موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإعلام البريطاني يواصل حملته ضد محمد بن راشد ويلوح بتحقيق رسمي ضده

296

واصل الإعلام البريطاني حملته المستمرة منذ أسبوع ضد نائب رئيس الإمارات حاكم دبي محمد بن راشد على خلفية تعسفه بأفراد عائلته.

ولوحت هيئة الإذاعة البريطاني “بي بي سي” بفتح تحقيق من الشرطة البريطانية ضد بن راشد بتهمة خطف ابنته من لندن.

ونشرت بي بي سي مناشدة لطيفة ابنة بن راشد، الشرطة البريطانية بإعادة التحقيق في اختطاف أختها الكبرى من أحد شوارع مدينة كامبريدج قبل أكثر من 20 عاما.

وقالت لطيفة لشرطة المدينة، في رسالة شاركت بي بي سي فيها، إن هذا قد يساعد في إطلاق سراح الشيخة شمسة، التي قبض عليها بأمر من والدها.

ولم تشاهد شمسة، التي كانت في الـ18 عاما فقط عند اختطافها، وهي الآن في الـ39 عاما، في الأماكن العامة منذ ذلك الحين.

وكان قاض في المحكمة العليا قد حكم عام 2019، بأن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اختطف ابنتيه واحتجزهما رغما عنهما.

وفي الأسبوع الماضي، بث برنامج بي بي سي بانوراما مقاطع فيديو مروعة سجلتها لطيفة سرا على هاتف حصلت عليه، ووصفت فيه كيف احتجزها والدها “رهينة” بعد محاولة هروب فاشلة في عام 2018.

وطلبت الأمم المتحدة من دولة الإمارات بعد ذلك أن تبرهن على أن لطيفة مازالت على قيد الحياة.

ولكن قبل عقدين من الزمان تقريبا، انتهت أيضا محاولة شقيقتها الكبرى شمسة للفرار من العائلة بالقبض عليها واحتجازها.

وفي أغسطس/آب من عام 2000، بعد حوالي شهرين من هروب شمسة من منزل والدها “لونغ كروس” في مدينة ساري، نقلت قسرا من مدينة كامبريدج، جوا بمروحية إلى فرنسا، ثم أعيدت على متن طائرة خاصة إلى دبي.

وتحث رسالة لطيفة المكتوبة بخط اليد، والتي مررها إلى شرطة كامبريدج شير أصدقاء لها الأربعاء، السلطات البريطانية على اتخاذ إجراءات من أجل شقيقتها.

وكتبت الرسالة في عام 2019 خلال احتجازها في حبس انفرادي في “الفيلا السجن”.

وتقول لطيفة في الرسالة: “كل ما أطلبه منكم هو أن تهتموا بقضيتها من فضلكم لأنها قد تحصل على حريتها … مساعدتكم واهتمامكم بقضيتها يمكن أن يحررها”.

وتضيف: “لديها روابط قوية في إنجلترا … إنها تحب إنجلترا حقًا، وكل ذكرياتها العزيزة تعود إلى الوقت الذي أمضته هناك”.

وأرخت لطيفة الخطاب بفبراير/شباط 2018، قبل محاولتها الهروب، لتتجنب الكشف عن أن لديها وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي من الأسر.

وترسم الرسالة صورة تقشعر لها الأبدان عن مصير أختها بعد إعادتها إلى دبي.

وتقول: “احتجزت في معزل عن العالم الخارجي، بدون موعد لإطلاق سراحها وبدون محاكمة أو تهمة. تعرضت للتعذيب بضرب قدميها بالعصا …”.

وبدأت شرطة كامبريدج شير تحقيقا في الاختطاف لأول مرة في عام 2001 بعد أن اتصلت شمسة بهم عبر محامي هجرة.

لكن التحقيق وصل في النهاية إلى طريق مسدود عندما منع الضباط من الذهاب إلى دبي.

واتضح لاحقا أن مساعدين للشيخ محمد بن راشد قدموا احتجاجات إلى وزارة الخارجية.

وعاودت الشرطة التحقيق في 2018، وتستطيع بي بي سي نيوز الآن الكشف عن أن أحد المحققين أقر بوجود “حساسيات كبيرة” للقضية.

وأطلقت مراجعة أخرى بعد نشر حكم المحكمة العليا في عام 2020 .

وقالت شرطة كامبريدج شير في بيان لبي بي سي نيوز إنها تلقت رسالة لطيفة، التي “سينظر فيها كجزء من المراجعة الجارية”.

وأضاف البيان: “هذا أمر معقد وخطير للغاية، وهناك تفاصيل للقضية لن يكون من المناسب مناقشتها علنا”.

وقالت وزارة الخارجية، التي واجهت في السابق تساؤلات حول ردها في أعقاب تصريحات حليف قوي للدولة، لبي بي سي إن هذه مسألة خاصة بين شخصين وليس لها دور في التحقيق الذي أجرته شرطة كامبريدج شير أو نتائجه.

