موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

سخرية واسعة من اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي لعام 2020

112

قوبل اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي لعام 2020 بسخرية واسعة من إعلاميين وصحافيين ومدونين عرب بالنظر إلى مكانة الإمارات المتدهورة جدا فيما يتعلق بالحريات الإعلامية وحرية الصحافة.

 وقرر مجلس وزراء الإعلام العرب المنعقد في القاهرة  قبل أيام خلال اجتماع برئاسة المملكة العربية السعودية التي قتلت الصحفي جمال خاشقجي بطريقة وحشية، اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي لعام 2020، بين يدي انطلاق “اكسبو 2020” في الإمارة.

وانتقد مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي بشدة هذا الاختيار بالنظر إلى القيود الشديدة التي يفرضها النظام الإماراتي على الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة بوجه خاص.

إذ دشنت السلطات الإماراتي منذ سنوات ولا سيما جهاز الأمن بنية تحتية لا تزال تتعاظم في سياق تقييد الحريات العامة، وحرية التعبير وحرية الانترنت والصحافة خصوصا.

وأصدر رئيس الإمارات خليفة مؤخرا المرسوم بقانون اتحادي رقم 24 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987.

وقد وسع القانون الموضوعات التي تعتبر سرا من أسرار الدفاع عن الدولة، لتشمل “المعلومات العسكرية والسياسية والاقتصادية والصناعية والعلمية والأمنية والمتعلقة بالأمن الاجتماعي أو غيرها بالمعلومات التي لا يعلمها بحكم طبيعتها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك والتي تقتضي مصلحة الدولة أن تبقى سراً على من عداهم. وكذلك أخبار القوات المسلحة و وزارة الداخلية والأمن وتشكيلاته.

وصدر مرسوم بقانون اتحادي رقم /2/ لسنة 2018، تضمن تغليط العقوبات ومضاعفاتها على “جرائم” تقنية المعلومات، باستبدال نصوص 3 مواد من مرسوم جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012.

ومن بين العقوبات ما لا يزيد عن 5 سنوات سجن وما لا يقل عن نصف مليون درهم ولا يزيد عن مليون درهم، إذا حمّل أحد مادة، أو كرر أحد تصفحه للمواقع التي تعتبرها أبوظبي إرهابية.

من جهته، اعتمد حاكم دبي محمد بن راشد تشكيل “لجنة دبي للاتصال الخارجي”، و برنامج “إحاطات دبي الإعلامية” التابع للمكتب الإعلامي والهادف إلى إطلاع الإعلام المحلي والإقليمي والدولي على أهم المستجدات في الدولة.

وأكد ناشطون وإعلاميون أن هاتين اللجنتين سيشكلان عائقا أمام حرية الحصول على المعلومات كونهما سوف تحتكران تقديم المعلومات باعتبارهما القناة الشرعية الوحيدة للحصول على المعلومات في دبي، وهو ما يعني أن أي مصادر أخرى للإعلام قد تم تقييدها تماما.

وقال مراقبون إن هذا الإحراء يتفق مع تعديل قانون العقوبات، والذي يعتبر أية “أخبار” أو “معلومات” اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها من أسرار الدفاع عن الدولة، ما لم يتم الإعلان عنها من جانب مؤسسات الدولة.

وهذا الأمر ينعكس على مزيد من انخفاض سقف الحريات في الدولة وتراجع ملحوظ في الشفافية والمراقبة الإعلامية، وتتحول فيه وسائل الإعلام إلى مجرد ناقل للأخبار والإحصاءات المستهدفة من جانب المؤسسات ويحظر على هذا الإعلام أن يقوم بدوره الإخباري والتثقيفي والرقابي، وهي كلها وظائف للإعلام، يعتقد مراقبون أن هاتين اللجنتين سوف تؤدي إلى إضعافها، وتحويل وسائل الإعلام إلى بوق حكومي وساعي بريد، والحد من حق الحصول على المعلومات.

وسبق أن صرح سلطان الجابر وزير الدولة رئيس المجلس الوطني للإعلام أن عدد المؤسسات الإعلامية المرخصة في المناطق الحرة بالإمارات يبلغ 38 محطة إذاعية و 180 محطة تلفزيونية و 54 صحيفة ومئات المجلات.

