موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تسعى لفرض وصايتها على عسكر السودان وسط رفض شعبي لدورها التخريبي

269

يكثف النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام من مساعيه لفرض وصايته على المجلس العسكري الانتقالي في السودان رغبة منه بالحفاظ على نفوذه في البلد عقب الإطاحة بحليفه السابق عمر البشير.

وعلمت إمارات ليكس من مصادر موثوقة أن النظام الإماراتي وعد المجلس العسكري الانتقالي في السودان بالترويج لها إقليميا ودوليا ودعمه بالمال والإعلام شرط التبعية له في المرحلة المقبلة.

وشهدت الساعات الـ48 الماضية تحركات مكثفة من الإمارات وحليفتها في السعودية في محاولة لفرض وصاية كاملة على المجلس العسكري الانتقالي من بوابة تقديم الدعم له في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها من المعارضة والمحتجين لتسليم السلطة لمجلس انتقالي مدني.

وتأتي تحركات الإمارات ضمن مسارين: الأول علني من خلال زيارة قام بها وفد سعودي إماراتي مشترك رفيع المستوى للخرطوم، أول من أمس الثلاثاء، تخللها لقاء برئيس المجلس العسكري السوداني الجديد عبد الفتاح البرهان.

أما المسار الثاني فيجري خلف الأبواب المغلقة، لكن مظاهره تجلت في اللقاء الذي جمع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، وبحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي ناقش “مستجدات الأحداث في المنطقة”، بحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، وسط ترجيحات بأن يكون الملف السوداني في صدارة المباحثات إلى جانب الموضوع الليبي.

وجاء انتقال الإمارات إلى تقديم الدعم العلني للمجلس بالتزامن مع كشف مصادر دبلوماسية سودانية ومصرية عن اتصالات قامت بها القاهرة، من خلال مسؤولين في السعودية والإمارات، قبل أيام، للوساطة بين البرهان ومحمد حمدان دقلو “حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع (الجنجويد)، لـ”منع تمرده” على المجلس العسكري الذي يحظى برضا إماراتي.

وأعلنت وكالة الأنباء السودانية “سونا” عبر صفحتها على تويتر، أن وفداً سعودياً إماراتياً مشتركاً رفيع المستوى التقى، أول من أمس، البرهان ونقل إليه رسالة شفهية تضمنت “تحيات قيادتي البلدين الشقيقين واستعدادهما لدعم ومساندة السودان وشعبه في هذه المرحلة التاريخية المهمة”.

كما بحث الوفد السعودي الإماراتي المشترك مع نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول محمد حمدان دقلو موسى، “العلاقات المتميزة بين السودان والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة”. وجدد الوفد المشترك خلال اللقاء حرص السعودية والإمارات على أمن السودان واستقراره.

من جهته، أفاد مصدر دبلوماسي سوداني رسمي، بأنه يوجد تنسيق رفيع المستوى بين مصر والإمارات والسعودية بشأن تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي للمجلس العسكري، لمنحه القوة اللازمة في مواجهة تحركات المحتجين والمعارضين الرافضين لاستمراره ويسعون للضغط عليه لتسليم السلطة لمجلس انتقالي مدني، وهو ما يقاومه التحالف الرباعي.

وقال المصدر إنه في إطار تلك المساعي، قام وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي بزيارة للخرطوم التقى خلالها مسؤول اللجنة الاقتصادية بالمجلس العسكري، حيث أكد توفير المساعدات النفطية اللازمة بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية لحين استقرار الأوضاع في السودان. وكشف أن المزروعي كان بصحبته الفريق طه عثمان، مدير المكتب السابق للرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، والذي يشغل في الوقت الراهن منصب مستشار ولي العهد السعودي للشؤون الأفريقية، بعد حصوله على الجنسية السعودية.

وبحسب المصدر، فإن عثمان اليوم أقرب إلى أن يكون المشرف من الجانب السعودي على تنفيذ أجندة الدعم المقررة من الرياض للخرطوم، حيث سيكون بمثابة وزير مالية ومندوب المملكة في السودان.

وتجدر الإشارة إلى أن عثمان كان قد أُعفي من مناصبه العام الماضي، في واقعة أثارت ضجة كبيرة وقتها بعدما تدخلت كل من السعودية والإمارات لمنع إلقاء القبض عليه.