وبعد ظهور مقاطع فيديو الأميرة لطيفة، قال وزير الخارجية، دومينيك راب، إن اللقطات “مقلقة للغاية”، وإن بريطانيا “ستراقب التطورات عن كثب”.

وفي عام 2018، قال ديوان دبي الملكي لبي بي سي إن شمسة “محبوبة ومعززة”.

وكان تصريح بن راشد الوحيد في القضية ما قاله أمام المحكمة العليا، وتحدث فيه عن “الارتياح” للعثور على ابنته “المستضعفة” شمسة بعد اختفائها.

وأنذرت قصة شمسة بما حدث مع لطيفة بعد 18عاما، كما كان لها دور رئيسي في قرارها السعي إلى حياة جديدة في الخارج.

وأدى ذلك مباشرة إلى هروبها الفاشل على متن قارب في المحيط الهندي.

ووصفت لطيفة في مقطع فيديو نُشر على موقع يوتيوب قبل محاولتها الفرار عام 2018 ما حدث لشقيقتها وتبعاته الخطيرة.

كما تحدثت بي بي سي نيوز إلى شخص كان على اتصال منتظم بشمسة في دبي، فقال: “لست بحاجة إلى أن تكون طبيبا لتعرف أنها كانت تتعاطى مهدئات طوال الوقت”.

ونشأت الشيخة شمسة في جزء من حياتها في بريطانيا وتلقت تعليما غربيا.

ولم تكن شمسة، بحسب قول قريبها ماركوس الصابري، الذي عاش مع العائلة في دبي لمدة عامين وكان مقربا منها، إنسانة يمكن أن تسميها “أميرة”، “كانت جريئة، مفعمة بالحياة وحب المغامرة.”

وأضاف: “أرادت أن تفعل شيئا مؤثرا للمرأة، خاصة في العالم العربي. أرادت تخطي الحدود … كان هذا عندما بدأت المشاكل”.

وكتبت شمسة إلى الصابري من لندن في سبتمبر/أيلول 1999، قبل تسعة أشهر من هروبها. ولم يكن والدها، الذي كان آنذاك ولي عهد دبي، يسمح لها بمتابعة دراستها والالتحاق بالجامعة.

وكتبت تقول: “لا يُسمح لي بمواصلة (الدراسة). أنت تعلم أنه لم يسألني حتى عما أهتم به. لكنه فقط قال: لا”.

وأخبرت شمسة ماركوس أنها تفكر في الهروب.

وأضافت: “الشيء الوحيد الذي يخيفني هو تخيل نفسي وقد كبرت في السن وأصبحت أشعر بالندم على عدم المحاولة عندما كان عمري 18 عاما. ماذا أجرب؟ لا أعرف. إنني فقط سأغتنم الفرصة”.

وفي صيف عام 2000، اتخذت القرار.

إذ قادت سيارة رينج روفر سوداء إلى طرف عقار الشيخ المترامي الأطراف، الذي يبلغ ثمنه 75 مليون جنيه إسترليني في لونغ كروس في منطقة ساري، ثم انحرفت بالسيارة بعيدا.

ونشر بن راشد فريقا من العملاء لتعقبها سرا.

وفي 19 أغسطس/آب 2000، أخذ رجل شمسة إلى كامبريدج، حيث دخلا فندق يونيفرسيتي آرمز، الذي حجز فيه مكانا دون علمها، ثم وصل نحو أربعة من عملاء والدها، وقبض عليها في الشارع.

ونقلت شمسة إلى منزل الشيخ بالقرب من نيوماركت. وبحلول الساعة 05:00 من صباح اليوم التالي، كانت شمسة على متن مروحية من مدينة نيوماركت إلى شمال فرنسا، ومن هناك نقلت بطائرة خاصة.

وبعد ساعات، عادت إلى دبي: وانتهت أحلامها في الحرية والتعليم.

استغرق الأمر حوالي سبعة أشهر حتى وصل ادعاء بالاختطاف إلى ضابط المباحث البريطاني ديفيد بيك في مركز شرطة باركسايد في كامبريدج.

وقال الضابط لبي بي سي في عام 2018 في مقابلة للفيلم الوثائقي: الهروب من دبي “ليس من المعتاد أن تصل ادعاءات تتعلق برئيس دولة إلى مكتب ضابط شرطة كل يوم”.

وتمكنت شمسة من توصيل رسالة إلى محامي هجرة التقت به خلال وجودها في لندن في وقت سابق: “ليس لدي وقت للكتابة بالتفصيل. أنا مراقبة طوال الوقت، لذا سأدخل مباشرة إلى ما أريده. لقد قبض والدي علي، بعد أن تمكن من تعقبي. أنا محتجزة حتى اليوم … الآن، أنا لا أطلب منك فقط الإبلاغ عن هذا فورا، بل أطلب مساعدتك وإشراك السلطات، (إشراك الجميع)”.

