موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة: الإمارات وعٌمان.. التقارب الاقتصادي لا يلغي الصراعات الممتدة

483

قالت دراسة بحثية إن التقارب الاقتصادي الملحوظ بين دولة الإمارات وسلطنة عٌمان لا يلغي الصراعات الممتدة بين البلدين في ظل مؤامرات أبوظبي التاريخية ضد مسقط.

ورجحت الدراسة الصادرة عن المركز الخليجي للتفكير، أن تظل حالة التوجس قائمة بين الإمارات وعُمان “في ظل الخلافات الجيوسياسية بين الدولتين، بالرغم من مظاهر التقارب الاقتصادي والهدوء السياسي”.

وتناولت الدراسة زيارة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، لسلطنة عُمان في 27 سبتمبر الماضي، الزيارة التي استمرت يومان ولقائه بالسلطان هيثم بن قابوس، سلطان عُمان، في أول زيارة خارجيه له عقب توليه الرئاسة رسمياً في 14 مايو 2022 في سياق مصالحة إقليمي والتي انتهجته الإمارات بعد عقد من الصراعات المتشابكة.

وأسفرت تلك الزيارة عن توقيع 16 اتفاقية في مختلف المجالات، ولم يكشف البيان الرسمي عن مسار الملفات المتعلقة بين الدولتين ونتائج النقاش بينهما، إلا أنها غلب عليها الاتفاقيات الاقتصادية التي باتت نهج إماراتي في سياستها الخارجية في الآونة الأخيرة.

وبالرغم من أن الإمارات تعد أكبر شريك تجاري للسلطنة على مستوى العالم؛ فهي من أكبر المصدّرين إلى عُمان وأكبر المستوردين منها، إلا أن العلاقات بينهما كمعظم دول الخليج تواجه خلافات حدودية مازالت في خلفية العلاقات.

كما شهدت العلاقات بينهما العديد من فترات من التوتر، خاصة في ظل سعي الإمارات لدور إقليمي أكبر والاستفادة من فوائضها النفطية في تحقيق الهمينة الإقليمية.

فالصراع الإماراتي – العماني له جذور وخلفيات قديمة قدم نشأة الإمارات التي قامت فى أوائل السبعينات بعد اتحاد إمارات ” أبوظبي – دبي -الشارقة – عجمان – رأس الخيمة – أم القيوين – الفجيرة”.

وتاريخياً ليس من السهل الفصل بين تاريخ البلدين، رغم الفصل بينهما بواسطة الاستعمار، فيما بقيت العلاقات بينهما كدولتين متجاورتين وضمن مجلس التعاون الخليجي، وتجمعهما علاقات مختلفة، على الرغم من بعض الخلافات في بعض الملفات.

وجاءت الزيارة مع تحسن نسبي في العلاقات الخليجية الخليجية، وسط أزمات دولية كبيرة، يحاول البلدان تعميق العلاقات بينهما، متمثلاً بالزيارات المتعددة التي شهدتها الدولتان خلال الفترة الماضية.

وتُعد الزيارة التي قام بها محمد بن زايد إلى سلطنة عمان هو الثاني خلال 4 شهور بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة سلطان عمان إلى الإمارات مايو الماضي، لتقديم التعازي بوفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.

وكانت آخر زيارة رسمية لـ”بن زايد” لسلطنة عمان عندما كان ولياً لعهد أبوظبي، حيث جاءت لتقديم التعازي للسلطان هيثم بن طارق، في وفاة السلطان قابوس بن سعيد (يناير 2020).

وترتبط الزيارة بتوقيت مهم يتمثل في حدثين رئيسيين على المستوى العربي والخليجي، وهما القمة العربية المرتقبة في الجزائر مطلع نوفمبر المقبل، والقمة الخليجية الـ43 ديسمبر المقبل، والتي تترأس دورتها القادمة سلطنة عمان.

