موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: هكذا تحرم الإمارات اليمنيين من أكبر مشروع صناعي واستثماري

274

يشكل استمرار سيطرة دولة الإمارات على ميناء الغاز في بلحاف حرمان متعمد لليمنيين من أكبر مشروع صناعي واستثماري في تاريخ بلادهم.

وكان مقررا أن يوفر ميناء بلحاف إيرادات بنحو أربعة مليارات دولار سنوياً، قبل أن يبدأ التحالف السعودي الإماراتي حربه على اليمن المستمرة منذ عام 2015.

وعلى نحو يناقض كل الأهداف التي جاء من أجلها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن يبدو جلياً أن أبوظبي انجرت وراء أجندتها المشبوهة باليمن؛ وفي مقدمتها السيطرة على الموانئ وحقول النفط والغاز.

وفي الوقت الذي عجزت فيه الحكومة اليمنية عن القيام بخطوات فعلية على الأرض للتخفيف من انهيار الوضع الاقتصادي والعملة المحلية وسط تهديدات حكومية محلية بالتصعيد، تُواصل دولة الإمارات السيطرة على مختلف موانئ ومنافذ اليمن البحرية، وفي مقدمتها ميناء بلحاف النفطي، الذي يعد الميناء الرئيس لتصدير الغاز للخارج.

وتمكنت القوات الحكومية المدعومة من الإمارات والسعودية، منتصف 2016، من طرد الحوثيين من شبوة وتحرير ميناء بلحاف، قبل تحرير المحافظة بالكامل أواخر العام نفسه.

وعقب طرد الحوثيين بدأت قوات موالية للإمارات، منذ أغسطس عام 2017، بالتمدد في المحافظة، وكانت ما تسمى قوات “النخبة الشبوانية” تتحكم في ميناء بلحاف، وأوقفت أكثر من مرة، عمليات تصدير وتسييل الغاز.

وعقب محاولة القوات الموالية للإمارات السيطرة على شبوة (شرقي اليمن)، في أغسطس 2020، تمكن الجيش اليمني من قلب الأمور لمصلحته، وفرض سيطرته بشكل كامل على مدينة عتق (458 كم جنوب شرقي صنعاء) عاصمة المحافظة، بعد معارك مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وتوسع بسيطرته في معظم المديريات.

وفي بلحاف أعلنت قوات النخبة الموجودة فيه ولاءها لـ”الشرعية”، ووصلت قوات الحكومة إلى الميناء وحاصرته، إلا أن القوات الإماراتية المتمركزة هناك رفضت مغادرته، وما زالت تسيطر عليه حتى اليوم.

وفي 12 أكتوبر 2020، جدد محافظ شبوة اليمنية مطالبته بإخراج القوات الإماراتية من ميناء بلحاف النفطي، أهم منشأة نفطية في البلاد متوقفة عن العمل منذ أكثر من 5 أعوام.

وحذَّر محافظ شبوة (شرق)، محمد صالح بن عديو، من احتجاجات شعبية للمواطنين وآلاف الموظفين الذين أصبحوا عاطلين عن العمل، بسبب سيطرة القوات الإماراتية على منشأة بلحاف وعدم السماح باستئناف العمل فيها.

وقال “بن عديو”، في مقابلة تلفزيونية مع قناة “حضرموت” المحلية، إن الإمارات حوّلت منشأة بلحاف للغاز في شبوة إلى “ثكنة عسكرية، وتقف حجر عثرة أمام إعادة تشغيل المنشأة وتصدير الغاز، للسنة الخامسة على التوالي”.

وقدَّم “بن عديو” عرضاً للإماراتيين، بتوفير مكان بديل في محافظة شبوة، قائلاً: “5 نجوم وعلى حسابي”، وإخلاء المنشأة لمعاودة التصدير، “لأننا بلد يعتمد في موازنته على عائدات الغاز بنسبة 70%، ونواجه ضغطاً شعبياً، لأن هناك آلاف العمال تم تسريحهم وأصبحوا بلا عمل”.

وأضاف: “المواطنون سيضطرون إلى التظاهر أمام المنشأة وهذا ليس في مصلحتهم (اﻹماراتيين)، أما نحن فلن نخسر شيئاً أكثر مما خسرنا”.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها المحافظ اليمني، الإمارات، ففي السادس من سبتمبر 2020، أبلغ المحافظُ، سالمَ الخنبشي، نائبَ رئيس الوزراء اليمني، خلال زيارته للمحافظة، ضرورة إجلاء القوات الإماراتية الموجودة في منشأة بلحاف الغازية.

ونقل موقع “المصدر أونلاين” اليمني، أن المحافظ أكد لـ”الخنبشي” جاهزية المنشأة الغازية فنياً وأمنياً للعمل، وأن وجود القوات الإماراتية هو السبب الرئيس في توقف المنشأة وتعطلها، رغم حاجة الدولة الماسة لتشغيلها.

وعقب ذلك اتهم البرلماني اليمني شوقي القاضي، في تغريدة له نشرها على حسابه الرسمي بـ”تويتر”، الإمارات بعسكرة منشأة بلحاف في شبوة وتعطيل عملها.

وقال القاضي: إن “من جرائم الإمارات في اليمن أنها سيطرت على منشأة بلحاف الغازية في شبوة، وجعلتها ثكنة عسكرية، وعطَّلتها عن تصدير الغاز”.

