موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

سفير الإمارات في إسرائيل وتعزيز تطبيع خطاب محو فلسطين

134

ندد رئيس حزب التجمع الوطني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 جمال زحالقة بمواقف سفير الإمارات في إسرائيل وتعزيز خطاب محو فلسطين.

وقال زحالقة في مقال له “احتفل الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين مطلع الشهر الحالي، باستقبال سفير الإمارات الجديد محمد محمود آل خاجة، في القدس المحتلة”.

وذكر زحالقة أن السفير الإماراتي ألقى كلمة خلال مراسم تقديم أوراق اعتماد، غاب عنهما اسم فلسطين وذكر قضيتها.

وكان احتفال ريفلين بهذا الغياب لا يقل عن بهجته الغامرة بدخول سفير عربي إلى “كانوسا” بيت رئيس الدولة اليهودية في القدس.

وعلى الرغم من أن الخطابات الدبلوماسية مملة وروتينية، فإن الانسجام والكلام المعسول بين ممثل لدولة عربية، وممثل للدولة العبرية مثير للاشمئزاز، في أقل تعبير بحسب زحالقة.

ريفلين من جهته لا يفوّت فرصة للترويج للرواية الصهيونية الكاذبة، فبعد ان تباهى ان أباه ولد في القدس وأنه انجز أوّل ترجمة عبرية للقرآن الكريم، انبرى للحديث عن أسطورة روح الشعب قائلًا: “نحن أمتان يجمعهما نفس الإيثوس. شعب صغير يعمل على إحياء الأرض القاحلة ويحوّلها الى جنّة”.

وذلك في إشارة إلى رواية المستعمرين أن فلسطين كانت قفراً حتى جاءت الحركة الصهيونية وأنقذتها وأحيتها من جديد.

قال ريفلين هذا الكلام في منطقة الطالبية، حيث البيوت العربية الفلسطينية، التي يقطّع جمالها القلوب، تطل عن بعد عشرات ومئات الأمتار على موقع استقبال السفير.

والطالبية بالمناسبة هي منطقة أنجبت أحد أهم المفكرين في العالم، وهو المرحوم البروفيسور إدوارد سعيد، ناهيك من التحف المعمارية النادرة فيها.

من الواضح أن ريفلين تعمّد تجاهل قضية فلسطين، وله في ذلك أهداف.

فهو يمثل السياسة الرسمية ومن أنصار “أرض إسرائيل الكاملة” ويسعى إلى محو فلسطين عن الخريطة، معتقداً أن محوها من الخطاب هو يمهد لذلك.

أمّا السفير الإماراتي فقد كُلّف من قيادته بعدم ذكر كلمة فلسطين، وعدم التطرق إلى الواقع أو التاريخ القريب.

ولم يجد المتحدث الإماراتي حرجاً في القول: “تحمل كل من دولة الإمارات ودولة إسرائيل قواسم مشتركة، ولديهما رؤية مستقبلية واحدة تحمل قيم التسامح والتعاون، الآن أكثر من أي وقتٍ مضى”.

ما لا يعرفه ولا يريد أن يعرفه السفير الإماراتي ومن أرسله، هو أن مقبرة “مأمن الله” التاريخية، تقع على بعد مئات الأمتار من موقع “الاحتفال” وتريد إسرائيل أن تمحوها لتقيم فوقها “مركز التسامح”.

شعب فلسطين يعرف جيّداً كم هو خطير التسامح الإسرائيلي.

لم تثر مراسيم تسليم أوراق اعتماد السفير الإماراتي في إسرائيل صدىً إعلامياً وسياسياً له وزن، ما يشير إلى التكيّف مع التطبيع العربي، وإلى تطبيع التطبيع، فلا غضب ولا سخط، ولا احتجاج أو استنكار، سوى جمل عابرة من بعض الفصائل الفلسطينية.

الخطورة في هذا الوضع انه قد يشجع دولا عربية إضافية إلى الجري خلف الإمارات، وإقامة علاقات تطبيع كاملة مع إسرائيل، وتجاوز “العائق” الفلسطيني.

وما يزيد من الخطر أن هناك أنظمة عربية تقامر بالأمن القومي العربي، عبر تعريض بلادها وبلاد غيرها للخطر، وتزج نفسها في التوتر القائم بين إسرائيل وإيران، وحتى بين إسرائيل وتركيا.

قبل أن يغادر دبي كتب السفير الجديد على تويتر، أن إسرائيل والإمارات بدأتا في التعاون في مواجهة تحديات أمنية في المنطقة.

بطبيعة الحال إسرائيل هي التي تتحكّم بهذا التعاون، ولديها أهداف محدّدة تتعلّق كلّها بأمن الدولة العبرية.

لن يحمي التحالف مع إسرائيل أمن أنظمة التطبيع، بل يعرّضه لمخاطر إضافية، لأنّه يعيق التوصل إلى الاستقرار في المنطقة.

ناهيك من التنازل اللاأخلاقي عن قضية فلسطين.

الفائدة، التي قد تجنيها الإمارات من التحالف الأمني مع إسرائيل مشكوك في أمرها، ومحاطة بعلامات الاستفهام.

