موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: بشار الأسد في الإمارات.. تعزيز لدعم أبوظبي للاستبداد

370

أجمع مراقبون على أن زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الإمارات قبل يومين شكلت تعزيزا لدعم أبوظبي للاستبداد وأنظمة القمع واصطفاف جديد منها وراء الثورات المضادة.

ورأى المراقبون أن تزامن الزيارة مع ذكرى انطلاقة الثورة السورية (في 15 مارس/آذار 2011) ضد نظام بشار الأسد يشكل استخفافاً بالشعب السوري وبمئات آلاف الضحايا الذين قدمهم في سبيل ثورته، وموقفاً واضحاً من أبوظبي باختيار الوقوف بجانب نظام مستبد ويرتكب أفظع الجرائم بحق شعبه.

كما أن الزيارة شكلت طعنة لجهود المعارضة السورية التي نشطت بعد حرب أوكرانيا، في مسعى منها لاحتلال مقعد النظام في جامعة الدول العربية وفي الأمم المتحدة.

وجاء ذلك ضمن محاولة المعارضة الاستفادة من الأجواء الدولية ضد روسيا وبيادقها على الساحة الدولية، وفي مقدمتهم نظام الأسد، الذي كان من بين قلة جاهرت بتأييدها لحرب روسيا في أوكرانيا، وأبدى استعداده لإرسال متطوعين للقتال إلى جانبها هناك.

كما أن تزامن هذه الزيارة مع محاولات الغرب خنق روسيا وأتباعها سياسياً واقتصادياً ارتباطاً بحرب أوكرانيا، يوحي بجرأة غير معهودة لدى الإمارات.

إذ أقدمت على الخطوة التي لطالما حذرت منها الولايات المتحدة ومعظم دول الغرب، التي تشترط تحقيق تقدم سياسي على المسار السوري، قبل أية خطوة لملاقاة النظام.

والواقع أن تحرر الإمارات من هذا القيد الدولي، وعدم ربطها التطبيع مع نظام الأسد بأية شروط متعلقة بالحل السياسي في سورية، أو حتى الوجود الإيراني، فيها كما أثير في أوقات سابقة، لا يمكن تفسيره إلا بوجود “صفقة” غير معلنة بين الطرفين، تتضمن مطالب متبادلة.

وبغض النظر عن طبيعة هذه الصفقة المفترضة، فإن هذه الخطوة من جانب الإمارات، لن تجلب لها سوى الضرر والإحراج على المستوى السياسي، إلا إذا كانت تدخل في باب المكايدة السياسية المألوفة في سياسات الإمارات الخارجية خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع التوتر الخفي الذي تشهده مع السعودية في علاقتهما مع الولايات المتحدة.

وتجلى ذلك برفض الدولتين طلباً أميركياً لزيادة إنتاجهما من النفط على خلفية الحرب في أوكرانيا، بسبب استيائهما من المواقف الأميركية “الرخوة” إزاء الهجمات الصاروخية وعبر الطيران المسيّر، التي تعرضت لها الإمارات والسعودية من جانب الحوثيين في اليمن.

ومن هنا، فإن الولايات المتحدة المشغولة حالياً بمواجهة روسيا في أوكرانيا، وإن كانت عبّرت علناً عن استيائها من زيارة الأسد، قد لا تستعجل فتح ملفات خلافية مع الإمارات، لكن ذلك قد يكون من ضمن جردة الحساب التي سيتم البت فيها لاحقاً بين الطرفين.

ودعوة الأسد لزيارة الإمارات تأتي في إطار مسعى إماراتي متواصل لإعادة تعويم نظام الأسد عربياً، وربما يكون اختيار هذا التوقيت للزيارة استغلالا للانشغال الدولي بأزمة أوكرانيا.

غير أن التوقيت قد لا يكون ذكيا بما فيه الكفاية في غمرة الغضب الدولي من روسيا وأدواتها في الساحة الدولية، وفي مقدمتها نظام الأسد.

وإذا اتضح أن للزيارة أهدافاً مخفية أخرى، كما تردد في بعض وسائل الإعلام، عبر نقل أموال من الإمارات إلى سورية، ومنها إلى روسيا، فقد تكون لها عواقب سيئة على الجانبين، الإمارات والنظام السوري.