وأضاف أن الإمارات حرمت الاقتصاد اليمني المنهار من أهم إيراداته، متسائلاً: “أين موقف رئاسة الشرعية وحكومتها وبرلمانها؟ وأين موقف السعودية التي استدعت الإمارات وتسكت عن عبثها وجرائمها؟”.

“استيلاء الإمارات على منشأة بلحاف ومنعها اليمن من تصدير الغاز من أكبر درجات التعدي والعدوان”، هكذا وصف الباحث السياسي نجيب السماوي ما يحدث في ميناء بلحاف.

ويعتقد السماوي أنَّ عجز الحكومة اليمنية هو الذي جعل الإمارات تواصل السيطرة على أهم مورد للغاز والنفط في اليمن، مشيراً إلى أن هذا العجز سيستمر مع استمرار بقاء الحكومة في الرياض.

وعن إمكانية تحرك الحكومة لإخراج القوات الإماراتية من بلحاف، يقول السماوي: “لم تقم الحكومة بذلك وهي في أشد عداوتها بعد قصف قواتها في أبين، فكيف ستقوم بهذا الأمر والانتقالي الموالي لأبوظبي سيصبح قريباً شريكاً لها في الحكومة؟”.

ويقول إن على البرلمان اليمني الاجتماع في أسرع وقت ممكن؛ للضغط على الحكومة من أجل تدويل هذه القضية، وإلزام قوات أبوظبي بالخروج من الميناء النفطي.

وأضاف: “منشأة بلحاف للغاز من المشاريع الاستراتيجية التي من المفترض أن يعود مردودها على اليمنيين، لكن لحد الآن هذا المشروع مجمد بسبب الإمارات التي تسيطر على المنشأة وتسعى للاستفادة من هذا المشروع لصالحها”.

ويعد ميناء تصدير الغاز في منطقة “بلحاف” في شبوة اليمنية أكبر مشروع صناعي واستثماري يمني، بدأ إنتاجه في عام 2009، وكان يوفر إيرادات تقارب 4 مليارات دولار سنوياً، نصفها تحصل عليها الحكومة اليمنية ونصفها الآخر يتقاسمه الشركاء الفرنسيون والأمريكيون وغيرهم ضمن الشركة اليمنية للغاز المسال.

وتشغل الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال خط أنبوب يربط بين وحدتي إنتاج ومعالجة الغاز في محافظة مأرب، المستخرج من حقول جنة مديرية عسيلان بمحافظة شبوة، وخط أنابيب رئيسي يقدَّر طوله بنحو 320 كم، وبقُطر يبلغ 38 إنشاً، يربط وحدة معالجة الغاز في حقل أسعد الكامل في القطاع 18 بمأرب بمحطة تسييل الغاز في ميناء بلحاف الساحلي على ساحل خليج عدن.

وأتاح موقع منشآت بلحاف سهولة الوصول إلى الأسواق الاستهلاكية في كل من شبه الجزيرة الهندية، وأوروبا، والشرق الأقصى، إضافة إلى الأمريكيتين، ويلائم الموقع تقريباً جميع الأسواق العالمية للغاز الطبيعي المسال.

وفي أغسطس 2005، وقعت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال عقود بيع طويلة الأجل تمتد لـ20 سنة قادمة مع 3 من كبريات الشركات العالمية، شملت: شركة “سويس” للغاز الطبيعي المسال، ومؤسسة الغاز الكورية الجنوبية المعروفة بـ”كوغاز”، وكذلك شركة “توتال” للغاز والطاقة المحدودة.

في نوفمبر من العام الماضي، كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن دولة الإمارات تدير سجناً في “بلحاف” التي تشرف عليها المجموعة الفرنسية “توتال”، وذلك بناء على شهادات عدة استقتها من منظمات حقوقية دولية ومعتقل سابق وعائلة معتقل آخر.

ويقول الناشط السياسي اليمني محمد اليمني، إن أحد أسباب رفض الإمارات مغادرة ميناء بلحاف وجود سجن سري كبير داخلها يتم إخفاء المعارضين لها داخله، خصوصاً من حزب الإصلاح اليمني.

وأكد اليمني أن السبب الرئيسي يكمن في أن خطة الإمارات تقوم على سيطرتها على كافة الموانئ والسواحل اليمنية، وتعطيل أي خطوة للحكومة اليمنية، وجعلها عاجزة عن تحقيق أي نجاح على الأرض.

وأضاف: “حرصت الإمارات أكثر على تجريد الحكومة الشرعية من أهم الموارد الاقتصادية التي تشكل قوام نفوذها وتأثيرها في الجغرافيا اليمنية، وبدا ذلك واضحاً من خلال وضع قوات موالية لها في مناطق بعيدة عن أي مركز إمداد، أو نشر قوات لها في أماكن سيطرة القوات الحكومية”.

ويرى أن حكومة بلاده عاجزة كلياً عن أي تحرك لإعادة تشغيل هذا الميناء، مشيراً إلى أن قرارها “بيد السعودية، والسفير السعودي محمد بن جابر، الذي هو من يوجه الحكومة ومسؤولي الشرعية، ولا يستطيعون أي حراك بدون أوامره”.