موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

منتدى الإعلام الإماراتي.. أداة أخرى للنظام لتكريس القمع والتسلط

206

يقتصر البحث والنقاش في منتدى الإعلام الإماراتي على ما يريده النظام الحاكم في دولة الإمارات وكيفية تنفيذ المطلوب وليس مشاكل الإعلام في الدولة وما يعتريه من رقابة أمنية صارمة وتبعية ما يجعل المنتدى وسيلة أخرى للنظام لتكريس القمع والتسلط.

وانطلقت أعمال المنتدى في دورته الخامسة أمس السبت تحت شعار “نقاش الـ١٠٠ إعلامي ومؤثر”، الذي ينظمه نادي دبي للصحافة.

وقد ركزت كلمات رؤساء تحرير ومسؤولين إماراتيين في حفل افتتاح المنتدى على إشكالية الإعلام و”حساسية المرحلة” التي تمر بها الدولة.

وظهر واضحاً أن هناك مشكلة تواجه السلطات التي تدير المنتدى والخطاب الإعلامي في غياب درجة التأثير وغياب المؤثرين في البلاد الذي يؤثرون في الخارج.

شكا سلطان الجابر رئيس المجلس الوطني للإعلام، ومحمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة الرؤية، من غياب وجود المؤثرين في الخطاب الخارجي للدولة. وتساءل الجابر عن عدد المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي في الخطاب العالمي. فيما تحدث الحمادي عن تحويل الأصوات ودعمها لمواقف الدولة، مبدياً تبرمه من مناقشة القضايا الإماراتية على شبكات التواصل.

للحظات تحدث الحمادي عن “الخوف من الحرية” وطلب “أن يأخذ الشخص حرية الكلام”. وقال إن البعض يرى في “الحرية شيء مرعب.. وبالتأكيد أننا سنحصل (سنجد) عذر ما نقول شيء لكن لازم إذا أردنا التأثير أن نعبر عن دواخلنا”!

وعلى الرغم من أن الحمادي حاول التغطية على كلامه بالحديث عن الولاء إلا أن هذا خطاب نادراً ما يتم سماعه في الإمارات. ولا يبدو أن السلطات ستتنبه إلا إن كان في إطار قمع للحريات أما في تصحيح الوضع فالقمع المستمر يؤكد أن جهاز الأمن يمضي في طريق سيء.

من الواضح أن السلطات لا تريد مؤثرين رغم هذا الضغط على الصحافيين والإعلاميين والمسؤولين خلال منتدى الإعلام الإماراتي بل تريد جوقة “مطبلين” وهؤلاء لا يمكن اعتبارهم مؤثرين بقدر اعتبارهم مشاهير مطبلين.

كما قال الحمادي فإن قدرة الإماراتيين على ممارسة حقهم في الكلام، هو الطريق الأول للتأثير في الدولة وبدون وجود هذا الحق وممارسته فإن التأثير سيكون معدوماً.

وقد ركزت معظم الكلمات عن الإعلام الرسمي أن وسائل إعلامهم تحصل على مدح وثناء السلطات، أما ردة فعل الجماهير من المواطنين والمقيمين فيبدو أن ذلك غير مهم بالنسبة لتلك الوسائل.

من ذلك ما قاله علي عبيد الهاملي مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام عن الإنجازات في وسائل الإعلام التي تحظى بالإشادة من قِبل القيادة!

وقال الهاملي إن الإعلام الإماراتي يؤدي دوره بامتياز! لكن عبدالخالق عبدالله الأكاديمي المقرب من السلطات يرى غير ذلك ففي كلمه خلال المنتدى قال: الإمارات تعيش ظروفا استثنائية وسط إعلام خارجي متربص، وإعلامها يتعامل مع ذلك بتخوف وتخندق وليس بثقة، رغم ثقة الدولة.

يعود هذا الخوف إلى الرقيب الأمني المتربص والموجهات الأمنية فمن يسقط بخطأ مهما كان بسيطاً سيفقد عمله وسيطرد طاقم التحرير ويتم تغييره. أما عن ثقة السلطة فلا يوجد ثقة بل أوامر يتم تنفيذها وإلا إن كانت السلطات تثق بنفسها فستسمح بوسائل الإعلام المستقلة التي لا تخضع للرقابة.

لم يناقش 100 إعلام ومؤثر في منتدى الإعلام الإماراتي، مشاكل الإعلام في الدولة كما هو المأمول من المنتدى بل مناقشة ما يريده النظام الإماراتي وكيفية تنفيذ المطلوب.

ويواصل النظام الحاكم في دولة الإمارات انتهاج القمع والتعسف بالحريات الإعلامية مكرسا سلطة مستبدة لا تسمح بالرأي الأخر.

وواصلت الإمارات هذا العام التراجع بشدة في سلم الترتيب العالمي لحرية الصحافة واحتلت مرتبة متأخرة للغاية في التقرير السنوي لمنظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية.

وأظهر تقرير المنظمة الدولية للعام 2019 أن الإمارات احتلت المرتبة 133 من بين 180 دولة حول العالم بعد أن حصلت على  43.63 نقطة من أصل مائة نقطة.

ويعني ذلك تراجع الإمارات خمسة مراكز كاملة عن ترتيب العام الماضي الذي أعلنته منظمة مراسلون بلا حدود واحتلت فيه أبو ظبي المرتبة 128 بشأن الحريات في العالم.

