موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: عبث الإمارات في العراق.. تهريب أسلحة ونهب النفط والآثار عبر ميليشيات

494

يتورط النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة في العبث في العراق ولعب دورا تخريبيا يزيد من ويلات ومآسي البلاد ومواطنيه.

ويتم ذلك عبر إقامة أبو ظبي علاقات وطيدة مع مليشيات مسلحة تنتشر في العراق من خلال دعمها بشحنات أسلحة مهربة ومن ثم استغلال تلك المليشيات في نهب نفط البلاد بأسعار زهيدة.

ووصلت أذرع الإمارات التي خلطت الأوراق في العديد من ملفات المنطقة إلى العراق، البلد الذي لايزال أهله يعانون من آثار الغزو الأمريكي عام 2003، وما جره من مشاكل أبرزها الأمنية، كان أكثرها أثراً ظهور تنظيم الدولة، وما خلفه من دمار في البلاد.

وكشفت سلسلة وقائع حدثت خلال العامين المنتهي والجاري عن تواصل قيادات إماراتية مع أوساط اقتصادية وسياسية عراقية، في محاولة لاستغلال حالة الفساد والفوضى التي تعم البلد؛ بهدف الحصول على مكاسب اقتصادية، وموطئ قدم في مجريات الأحداث ومسارها، بحسب ما أكد سياسيون ومراقبون.

هذا الأمر دفع البعض إلى البحث عن بصمات إماراتية في العديد من الأحداث التي تدور في العراق، ليس آخرها تأييد استفتاء انفصال إقليم كردستان، وتحول دبي إلى وجهة مفضلة للسياسيين العراقيين ورجال الأعمال الذين تدور حولهم شبهات الفساد.

وفي 9 أبريل الجاري أعلنت الهيئة العامة للجمارك العراقية عن إحباط تهريب حاوية في ميناء أم قصر بمحافظة البصرة، جنوبي البلاد، تحتوي على أسلحة تم إخفاؤها في شحنة لعب أطفال كانت قادمة من ميناء جبل علي الإماراتي.

الهيئة قالت في بيان: إن “السلطات الجمركية في مركز جمرك أم قصر الجنوبي تمكنت وبالتعاون مع الجهات الساندة لها في المنفذ من إحباط عملية تهريب الحاوية”.

وذكر البيان أن “الحاوية تم استيرادها من قبل القطاع الخاص على أنها إرسالية لعب أطفال، فيما تبين أنها تحتوي على 1033 قطعة سلاح أوكرانية المنشأ”.

وكشف موظفون في الهيئة العامة للجمارك العراقية، أن الصناديق المضبوطة في الحاوية التي جاءت من الإمارات كانت مستوردة على أنها ألعاب للأطفال، وكانت تحتوي على قطع سلاح مخبأة في داخل كراتين الألعاب.

وأوضحوا أن الشحنة مسجلة باسم شركة عراقية تحمل اسم جنة العقيق، وقد هرب مديرها المفوض علي الناصري إلى جهة مجهولة فور ضبط الشحنة، حيث سربت له مصادر الخبر من داخل الميناء.

وأكد الموظفون أن “هذه ليست الشحنة الأولى من الأسلحة التي تضبط في ميناء البصرة؛ ففي العام الماضي كشفت سلطات الميناء شحنة مماثلة لكن ضغوطاً مورست وذمماً اشتريت -حسب تعبيره- أدت إلى التستر على القضية”.

وذكروا أن “موظفاً في ميناء أم قصر عَمَد إلى تصوير عملية ضبط الشحنة الأخيرة، وتسريب الصور إلى وسائل الإعلام، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهو ما قطع الطريق هذه المرة على التستر على القضية”.

وقال مسئولون عراقيون إن رئاسة الوزراء تستعد لمفاتحة الإمارات للحصول على تفاصيل عن الشحنة التي خرجت من موانئها، والجهة التي كانت متجهة إليها.

في هذه الأثناء تتورط الإمارات بتهريب النفط بمساعدة المليشيات المسلحة في العراق وشرائها بأسعار زهيدة.