كما تأتي الزيارة في سياق إقليمي مغاير فالإمارات بعد عقد من الصراعات بدأت تعيد تموضع سياستها الخارجية وتخفف من حدة صراعتها الإقليمية فانسحبت “جزئياً” من اليمن وأعادت العلاقات مع قطر وإن كان بوتيرة أقل وتجاوزت خلافتها مع تركيا.

كما أعادت أبوظبي سفيرها إلى إيران والتي تجمعها علاقات قوية بسلطنة عمان، وكان لمستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، الذي يوصف بـ “مهندس العلاقات”، دورا كبيرا في التحضير للزيارة بين محمد بن زايد والسلطان هيثم.

وقد سبق تلك الزيارة عدة زيارات متبادلة بين قيادات الدولتين ففي نوفمبر 2019 زار مستشار الأمن الوطني بدولة الإمارات “طحنون بن زايد آل نهيان”، إلى سلطنة عمان في زيارةٍ مفاجئة غير معلنة.

وفي ظل المتغيرات الإقليمية ومسار المصالحة التي تنتهجها دول المنطقة تتعدد أهداف الدولتان من تطوير علاقتهما وتجاوز خلافات الماضي ويمكن تناول تلك الأهداف في عدة نقاط منها:-

أولاً:- الجانب الإماراتي

1- تجاوز الخلافات والتوتر في العلاقات خلال الفترة الماضية في إطار سياسة التموضع التي تتنتهجها الإمارات مؤخراً.

2- تنمية العلاقات وتطويرها من خلال فتح صفحة جديدة للعلاقات من باب الاقتصاد التي تجيده الإمارات وتحتاجه السلطنة في ظل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها.

3- دبلوماسية المضائق التي تنتهجها الإمارات للسيطرة على طرق النقل العالمية فتهدف إلى توسيع هيمنتها على موانئ سلطنة عمان التي تتميز بالموقع الاستراتيجي المميز على المستوى العالمي.

4- حاجة الإمارات إلى علاقة عٌمان الجيدة بإيران من جهة والحوثيين من جهة أخرى، فعُمان مدخل ووسيط هام للتهدئة في اليمن.

فالإمارات في ظل سياستها الجديدة في اليمن تحتاج إلى التنسيق مع الحوثيين في بعض الملفات في سبيل الوصول لتثبيت تواجدها وفصل شمال اليمن عن جنوبه، وعدم تعرضها للاستهداف الحوثي، في ظل انتهاء الهدنة باليمن في 2 أكتوبر وعدم تجديدها حتى الآن.

وقد حذر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، شركات النفط العاملة في الإمارات و السعودية من مغادرة هذين البلدين إذا استمرت هاتان الدولتان في انتهاك وقف إطلاق النار المؤقت للأمم المتحدة، وهو بالطبع يضر الإمارات بشكل كبير في حال عودة استهدافها بمسيرات الحوثيين.

4- ليس من المستبعد أن تسعى الإمارات لجذب سلطنة عُمان إلى قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني في ظل تبنيها لنشر التطبيع في المنطقة.

ثانياً:- الجانب العٌماني

1- يعتبر اقتصاد سلطنة عمان من بين الأضعف في منطقة الخليج، وبالتالي فمن شأن زيادة الدعم التجاري والاستثماري من قوة إقليمية بثقل الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، أن يساعد السلطنة على المضي قدما في خطط لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، فقد بلغ نمو الناتج المحلي للسلطنة عمان خلال النصف الأول من 2022 نحو ( 52,616 مليون دولار).

وتعد هذه الاستثمارات أساسية لعمان، التي تعاني من أزمة اقتصادية بالرغم من التحسن النسبي على خلفية ارتفاع أسعار النفط، وبحسب وكالة الأنباء العُمانية الرسمية، فإن حجم الدين العام في السلطنة انخفض بنهاية شهر يوليو الماضي ليبلغ (48.3 مليار دولار) مقارنة بالمسجل نهاية العام الماضي والبالغ نحو (54 مليار دولار).

