موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة ترصد: جيوش الوهم.. خفايا تلاعب الإمارات بشبكات التواصل الاجتماعي

314

فضحت دراسة خفايا أساليب تلاعب الإمارات بشبكات التواصل الاجتماعي عبر ما أطلقت عليه “جيوش الوهم” في إشارة إلى الذباب الالكترونية.

وأبرزت الدراسة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك“، أن الإمارات تعد من أشد الأنظمة القمعية التي عمدت إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كأدوات للقمع وبثّ خطاب الكراهية وممارسة الانتهاكات ونشر السياسات المضللة.

وجاء في الدراسة: يحب كثيرون أن يطلقوا على عالم اليوم “قرية صغيرة” وفي هذا العالم تظهر مواقع التواصل الاجتماعي كنوافذ تطل منها المنازل على بعضها لتبدو الأصوات في الخلف المغايّرة مسموعة للجميع.

وعلى مدى العقدين الماضيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تحولت منصات وسائل التواصل الاجتماعي من مجرد “التحرير والنشر” إلى استخدامها كأدوات للقمع وبثّ خطاب الكراهية وممارسة الانتهاكات ونشر السياسات من قِبل السلطات القمعية.

إذ أنه خلال العقدين الماضيين بدءًا من 2009 و 2011 “الثورة الخضراء” الإيرانية واستمرار ثورات الربيع العربي، بدا أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل Facebook و Twitter تسهل التعبئة الشعبية ضد المستبدين. وهو مصدر القلق الأول للسلطات في أبوظبي.

استخدمت الإمارات القوانين الخاصة بالإنترنت، وزيادة التلاعب بالمنصات الاجتماعية بتوجيهها لصالح السلطات- أي جيوش الروبوتات التي يسيطر عليها ضباط الأمن في وزارات الداخلية وجهاز الأمن -.

ففي دولة الإمارات التي سَنت القوانين والمراقبة الهائلة للتحكم بقرابة عشرة ملايين نسمة يعيشون في أرضها، تصبح فكرة السيطرة على المزيد من البشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمقالات في الصحف الكبيرة فكرة مغرية ومثيرة لصانع القرار الأمني والسياسي في أبوظبي.

يوفر موقعي “تويتر”، ويوتيوب، الشهيرين بيئة ملائمة لاستثمار السلطات سلوكها الأمني السلطوي لخلق صورة مزيفة عن الحالة الحقوقية في البلاد وتأييد نهج السلطات داخلياً وخارجياً.

وأشارت الدراسة إلى “الحسابات الوهمية” في تويتر وتتبع مباشرة السلطات الرسمية، والمقالات المنشورة في صحف أجنبية لكُتاب وهميين، وأيضاً استخدام “المؤثرين” لخلق صورة مزيفة عن الإمارات أو تأييد سياستها المحلية والدولية.

حسابات وهمية على تويتر

خطت أبوظبي بالفعل خطوات مهمة للتأثير على مستخدمي “تويتر” و”يوتيوب”، وطرح سياستها السيئة والمسيئة للإمارات بصورة غير تقليدية.

وفيما تفرض القوانين سيئة السمعة عقوبات على الانتقاد في شبكات التواصل الاجتماعي في مصادرة لحقوقهم، تقوم هذه الحسابات الوهمية وعددها بالآلاف بالحديث بديلاً عن المواطنين.

في 2019 أغلق تويتر 4258 حسابا وهميا، مصدرها دولة الإمارات، وكانت تروج لأخبار كاذبة بشأن حرب اليمن، وقضايا أخرى.

كما أعلن تويتر في العام ذاته إزالة شبكة من 271 حسابًا وهمياً منشؤها الإمارات ومصر. كانت هذه الحسابات مترابطة في أهدافها وتكتيكاتها: عملية معلوماتية متعددة الأوجه تستهدف في المقام الأول قطر.

ما يجمع بين هذه الحسابات هو عدم احتوائها على معلومات حقيقية، مثل الاسم أو الصورة أو السيرة الذاتية، وكذلك فإنها لم تقم بنشر أي شيء تقريبا سوى هذا النوع من المحتوى.

هذه الحسابات تشترك بقلة متابعيها – أو عدم وجودهم – وقلة التفاعل مع منشوراتها.

التفاعل الضعيف مع هذه الحسابات يطرح سؤالا عن مدى فاعلية هذا التكتيك، والسبب الذي يجعل الحكومة تتبناه، ولأن الكثير من الحسابات يتم إزالتها بسرعة، فإن تعزيزها بصور شخصية ونبذة عن صاحبها قد لا يكون مهما.

