موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

معتقلو الرأي في سجون الإمارات بانتظار الحرية على غرار هيدجز

174

تفاعل العالم وبالذات وسائل الإعلام والحكومة البريطانية، بشكل كبير مع قضية الأكاديمي البريطاني “ماثيو هيدجز” الذي اعتقل في الإمارات وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة التجسس على خلفية بحث لرسالة الدكتوراة عن السياسة الأمنية والعسكرية الإماراتية بعد ثورات الربيع العربي.

هذه القضية ليست خارج القفص والطريق الأمني الذي اتخذته الأجهزة الأمنية الإماراتية مُسخرة كل السلطات (التنفيذية، البرلمانية، القضائية، والإعلامية) منذ 2011 مستهدفة المثقفين والأكاديميين والناشطين والمحامين والطلبة معظمهم من الإماراتيين.

وهناك العشرات من المواطنين في سجون جهاز أمن الدولة الإماراتي لأنهم طالبوا بالإصلاح ومارسوا حقهم الدستوري والقانوني في التعبير عن الرأي، كما أن هناك العشرات من المواطنين العرب معظمهم مثقفين وصحافيين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي تم اعتقالهم وجرى الحكم عليه بمدد طويلة بالسجن.

أبدت الحكومة البريطانية وعائلة “هيدجز” صدمتها من إصدار حكم في أقل من خمس دقائق دون عرض التُهم أو حضور المحامي، معظم القضايا المتعلقة بالرأي والتعبير يتم فيها إصدار الحكم بنفس الطريقة، خمس دقائق يذكر فيه الحكم الصادر بالسجن ومصادرة ما توصف بالأدلة وهي أجهزة الكترونية حواسيب وهواتف استخدمت في التعبير عن الرأي تماماً مثل “هيدجز”.

الفارق فقط أن هيدجز حصل على ضغط إعلامي ودولي بصفته مواطناً غربياً، وحكومته تهتم لأمره، وعائلته تتكلم بحرية دون الخوف من نفس المصير، كما أن الفارق الأخر أن معظم المعتقلين تعرضوا للتعذيب عدة أشهر يشمل الضرب والتعليق من الأرجل والتهديد بالاغتصاب..الخ.

“هيدجز” تعرض لتعذيب نفسي لمدة خمسة أشهر ولم تظهر قضيته للعلن إلا بحديث زوجته وضغط حكومته من أجل محاكمته ولسوء حظه أن علاقة بلاده في أبوظبي كانت سيئة بسبب ملفات خارجية معقدة بين الدولتين، لذلك جرى إصدار حكم سيء بحقه يصل إلى مدى الحياة! فاستخدمت الدولة القضاء للانتقام السياسي.

لكن المثقفين والأكاديميين في الإمارات أمثال الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي وأحمد منصور، والدكتور ناصر بن غيث، والدكتور محمد الركن والدكتور محمد المنصوري، والدكتور علي الحمادي، وغيرهم كثير انتقم منهم جهاز الأمن وتجاهلتهم الحكومة والشيوخ، خوفاً من أن يمسهم شرور الجهاز نفسه، حتى القضاء رفض مراراً وتكراراً التحقيق في جرائم التعذيب التي طالتهم في السجون السرية والانفرادية والانتهاكات التي طالتهم بعد إصدار الأحكام السياسية بحقهم.

قضية هيدجز توضح للمواطنين الإماراتيين ودول المنطقة كم أن حرية التعبير مهمة من أجل التقدم والرقي والتحضر وبناء المستقبل، وبغيره ستبقى الدولة في أسوأ بلدان التخلف.

كما أن قضية هيدجز وصلت الى الاتفاق على تسوية سياسية والافراج عنه بعفو ، ولكن الأكاديميين والناشطين الإماراتيين مازالوا رغم مرور السنوات  في المعتقلات ومع انتهاء محكومية بعضهم، وهي قضية كشفت جانبا من الانتهاكات الضخمة التي تمارسها الأجهزة الأمنية ضد الناشطين، يجب أن لايغلق ملف الانتهاكات الا بالإفراج عن جميع المعتقلين والمعتقلات وازالة كل آثار ذلك منعا لتكرار الانتهاكات في المستقل وتنظيف سجلات الامارات الحقوقية.

حرية التعبير لا تعرف جنسية ولا تمر بين البلدان بجواز سفر، بل هي حق لكل إنسان داخل الكوكب، ورفض الانتهاكات واجب على الإنسانية جمعا.

وبهذا الصدد طالبت مؤسسة “سكاي لاين” الدولية بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية التعبير عن الرأي وذلك بعد إصدارها قرارا رئاسيا بالعفو عن الأكاديمي البريطاني “ماثيو هيدجز” الذي كان يواجه حكما بالسجن مدى الحياة في أبو ظبي.

وقالت شيرين عوض مديرة المؤسسة الحقوقية التي تتخذ من ستوكهولم مقرا لها في بيان صحفي، إن على الإمارات إطلاق سراح جميع ما يعرف بمعتقلي الرأي الذين تم اعتقالهم منذ عام 2012 بسبب دعوتهم للانتخابات البرلمانية.

كما طالبت عوض بإطلاق سراح الصحفي الأردني تيسير النجار الذي وجه انتقادات للإمارات خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014 وتم الحكم عليه بالسجن مدة ثلاثة أعوام.

وقالت عوض “إن قرار العفو عن الأكاديمي البريطاني المتهم بالتجسس، وهي تهمة خطيرة وفق القانون الإماراتي يثير التساؤل حول نظام سير العدالة في الإمارات، حيث يتم العفو عن جرائم خطيرة كالتجسس لصالح أجهزة مخابرات عالمية كما أفاد بيان النيابة الإماراتي، مقابل التشدد في أحكام على خلفية التعبير عن الرأي دون وجود أي بوادر حسن نية لإطلاق سراح المعتقلين من السجون الإماراتية”.

وأضافت أن أحدث السجلات الحقوقية للإمارات لا تعطي مؤشرات على أي تقدم ملموس في صيانة حقوق التعبير عن الرأي لمواطنيها، أو حتى الوافدين والعاملين على أراضيها، بل إن سياسة الخوف التي تنشرها الإمارات من خلال النماذج التي اعتقلتها سواء للمواطنين أو حتى الأجانب على أراضيها تستهدف بث سياسة الخوف والرعب بينهم لدفعهم للصمت وعدم التعبير عن آرائهم في أي من القضايا.

وبسبب سجلها الحافل في انتهاك حرية الرأي والتعبير، أقدمت المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي على توصيات لإنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في الإمارات وذلك تماشيا مع “مبادئ باريس”، وهو ما رفضته السلطات الإماراتية بشكل قاطع، وأحجمت عن اتخاذ إجراءات بشأنها بما في ذلك البيانات والتوصيات الصادرة بشكل مشترك بين الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وختمت سكاي لاين الدولية بيانها بالمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الرأي وفتح مجال الحريات العامة في الإمارات والتوقف عن الإخفاء القسري والتعذيب في السجون السرية التابعة للدولة الإماراتية، سواء على أراضيها أو في الخارج.