خاصة أن الغرب يضع روسيا اليوم تحت المجهر، وهو منزعج أصلا من تفرد نظام الأسد في التعبير عن دعمه حرب روسيا في أوكرانيا، ومساهمته في إرسال متطوعين ليقاتلوا إلى جانبها.

وقد لاقت زيارة الأسد إلى الإمارات ردود فعل مُستهجِنة في أوساط المعارضة السورية، والقوى الدولية، التي اعتبرتها محاولة لإضفاء الشرعية على مجرم حرب قتل الآلاف من شعبه.

وقال الائتلاف الوطني السوري المعارض إن استقبال الإمارات “مجرمَ الحرب بشار الأسد سابقة خطيرة وخروج عن قرارات الجامعة العربية، وخرق للعقوبات الدولية، ومكافأة له على جرائمه، واستخفاف بدماء مليون شهيد سوري”.

وأشار الائتلاف، في بيان، إلى أن الزيارة تتزامن مع ذكرى انطلاق الثورة السورية، “ما يزيد في عدم تقدير إرادة الشعب السوري ولا تضحياته الغالية على مدى إحدى عشرة سنة ماضية في صراعه مع النظام المجرم ورعاته، ولم نكن ننتظر من أي دولة شقيقة احتضان هذا المجرم أو إعادة تدويره”.

وطالب الائتلاف دولة الإمارات “بتصحيح موقفها والالتزام بالموقف العربي والدولي العام في عزل هذا النظام المجرم، وعدم التطبيع معه أو الانجرار إلى إعادة تدويره”.

واعتبر أن “القبول بالمجرم هو قبول بإجرامه، وهو الذي هجّر نصف هذا الشعب السوري ودمر بلاده وفتح الحدود لكل المليشيات الإرهابية، ولا سيما مليشيات إيران، التي وصلت نيرانها إلى الإمارات نفسها، من خلال الاستهداف الصاروخي المتكرر لمليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لنظام إيران”.

ولفت إلى أن الإمارات دعمت الشعب السوري “وكانت لها مواقف مشرفة في المحافل الدولية في دعمه، وفي إدانة النظام المجرم، وهي مطالبة بالعودة إلى مواقفها الأصيلة”.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعربت عن “خيبة أملها وانزعاجها العميقين” من دعوة بشار الأسد لزيارة دولة الإمارات، وفق ما قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس.

ووصف برايس الدعوة بـ”المحاولة المكشوفة لإضفاء الشرعية عليه وهو مسؤول عن مقتل ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف السكان السوريين والاعتقال التعسفي واختفاء أكثر من 150 ألف سوري من الرجال والنساء والأطفال”.

وحث برايس “الدول التي تفكر في الانخراط مع نظام الأسد على أن تتوقف بعناية عند الفظائع المروعة التي ارتكبها النظام بحق السوريين على مدار العقد الماضي، فضلا عن جهود النظام المستمرة لمنع وصول المساعدات الإنسانية والأمن إلى الكثير من أنحاء البلاد”.

وأكد أن “الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات عن سورية أو تتخلى عنها، ولن تدعم إعادة إعمارها حتى يتم إحراز تقدم لا رجوع عنه نحو حل سياسي، وهو ما لم نشهده بعد”.

كما أصدرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة بيانا مشتركا جاء فيه أنها “لا تدعم جهود تطبيع العلاقات مع نظام الأسد”.

وهذه هي الزيارة الأحدث في سلسلة من الجهود الدبلوماسية التي تشير إلى تحول جار في الشرق الأوسط بقيادة أبوظبي مع سعي العديد من الدول العربية إلى إحياء العلاقات مع الأسد.

وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار وزير الخارجية الإماراتي، العاصمة دمشق، في زيارة لأرفع مسؤول إماراتي لسوريا، منذ اندلاع الثورة السورية قبل نحو 10 سنوات.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي بحث محمد بن زايد هاتفيا مع الأسد، التطورات في سوريا والشرق الأوسط.

وأعادت الإمارات فتح بعثتها الدبلوماسية في دمشق أواخر عام 2018 في محاولة لمواجهة نفوذ أطراف فاعلة غير عربية مثل إيران، تدعم الأسد إلى جانب روسيا.