لكن ما هو مهم بالنسبة لأبوظبي و سياسة الإغراق التي تعتمدها هذه الحسابات، لإخفاء المعلومات الحقيقية في سيل من الاتهامات والانتقادات في التعليقات، ورفع الوسوم “الهاشتاقات” وجعلها تظهر في جزء Trend من موقع تويتر.

ويحتوي هذا الجزء “الترند” على قائمة بأكثر المواضيع المتداولة في كل بلد، وفي حال وصلت الدعاية الحكومية إليه، قد تظهر لمراقب غير خبير إن وخاصة الإماراتيين، “سعداء” يوافقون السلطات في قراراتها الداخلية والخارجية بما في ذلك التطبيع، عكس الواقع وما تنشره المنظمات الحقوقية والدولية.

وجميع الحسابات لها سمات متشابهة، إذ تستخدم خدمة Twitter Web Client، وبعضها قديمة وأخرى حديثة لكن بفرق شاسع القديمة في 2009 والجديدة في 2021! ومتوسط عدد “التغريدات” 40 تقريباً، وجميعهم مقيمون في الإمارات.

ويمكن الإشارة إلى عدة أمور بين أمور كثيرة تقوم بها هذا الحسابات:

أولاً.. اتهامات للمنظمات الحقوقية:

عندما تنشر منظمة دولية أو منظمة إماراتية تعمل من الخارج بشأن حقوق الإنسان، تقوم تلك الحسابات على الفور بالتشكيك بنتائج ومعلومات ذلك التقرير ومهاجمة مراكز حقوق الإنسان.

على سبيل المثال حساب تويتر لـ”مركز مناصرة معتقلي الإمارات”، قال مارك أوين جونز الخبير في مكافحة المعلومات المضللة والاستبداد الرقمي على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه استطاع تحديد حوالي 70 حسابًا نشطاً تروج لدعاية مؤيدة للسلطات الإماراتية في حساب المركز الإماراتي الذي يعمل من خارج البلاد نتيجة القمع والمطاردة المستميتة للسلطات لمحاربة الرأي الآخر في البلاد، وإخفاء معلومات الانتهاكات.

وأضاف جونز في تغريدات على حسابه في “تويتر”، إن طريقة عمل الحسابات هي الرد على التغريدات التي ينشرها المركز واتهامه بالكذب أو تشويه سمعة أبوظبي، أو محاولة إعادة تأكيد أن المعتقلين السياسيين مذنبين وقد ارتكبوا جرائم، بينما تلجأ بعض هذه الحسابات إلى الحديث عن مدى أهمية حقوق الإنسان في الإمارات وتطورها.

ويُعد ذلك أخطر السلوكيات التي تقوم بها الحسابات الوهمية التي تروج لصورة زائفة للإمارات في مجال حقوق الإنسان.

وأوضح جونز أن الدور الأساسي الذي تلعبه هذه الحسابات هو إنشاء وجهين للقصة، ليبدو وكأن هناك قصة وقصة مضادة لها، وقد تم إنشاؤها خصيصاً للعمل ضد “المركز”.

وليست جديدة هذا الهجوم على المعتقلين السياسيين وأهاليهم بل هي قديمة منذ 2011، وتعاظمت بكثرة في 2012م عندما شنت السلطات حملة اعتقالات ضد الناشطين والمطالبين بالإصلاحات.

وارتكبت آلاف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعبرين والتحريض عليهم، وعزلهم وأهاليهم عن المجتمع بشيطنتهم وتحذير أي تقارب معهم.

وقال “مركز مناصرة المعتقلين” في بيان يعلق على ذلك بالقول: يبدو أن موجة الحسابات الوهمية الجديدة التي بدأت بالظهور مرة أخرى وتؤكد باستمرار على أن المعتقلين مذنبون ويستحقون عقوبات السجن، ليست سوى فصل جديد من تكتيكات “تشويه السمعة” التي تمارسها أبوظبي، والتشويش على الحقائق.

وقد عادت هذه الحسابات والحملات إلى الظهور بعدما قام “مركز مناصرة معتقلي الإمارات” بكشف حجم الظلم الذي يتعرض له المعتقلون وعدم ارتكابهم لأي ذنب يستحقون عليه عقوبات السجن الطويلة، وهو ما جعل السلطات الإماراتية تُعيد إحياء هذه الحسابات، لتشويه صورة المعتقلين مرة أخرى، والتشويش على الحقائق.

