موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات توظف ضباطا أجانب ورتبا رفيعة كمرتزقة لديها

516

لم يتوقف توظيف الإمارات المرتزقة لديها فقط على الجنود أو الفئات الدنيا من العسكريين، بل ابتدأ من القوات البرية، وحتى كبار ضباط القوات الخاصة والقوات الجوية.

وقد نشرت صحيفة الجارديان البريطانية في ديسمبر 2015 خبر مقتل ضابط أسترالي رفيع يدعى فيليب ستيتمان في اليمن.

إذ عمل ستيتمان كمرتزق لصالح الإمارات، وكان يقود مجموعة من المرتزقة الكولومبيين حينما قتل هو وستة منهم في اشتباك مع الحوثيين في محافظة تعز.

كما أيدت صحيفة التايمز البريطانية الخبر في 10 ديسمبر 2016، مع التأكيد على مقتل ضابط بريطاني سابق في نفس العملية.

وقالت: إن الضابطين القتيلين كانا يعملان سرا كمرتزقة لصالح الإمارات، وكانا يقودان فريقا من المرتزقة الكولومبيين باليمن، حسبما صرحت مصادر عسكرية مطلعة للصحيفة .

لقد سعت الإمارات للتعاقد مع شخصيات ذات رتب رفيعة من جيوش مختلفة، منهم أمريكيون وبريطانيون وأستراليون، وقد تقلد أغلب هؤلاء رتبا إماراتية وارتدوا الزي العسكري الرسمي الإماراتي.

وأصبح هؤلاء ضباطا في القوات المسلحة الإماراتية، وأغلب تلك الرتب الرفيعة لا يتلقون أوامرهم سوى من محمد بن زايد رجل الإمارات القوي، والمحرك لجميع قوى المرتزقة داخل الإمارات وخارجها ولا يغيب عن تلك الساحة مستشاره الأمني المثير للجدل محمد دحلان، المسؤول السابق عن الأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية.

على الرغم من رفض هؤلاء العسكريين أن يطلق عليهم لفظ المرتزقة، إلا أن العديد من الخبراء العسكريين ووسائل الإعلام الغربية يصرون على تسميتهم بالمرتزقة بسبب انخراطهم في العمل مع جيوش دول أجنبية، خاصة الإمارات، التي توظفهم لأغراض اغتيالات وقمع، وأجندات خاصة، مقابل مرتبات كبيرة.

ويلفت المحلل الإسرائيلي زيفي بارئيل النظر إلى أن الشركات من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إسرائيل، تدير أنظمة استخبارات متطورة، لذا تطور مصطلح “المرتزقة” من مجرد تعبيره عن وحدات مقاتلة مسلحة من الدول الفقيرة التي تأتي لتحسين مستوى معيشتها، إلى دور مليء بالأنشطة الواسعة، بما في ذلك إنشاء وحدات قتالية، وقيادة تلك الوحدات، والتخطيط لتحركات الحرب، وشراء المعدات، وإدارة الميزانيات .

ومن بين العسكريين الأستراليين الذين عملوا في الحرس الرئاسي الإماراتي و القوات المسلحة الإماراتية:

بيتر بوتسون، الضابط الأسترالي السابق في سلك الاستخبارات، والذي عمل كمستشار في الحرس الرئاسي الإماراتي منذ فبراير 2014، و كمفتش عن نطاق إطلاق النار في القوات المسلحة الإماراتية من 2012 إلى 2017 .

سكوت كوريجان، القائد السابق بالقوات الخاصة للجيش الأسترالي، والذي كان أيضا مستشارا في الحرس الرئاسي الإماراتي منذ يناير 2013 حتى مارس 2016.

وتجدر الإشارة إلى أن كوريجان قد أسقط بشكل كامل من حسابه على موقع لينكد إن الوظيفة التي شغلها خلال الفترة من يناير 2013 إلى مارس 2016، وكتب فقط عن شغله وظيفة ضابط بالجيش الأسترالي من يناير 1990 حتى ديسمبر 2012.