واعترف الجابر بأن المجلس الوطني للإعلام وقع مذكرات تفاهم مع هذه الجهات لمراقبة محتواها، وأن سلطة المجلس على تلك الجهات لا يقتصر فقط على منح التراخيص بل إن المجلس يعد كذلك أداة رقابية على محتواها.

ومنذ أكثر من 15 عاما لا تسمح السلطات في الدولة بالظهور الإعلامي على وسائل الإعلام الحكومية إلا للمؤيدين لها والمسوقين لسياساتها، معززة سياسة الحجب الإعلامي ومنع الظهور لهذه الشخصيات في مخالفة واضحة وصريحة للدستور الذي جعل حرية التعبير وحرية التلقي حق لكل مواطن، ولكن التعسف يحول دون تطبيق ذلك.

وفي السنوات الأخيرة، أيضا، ازدادت الحريات تدهورا في الدولة بموجب قوانين وضعت للتضييق على الحريات، مثل قانون “مكافحة التمييز” وقانون “الإرهاب” وقانون الإعلام، وعدة تشريعات صادرة عن مجلس الوزراء وعن النائب العام تحظر على الإماراتيين أن يعبروا عن أي رأي تعتبره السلطات مخالفا لها، وتنص على ذلك المنع وتفرض العقوبات عليه بكل وضوح، كما فعل ذلك النائب العام عند اندلاع الأزمة الخليجية مانعا إظهار أي صوت يدعو للمصالحة والحوار.

وكثيرا ما انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” استضافة الإمارات مهرجانا أدبيا، في وقت سابق، في حين تكثف من ملاحقة الأدباء والمفكرين والأكاديميين والصحفيين، وتقمع حرية التعبير.

وقالت رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة “سارة ليا ويتسن”، في تغريدة عبر حسابها بـ”تويتر”: “تستضيف الإمارات، وهي من أشد أعداء حرية التعبير في العالم، مهرجانا للأدب تدعي من خلاله أنها تروّج للتعليم والنقاش. لكنها في الوقت نفسه، تلاحق بلا هوادة الأكاديميين والصحفيين والناشطين الذين يحاولون غالبا القيام بالأمر نفسه”.

ومن جهته قال الناشط الحقوقي في منظمة العفو الدولية “كينيث روث”: أعطوا الإمارات العربية المتحدة الأفضلية في النفاق: إنها واحدة من أعنف أعداء حرية التعبير في العالم، إلا أنها ترعى مهرجان الأدب الذي يزعم أنه يروج لـ “التعليم ، النقاش، حب القراءة والكتابة”. معنى رقابة مشددة “النقاش”، على حد قوله.

وبحسب تقرير “فريدوم هاوس” حول الحرية في دول العالم لعام 2018، فإن الإمارات “غير حرة” وحققت 17 نقطة من 100، وعربيا فقط سبقت اليمن (13) وليبيا (9) والسعودية (7). وبذلك تتراجع الإمارات 3 نقاط، إذ حصدت في تقرير 2017 عشرين نقطة.

وصنفت المنظمة الإمارات “غير حرة” في حرية الصحافة، وحرية الانترنت، وهو أضعف درجة و تصنيف.

كما أن الإمارات بمقاييس منظمة “مراسلون بلا حدود” لعام 2018، تراجعت 9 درجات على مؤشر حرية الصحافة، لتحتل المرتبة 128 من أصل 180 دولة، بعد أن كانت في عام 2017 في المرتبة 119.

ويتساءل إماراتيون ومراقبون وناشطون عن مدى أهلية دبي والإمارات لإطلاق لقب “عاصمة الإعلام لعام 2020” على الإمارة خصوصا والدولة عموما؟ وكيف يمكن أن يشرح ويفسر القائمون على هذه الألقاب هذا الاختيار وسط بنية تشريعية قمعية وتقييم حقوقي ودولي سلبي، ومتدهور جدا، على حد ما تكشف الحقائق والنصوص القانونية وعشرات الحالات من معاقبة المدونين والإعلاميين.