موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الصومال.. وحملة تشويه إماراتية مغرضة

163

منذ تفجر الأزمة الدبلوماسية بين الصومال والإمارات، وإعلان الأخيرة إغلاق معسكراتها التدريبية ومشافيها في كل من مقديشو وبونتلاند، لا يزال إعلام الإمارات ومصر يهاجم الشعب الصومالي والحكومة الفيدرالية من دون اكتراثٍ بمعايير الإعلام ومتطلباته المهنية والموضوعية، في مقالات وتقارير طويلة بعناوين فضفاضة أحياناً، وأخرى مبهرة.

لكنك تكاد لا تجد أدنى شيء من القيمة الخبرية أو التحليلية، فهي مجرد معلومات فارغة ودعايات لا أساس لها من الصحة، بل يدخلك بعضها في نوبة ضحك، ففد تشابهت عليهم أوضاع الصومال، وشخصياته الرئيسية وتاريخه وقبائله، حتى أن هناك من ادعى أنه نجا بأعجوبة من قبضة القراصنة، تفاخراً أو دفعاً بظروف غامضة.

أما الإعلام الصومالي، وخصوصا الإذاعات والقنوات المحلية، فلا تحركه تلك الهجمات الإعلامية. وحدهم فقط النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي يجابهون قوة إعلامية تم تكليفها بتشويه صورة الصومال، وإلصاقه بـ”الفوضى الأمنية والفشل والقرصنة”، من أجل دغدغة العواطف وتأليب الرأي العام الصومالي على الحكومة الفيدرالية.

ما زال وسم الإرهاب والقرصنة والإخونجية مصطلحات ثلاثة لا تفارق مقالات كتاب عدة صحف ومواقع عربية، أبرزها المصرية والإماراتية، فالصراع الإماراتي الصومالي مفهوم في سياقاته وظروفه وخلفياته، وستنتهي الأزمة بين البلدين قريباً، وستحل بالمفاوضات، كما عوّدتنا السياسات الدولية الخاضعة لمصالح الدول.

لكن المريب جداً أن يتهكم الإعلام المصري، صباح مساء، على الصومال ومواطنيه، على الرغم من التاريخ السياسي والتعاون الوثيق بين مقديشو والقاهرة، والعلاقات التي لم تشهد يوماً فتوراً دبلوماسياً، بل كان الصومال ينحاز لمصر في قضاياها السياسية والمائية، بل وقف معها بعد أن حوصرت عربياً في أعقاب “كامب ديفيد” عام 1978.

وعلى الرغم من متانة تلك العلاقات، يظل السؤال ملحاً: هل هذا الهجوم الإعلامي المصري ضد الصومال منسق أم يتم توجيهه من دول أخرى، أو بعبارة أخرى هل هو من صنف “الإعلام المأجور”، وإن كان كذلك من المخجل أن يستمر هذا الهجوم من بوابات إعلامية مصرية عريقة على الشعب الصومالي.

للهجمات الإعلامية الإماراتية على الصوماليين، في نظر بعض المتابعين، ما يفسرها، في توقيتها ومكانها، نتيجة تناحر دبلوماسي بين دولتين عربيتين لم تختلفا يوماً، وإن كان الصومال مطأطئ الرأس أصلاً، ولم يكن في موقفٍ يسمح له بأن يرفع صوته ضد دولة عربية شقيقة، نظراً لظروفه السياسية المعقدة، وسوء أوضاع شعبه الذي يكافح من أجل تأمين قوت يومه.

فالإمارات ظلت عقودا تدعم أشقاءها في الصومال، وفتحت مراكز تعليمية وصحية، وكان دعمها بمثابة “القوة الخيّرة أو الفاضلة” لدعم الصوماليين، لكن سجالا سياسيا ودبلوماسيا عكّر صفو استمراره.

وهذه دعوة وزير الدولة في الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، إلى حوار مفتوح مع الحكومة الفيدرالية بمثابة سكب دلو من الماء على التوتر السياسي بين البلدين.

كما أن تصريح وزير الخارجية الصومالي، أحمد عيسى عود، بدد مخاوف التصعيد، ليشرع فتح قنوات التواصل مع أبوظبي، لإنهاء الأزمة الدبلوماسية، لكنه أكد أن الإمارات أججت نار الأزمة السياسية الراهنة، بعقدها اتفاقيات مع حكومة انفصالية غير معترف بها دولياً.

أيا كان الوضع الدبلوماسي المتفاقم بين الصومال والإمارات، فإن حل الأزمة الراهنة ضروري، فلا الصومال مستغن عن الإمارات، والعكس صحيح نظراً للموقع الاستراتيجي للصومال، ولأهمية الإمارات بالنسبة للاقتصاد الصومالي الذي يعتمد على استيراد معظم السلع الضرورية من الأسواق الإماراتية، فاستمرار الخلاف السياسي سيضر بمصلحة الدولتين، ولا أحد يربح في حرب سياسية غير متكافئة.

ولا يجلب اللجوء إلى الإعلام وتدشين صفحات إعلامية في مواقع التواصل الإجتماعي لتشويه صورة الصومال منفعة سياسية، ولا يرفع عنها قيد أنملة من الشبهة.

وإنما هذه الهجمات الإعلامية من خلال “تويتر” و”فيسبوك” والصحف والمواقع الإلكترونية ستؤجج الخلاف السياسي، وستترك أثاراً جانبية على علاقات الدولتين، فبدل سياسة التشويه والتآمر والحملات الإعلامية المغرضة على الصومال وشعبه، لا بد من سياسة إعلامية أخرى.