أي: لمدة 23 عاما، ثم العمل كمدير مشاريع كبير بشركة “بوينت بروجكت مانجمنت Point Project Management” من أبريل 2016 إلى يوليو من نفس العام ، وما بعد ذلك من وظائف!

كيفين دولان، الضابط المفوض السابق في الجيشين الأسترالي والبريطاني، والذي عمل في مجال التقييم وضمان الجودة في جميع أنحاء الإمارات، بما في ذلك الحرس الرئاسي الإماراتي منذ 2011 حتى الآن .

ستيف نيكولاس، الذي كان قائدا كبيرا سابقا في الجيش الأسترالي، والذي يعمل منذ 2010 حتى الآن كمستشار للحرس الرئاسي الإماراتي .

وقد أشارت “هيئة الإذاعة الأسترالية ABC”، في إطار تحقيق أجرته عام 2018، أنها فتشت في الموقع الشهير لينكد إن، ووجدت أكثر من 100 عسكري سابق وشخصيات شرطية أسترالية أشارت ملفاتهم إلى قيامهم بمهمات تدريب للجنود الإماراتيين.

وذلك مقابل عشرات الآلاف من الدولارات الأمريكية شهريا، والعديد من هؤلاء هم من قدامى المحاربين بوحدات القوات الخاصة الأسترالية، بما في ذلك قوات الكوماندوز، وقوات الخدمات الجوية “ساس SAS”، ويقوم الكثير منهم بتدريب القوات العسكرية الأكثر نخبوية في الإمارات، قوات الحرس الرئاسي.

كما أشارت الهيئة أيضا إلى أن السبب في ذلك قد يعود إلى قيادة الحرس الرئاسي من قبل جنرال أسترالي متقاعد صاحب خلفية تمتد لعقود في القوات الخاصة الأسترالية، وهو الجنرال مايك هندمارش .

مايك هندمارش جنرال أسترالي شغل مناصب عسكرية عديدة، من أهمها ما يلي :

خدم هندمارش بوجه عام كضابط بالقوات المسلحة الأسترالية في الفترة بين عامي 1976 و 2009.

قاد القوات الخاصة الأسترالية المعروفة “قوات الخدمات الجوية، ساس SAS” من يناير 1997 حتى يناير 1999.

شغل منصب قائد “قيادة العمليات الخاصة SOC” الأسترالية من أكتوبر 2004 إلى يناير 2008.

شغل هندمارش كذلك منصب قائد “قوات المهام المشتركة 633 (JTF 633)” الأسترالية في الشرق الأوسط من مارس 2008 إلى يناير 2009 ، واستقال من الجيش الأسترالي في الأول من أكتوبر من نفس العام، حيث بلغ راتبه السنوي آنذاك 230 ألف دولار أمريكي.

اتجه إلى الإمارات، وساهم في تشيكل قوات الحرس الرئاسي، والتي من مهامها القيام بعمليات خاصة داخل الإمارات وخارجها، بها، ومن ثم ترأسها برتبة جنرال حتى الآن، بالإضافة إلى كونه مستشارا خاصا للأمن القومي لدولة الإمارات.

الملاحَظ أن هندمارش قد عمل خلال مسيرته المهنية بالقوات الخاصة في العديد من البلاد التي شهدت نزاعات وحروب، بما في ذلك الكويت، والعراق، وأفغانستان، منذ عام 1998 حتى عام 2009.

كما كان لهندمارش دور رئيسي في نقل قيادة العمليات الخاصة الأسترالية من العراق إلى الإمارات، بعد قيادته “قوات المهام المشتركة 633 (JTF 633)” في بغداد لمدة عام – كما سبق بيانه، وذلك بعد أن تمتع باتصالات وعلاقات على أعلى المستويات الأمنية مع كبار المسؤولين السياسيين، وكبار مسؤولي الجيش الإماراتي .