وتعاني عُمان من بطالة مرتفعة، وتسجل النسبة الأعلى بين جيرانها، فبحسب أرقام رسمية نشرتها دائرة الإحصاء العامة، فإن معدل البطالة بلغ 25.0 في المئة خلال الربع الأول من عام 2021، غير أنّ أرقاماً غير رسمية تتحدث عما هو أعلى من ذلك.

إذ أشار الاتحاد العربي للنقابات إلى أن برنامج الحكومة لكبح معدل البطالة لم ينجح في احتواء الأزمة التي بلغت 50% بين الشباب، بينما تبقى 70% من الإناث خارج سوق العمل، وأثارت احتجاجات شعبية في يناير 2018 ما أجبر الحكومة العمانية على التعهد بخلق 25 ألف وظيفة وفرض حظر على توظيف المغتربين.

2- لعوامل عدة تنتهج عٌمان سياسة خارجية حيادية وتسعى تجنب الانخراط في الصراعات الإقليمية وضمان حفظ دور الوسيط عند الحاجة لذلك، فهناك الكثير من الأسباب التي تدفعها إلى الاحتفاظ بعلاقات متميزة مع طهران؛ أبرزها إبعاد مخاوف نشوب الحرب في المنطقة، لا سيما أن مسقط غير معزولة عما يحدث في الخليج، كما أن هذه العلاقات قد تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي بينها وبين آسيا الوسطى عبر إيران، وهذا أمر مهم للاقتصاد العُماني.

3- حاجة عمان إلى تهدئة العلاقات مع الإمارات في ظل تواجدها القوي في اليمن خاصة في ” محافظة المهرة” التي تٌعد حديقة خلفية للسلطنة.

ويحتاج كلا البلدين إلى توسيع علاقاتهما التجارية البينية من أجل دعم اقتصادهما، وهو ما كان لافتاً من أن هذه القضية قد احتلت مكانة متقدمة على جدول أعمال المحادثات، خلال زيارة الرئيس الإماراتي لمسقط.

رابعاً:- النتائج

أسفرت زيارة بن زايد عن عدد من النتائج تركزت معظمها حول التعاون الاقتصادي فقد ذكر البيان الصادر عن الزيارة أن البلدين يستكشفان فرصا استثمارية بقيمة 30 مليار درهم، وسيزيدان التعاون الاقتصادي الثنائي في القطاعات الاستراتيجية.

وقد وقعا خلال الزيارة 16 اتفاقية ومذكرات تفاهم في عدد من المجالات، تركزت في “الطاقة، والتعاون حول النقل والمواصلات واللوجستيات، ومجال النقل البحري، والتعاون والاستثمار في مجالات الصناعة”.

وأبرز تلك الاتفاقيات اتفاق لتأسيس شركة مشتركة لتنفيذ وتشغيل شبكة سكك حديدية، تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية.

والمتوقع أن تبلغ تكلفتها نحو (3 مليارات دولار)، وستنفذه كل من شركة “قطارات عُمان” و”الاتحاد للقطارات” الإماراتية، كذلك من بين أبرز تلك الاتفاقيات، تخصيص صندوق سيادي في أبوظبي والصندوق السيادي العُماني نحو (8.2 مليارات دولار) للاستثمار في سلطنة عُمان.

وفي حين لم يتناول بيان الزيارة أي تفاصيل حول النقاش في ملفات وقضايا سياسية، فوفقاً للبيان الصادر عن القمة تبادل الجانبان وجهات النظر حول المسائل والقضايا على الساحتين الإقليمية والدولية وأكدا العمل على تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويعزز من دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وإن كانت هناك بعض التقارير التي تشير إلى فرضية مناقشة الملفات السياسية وخاصة الملف الإيراني والحوثيين في اليمن التي تجمعهما علاقة طيبة بسلطنة عٌمان.