ثانياً.. مهمة التأثير في مناطق النفوذ:

تقوم السلطات بإضافة حسابات للترويج لسياسة الدولة في البلدان التي تتدخل فيها مثل: اليمن والصومال وقطر والعراق والسودان.

وهذه الحسابات التي تبدو في العادة أسماء لعائلات وقبائل معروفة في تلك المناطق، تهاجم معارضي سياسة الدولة وتدعم سلوكيات حلفائها المحللين. ليس ذلك فقط بل تقوم الإمارات بإنشاء حسابات وهمية موازية لشخصيات رسمية في تلك البلدان.

وجرى إغلاق آلاف الحسابات المتعلقة باليمن وقطر-كما أشارت تويتر-.

في خضم الأزمة بين أبوظبي ومقديشو2018 وحتى اليوم وجهت اتهامات للإمارات بإنشاء عشرات الحسابات الوهمية لدعم رؤيتها (بالعربية والانجليزية) ومهاجمة تركيا والمسؤولين الصوماليين.

ليس ذلك فقط بل قامت مع بداية تصاعد الأزمة في 2018 بإنشاء حسابات مزيفة موازية للمسؤولين الصوماليين المناوئين لأبوظبي في مقدمتهم الرئيس الصومالي “محمد فرماجو” وهذه الحسابات نشأت في وقت واحد في الرابع من يناير/كانون الثاني 2018!.

وفي خضم الربيع السوداني وبعده قامت الإمارات بإنشاء عشرات وربما مئات الحسابات بأسماء سودانية موجودة في الغالب لتعزيز دور الإمارات في السودان، وفي بعض الأحيان تقوم بعملية تضليل بشأن جماعة الإخوان المسلمين.

في الشهر الماضي جرى فحص26 حساباً فقط من قِبل “جونز” وتحدث أن هذه الحسابات بأسماء سودانية تأسست بعضها في 2009 لكن لم يتم تفعيلها إلا قبل أسابيع قليلة من استقالة “عبدالله الحمدوك” رئيس الوزراء السوداني. ما يشير إلى أنه جرى اختراقها أو تم شراؤها.

يشير تحليل الحسابات إلى أن المعرفات مختلفة عن الأسماء المكتوبة والتي كانت قبل تحويلها إلى العمل المراد منها، كما أنها تعتمد على أن تكون الصور التعبيرية لنساء جذابات! ولا تنشر معلومات عن الحياة الخاصة الاجتماعية!

كما أطلعت الدراسة على عدد من الحسابات التي تدعم توجهات الإمارات في العراق، وتعيد نشر تصريحات الموالين لها.

إضافة إلى حسابات سورية موالية لنظام الأسد تدعم التقارب مع الإمارات، وتلتزم تلك الحسابات بذات المنهجية التي جرى إنشاء باقي الحساات في الدول الأخرى عليها.

ثالثاً.. الدعاية لحكام الإمارات:

من الملاحظ أن مسؤولين في الدولة يبنون حضورهم في الحكومة والدولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهي حالة صحية إلا عندما يتم ذلك عبر حسابات وهمية!

على سبيل المثال لا الحصر يكشف تحليل لحسابات التفاعل مع محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي أن 11 ألف حساب مزيف على تويتر أو روبوتات تتفاعل للترويج لسياسته، وأن (91% من الاعجاب على حسابه وهمية!).

ويعكس السياسة الخارجية للإمارات، بما في ذلك دعم إسرائيل، وانتقاد قناة الجزيرة وتركيا وقطر. ليس واضحا من يدير تلك الحسابات لكن موقفهم ثابت! فيما يبدو أن كثير منها تدار عبر الذكاء الاصطناعي.

في تغريدة واحدة لمحمد بن زايد على تويتر تبين أن 50% من الحسابات التي أبدت اعجابها بالتغريدة تم إنشاؤها في 25 يوماً فقط.  وتم إنشاء 41٪ من الحسابات التي أبدت إعجابها بالتغريدة في شهر واحد فقط، يونيو/حزيران 2020!

تملك تلك الحسابات الوهمية خطاً واحداً: الترويج لسياسة أبوظبي، واستهداف تركيا وقطر والإخوان المسلمين، ويجمعهم حب الإمارات وأبوظبي أو دبي، بالعربية والانجليزية.