من غير المعروف على وجه الدقة قيمة ما يتقاضاه هندمارش من الإمارات، ولكن صحيفة هيرالد صن الأسترالية توقعت عام 2009 ألا يقل راتبه آنذاك عن 500 ألف دولار سنويا – معفاة بشكل كامل من الضرائب .

لا يرفع الجنرال هندمارش تقاريره، ولا يتلقى أوامره، سوى من محمد بن زايد الذي دخل مع هندمارش في مفاوضات على درجة عالية من السرية لمدة 18 شهرا، انتهت بقبول هندمارش لعرض بن زايد.

تواصل فريق عمل هيئة الإذاعة الأسترالية بالجنرال هندمارش في 2016 لإجراء مقابلة معه وسؤاله حول طبيعة عمله في الإمارات، ورفض هندمارش إجراء اللقاء، ولكنه اعترف بشكل واضح أنه يخدم كضابط في القوات المسلحة الإماراتية.

وذلك بقوله: “سوف تتفهمون أني أخدم كضابط في القوات المسلحة الإماراتية، وبناء على ذلك فأنا ملتزم بمعايير الأمان العملياتية الاعتيادية عندما يتعلق الأمر بالكشف عن الأمور العملياتية، وأنا لست مخولا بالحديث عن مثل تلك الأمور” .

ومما تجدر الإشارة إليه، موافقة قائد الدفاع الجوي الأسترالي المارشال أنجوس هيوستن، وكذلك موافقة الحكومة الفيدرالية الأسترالية، على عمل هندمارش في الإمارات.

كما تذكر وثيقة رسمية أسترالية صادرة في 25 يناير عام 2016 أن هندمارش يعمل كقائد للحرس الرئاسي الإماراتي، وأن قبول عمل شخص أجنبي في جيش دولة ما يخضع لقوانين الخدمة العسكرية الداخلية المتعلقة بتلك الدولة المعنية نفسها.

وإن تعيين هندمارش يتشابه في طبيعته مع توظيف الجيش الأسترالي لعسكريين أمريكيين وبريطانيين سابقين من أجل تلبية متطلبات وقدرات مهارية خاصة غير متوفرة في الجيش الأسترالي.

وتنفي الوثيقة عن هندمارش تورطه في المشاركة بارتكاب جرائم حرب باليمن بسبب عمله مع الحرس الرئاسي الإماراتي، وذلك لعدم توفر أدلة على تلك المزاعم، حسبما تشير الوثيقة، كما تنفي الوثيقة عنه أيضا صفة العمل كمرتزق، حيث لا يتوفر فيه – من بين معايير أخرى بالقانون الدولي – معياران، هما: عدم اشتراكه بشكل مباشر في أعمال عدائية، وعدم كونه عضوا بالقوات المسلحة لأحد طرفي النزاع !

ولكن دفاع الوثيقة عن هندمارش يتنافى مع حقيقة تورطه في ارتكاب جرائم حرب من خلال قيادته المباشرة لأكثر قوات الإمارات نخبوية، والتي انخرطت بقوة في النزاع في اليمن، وتوفر أدلة كذلك على اشتراك الحرس الرئاسي في القيام بالتخطيط لاغتيالات رموز يمنية وضعتها الإمارات على قوائم الاستهداف.

وليس الدفاع الرسمي الأسترالي – على الرغم من حقيقة تورط هندمارش في ارتكاب جرائم حرب – بمستغرب في ظل وجود عدة حقائق، إحداها اضطرار أستراليا لتعديل القانون الخاص بتوظيف مواطنيها في قوات مسلحة لدول أجنبية.

وذلك بعد الإحراج الذي تعرضت له الدولة بسبب تورط الكثير من الأستراليين في العمل كمرتزقة في كثير من البلدان، بما في ذلك روديسيا، ويوغسلافيا السابقة، وأنجولا، وغيرها.