خامساً:- محطات الصراع وأهم التحديات

بالرغم من النهج الجديد في العلاقة بين الدولتين إلا أن حجم الصراع والتحديات قد يعيق هذا النهج، فقد مرت العلاقة بين الدولتين كغيرها من الدول المشتركة حدودياً بالعديد من محطات الصراع فالإمارات تقع إلى الشمال الغربي من عمان، وتبدأ حدودهما الممتدة بطول 250 ميلًا عند النقطة الثلاثية بين عُمان والإمارات والسعودية، ثم تمتد شمالًا إلى خليج عمان، ويمكن حصر أهم تلك التحديات في محورين:-

الأول:- خلافات حدودية وسياسية

اتسمت الفترة من عام 1971 إلى عام 1979 بتقلبات كبيرة في السياسات التي انتهجتها الجارتان، مع بعضهما البعض. فعلى سبيل المثال رفضت مسقط باستمرار، الحفاظ على علاقات دبلوماسية كاملة مع الإمارات العربية المتحدة ولم يكن لها سفير في أبو ظبي.

ورغم أن هذه المسيرة الدبلوماسية أغضبت الشيخ زايد، فقد قدمت أبو ظبي دعمًا غير محدود للسلطان قابوس في الحرب ضد “الجبهة الشعبية لتحرير عمان” فقد تبرعت أبو ظبي بـ28 سيارة مدرعة لإخماد التمرد الشيوعي في محافظة ظفار العمانية.

ولم يكتف الشيخ زايد بتزويد قابوس بالعتاد العسكري، بل وافق على نشر قواته في شمال عمان، مما سمح للقوات الموالية للسلطان بالانتشار جنوبًا في جميع أنحاء ظفار.

على الرغم من هذه الإشارة الواضحة على التعاون، تدهورت العلاقات بين الإمارات وعمان نتيجة اتفاقية الحدود الإماراتية السعودية عام 1974، التي احتجت عليها مسقط بقوة لأنها أٌعدت على أجزاء من الأراضي العمانية.

على الرغم من بعض التطورات الإيجابية، لم تنته النزاعات الحدودية ففي مايو 2000، على سبيل المثال، ظهرت تقارير عن مواجهات مسلحة بين القوات العمانية والإماراتية على طول حدود رأس الخيمة.

ولم تستكمل الدولتان ترسيم حدودهما البرية المشتركة إلا في عام 2008، أي بعد قرابة عقدٍ من اتفاق الحدود المؤقتة عام 1999، الذي وضع حدًا لخلاف دام ثلاثة عقود، مما فتح الباب أمام التعاون الاقتصادي والسياسي.

التوتر بين البلدين بلغ أوجه مع صعود “محمد بن زايد”، وتحديدا منذ عام 2011، حين قرر “بن زايد” تبني سياسة إقليمية توسعية لمواجهة الربيع العربي من جهة والهيمنة الإقليمية من جهة أخرى.

ففي 30 يناير 2011 قالت وكالة الانباء العمانية إن سلطنة عمان تمكنت من اكتشاف شبكة تجسس تابعة لدولة الامارات كانت تستهدف التجسس على حكومة عمان وجيشها، ونفت الامارات حينها أي صلة لها بمثل تلك الشبكة.

وفي يناير 2018؛ عرض متحف اللوفر في أبوظبي خريطة تُظهر محافظة “مسندم” العُمانية ضمن حدود الإمارات، وهو ما تسبب في إثارة غضب كبير بين العمانيين واحتجاج رسمي من قبل السلطنة.

وحكمت محكمة عمانية، في 10 أبريل 2019، على 4 إماراتيين وعماني بالسجن بتهمة التجسس واستهداف نظام الحكم في سلطنة عمان، ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن خلية تجسس إماراتية في عُمان.

