موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

منظمة حقوقية دولية تنتقد استمرار مبيعات الأسلحة للتحالف السعودي الإماراتي

216

انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية استمرار مبيعات الأسلحة إلى التحالف السعودي الإماراتي على خلفية ما يرتكبه من جرائم حرب في اليمن.

وجاء في مقال تعليقي نشرته المنظمة أنه بعد اندلاع الثورة في اليمن عام 2011، شهدت البلاد سلسلة من الاضطرابات السياسية وأحداث العنف التي مزقتها، بما في ذلك نشوب حرب أهلية واسعة النطاق في 2014 تلاها تدخّل عسكري بقيادة السعودية والإمارات في 2015.

في مناخ يتعرض فيه المدنيون لهجمات متعمدة من جميع الأطراف، جاء فيروس “كورونا” ليضيف مستوى أخر إلى المعاناة التي لا توصف لملايين المدنيين في اليمن، في وقت كانت فيه أوروبا رغم تقديمها مساعدات إنمائية في اليمن، غير قادرة على دعم الحاجة إلى المحاسبة بشأن النزاع الدائر في اليمن.

في سبتمبر/أيلول 2014، استولت جماعة الحوثيين المسلحة والمتحالفة مع قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح على العاصمة اليمنية عسكريا، وأطاحت بالرئيس عبد ربه منصور هادي. شنت السعودية والإمارات، اللتان تقودان تحالفا من تسع دول عربية وبدعم عسكري أمريكي، حملة قصف جوي طالت قوات الحوثيين وصالح، بهدف دعم حكومة هادي.

استمرت المملكة المتحدة وفرنسا ودول غربية أخرى، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، في بيع الأسلحة إلى السعوديين وأعضاء التحالف الآخرين.

فر هادي إلى السعودية في 2015. قالت السعودية إن تدخلها كان دفاعاً عن الحكومة الشرعية في اليمن. مرت ست سنوات على ذلك ولم يحقق التحالف هدفه بإعادة هادي إلى السلطة.

في غضون ذلك، أحكمت جماعة الحوثيين المسلحة قبضتها على صنعاء ومعظم المرتفعات الشمالية، لا سيما بعد اغتيالها لحليفها السابق، الرئيس السابق صالح، في ديسمبر/كانون الأول 2017.

اليوم، هناك أكثر من 30 جبهة في أنحاء اليمن تشهد اشتباكات بين جماعات مسلحة محلية مختلفة، بالإضافة إلى الغارات الجوية للتحالف. طرفا النزاع مسؤولان عن هجمات غير قانونية أضرت بالمدنيين، ونُفذ العديد منها دون مراعاة لحياتهم، وقد ترقى إلى جرائم حرب.

في 2015، زعمت السعودية أن عمليتها العسكرية ستكون “محدودة في طبيعتها، وتهدف إلى حماية الشعب [اليمني]”. لكن ذكرت منظمة “مواطنة” اليمنية أن قرابة ثلث الغارات الجوية التي نفذها التحالف أصابت مواقع مدنية مثل المنازل، والمستشفيات، والمدارس، والأعراس، والمزارع، ومستودعات أغذية وآبار المياه، ما أسفر عن مقتل وإصابة قرابة 18,400 مدني والعدد في تزايد. يُرجح أن تكون الأعداد الفعلية للضحايا المدنيين أعلى لأن جمع البيانات صعب للغاية.

ليس التحالف بقيادة السعودية الطرف الوحيد المسؤول عن سقوط مدنيين قتلى وجرحى. استخدمت قوات الحوثيين في أجزاء كثيرة من اليمن الألغام الأرضية المضادة للأفراد المحظورة، وأطلقت المدفعية عشوائيا على مدن مثل تعز والحديدة، وقتلت وجرحت مدنيين، واغتالت معارضين وأطلقت صواريخ باليستية عشوائية على البنية التحتية المدنية في السعودية.

لا توجد تقديرات واضحة لعدد الضحايا المدنيين جرّاء هجمات الحوثيين وذلك مرة أخرى لصعوبة جمع البيانات. قد ترقى أعمال القتل وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحوثيين إلى جرائم حرب.

فيروس كورونا

بينما كان السكان المدنيون في اليمن يعانون اصلا من أزمة إنسانية هائلة من صنع الإنسان، فرضت أزمة فيروس كورونا ضغطا إضافيا على النظام الصحي الذي مزقته الحرب بالفعل. هذا النظام الصحي الذين كان يشهد نقصاً في الموارد وتضرر جراء سنوات طويلة من النزاع، غير مجهز بما فيه الكفاية لرعاية مرضى كورونا واحتواء تفشي الفيروس. إلا أن هذا التفشي لم يكن سوى واحد من المخاوف الصحية العديدة لليمنيين.

قبل فيروس كورونا، أفيد عن تفشي كبير لأمراض أخرى في اليمن مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة وحمى الضنك. أثرت الكوليرا لوحدها على كل أسرة يمنية تقريبا بطريقة ما، مع نحو مليوني حالة مشتبه بها منذ 2016.

رغم ذلك، أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن مغلقة أو تعمل جزئيا. منذ 2015، استهدفت أطراف النزاع المرافق الطبية، وأيضا الكوادر الطبية، حيث تعرض العاملون الصحيون للتهديد والإصابة والاختطاف والاحتجاز والقتل.