مما حدا بالدولة أن تتجه لمنح سلطة لوزير الشؤون الداخلية الأسترالي للسماح “بتوظيف شخص أو فئة أشخاص للخدمة في قوات مسلحة تابعة لدولة أجنبية، إذا كان ذلك يتماشى مع مصالح أستراليا في مجال الدفاع أو العلاقات الدولية”. وفقا للتعديلات التي أجريت في الأول من ديسمبر ٢٠٠٤ على قانون العقوبات لسنة ١٩٩٥ .

والحقيقة الثانية هي عمل الحكومات الأسترالية على مدار العقد الماضي على تنمية التجارة الثنائية مع الإمارات، لاسيما في مجالات السياحة، والاستثمار، ومجال الصناعات الدفاعية، التي تخطط أستراليا لتحتل مكانا ضمن أكبر 10 دول مصدرة للسلاح في غضون العشر سنوات القادمة.

وبالتالي زيادة حجم الصادرات الدفاعية من 2 مليار إلى 10 مليارات دولار، والسعي لإبرام اتفاق شراكة مع الإمارات يتضمن حجم مبيعات دفاعية للإمارات وحدها في حيز المليار دولار، وكذلك نقل التكنولوجيا الأسترالية لتعزيز الطاقة الإنتاجية العسكرية للإمارات .

ما يجعل أستراليا تغض الطرف عن هندمارش وغيره من الرتب الرفيعة الأسترالية العاملة في الإمارات، حتى لا يؤثر التدخل الأسترالي سلبا على ما تخطط له أستراليا في المستقبل القريب.

وهناك كذلك اتفاقيات تدريب الضباط الإماراتيين في مدارس الدفاع الأسترالية، علاوة على تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي بين الدولتين، في ظل تنامي اتفاقية الدفاع المشترك المبرم بين الدولتين عام 2007 ، وبخاصة مع التشجيع الأمريكي لذلك التعاون، والعمل على تعزيزه – في ظل ما يسمى “الحرب على الإرهاب – كون أستراليا أحد أعضاء تحالف العيون الخمسة .

تدشين قوات الحرس الرئاسي الإماراتي

لم تظهر قوات الحرس الرئاسي في دولة الإمارات بشكل رسمي إلا عام 2010-2011، وهي قوات تعمل خارج الإطار التقليدي للقوات المسلحة الإماراتية، كما تختلف عنها في التسليح والتدريب والمهام التي تضطلع بها داخل وخارج الإمارات.

وقد تولى تدريب تلك القوات في بداية تشكيلها ضباط من مشاة البحرية الأمريكية، من خلال “برنامج المبيعات العسكرية الخارجية (FMS)”، الذي تديره وزارة الدفاع (البنتاجون)، حيث أُبرمت اتفاقية بين الحكومتين الأمريكية والإماراتية.

وزارت أول دفعة من ضباط الحرس الرئاسي الإماراتي وحدات الفرقة البحرية الأمريكية الأولى بمناطقها في 8 مارس 2011، وكانت الزيارة “جزءا من جهود دولة الإمارات الرامية لبناء أساس نظام تدريب الحرس الرئاسي وقدراتهم العسكرية الجديدة”، حسبما صرح الرائد راندي جي. تيرنر، ضابط اتصال القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية حينئذ .

من غير المعروف عدد الأستراليين الذين يعملون لصالح الإمارات، لكن صحيفة هيرالد صن تؤكد على وجود العشرات من العسكريين الأستراليين الذين كانوا يقومون بأدوار “القيادة والتدريب والتوجيه” في وقت تعيين هندمارش .

ويحتل الأستراليون المناصب العليا في سلك القيادة في الحرس الرئاسي (فيما يخص المجموعة الأجنبية من المرتزقة)، وهناك ضباط من جنسيات أخرى يقدمون الاستشارات والتدريب للقوات.

