موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق بريطاني يبرز الثراء المشبوه لأحد أقرب المستشارين لمحمد بن زايد

241

أبرز تحقيق بريطاني الثراء المشبوه لخلدون المبارك أحد أقرب المستشارين لولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي لدولة الإمارات محمد بن زايد.

وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية إن المبارك يمكن اعتباره مسؤولا عن خزائن الإمارات أو جزءا كبيرا منها، حيث وصفته بأقوى رجال أبوظبي.

وسطع اسم المبارك عام 2008، بالاستحواذ على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي مقابل 150 مليون جنيه إسترليني. وبعد ذلك بوقتٍ قصير، بدأت حالةٌ من التوتر بين كبار الشخصيات في إمارة أبوظبي.

إذ كان سليمان الفهيم رجل الأعمال الإماراتي البارز الذي توسط في صفقة البيع، يتباهى بأموال الشيخ منصور الطائلة بينما كان يعيش بنفسه حياةً منغمسة في الملذات، حيث كان يقود سيارات رياضية فارهة ويقيم صداقاتٍ مع شخصيات شهيرة، من بينها باميلا أندرسون التي اشتهرت بدورها في مسلسل Baywatch.

ومع تزايد عناوين الصحف التي تتحدث عن ذلك الوضع، بدأ تهميش فهيم بينما سعت أبوظبي إلى تغيير هذه السردية، كما تقول الصحيفة البريطانية.

آنذاك، استعين بفريقٍ جديد للسيطرة على الأمور بقيادة خلدون المبارك، الذي كان نجماً صاعداً آنذاك في مركز هيكل القوة في الإمارة والذي أضاف رئاسة نادي كرة قدم إلى مجموعة مسؤولياته المتزايدة.

وفي العقد الذي تلا ذلك، تحول مانشستر سيتي إلى نادٍ لامع متوَّج ببطولاتٍ في صدارة الأندية المملوكة لشركة City Football Group التي أصبحت أكبر المجموعات الرياضية قيمةً في العالم.

وفي الأسبوع الماضي، باعت أبوظبي حصة بقيمة 500 مليون دولار من الشركة -التي تملك نادي مانشستر سيتي وحصصاً في أندية أخرى من الولايات المتحدة إلى أستراليا- لشركة Silver Lake الخاصة في صفقةٍ قدَّرت قيمة City Football Group بمبلغ 4.8 مليار دولار.

ولم يكن إشراف المبارك على الصفقة مفاجأةً لأولئك الذين يتابعون النفوذ المتزايد لأبوظبي -أغنى إمارة بين الإمارات السبع في البلاد- في عالم الرياضة والأعمال والسياسة.

تقول فاينانشيال تايمز: صحيحٌ أنَّ المبارك كان في الثالثة والثلاثين من عمره فقط حين أبرِمَت صفقة بيع مانشستر سيتي الأولى، لكنه كان بالفعل أحد أقوى الشخصيات في الإمارة، حيث كان يدير محافظ بمليارات الدولارات، وكان رجلاً لا بد أن يلتقي به مهندسو الصفقات الذين كانوا يتوافدون إلى أبوظبي بحثاً عن الاستثمار.

ويعد المبارك أحد أقرب المستشارين لمحمد بن زايد وتشمل أدواره المتعددة إدارة “صندوق مبادلة” -وهو صندوق استثمار سيادي بقيمة 230 مليار دولار- وتولِّي رئاسة برنامج أبوظبي للطاقة النووية.  فيما اضطلع بدور أساسي كذلك في مشروع تطوير جزيرة ياس الترفيهية، التي استضافت يوم الأحد الماضي 1 ديسمبر آخر سباقات الجائزة الكبرى لفورمولا 1 لهذا الموسم، بتكلفة 40 مليار دولار.

وكذلك فالنهج الدقيق التحليلي الذي يتسم به المبارك يجعله واحداً من المفاوضين المميزين، وفقاً لأولئك الذين تفاوضوا معه.

وبالرغم من مسؤولياته الكثيرة، يزور المبارك -الذي تخرَّج في جامعة تافتس في ولاية بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية- نادي مانشستر سيتي بانتظام، في حين أنَّ الشيخ منصور لم يزُر النادي سوى مرة واحدة.