وكانت معلومات قد ترددت وقتها تفيد بأن الأجهزة السودانية كشفت أن عثمان كان يجهز لمؤامرة بالتعاون مع الرياض وأبوظبي، من خلال تحريك القوات السودانية المشارِكة في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، بدون علم القيادة السودانية، نحو الحدود السعودية القطرية لتنفيذ عملية عسكرية كانت تهدف للإطاحة بالنظام الحاكم هناك وقتها، خلال ذروة الأزمة الخليجية، حيث كان عثمان بحكم قربه من البشير واحداً ممن يملكون آلية إصدار قرارات بشأن تلك القوات.

وفي السياق، قال مصدر دبلوماسي سوداني بارز في القاهرة إن “تحركات مصرية سعودية إماراتية أوقفت انقلاباً عسكرياً جديداً في اللحظات الأخيرة” ضد البرهان ورفاقه في المجلس العسكري الانتقالي.

وذكر المصدر أن “قوى إقليمية سعت لتحريض محمد حمدان دقلو لتحريك قواته وفرْض واقع جديد على الأرض، إلا أن التحركات المصرية الخليجية ساهمت في توفيق وجهات النظر بين حميدتي والبرهان، لينتهي الأمر بعودته للمجلس العسكري بصفته نائباً للرئيس، بعدما أعلن انسحابه في وقت سابق، وكذلك أدائه القسم كنائب لرئيس المجلس العسكري، متجاوزاً بذلك عدداً من كبار قادة القوات المسلحة السودانية في الأقدمية والسنّ، وهو البالغ فقط 43 عاماً.

ويقول المصدر السوداني إن “خطوة تعيين حميدتي نائباً لرئيس المجلس العسكري، تتسبب في وقت لاحق بأزمة داخل المجلس نفسه، في ظل عدم اقتناع عدد من القيادات العسكرية هناك بتلك الخطوة، وقبولهم لها على مضض، لضمان استقرار الأوضاع والحصول على دعم ومساعدات الدول الخليجية الداعمة لتلك الخطوة”.

وتشكلت قوات الدعم السريع بقرار من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، في عام 2011، ويُعد “حميدتي” أصغر شخصية سودانية تحصل على رتبة فريق، بأعوامه الـ43، كما يُقال إنه لا يجيد القراءة والكتابة وهو الذي ترك صفوف المدرسة وهو فتى. وبعد الوساطة الخليجية ــ المصرية، أصدر رئيس المجلس العسكري، عبد الفتاح البرهان، قراراً بترقية حميدتي إلى رتبة فريق أول، مساء السبت الماضي.

وتقول المصادر إن رفض حميدتي مشاركة قواته في قمع المتظاهرين بالعاصمة الخرطوم، بعدما تم استدعاؤه من جانب البشير، أكسبه أرضية شعبية رغم سجله الدموي، هو وقواته التي تعتبر بمثابة “مليشيات مسلحة مرتزقة”، خصوصاً في حرب دارفور والجرائم المرتكبة هناك.

وبحسب المصادر الدبلوماسية المصرية والسودانية، فإن السعودية والإمارات رهنتا تقديم الدعم الاقتصادي للسودان، خلال الأيام المقبلة، بشكل يساهم في حل الأزمة واستقرار وتبريد الشارع بعض الشيء، بتنفيذ توصياتهما وتصدّر القيادات المدعومة من جانبهما للمشهد.

وبدا الترحيب الإماراتي بالمجلس العسكري الجديد حاراً، إذ جاء في بيان لوزارة الخارجية الإماراتية، صباح الأحد، أنها “تدعم وتؤيد الخطوات التي أعلنها المجلس العسكري الانتقالي في السودان للمحافظة على الأرواح والممتلكات والوقوف إلى جانب الشعب السوداني”.

في هذه الأثناء تقابل تدخلات الإمارات التخريبية في السودان برفض شعبي واسع وحالة من التململ السياسي والشعبي لمحاولة أبو ظبي بسط نفوذها وتحويل مسار الثورة، خصوصاً بعد أن كانت أبوظبي من أوائل الدول المرحبة بقرارات المجلس العسكري الانتقالي في السودان، وتقديم مساعدات للخرطوم.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لشباب في موقع اعتصام محيط القيادة العامة للجيش السوداني وهم يرفعون لافتات كتب عليها بالخط العريض “لا للتدخل الإماراتي السعودي والمصري، ولا للدعم من السعودية والإمارات”.