وقد صرح روري دوناغي، مؤسس مركز الإمارات لحقوق الإنسان، للإعلام الأسترالي الرسمي قائلا: “لقد جلب مايك هندمارش الكثير من رجاله. فهناك العشرات، ونحن لا نعرف عددهم بشكل دقيق، لكن هناك العشرات من الأستراليين الذين يشاركون في مناصب قيادية داخل الحرس الرئاسي” .

جدير بالذكر أن دوناغي يعد أحد الأفراد من ضمن مئات تعرضوا للقرصنة الإلكترونية من قبل السلطات والشركات الإماراتية، بما في ذلك شركة دارك ماتر خلال قيادتها مشروع التجسس السيبراني “ريفين” الذي كان يوظف خبراء استخبارات سابقين، بمن في ذلك ضباط أمريكيون سابقون بوكالات الاستخبارات الأمريكية، كمرتزقة سيبرانيين لصالح الإمارات .

هندمارش يتورط في حروب و اغتيالات باليمن

بدأ الحرس الرئاسي الإماراتي في التواجد في الصراع على الأرض اليمنية من 4 مايو 2015، ولعب الحرس دورا مهما في استعادة ميناء عدن من أيدي الحوثيين في 17 يوليو من نفس العام عبر العملية التي أطلق عليها اسم السهم الذهبي .

وقد تم إحلال قوات الحرس الرئاسي على نطاق واسع كبديل للقوات التقليدية الإماراتية، جنبا إلى جنب مع قوات المرتزقة الأجانب، بعد قتل الحوثيين لخمسة وأربعين جنديا إماراتيا في عملية قصف بصاروخ باليستي في 2015.

وظهرت الحاجة الماسة إلى استخدام قوات أكثر قدرة على مواجهة الحرب الشرسة في اليمن، لاسيما وأنه قد تم الكشف عن إرسال هؤلاء الجنود الإماراتيين عبر التجنيد الإلزامي الذي طبقته الإمارات ابتداء من 2014، وهو ما أصاب عائلات القتلى بالصدمة، حيث لم تتوفر لأبنائهم الخبرة الكافية للقتال قبل إرسالهم لأتون الحرب اليمنية. وقد اتخذت السلطات الإماراتية قرارا بوقف إرسال المجندين إلزاميا لليمن منذ ذلك الحادث .

وتجدر الإشارة إلى أن قوات الحرس الرئاسي الإماراتي كانت تعتبر أفضل قوات التحالف العربي في اليمن تدريبا وتجهيزا وعتادا، وهي القوات الوحيدة التي قامت بعمليات عسكرية كاملة في أفغانستان، وقاتلت هناك جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية .

وقد أعرب خمسة من الباحثين والمحللين اليمنيين لهيئة الإذاعة الأسترالية ABC – بشرط عدم الكشف عن هويتهم – عن قناعتهم بأن الجنرال هندمارش كان يقود قوات إماراتية مقاتلة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في اليمن .

وثبت بالدليل تشكيل الإمارات لفرقة اغتيالات بقيادة إبراهام جولان، وإسحاق جلمور (سيأتي الحديث عنها بالتفصيل في الفصل الأخير من هذه الدراسة) بتنسيق من محمد دحلان، وعُثر على إحدى البطاقات لأحد المستهدفين بالاغتيال في اليمن، وظهر اسم الرجل وصورته ورقم هاتفه، وحتى نوع ولون السيارة التي يستقلها، وفي أعلى يمين الصورة توجد شارة الحرس الرئاسي الإماراتي بوضوح .

وأكدت هيئة الإذاعة الأسترالية ABC على تحققها – بطريق مستقل – من وجود تلك البطاقة للشخص المستهدَف مع أحد أعضاء فريق الاغتيال .

المسؤولية القانونية الواقعة على هندمارش

حول مسؤولية هندمارش عن جرائم الحرب في اليمن، على الأقل بسبب تورط القوات التي يعد مسؤولا عنها مسؤولية مباشرة هناك، قال خبير القانون الدولي للحروب بن شاؤول: إذا كان الجنرال هندمارش يقود القوات، فهناك خطر في أن يكون مسؤولا عن أعمالهم.