جراء ذلك، هرب العديد من الاختصاصيين الطبيين من اليمن، ما ألحق أضرار إضافية باستجابة الرعاية الصحية. عرقل الحوثيون بشدة وحوّلوا المساعدات الدولية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. يُحتمل أن تكون أطراف النزاع استخدمت التجويع كسلاح حرب، مما أضعف صحة اليمنيين أكثر. في 2017، وصف ستيفن أوبراين، منسق شؤون الإغاثة لدى “الأمم المتحدة”، اليمن بأنه يشهد أكبر أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

في ضوء هذه الانتهاكات المتعددة، يضيف تفشي الفيروس مستوى جديد من البؤس على حياة اليمنيين الذين كانت صحتهم العقلية والجسدية وإمكانية وصولهم إلى البنية التحتية للرعاية الصحية قد اُستُنفدت بشدة بالفعل. سُجلت أول حالة مؤكدة في البلاد في 10 أبريل/أبريل 2020.

رغم قدرة الاختبار المحدودة في البلاد، بلغ عدد الحالات المؤكدة في اليمن حتى 26 سبتمبر/أيلول 2034 حالة، و588 حالة وفاة ذات صلة. يستحيل معرفة الأرقام الفعلية.

اتُهمت سلطات الحوثيين في شمال اليمن بأنها أخفت الأثر الحقيقي لفيروس كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرتها. أثار مسؤولو الأمم المتحدة مخاوف من إمكانية أن يصيب الفيروس نحو 16 مليون شخص في اليمن، أي 55% من السكان، بحسب التوقعات الوبائية.

أعلنت السعودية في أبريل/نيسان أن التحالف سيبدأ وقف إطلاق نار أحادي الجانب بعد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مارس/آذار إلى وقف إطلاق نار عالمي لتعزيز السلام ومكافحة الوباء. رحبت جماعات إنسانية وحقوقية عديدة بالخطوة ورأت فيها فرصة لبدء عملية لإنهاء معاناة ملايين المدنيين في اليمن؛ لكن الأعمال العدائية استمرت.

الحاجة المُلحّة للمساءلة

بينما يواصل “الاتحاد الأوروبي” تقديم مساعداته الإنسانية لليمن منذ 2015، والتي بلغت 484 مليون يورو، كانت الجهود التي بذلها الاتحاد لتعليق مبيعات الأسلحة إلى التحالف محدودة، رغم الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي الملزم قانونا والذي ينص على عدم وجوب منح رخصة تصدير أسلحة إلى دول “تستخدم التكنولوجيا أو المعدات العسكرية […] بعنف ضد بلد آخر”.

بعد تصفية الحكومة السعودية لجمال خاشقجي في 2018، أصدر “البرلمان الأوروبي” قرارات تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر أسلحة على السعودية.  حث أيضا الدول الأعضاء في الاتحاد على عدم بيع أسلحة إلى السعودية والإمارات “وأي عضو في التحالف الدولي”، أو إلى الحكومة اليمنية وأطراف أخرى.

بينما أوقفت بعض دول الاتحاد الأوروبي أو قيّدت تصدير المعدات العسكرية إلى التحالف – بسبب القانون الإنساني الدولي ومخاوف حقوقية – استمرت دول أخرى في الإمدادات. حذر مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية من أن استمرار المسؤولين الأمريكيين في الموافقة على مبيعات الأسلحة قد يضعهم في شبهة ارتكاب جرائم حرب، نظرا لنمط الهجمات غير القانونية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن على مدار سنوات.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، حث “المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان”، بدعم من خمس جماعات غير حكومية، المدعية العامة لـ”المحكمة الجنائية الدولية” على التحقيق في دور المدراء التنفيذيين لشركات الأسلحة الأوروبية ومسؤولي التراخيص في انتهاك للقانون الإنساني الدولي والذي قد يرقى إلى جرائم الحرب في اليمن.

في يونيو/حزيران 2020، في خضم أزمة فيروس كورونا، أزال الأمين العام للأمم المتحدة التحالف بقيادة السعودية من “قائمة العار” (قائمة تضم البلدان المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة) رغم استمرار الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في اليمن.

في الشهر التالي، أعلنت المملكة المتحدة عزمها استئناف مبيعات الأسلحة إلى السعودية رغم الأدلة الموثّقة على استمرار انتهاكات التحالف لقوانين الحرب. فعلت دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكندا وإسبانيا، الأمر نفسه. السعودية والإمارات أكبر زبونين لصناعة الأسلحة الأوروبية.

لا يمكن طمس الفظائع المرتكبة، لكن عدم رغبة الدول المشاركة في النزاع في الاعتراف بالانتهاكات الحقوقية الجسيمة والانتهاكات الإنسانية الدولية المرتكبة في اليمن، يصعّب من إمكانية تصديق أن الضحايا سينالون يوما ما العدالة والإنصاف.

مع انشغال معظم الدول بتفشي فيروس كورونا في أراضيها، تراجع الاهتمام بالوضع الإنساني الكارثي في ​​اليمن أكثر. لكن لا يزال عمل الجماعات الحقوقية المحلية والدولية قويا ومهما إذ يوجه رسالة بعدم الاستسلام، ويقدم دعما منقذا للحياة لسكان اليمن الذين يعانون. سيكون توثيق الانتهاكات والاعتداءات ضروريا لأي شكل من أشكال المساءلة والمصالحة في هذا البلد الذي مزقته الحرب.