وأضاف الضابط لبي بي سي في عام 2018: “تشير الأدلة في تلك المرحلة إلى أنه قد يكون هناك بعض الصدق فيما يدعى. وإذا كان الادعاء صحيحا، فمن الواضح أن جريمة مخالفة للقانون البريطاني ارتكبت”.

وكشف مزيد من التفاصيل بشأن التحقيق في العام الماضي فقط، عندما امتثلت شرطة كامبريدج شير لأمر بالكشف من المحكمة العليا.

واتضح أن الضابط تمكن من التحدث إلى شمسة عبر الهاتف، وأكد التفاصيل الرئيسية لقصتها. لكنه كان بحاجة إلى الذهاب إلى دبي لإجراء مقابلة معها، وإجراء مزيد من التحقيق.

وتقدم بطلب من خلال دائرة الادعاء القضائي الملكية، لكن طلبه رُفض.

وقال: “لم أعط سببا للرفض”.

وركنت القضية على الرف حتى بدأت مراجعة في 2018 في أعقاب رسالة أخرى من شمسة. ولكنها أغلقت في النهاية بسبب “عدم كفاية الأدلة لاتخاذ أي إجراء آخر”.

وقدم بن راشد بيانا إلى المحكمة العليا وصف فيه شمسة بأنها “أكثر عرضة من الشابات الأخريات في سنها”، لأن وضعها جعلها عرضة للاختطاف.

ويمثل خطاب لطيفة المرة الثالثة التي يوجه فيها نداء إلى الشرطة للتحقيق في الاختطاف.

لكن صلات بن راشد في بريطانيا عميقة. فهو صديق الملكة، وأحد أكبر ملاك الأراضي في البلاد.

وتنظر الإدارات البريطانية المتعاقبة إلى الإمارات، ودبي جزء منها، بوصفها حليفا استراتيجيا وتجاريا رئيسيا في المنطقة.

وفي عام 2000 أو 2001 اتصل مكتب بن راشد في لندن بوزارة الخارجية بشأن قضية شمسة.

وأكدت وزارة الخارجية في وقت لاحق بعد ذلك في رد برلماني أنها قالت إن “الأمر يتعلق بالشرطة. لكن بي بي سي نيوز تدرك أنه كان هناك صمت داخل وزارة الخارجية بشأن الاختطاف”.

وقال توني بلير، رئيس الوزراء آنذاك، من خلال متحدث باسمه، إنه “لا يتذكر على الإطلاق وصول هذا الأمر إليه وهو في الحكومة”.

وأضاف في رد على طلب بي بي سي بشأن حرية المعلومات بشأن أي محادثات أجرتها وزارة الخارجية بشأن القضية، إن “الكشف عن معلومات تفصيلية عن علاقتنا مع حكومة الإمارات يمكن أن يضر بالعلاقة الثنائية بين المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة”.

قالت لطيفة إن شمسة أمضت ثماني سنوات بعد أسرها في السجن.

وعندما أطلق سراحها عام 2008، تمكنت لطيفة من رؤيتها. “كان لابد من إرشادها بإمساك يدها. لم تستطع فتح عينيها … أعطيت مجموعة من الحبوب للسيطرة عليها. وجعلتها تلك الحبوب كشخص لا روح فيه، ولا يبالي بشيء”.

وقال الشخص الذي كان على اتصال بشمسة بعد إطلاق سراحها: “كانت فقط … .. صامتة. كل ما تفعله متحكم فيه. لم يعد هناك بريق حياة في شمسة بعد الآن. لم يكن لديها روح مقاومة. لم يكن هناك شيء. كانت مجرد جسد”.

“أعتقد أنها استسلمت لفكرة أن هذه هي حياتها. إنه أمر محزن للغاية”.

وفي عام 2019، التقت لطيفة بشمسة مرة أخرى، وفي ذلك الوقت سُجنت لطيفة هي نفسها بعد محاولتها الهرب.

ووصفت اللقاء لماركوس، قريبها، عبر هاتفها السري.

وقال ماركوس الصابري: “حذرتني لطيفة” من أني لن أتعرف على شمسة الآن”. لقد خدرت إلى درجة كبيرة. إنها على قيد الحياة. لكن شمسة ليست شمسة”.

ويضيف الشخص الذي يعرف شمسة: “لا يمكنك في الواقع اختلاق هذا الأمر. فلن يصدقك أحد. إذ يبدو الأمر غير واقعي بالمرة. ولكنه، للأسف، حقيقي. وأنا أفهم أن الناس لا يستطيعون فهم الأمر، فهم يشاهدون فتاة غنية. ولكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. إنه الواقع مروع”.