وأكد بن شاؤول على وجود مبدأ يعرف بمسؤولية القيادة، وفحواه “أن القادة العسكريين مسؤولون عن الإجراءات التي يتخذها مرؤوسوهم، مما يعني أنه إذا علم القائد أو كان ينبغي له أن يعلم أن مرؤوسيه متورطون في جرائم حرب.

مثل القتل المفرط للمدنيين، أو الاستخدام العشوائي للقوة العسكرية ضد أهداف مدنية، أو مناطق مدنية، فعندها يمكن تحميل المسؤولية للقادة إذا لم يتخذوا الخطوات المسؤولة التي من شأنها منع جرائم الحرب تلك ” .

كما أكد مسؤولان متقاعدان من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، تعاملا بشكل متكرر مع الإمارات على أن رجلي العمليات اللذين يعتمد الإماراتيون عليهما في خوض “حرب قذرة” لصالحهم هما مايك هندمارش، وستيفن توماجان، وقال المسؤولان: “لقد حصلوا (أي: الإماراتيون) في الأساس على مرتزقة أجانب يقاتلون – أو يقودون الحرب –” .

القائد العام لقيادة الطيران المشتركة الإماراتية

خدم توماجان معظم حياته المهنية كضابط في الجيش الأمريكي، وتقاعد برتبة عقيد بعد قضاء 20 عاما فيه، ما أهله لاستحقاق المعاش التقاعدي من الحكومة الأمريكية بشكل كامل.

وقد خدم توماجان كطيار هليكوبتر في العراق في حرب الخليج الأولى، وأُرسل للخدمة بالسعودية، وخدم كذلك في مواقع مختلفة.

اتجه توماجان للتعاقد مع القوات المسلحة الإماراتية، حيث تمت ترقيته هناك لرتبة جنرال، وتولى القيادة العامة لقيادة الطيران المشتركة في دولة الإمارات العربية المتحدة .

وفي شريط فيديو مصور على موقع وزارة الدفاع الأمريكية في 10 فبراير 2017، تحت عنوان (الإمارات العربية المتحدة في مركز التدريب الوطني) يؤكد توماجان على أنه ضابط بالقوات المسلحة الإماراتية، حيث يقول: إن “القوات الإماراتية تحلق في أول مهمة خارجية في مركز التدرب الوطني. إن استمرار العلاقة المتجذرة بين جيشي الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، يعزز الشراكة العملياتية فيما بيننا”.

وأضاف توماجان مؤكدا: “أنا القائد العام لقيادة الطيران المشتركة في الإمارات”، وقال أيضا: “دولة الإمارات دولة صغيرة للغاية”. “نحن” – يقصد: دولة الإمارات العربية المتحدة – “ليس لدينا مساحة الأرض التي لديكم (أي: الأمريكان) لهذه الأنواع من التدريبات، ولذا فنحن نقدر كرم الضيافة الذي أظهرْتَموه لدولة الإمارات العربية المتحدة ولجنودي ” .

لكن توماجان عاد ليقول على الناحية المقابلة – مبعدا نفسه عن شبح قيامه بنشاطات تخالف القوانين الأمريكية – وفي مناسبة أخرى: ” لم يقسم ستيفن أ. توماجان الولاء للإمارات العربية المتحدة، ولا هو في الجيش الإماراتي.

إن ستيفن أ. توماجان هو متعاقد مدني موثوق، وقد حاز على ثقة نائب القائد الأعلى، الذي طلب منه تشكيل قيادة طيران الإمارات المشتركة.” وقال: إن القوات المقاتلة في اليمن ليست تحت قيادته، وإن أنشطته مرخصة من قبل حكومة الولايات المتحدة” .