وبعد نحو شهر رد سلطان عمان آنذاك “قابوس بن سعيد” على جهود إماراتيين لشراء أراض وعقارات في مناطق استراتيجية من عمان، خاصة المنطقة الشمالية، وأصدر مرسوما يحظر على غير العمانيين تملك أراض زراعية أو عقارات في البريمي ومسندم وظفار والظاهرة ووسطى وشيناس وليوا والجبل الاخضر وجبل شمس، وغيرها من المواقع التاريخية والاستراتيجية.

وفي 15 يونيو 2020، أطلقت شرطة عمان السلطانية تحذيرًا عاجلًا من “جهات خطيرة تستهدف المواطنين والمقيمين في البلاد” عبر إعلانات تنشرها وسائل التواصل الإلكتروني، تدعي تقديم علاج لفيروس “كورونا” “كوفيد-19″، في حين تحتوي روابطها على برامج تجسس، عزاها ناشطون عمانيون إلى الإمارات.

وفي 18 يونيو2020، أكدت سفارة سلطنة عمان في أبوظبي، مقتل مواطن عماني بنيران حرس الحدود الإماراتي، ما يهدد بتفاقم التوتر في العلاقات المتوترة أصلا بين البلدين.

فالخلافات عديدة ومتجذرة في علاقة الدولتين، وتأتي هذه الزيارة وقبلها زيارات متبادلة بين قيادات الدولتين كمحاولة لتجاوز هذه المسيرة الطويلة من الخلافات وبدء مرحلة جديدة عمادها العلاقات الاقتصادية.

الثاني:- اليمن

تُعد اليمن بالنسبة للدولتين ذات وجهين أحدهما منطقة تعاون  والآخر منطقة صراع، لاسيما وأن الحوثيين تجمعهم علاقة طيبة مع سلطنة عُمان، فبعد أشهر قليلة على بدء التدخل العسكري في اليمن، بدأ الإماراتيون بالتواجد في محافظة المهرة “الحدودية”.

ففي العام 2015، تولّت الإمارات تدريب نحو 2500 مجند من سكان المحافظة، وقد اعتبرت السلطنة أن الوجود الإماراتي على حدودها مع اليمن غبر مبرر، وفي المقابل اتّهمت الرياض وأبوظبي عُمان بتسهيل وصول الأسلحة وأجهزة الاتصال لجماعة الحوثيين، وهو أمر نفته سلطنة عُمان، معتبرةً أن “الأخبار المتناقلة بشأن تهريب الأسلحة عبر عُمان لا أساس لها، وما من أسلحة تمرّ عبر أراضي السلطنة”، وهكذا، فتحت حرب اليمن الباب على مصراعيه في المهرة العالقة في خضم لعبة من ثلاثة أطراف: السعوديين والإماراتيين والعُمانيين.

وفي أبريل 2018، سيطرت القوات الخاصة الإماراتية على البحر والمطارات في جزيرة سقطرى اليمنية؛ ليس فقط لتسهيل وصولها إلى شرق أفريقيا -تقع الجزيرة قبالة ساحل صوماليلاند حيث استثمرت الإمارات بكثافة في ميناء بربرة التجاري- ولكن أيضًا “وفقاً لبعض التقارير الصحفية” لزعزعة الاستقرار في سلطنة عمان من خلال استراتيجيتها لتطويق السلطنة.

فتعد اليمن منطقة تنافس وصراع بينهما كما أنها تُعد في الوقت نفسه مدخل للتنسيق والتعاون في ظل حاجة الإمارات إلى التهدئة مع الحوثيين والسلطنة أحد المفاتيح لذلك.