ويعد ذلك بمثابة فضيحة جديدة للنظام الإماراتي الذي يروج على أنه ساحة من الحريات ويرفع شعار التسامح وحقوق الإنسان في إطار دعائي لا يمت للواقع بصلة كما تثبت التقارير الدورية الصادرة عن المنظمات الدولية.

وقالت مراسلون بلا حدود في تقريرها “أصبحت الإمارات العربية المتحدة رائدة في المراقبة الإلكترونية للصحفيين الذين أصبحوا أهدافًا دائمة بعد أن تمّ إقرار قانون الجرائم الإلكترونية سنة 2012”.

وأضافت “أصبح الصحفيون المواطنون والمدوّنون هدفًا للسلطات في الإمارات بمجرّد تقديمهم أي نقد. ويقع اتهامهم عادة بالقذف والإساءة إلى الدولة وبنشر أخبار زائفة قصد المس بصورة البلاد، وتهددهم عقوبات سجنية ثقيلة ويتعرضون إلى معاملة سيّئة”.

وأشارت إلى حالة الصحفي الإماراتي أسامة النجار، الذي وقع إيقافه سنة 2014، ولا يزال خلف القضبان رغم أنّه أنهى العقوبة في شهر مارس/آذار 2017.

ونبهت المنظمة الدولية إلى أنه رغم أنّ دستور الإمارات يضمن حرية التعبير فإن النظام يمكنه صنصرة منشورات محلية أو أجنبية كلما تضمنت نقدًا للسياسة الداخلية والعائلات الحاكمة والدين وعلاقات البلاد مع شركائها وأيضًا اقتصاد البلاد، طبقًا لأحكام القانون الفيدرالي لسنة 1980 الخاص بالمطبوعات والمنشورات.

وأبرزت المنظمة الدولية في تقريرها سوء المراقبة المتطورة عبر الإنترنت في دولة الإمارات بغرض تقييد حرية الرأي والتعبير والقمع الممنهج.

وقالت المنظمة الدولية إن الإمارات “هي أستاذة المراقبة على الإنترنت للصحفيين الذين غالباً ما يقعون ضحية لقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012”.

وذكرت أنه عادةً ما يتم استهداف المواطنون الصحفيون والمدونون لانتقاد النظام في الإمارات، ويتم اتهامهم بالتشهير ، أو إهانة الدولة ، أو نشر معلومات كاذبة بهدف الإضرار بسمعة البلاد.

وأضافت “أنهم يخاطرون بالسجن لفترات طويلة وقد يتعرضون لسوء المعاملة في السجن، وفيما يضمن الدستور حرية التعبير  لكن بموجب قانون 1980 المطبوع والمطبوعات يمكن للسلطات فرض رقابة على المطبوعات المحلية أو الأجنبية إذا ما انتقدت السياسات المحلية أو الاقتصاد أو العائلات الحاكمة أو الدين أو علاقات الإمارات مع حلفائها”.

وتتحكّم سلطات دولة الإمارات في الإعلام من خلال المجلس الوطني للإعلام الذي يتبع مجلس الوزراء وفقا للقانون الاتحادي رقم 11 لسنة 2016 ولا نفاذ لقراراته إلاّ بعد مصادقته.

وفي ظل سيطرة العقلية الأمنية في التعامل مع الإعلام وحرية الرأي والتعبير عبر سلسلة من القوانين التي تمثل سيفاً مسلطاً على كل من يعبر عن رأيه حول السياسة الداخلية أو الخارجية للدولة، لا تملك وسائل الإعلام الإماراتية القدرة على ممارسة حرية الرأي والتعبير بقدر ما تقوم بممارسة التضليل، لأن هذه الوسائل تخضع لإدارة ورقابة صارمة من جهاز أمن الدولة “حارس البوابة” الذي يناضل لتبقى كلمته هي السائدة والوحيدة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

وبما أن وسائل الإعلام الرسمية تخضع لرقابة جهاز أمن الدولة يلجأ المواطنون للتعبير عن آرائهم على شبكات التواصل الاجتماعي لكن الإمارات تشارك بشكل منتظم في المراقبة على الإنترنت للصحافيين والناشطين الذين غالباً ما يقعون ضحية لقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012. ما جعلهم عرضة للخطر بحسب ما أورده تقريري للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.

وينص القانون في الإمارات على عقوبات بالسجن وغرامات مالية كبيرة بحق كل من ينتقد سياسة الدولة أو يطالب بإصلاحات عبر الإنترنت، وهو الانتقاد الذي يطلقه ناشطون حقوقيون، أشاروا إلى أن الرقابة المفروضة من قبل السلطات الإماراتية على شبكة الإنترنت والصحافة تضاعفت، كما أنها كثفت جهودها لإسكات المعارضين، والحد من حقهم في حرية التعبير.

وبحسب هذه القوانين فعلى المؤسسات الإعلامية أن تلتزم بالأنظمة والضوابط التي تصدر عن المجلس كما تلتزم بتقديم المعلومات والبيانات التي يطلبها المجلس لتحقيق أغراضه في انتهاك للحق في المحافظة على سرية المصادر الصحفية والإعلامية التي كفلتها المعايير الدولية ذات الصلة.