نفوذ توماجان الكبير في القوات المسلحة الإماراتية

توماجان هو مؤسس قيادة طيران الإمارات المشتركة، وهو من يقودها حاليا. يقول الخبراء: إن قيادة طيران الإمارات المشتركة تتحكم في تعاقدات الأسلحة، وانتشار القوات، وتشغيل غالبية طائرات الهليكوبتر القتالية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن ضمن الصفقات التي قال توماجان إنه قام بدور فعال لإبرامها صفقة بقيمة 10 مليارات دولار لتحديث أسطول الطائرات العسكرية الإماراتية.

وقد أفاد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS أن ترسانة قيادة طيران الإمارات المشتركة تشمل طائرات هليكوبتر عسكرية أمريكية مثل أباتشي، وتشينوك، وبلاك هوك، والتي تقول إنها منتشرة في اليمن.

يعد توماجان متنفذا بشكل كبير في الجيش الإماراتي، وقال ضابط سابق في الجيش الأمريكي كان قد قابل توماجان وعمل معه في الإمارات، إنه يعرف أن توماجان متنفذ بشكل غير اعتيادي، وأضاف الضابط الأمريكي مؤكدا عدم استطاعة أحد فعل شيء في مجال الطيران العسكري بالإمارات دون أن يبرز له توماجان فجأة في الاجتماعات، حيث “يملك إدارة المكان”، وقال: إنهم كانوا يطلقون عليه لقب “نابليون الصغير”.

تورط توماجان في جرائم حرب باليمن

وقعت مذبحة في صباح يوم 16 مارس 2017 بحق لاجئين صوماليين غير مسلحين كانوا هاربين من الجحيم اليمني باتجاه السودان، حيث تم إنزالهم في ميناء الحديدة اليمني مع وجود 42 جثة داخل القارب الذي استقلوه، وجرح بالحادث حوالي 80 شخصا آخرين.

وقال الناجون – بحسب تحقيق أجرته الأمم المتحدة: إنهم تعرضوا لوابل من النيران الرشاشة من طائرة مروحية عسكرية، أثناء عبورهم مضيقا في البحر الأحمر، وأضافوا أن المروحية ظلت تطلق النار لخمس دقائق، ثم قامت بدورة حول القارب، وفتحت النار باتجاهه مرة أخرى. وقد أخفى الناجون أنفسهم خلف جثث القتلى حتى لا يتعرضوا للموت كما فُعل بزملائهم.

من جهتها، أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها في 26 مارس 2017 أن “الهجوم على قارب اللاجئين قد يرقى إلى جريمة حرب”، واتهمت التحالف الذي تقوده السعودية بارتكاب الجريمة في حق اللاجئين.

وقد دارت الشكوك حول الإمارات، والتي أصدرت بيانا رسميا نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام)، في 20 مارس 2017، أكدت فيه على وجود قوات لها في المنطقة، ولكنها نفت أي صلة لها بالحادث، مؤكدة على رصد قواتها المسلحة “للطبيعة غير العسكرية للقارب، ووجود عدد كبير من المدنيين على متنه بصورة واضحة وملفتة للنظر”.

وفي ضوء هذه المعلومات التزمت تلك القوات “بقواعد الاشتباك الصارمة التي تتبعها وتمنعها من التعامل مع أية أهداف غير عسكرية”، حسبما صرح مصدر مسؤول في القوات المسلحة الإماراتية، والذي ألقى باللائمة على قوات الحوثيين. “وأكد أن القوات المسلحة في دولة الإمارات ترحب بأي تحقيق دولي مستقل حول هذه الحادثة” .

ولكن الأمم المتحدة أكدت على رفض كل من الإمارات، والسعودية، وكذلك القوات البحرية الأمريكية المتواجدة بالمنطقة، الاستجابة لطلبها بشأن الحصول على معلومات حول الحادثة .