وتعتبر مدينة البصرة مركزاً لصناعة النفط في العراق، وتتمركز فيها مليشيات تتبع أحزاباً شيعية متنفذة، تعمل على خرق شبكة نقل النفط التي تمتد على مسافة مئات الكيلومترات من الآبار باتجاه منافذ التصدير، وتسرق الخام من خلال عملية معقدة، وتعمل على تهريبه؛ ما يوفر لها مبالغ طائلة سنوياً؛ بحسب ما كشف مسؤولون محليون في وقت سابق، فضلاً عن انتشار مقاطع فيديو توثق عمليات السرقة.

مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية أفاد أن دولة الإمارات تتواصل مع المليشيات النافذة في البصرة، وتتحصل على كميات كبيرة من النفط المسروق بنصف سعره في السوق العالمية.

المصدر قال إن “مصادر المخابرات العراقية رصدت تهريب ما بين 300 و400 ألف برميل نفط يومياً من البصرة، تستقبلها الإمارات بشكل رسمي عبر موانئها”.

وأكد المصدر أن “الأجهزة الأمنية رصدت اتصالات أجراها مسؤولون إماراتيون مع قيادات سياسة سنية، وأن أمولاً كبيرة يتم دفعها لهذه القيادات لتنفيذ أجندة الإمارات، وعلى رأسها محاربة الإخوان المسلمين اجتماعياً وسياسياً”، مشيراً إلى أن “الجانب الأمريكي ساعد الأجهزة الأمنية في الوصول إلى هذه المعلومات”.

وأضاف: إن “الإمارات تؤدي دوراً تخريبياً في العراق على مختلف الصعد؛ ومنها دعم عملية تبييض الأموال التي يهربها الفاسدون من العراق، عن طريق شراء عقارات باهظة الأثمان، خاصة في مشاريع عملاقة يحتفظ عراقيون متهمون بالفساد فيها بأسهم وحصص كبيرة”، مستدركاً بالقول: إن “عدداً من المطلوبين للقضاء بتهم متعلقة بالفساد يقيمون في الإمارات التي توفر لهم ملاذات آمنة”.

ومؤخرا طرح رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي، ملف تهريب النفط، الذي تسبب في إهدار الموارد وتراجع الخدمات، وهو ما أثار سلسلة احتجاجات شعبية كادت تطيح بالنظام خلال الصيف الماضي.

ومن أبرز الوثائق الرسمية التي تحدثت عن هذه القضية، تقرير الشفافية الصادر في 2006 عن مكتب المفتش العام بوزارة النفط العراقية، وحمل عنوان “تهريب النفط الخام والمنتجات النفطية”.

ولم يستمر عمر الملف طويلاً، إذ أُتلفت الوثائق المرتبطة به في حريق شب بالوزارة مباشرة بعد نشره للرأي العام، ولم يصدر تقرير بعده إلى يومنا هذا.

التقرير تحدث بالأرقام عن عمليات التهريب التي تمت في 2005 وتداعياتها الاقتصادية، مقدِّراً الأموال التي تم الاستيلاء عليها بما قيمته مليار دولار، مشيراً إلى أن التهريب يجري عن طريق الموانئ الجنوبية في البصرة باتجاه الإمارات، ودول أخرى.

وبحسب التقرير، فإن عمليات التهريب تتم باشتراك من بعض الدول المجاورة وبمشاركة مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي، وبتواطؤ من عناصر بالشرطة والجمارك العراقية.

تمويل مليشيات

ورغم عدم إصدار مكتب المفتش العام العراقي التقرير الذي أتى عليه الحريق، بعد أن خلصت التحقيقات الحكومية إلى أن الحريق قضاء وقدر، فإن المخابرات الأمريكية قدمت للجانب العراقي، نهاية مارس الماضي، تقارير عن تهريب النفط.

ووصلت المخابرات الأمريكية إلى أن 56 جهة عراقية تشارك في عمليات التهريب، والأموال المحصّلة تُقدَّر بنحو 4 مليارات دولار سنوياً، بحسب مصدر في وزارة الداخلية العراقية.

وقال مسئول عراقي إن 40 فصيلاً مسلحاً تسهم في عمليات التهريب، من خلال مناطق نفوذها باستخدام أساليب مختلفة، وتمول هذه المليشيات أنشطتها من خلال ملايين الدولارات من العائدات اليومية.

وأوضح المسئول أن الأحزاب والفصائل المسلحة آنفة الذكر تستخدم المنافذ الجنوبية والغربية لتهريب النفط باتجاه الإمارات. أما المنافذ الشمالية فتستخدمها 6 جهات كردية في تهريب النفط من آبار الشمال بكركوك وفي إقليم كردستان باتجاه إيران.