 

وطن مالك زمام أمروومتوهج لهب جمرووطن غالي ونجومو تلالي في العاليإرادة .. سيادة.. حرية

Posted by ‎صوت الشارع‎ on Tuesday, April 16, 2019

 

وتعد الصورة المتداولة جزءا يسيرا من حالة التململ السياسي والشعبي من تدخل هذه الدول بالشأن السوداني وتحويل مسار الثورة خدمة لأجندتها، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير.

وتصاعدت حالة التململ في الساعات الماضية بعد أنباء عن لقاءات ضُرب حولها سياج من السرية بين قادة المجلس العسكري الانتقالي، ووفد “سعودي-إماراتي” مشترك، وصل إلى البلاد بمعية المدير الأسبق لمكاتب الرئيس المخلوع، الفريق طه عثمان الحسين، الموصوف بأنه رجل السعودية والإمارات في السودان.

وساهم الحسين خلال وجوده في منصب مدير مكتب البشير قبل سنوات في توجيه البلاد إلى المحور السعودي الإماراتي، وكان هو أول من أعلن قطع علاقات السودان مع إيران، إضافة إلى دوره المشبوه في إرسال القوات السودانية للحرب في اليمن.

وقبل عامين تمت إقالة الحسين من المنصب بعد حديث مستمر عن تضخم سلطاته ودخوله في نزاعات مع عدد من المسؤولين الحكوميين أبرزهم وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور، فضلا عن دخوله في صفقات مالية مع رجال أعمال سعوديين وإماراتيين. وبعد عزله مباشرة من المنصب غادر للسعودية ومنح الجنسية السعودية بقرار ملكي، وعين مستشاراً للديوان الملكي للشؤون الأفريقية.

وتأتي عودة طه إلى البلاد، عقب التئام قمة بين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، انتهت بتجديد التأييد للمجلس العسكري الانتقالي في السودان، مع إقرار الرياض وأبوظبي إرسال حزمة مساعدات إلى السودان، وهو أمر ردَّ عليه نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الجنرال محمد حمدان “حميدتي” بتحية أفضل منها، إذ أكد الإبقاء على القوات السودانية في اليمن، رغم المطالبات السابقة بسحبها.

وأبدى الأمين السياسي، لحزب “منبر السلام العادل”، محمد أبو زيد، عن بالغ قلقه إزاء التحركات السعودية الإماراتية للزج باسم الخرطوم في صراع المحاور الإقليمية، مستدلاً بعودة رجل السعودية في السودان، الفريق طه إلى واجهة الأحداث من جديد.

وتوقع أبوزيد أن يحاول البلدان “فرض نفوذهما من خلال تقديم الدعم المالي والاقتصادي للسودانيين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة، وفي المقابل يبسطان سيطرتهما على موانئ البحر الأحمر، مع توجه قوي للقضاء على الحركات الإسلامية، وإبعاد الخرطوم بالكلية عن قطر وتركيا”.

وحذر قوى المعارضة، من أن “ما يراد لها شبيه بما تم في مصر، حيث إن التحسن الاقتصادي رهين بوصول حُكامٍ لا علاقة لهم بالتغيير الذي سعى لأجله الشعب السوداني”، مضيفاً أن من يريد مساعدة الشعب السوداني “فعليه ألا يرهن ذلك باتخاذ مواقف سياسية”.

وكان محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، قد حذر عبر مؤتمر صحافي من محاولات قوى خارجية لم يسمها تحويل مسار الانتفاضة الشعبية السودانية لخدمة أجندة محاور إقليمية ضد دول أخرى صديقة.

بدوره قلل القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي، أبو بكر عبد الرازق، من إمكانية انخراط السودان في صراع المحاور الإقليمي. وقال إن “ضمانات عدم انجرار المجلس العسكري الانتقالي لهذا المنزلق مسنود بقوامه المكون من شخصيات قوية النزعة، ووطنية المنزع، وذات إلمام بطبيعة المعادلات الدولية”.

سببٌ ثانٍ ذكره عبد الرازق كعاصمٍ للخرطوم من صراع المحاور، ومتصل بكون أجل المجلس محدد بعامين فقط، “وبالتالي سيكون عليه أن يتجه بكلياته في هذا الوقت القصير لحل أزمات كبيرة من شاكلة التحديات الاقتصادية والأمنية، وتحدي الوصول لتسوية سليمة مع الحركات المسلحة، فضلاً عن تحدي الحريات والتداول السلمي للسلطة”.