لكن ما ستربحه إسرائيل وما تريده، هو أمور محدّدة وتتلخص بما يلي:

إسرائيل تريد أن تسبح في مياه الخليج الدافئة بالقرب من عدوّها الأوّل إيران، وتخطط ليكون لها موطئ قدم في الخليج.

وذلك عبر إقامة شبكة إنذار مبكّر، ومرافق للتجسس على إيران، ومراقبة قواتها العسكرية ومنشآتها النووية، ومصانع صواريخها الدقيقة.

إن أي تواجد إسرائيلي في الخليج ستعتبره إيران موجّها ضدّها، وهدفاً شرعياً بنظرها للاستهداف والهجوم، ما يعرّض أمن الإمارات للمزيد من المخاطر.

تستغل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية صفقات الأسلحة الإماراتية الأمريكية للحصول على “تعويض” من الولايات المتحدة، وفقا للالتزام الأمريكي بالمحافظة على التفوّق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.

لم تعد إسرائيل تعارض حصول الإمارات على طائرات أف 35، وغيرها من الأسلحة المتطوّرة، وقدّمت للأمريكيين قائمة مطالب طويلة من أسلحة أكثر تطوّراً، لم تحصل عليها من قبل، ويميل البنتاغون إلى التجاوب مع هذه المطالب.

هناك قلق إسرائيلي مما يجري في اليمن وتخشى أن تكون فيه صواريخ دقيقة طويلة المدى، قد يجري استعمالها ضدّها في مرحلة ما.

ليس معروفاً بعد طبيعة التعاون الإسرائيلي الإماراتي في موضوع اليمن، لكنّ المحللين الصحافيين المقربين من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، كتبوا أكثر من مرة عن التعاون مع الإمارات في الملف اليمني.

تنظر إسرائيل إلى الإمارات كبلاد غنية لديها فائض من الثروات والموارد، ويسيل لعاب الصناعات العسكرية الإسرائيلية لبيع المعدات العسكرية والأسلحة لدول الخليج والإمارات تحديداً.

كما تسعى إسرائيل لبيع خبرات أمنية وإلى القيام بمشاريع تدريب واستشارة للجهاز الأمني والعسكري في الإمارات.

تسعى إسرائيل إلى تحويل التعاون والتحالف مع دول الخليج إلى حلف رسمي برعاية غربية.

ووفق ما نشرته القناة الإسرائيلية الأولى، تقوم إسرائيل هذه الأيام باتصالات مكثفة مع دول غربية لرعاية مثل هذا الحلف، الذي سيكون تابعاً بشكل أو بآخر للحلف الأطلسي.

وقد تسارعت الاتصالات بهذا الشأن بعد التفجير، الذي طال سفينة نقل إسرائيلية في الخليج.

والإمارات لها دور مركزي في هذا التحرّك، وموقفها الداعم هو نقطة الانطلاق.

من الواضح أننا لسنا أمام حالة تطبيع عادية، إذا صح التعبير، بل إزاء تحالف استراتيجي على حساب القضية الفلسطينية وعلى حساب مصلحة الشعوب العربية.

وبعد أن تهاوت أنظمة عربية الواحد تلو الآخر في الحضن الإسرائيلي، يتردد السؤال من سيكون المطبّع التالي.

ويتحدد السؤال أكثر حول ماذا ستفعل السعودية؟ لقد ساد، قبل الانتخابات الأمريكية اعتقاد بان السعودية ستقوم بالتطبيع مع إسرائيل إذا بقي ترامب في الحكم، ولن تكون مضطرة لذلك في حال فوز بايدين، لأنه لن يضغط عليها للسير في هذا الاتجاه.

ولكن، وبعد الموقف الأمريكي الجديد من قضية جمال خاشقجي، قد يتبرّع النظام السعودي بصفقة التطبيع مع إسرائيل مقابل “عفو” أمريكي عن الأمير بن سلمان ومن حوله، خاصة أنه يبدو أن الولايات المتحدة لن تقبل به ملكا شرعيا.

لا نعرف ماذا ستفعل السعودية، لكن الأمر المؤكّد أن مسيرة التطبيع تتوسّع وتتعمّق، وإسرائيل توظّفها في إطار استراتيجية تهميش القضية الفلسطينية، وأنظمة التطبيع تتعاون معها بلا تردد.

وحين يلقي سفير الإمارات كلمة معدّة سلفًا ولا يذكر فلسطين بكلمة وهو يقف على أرض فلسطين، فهذه أكبر هدية لإسرائيل هذه الأيام.

أمّا الكلام الممجوج عن أن الكل يبحث عن مصالحه، فهو تبرير واهٍ واستخفاف بالعقول.

فالمصلحة التي يجري الحديث عنها هي مصلحة وهمية لأنظمة مفلسة، وليس مصلحة الشعوب العربية بالتأكيد.

من تهمه مصلحة شعبه تهمه قضية فلسطين، ومن لا تهمه مصلحة شعبه وكرامته يمكنه ان يتجاهل اسم فلسطين.