لكن تلك الصور التي يضعونها ليست ملكهم، بل إن بعض الحسابات تملك ذات التوصيف على سبيل المثال: وجود شخصين حاصلين -وأكثر- حصلا على درجة الدكتوراه في إدارة محطة الطاقة النووية في الإمارات وهما أيضًا “مدمنان سويسريان”. وبعض الحسابات تملك قرابة ألف إعجاب على تغريدة واحدة دون “إعادة تغريد” أو وجود ردود.

ثالثاً.. الترويج للتطبيع مع إسرائيل

إن كان هناك شيء مشترك في الحسابات الوهمية التي تدعم سياسات الدولة الخارجية فإنها تتفق في امتداح التطبيع، وتمتدح موقف الدولة في التطبيع. وهو حديث بديلاً عن الإماراتيين الذين يرفضون التطبيع مع إسرائيل.

ولأن انتقاد التطبيع سيوصل المنتقد إلى السجن لسنوات طويلة بسبب انتقاده، فإن معظم الإماراتيين لا يستطيعون الانتقاد، كما لا يستطيعون مناقشة أوضاع البلاد الداخلية والسياسة الخارجية.

تقوم الحسابات الوهمية التي تعمل مع السلطات بهذه المهمة، إلى جانب مهامها في استهداف المنظمات، والناشطين الحقوقيين والتحريض عليهم وأهاليهم. إضافة إلى تلك الحسابات الوهمية المتعلقة بالدول التي تبارك التطبيع وتدعو دولها لاعتبار الإمارات نموذجاً عظيماً يحتذى به في التطبيع مع الكيان الصهيوني.

لكن هناك حسابات أخرى كان مهمتها تهيئة التطبيع مع الاحتلال، وكانت تنشر باللغة العبرية للصهاينة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قبل أكثر من عام على إعلان التطبيع مع الإمارات نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريراً بعنوان: “العلاقة بين الإمارات وشبكة روبوتات تعمل باللغة العبرية”.

وكشف أن إسرائيل اكتشفت “واحدة تعمل من منطقة دبي، والتي تعتمد على العديد من الحسابات والملفات الشخصية (بروفايلات)، وكلها تتخفى تحت ستار أنها لشابات يحملن أسماء إسرائيلية، وفي مركز هذه الشبكة هناك حساب إلكتروني باسم (يسرائيل حاييم)، والبريد الإلكتروني لمشغل الحساب مرتبط بشركة تسويق رقمي في دبي”.

يدير هذه الشبكة ضابط مصري يعيش هو وعائلته في الإمارات. تتكون الشبكة من عشرات الملفات الشخصية (البروفايلات) وكلها تقريبًا تتظاهر بأنها لشابات تحملن أسماء إسرائيلية وصورًا، ونادرًا ما يتم نشر المحتوى الأصلي لهن.

على الرغم من ذلك، من وقت لآخر يقوم أصحاب تلك الشبكة المزيفة بكتابة تغريدة ذات محتوى سياسي أو يقوم بإعادة نشر تدوينات؛ كتبها أصحاب حسابات أخرى على موقع تويتر والذين لهم اهتمام بالشؤون والملفات السياسية الإسرائيلية.

أما حول ساعات العمل فهذه الشبكة تعمل في وقت واحد ولا تعمل أيام الجمع! كما تنشر محتوى يمتدح الإمارات وسياستها، وتشجع سياستها في اليمن، وتهاجم سياسات قطر وتركيا، ومعظمها تقوم بعمل إعادة تغريد وإعجاب ب(يسرائيل حاييم)!

استخدام القوانين

من أجل انفاذ أهداف التلاعب بشبكات التواصل الاجتماعي لصالح سياستها تقوم السلطات الرسمية بفرض قوانين مثيرة للقلق وسيئة السمعة لمطاردة المنتقدين.

ما يؤكد أن السلطات الإماراتية لا تكتفي بالتحدث نيابة عن الإماراتيين والمغتربين بل أيضاً تُجرّم الانتقاد أو الحديث السياسي الذي لا يتوافق مع رؤاها ومن أجل ذلك برزت القوانين سيئة السمعة. في مسعى لاحتكارها الخطاب الخارج من الإمارات! وهو سلوك قمعي يؤكد “بوليسية” البلاد وينفي عنها أي تسامح ممكن في شعاراتها التي تسوقها للخارج.

صدر قانون مكافحة الجرائم الالكترونية في 2012 وجرى تعديله عدة مرات. واستخدم القانون بشكل أساسي لمكافحة حرية الرأي والتعبير ومطاردة المدونين والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي.