بدورها، طالبت هيومن رايتس ووتش في رسالة إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإماراتي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتوضيح الإمارات لدورها “فيما بدا أنه هجوم للتحالف بقيادة السعودية على قارب يحمل مدنيين صوماليين قبالة الساحل الغربي لليمن”، وأكدت المنظمة على أن “التحالف هو القوة الوحيدة التي يُعرف أنها تستعمل طائرات عسكرية في المنطقة” .

مع التدقيق في ملابسات الحادث؛ أعلن محققو الأمم المتحدة عن عدم وجود إمكانية لدى المتمردين الحوثيين على شن الهجوم، لأنهم لا يملكون طائرات مروحية مزودة بمدفع رشاش مثل الذي تم استخدامه في الحادث، ولكن الإمارات هي من تمتلك تلك القدرات. وقال أحد مسؤولي حقوق الإنسان، الذي رفض الكشف عن هويته: إن الإماراتيين كانت لديهم “الوسائل، والدافع، والفرصة” .

على الرغم من التحقيقات، ومن توافر قرائن وخيوط مؤدية للمسؤولين عنها، إلا أنه لم يحاسَب المسؤولون عن هذه المذبحة حتى الآن، بخلاف مذابح أخرى قام بها الطيران الإماراتي – وكذلك السعودي – على مدار عدة سنوات.

وهذا ما دفع بيتر سينجر، الخبير الاستراتيجي في مركز أبحاث نيو أميركا، إلى التصريح بأنه: “إذا انتهت الغارة الجوية الأمريكية بنتيجة سيئة، فهناك مجموعة واضحة من الإجراءات التي ستأتي بعد ذلك… ربما ليست دائما مثالية، ولكن هناك نتائج، وفي بعض الحالات توجد محاكمة عسكرية”، متسائلا باستنكار عما يمكن فعله إزاء توماجان !

عندما زار اللفتنانت جنرال مايكل إكس. جاريت، عضو القيادة المركزية للجيش الأمريكي، دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2016، تم تصويره وهو يصافح توماجان.

وذكر مقال نشر على موقع الجيش الأمريكي على شبكة الإنترنت أن الجنرال الأمريكي مايكل إكس “قضى وقتا مع الجنرال الإماراتي ستيفن توماجان، قائد قيادة الطيران المشتركة في مقر قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة”.

وقد ظهر توماجان – علاوة على تعريفه عن نفسه كجنرال إماراتي، كما سبق بيانه – في الصورة مرتديا بزة طيران تحمل العلم الإماراتي، وما يبدو أنه شارة على كتفه لرتبة جنرال في جيش الإمارات .

من جهتهم، قال رجال أعمال وضباط متقاعدون مطلعون على موقف توماجان: يبدو أن الحكومة الأمريكية قد غضت الطرف عن تصرفاته، وقال العقيد المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية دانييل موناهان، وهو مسؤول تنفيذي كبير في شركة نولدج إنترناشيونال Knowledge International – وكان مكلفا بتغطية قضية “امتثال المتعاقدين الخاصين باللوائح الأمريكية” – إنه لم يشعر بالثقة أبدا تجاه ستيفن توماجان.

وأضاف العقيد أنه استقال من الشركة لأنه لم يمنح حق الوصول اللازم للتحقيق بشأن الامتثال الكامل للمتعاقدين الأمريكيين الخاصين في قيادة الطيران المشتركة الإماراتية، مع القواعد والشروط التي وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية .

الجدير بالذكر أن الترخيص الحاصل عليه توماجان للعمل في الإمارات يقتضي كونه كبير مستشاري الطيران، ويخوله بناء على ذلك تقديم الدعم الاستشاري المباشر لنائب القائد الأعلى للإمارات وموظفيه وجميع موظفي الأنظمة الأساسية وغير الأساسية المتعلقة بقيادة الطيران المشتركة، ولكن لم تتم بطبيعة الحال الموافقة على عمل توماجان كضابط في القوات المسلحة الإماراتية بالصفة التي عرّف بها عن نفسه.