التحديات الصعبة التي تواجهها البلاد. ليس في مصلحة تونس اليوم، مع أنه كان مصلحة لها في الأمس، تجاهل معطيات الصندوق، وتشكيل حكومةٍ بعيدةٍ عن رأي أكثرية الناخبين، تحت مسميات التكنوقراط والإنقاذ الوطني.

لم تهدأ صراصير الليل ذات الصوت المرتفع، وعديمة النفع والأذى، عن الإزعاج حتى بعد نتائج الانتخابات، وبلغت الوقاحة حداً في قناة الحوار التونسية أن وصفت متدخلةٌ الشعب التونسي بالخراف، والذين ردّوا عليها بحملة ألغت مليون متابعة من متابعيها في “فيسبوك”. أدّب الناخب التونسي القوى المتطرفة الإقصائية التي أنفقت دول الثورة المضادة الملايين عليها، ولكن صوتها ظلّ عالياً في الإعلام. لا يجوز أن تتحكم هذه القوى بخيار الشعب التونسي من خلال مواصلة التخويف من حركة النهضة. هذه القوى المتعطشة للدماء أقل ما يمكن فعله تجاهها هو التجاهل، إن لم يكن المحاسبة القانونية على “جرائم” العنصرية والإرهاب اللفظي والتحقير.