وأضاف أن المخابرات العراقية توصلت إلى أن معظم النفط المهرَّب عبر الجنوب يذهب إلى الإمارات، حيث يباع برميل النفط بأقل من 36 دولاراً للبرميل.

وبين المسئول أن عمليات التحري أوصلت المحققين العراقيين إلى وثائق تظهر عليها أختام موانئ وشركات إماراتية على النفط العراقي المهرب.

وكشف أن “معظم الأموال المحصَّلة من التهريب تودع في بنوك بإمارة دبي، وحكومة عبد المهدي بدأت بالتواصل مع الجانب الإماراتي بهذا الخصوص دون إعلان ذلك، لعدم إثارة الجهات السياسية والمليشيات التي يمكن أن تضغط لوقف جهود التحقيق كما فعلت في السنوات الماضية”.

كما أن الوجود الإماراتي في إقليم كردستان شمالي العراق لافت للعيان؛ حيث استثمرت أبوظبي في خلافات الإقليم مع الحكومة المركزية في بغداد، وأقدمت على بناء نفوذ سياسي لها من خلال استغلال حاجة الإقليم لمستثمرين في قطاع النفط والغاز الذي يعزز آمال الأكراد بالاستقلال عن العراق، بحسب الصحفي العراقي سامان كركوكلي، المختص بالشأن الكردي.

 كركوكلي- وهو مطلع على حركة الاستثمار في إقليم كردستان- قال إن “أبوظبي دفعت بأهم شركاتها نحو الإقليم، مثل شركة دانة غاز، وشركة طاقة التي تستحوذ على 20% من أسهم شركة ويسترن زاكروس الكندية، وشركة الهلال التي تعمل في قطاع استكشاف وإنتاج النفط والغاز بمنطقة الشرق الأوسط”.

وأضاف: إن “حجم استثمارات شركة الهلال يقدر بـ12 مليار دولار، من خلال عقود سيجري تنفيذها خلال مدة تصل إلى عشرين عاماً”.

من جهة أخرى، يشير كركوكلي إلى أن “الإمارات تدخلت بشكل مباشر في دعم استفتاء انفصال الإقليم في 25 سبتمبر الماضي”.

وأكد أن “من ساهم في كشف هذا الدور هو حزب التغيير الكردي المعارض، الذي نقل معلومات إلى الحكومة المركزية، كشف فيها دعم أبوظبي مشروع الانفصال”، مبيناً أن الدعم جاء “من خلال القنصل الإماراتي في أربيل رشيد المنصوري، فضلاً عن السفير في بغداد حسن الشحي، اللذين دعما رئيس الإقليم السابق مسعود البارزاني في هذا التوجه”.

ولا يقتصر عبث الإمارات في العراق على ذلك، بل يمتد إلى عمليات تهريب منظمة للآثار العراقية.

وفي يوليو 2018 عرض متحف اللوفر في أبوظبي قطعاً أثرية عراقية مسروقة، وهو ما أثار غضباً رسمياً وشعبياً عراقياً واسعاً، خاصة بعدما تم الكشف عن شراء متاجر هوبي لوبي الأمريكية أكثر من 5500 قطعة أثرية عراقية مسروقة من وسطاء إسرائيليين وتاجر مقيم في الإمارات بقيمة 1.6 مليون دولار.

ويتهم القضاء العراقي نحو تسعين وزيراً ونائباً ومسؤولاً حكومياً عراقياً، يقيم بعضهم في الإمارات، بالتورط في قضايا فساد، من بينها سرقات آثار وصل بعضها إلى الولايات المتحدة، لكن القضاء أغلق ملفاتها بسبب ضغوط سياسية.

وذكرت تقارير إعلامية محلية، أن وسطاء إماراتيين استغلوا حالة الفوضى التي عمت العراق بعد ظهور تنظيم الدولة (يونيو 2014)، وعملوا على بيع وشراء الآثار بالتعاون مع وسطاء محليين وبعض المنتسبين الفاسدين في القوات الأمنية، وحصلوا على قطع من مدينة الموصل يعود تاريخها إلى حقبتي الآشوريين ومملكة الحضر، تقدر قيمتها بعشرات آلاف الدولارات.