وسرعان ما أصبح مانشستر سيتي مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالإمارة. وفي وقت الصفقة، كانت أبوظبي تستعد لإطلاق نفسها على المسرح العالمي بعددٍ من المشروعات الضخمة التي تقدر بمليارات الدولارات، لكنها كانت حريصةً كذلك على إدارة صورتها وتجنُّب دخولها في مقارنات مع إمارة دبي الأكثر صخباً وطيشاً.

وتعزَّز ملف المبارك الشخصي بمشاركته في صفقةٍ لاستيراد الغاز الطبيعي من قطر للمساعدة في تغذية طفرة النمو التي شهدتها البلاد في العقد الأول من القرن الحالي، ومنع حدوث عجز في الطاقة في دولة الإمارات.

إذ كُلِّف صندوق مبادلة آنذاك بقيادة جزء كبير من التطوير، مع تفويضٍ لتحويل الثروة النفطية إلى استثمارات دولية، وتنمية الصناعات المحلية في الوقت نفسه لتوليد عائداتٍ غير نفطية وخلق فرص عمل للإماراتيين.

ويعد المبارك كذلك ممثلاً رئيسياً لمحمد بن زايد في سنغافورة والصين، اللتين تربطهما علاقات متزايدة مع أبو ظبي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ خليفة، والد خلدون المبارك الذي اغتيل في باريس عندما كان خلدون طفلاً، كان دبلوماسياً في السودان وسوريا وفرنسا. فيما كان جده كبير قضاة أبوظبي.

وكذلك يضطلع اثنان من إخوته بأدوارٍ بارزة أيضاً: إذ يشرف أخوه محمد على قطاعي السياحة والثقافة في أبوظبي، بينما تدير شقيقته رزان هيئة البيئة في الإمارة.

غير أنَّ خلدون واجه بعض العقبات في مسيرته المهنية. إذ احتاجت شركة الدار العقارية، وهي شركة تطوير عقاري كبرى مملوكة جزئياً لصندوق مبادلة، إلى كفالة إنقاذ مالية بقيمة 10 مليارات دولار في أعقاب الأزمة المالية العالمية. فيما واجهت استثماراتٌ أخرى بعض التعثُّرات. بالإضافة إلى أنَّ ملكية صندوق مبادلة لشركة Global Foundries المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات جعلت أبوظبي عرضةً لخسائر كبيرة، وفقاً لما ذكره بعض المصرفيين.

وكذلك تعرَّضت صورة أبوظبي للتشويه بسبب مشاركتها في الحرب المدمرة في اليمن، ودورها في الصراع في ليبيا، وحكومتها ذات الاستبداد المتزايد التي تتسم بعدم التسامح على الإطلاق مع المعارضة.

غير أنَّ المبارك تجنَّب الجدل، ونجح في قيادة صندوق مبادلة نحو تحقيق استفادةٍ في أوقات الأزمات. ففي أثناء فضيحة صندوق 1MDB، اتهم الادعاء الأمريكي بعض المسؤولين التنفيذيين في أبوظبي بتلقي رشاوى في إطار مؤامرة لاختلاس مليارات الدولارات من الصندوق السيادي الماليزي. لذا دُمجت شركة آبار، وشركتها الأم «آيبيك» -الشركتان الإماراتيتان المتورطتان في عملية الاحتيال اللتان كانتا تحت إشراف الشيخ منصور- في صندوق مبادلة.

وقال أحد المصرفيين في هذا الصدد: “صندوق مبادلة لديه عمليات أفضل لكنَّ أصوله أقل قيمةً. لذا يعد الدمج قراراً جيداً من أبوظبي”. ويعد هذا الدمج للعديد من صناديق الاستثمار الحكومية تحت إشراف المبارك عنصراً في عملية إعادة الهيكلة الأوسع لتنظيم إدارة الشبكة المترامية الأطراف من المؤسسات المملوكة للدولة داخل أبوظبي.

وتجدر الإشارة إلى أن صندوق مبادلة يُمثِّل في الوقت الحالي قاعدة دعم رئيسية في أبوظبي، إلى جانب شركة أدنوك الحكومية للنفط، وجهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يعد الصندوق السيادي الرئيسي، وشركة قابضة جديدة تضم أصولاً أخرى مثل المطار. إذ قال المصرفي: “صندوق مبادلة يمثِّل إحدى ركائز الاقتصاد. ومن بعد الأسرة الحاكمة، يعد (المبارك) هو الأول بين نظرائه”.