سادساً: – مسارات العلاقات الإماراتية- العُمانية

التقارب الإماراتي العماني في حال تطوره لن ينتقل من التوتر إلى التحالف، حيث إن هذه الخطوة صعبة في ظل تاريخ الخلافات الطويل، ولهذا جاء التركيز على الشق الاقتصادي وهو للمفارقة لم يتأثر بتلك الخلافات طول السنوات الماضية، ومن المتوقع أن تظل العلاقة الإماراتية العمانية في ضوء المسارات الآتية:

المسار الأول: توثيق العلاقات وتجاوز الخلافات

يتوقع هذا المسار (وهو المرجح) تطور نسبي في العلاقات الاقتصادية، والتفاهم على بعض الملفات الإقليمية المحدودة” خاصة اليمن”، ويرجح هذا السيناريو المعطيات الآتية:

رغبة الدولتان بتحسين علاقاتهما وتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما، وسيظهر ذلك من خلال حجم ونوعية المشاريع الاستثمارية والاتفاقيات التي أثمرتها زيارة بن زايد.

وصول الطرفين إلى شبه قناعة بأهمية تهدئة العلاقة بينهما في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الحالية.

الحراك والزيارات المتبادلة بين الدولتين في الآونة الأخيرة مؤشر قوي لتحسين العلاقات.

الطموح الإماراتي لممارسة دور إقليمي يدعوها لتبريد بعض الجبهات والتفرغ لأخرى.

حاجة سلطنة عمان الماسة إلى الاستثمارات الإماراتية لتجاوز مشاكلها الاقتصادية المزمنة.

خلال العقود الماضية، لم تعرقل النزاعات الحدودية بينهما، سعي البلدين لتحقيق تعاون اقتصادي

إمكانية تجاوز الخلافات الممتدة حالياً في ظل حاجة الدولتين إلى توثيق علاقتهما بعضهما البعض ومع ذلك ستبقى الخلافات الحدودية قائمة وكذلك حالة من التوجس بين البلدين.

المسار الثاني: إنهاء الخلافات وتطبيع كامل للعلاقات

يتوقع هذا السيناريو تسوية ملفات الخلاف الإماراتي العٌماني وإنهاء الخلافات الحدودية المزمنة في سبيل تجاوز الماضي وبناء علاقة جديدة ويعزز هذا السيناريو:

التغير في السياسة الخارجية الإماراتية، والتوجه نحو حلحلة الملفات الإقليمية، وتخفيف حدة المواجهة مع القوي والدول الإقليمية الأخرى

حرص الإمارات على الاستفادة من الدور العٌماني وعلاقتها الجيدة مع إيران والحوثيين في اليمن وهذا قد يؤدي لتطور العلاقة بشكل متسارع.

رغبة الدولتان في تجاوز الماضي وبناء علاقات اقتصادية وتعاون في ملفات عدة تحتاجها الدولتان.

ويضعف هذا السيناريو تعقد الملفات الإقليمية، وضعف الثقة نتيجة الوصول إلى مرحلة متطورة من تعُقد العلاقة في السنوات الماضية، بالإضافة إلى عدم رغبة بعض الدول الإقليمية في إكمال هذا التقارب.

خاتمة: بالرغم من خطوات التقارب في العلاقات الإماراتية العمانية خاصة في الملف الاقتصادي إلا أنه مازال هناك العديد من نقاط الخلاف خاصة الخلافات الحدودية الممتدة منذ نشأة الدولة وكذلك اتهام السلطنة لأبوظبي بدعمها لانقلاب عسكري ضد السلطان قابوس في 2011، وكذلك المخاوف العٌمانية من التواجد الإماراتي في اليمن.

كل هذه الملفات المفتوحة تجعل من الصعوبة التوصل إلى تسوية شاملة ونهائية، ولكن كما رجح تقدير الموقف فإن العلاقات الاقتصادية ربما تتطور في ظل حاجة الدولتين إلى ذلك وهذه أيضاً مرتبطة بمتغيرات إقليمية ودولية ربما لو حدثت متغيرات جديدة تعود حالة التوتر كسابقاتها، فستظل حالة التوجس قائمة بين الدولتين في ظل الخلافات الجيوسياسية بين الدولتين، بالرغم من مظاهر التقارب الاقتصادي والهدوء السياسي.