منذ مطلع العام الحالي بدأ تنفيذ قانون جديد يتعلق بذات الموضوع، ويلغي قانون2012 والتعديلات السابقة.  ويُعرَّف القانون الجديد “المحتوى غير القانوني” بأنه المحتوى الذي يهدف من بين أشياء أخرى إلى “الإضرار بأمن الدولة أو بسيادتها أو أيّاً من مصالحها […] أو انخفاض ثقة العامة في […] سلطات الدولة أو أي من مؤسساتها”.

وحسب منظمات دولية فإن هذا التعريف فضفاض: فماذا يعني مصطلح “انخفاض ثقة العامة”؟ وما هو المقصود تحديداً بمصطلح “الإضرار بأمن الدولة”؟ فكلمة أمن الدولة كلمة واسعة تحتمل طيفاً كبيراً من التفسيرات والمعاني، واستخدام مثل هذه الكلمات الفضفاضة يعطي السلطات صلاحية حظر جميع أنواع الخطاب عبر الإنترنت التي قد تنتقد السلطات أو حكام الإمارات.

تفرض المادة 53 من القانون غرامة كبيرة تتراوح بين 300.000 و10.000.000 درهم (حوالي 81.678 دولارًا أمريكيًا إلى 2.723.000 دولار أمريكي) على أي فرد يستخدم الإنترنت أو حسابًا إلكترونيًا لتخزين “محتوى غير قانوني” أو مشاركته.

ومن الأمور التي يمكن ملاحظتها أن القانون كان يستخدم نفس الكلمات لتعريف بعض المصطلحات أو يستخدم كلمة مرادفة لها دون ضبط المعنى أو تحديد المقصود بشكل واضح.

فمثلاً يعرف القانون البيانات الزائفة بأنها البيانات الكاذبة أو المضللة، هذا لا يمكن اعتباره تعريفاً بأي حال من الأحوال، وليس سوى كلمة مرادفة، وعلى هذا المنوال جاءت معظم التعريفات غامضة ولا تحتوي أي معانٍ أو تفسيرات واضحة، ولو تم إلغاؤها كلياً من القانون فلن تشكل أي فرق واضح.

إضافة إلى عدد كبير من المواد التي يمكن استخدامها ضد حرية الرأي والتعبير.

ولأجل التحكم واحتكار المعلومات الخارجة من الإمارات، ومطاردة الناشطين الحقوقيين والمعبرين عن آرائهم. تملك السلطات أكبر قوة عربية لمراقبة الانترنت وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي.

وخلال الأعوام القليلة الماضية تكشفت الكثير من المعلومات والحقائق حول الشركات العاملة في التجسس على الإماراتيين، واستئجار عشرات الجواسيس والأنظمة من أجل التجسس. وعلاقة أبوظبي ببرنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”.

خلاصة:

تلاعبت السلطات الإماراتية بشبكات التواصل الاجتماعي لعدة أهداف: أ) السيطرة على المعلومات والحقائق الخارجة من الإمارات، خاصة في ملف حقوق الإنسان وتشويه المعتقلين وعائلاتهم، وخلق شكوك في تقارير المنظمات الدولية التي تتحدث عن الانتهاكات الحقوقية.

ب) التحدث باسم الاماراتيين في وقت توجه القمع لأي مواطن أو مغترب يحاول الانتقاد.

ج) انفاذ سياساتها الخارجية في البلدان التي تتدخل بها بما في ذلك اليمن، ليبيا، العراق، تونس، الصومال، السودان.

د) التطبيع مع إسرائيل، وبناء صورة مزيفة أن الإماراتيين يؤيدون العلاقات العلنية مع تل أبيب.

يعود عدم قدرة الإماراتيين على رفض السياسة الداخلية والخارجية إلى قوانين القمع بما في ذلك قانون مكافحة الجرائم الالكترونية.

كما أن غياب وسائل إعلام مستقلة تتحدث باسم الإماراتيين يشجع القمع على شق طريقه نحو المواطنين. ولعل عدم وجود مجلس وطني كامل الصلاحيات منتخب من كل الإماراتيين وممثل لهم ليناقش هذا الكم الهائل من طُرق وأدوات مصادرة أصواتهم وحقوقهم، جزء من كبير من المشكلة التي تعاني منها الإمارات.

فمجلس ينتخب نصف أعضائه بطريقة قوائم جهاز الأمن من قبل جزء فقط من أفراد الشعب ودوره كاستشاري، جزء من أدوات مصادرة صوت الإماراتيين وبناء الصورة المزيفة عن مواقف ووضع الشعب الإماراتي السياسي والاجتماعي والحقوقي.