موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

رفض الإمارات زيارات الأمم المتحدة.. لا مجرم يقدم الدليل مجانا

237

أبرز مركز مناصرة معتقلي الإمارات الرفض المتكرر من النظام الإماراتي تنظيم أي زيارات لمحققي وخبراء الأمم المتحدة إلى الدولة خشية انكشاف انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال المركز إن خبراء الأمم المتحدة (المكلفون بالولايات الخاصة) يمتلكون عدداً من الأدوات لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في جميع دول العالم والتأكد من أية مزاعم حول الانتهاكات، حيث يحق لهم تلقي الشكاوى الحقوقية من الأفراد ومنظمات المجتمع، ويمكن لهم أيضا مخاطبة الدول للتحقق من هذه الانتهاكات وإيقافها.

في بعض الأحيان يكون من الصعب على هؤلاء الخبراء رصد أوضاع حقوق الإنسان داخل بلد ما عن طريق الشكاوى فقط، سواء لصعوبة الوصول إلى المعلومات أو حتى بسبب إصرار الدولة على نفي صحة هذه الشكاوى، ولذلك يلجأ خبراء الأمم المتحدة إلى ما يسمى بالزيارات القُطرية.

إجراء زيارات رسمية إلى بلد ما من أجل تقييم حالة حقوق الإنسان داخله، هو أحد أهم أدوات خبراء الأمم المتحدة. ويمكن إجراؤها بشكل فردي أو مع خبراء آخرين (أصحاب ولايات أخرى تابعة للأمم المتحدة) أو أصحاب الولايات الإقليمية.

الزيارات الرسمية التي يقوم بها الخبراء تكون بعد تقديمهم طلبا رسميا إلى الحكومة، وفي حال موافقة الأخيرة فإنها ترسل دعوة إلى بعثة الأمم المتحدة.

بعض البلدان ذات السجل الحقوقي السيء ترفض هذه الطلبات بشكل دائم أو حتى تتجاهلها، بينما تقوم أخرى بتوجيه ما يسمى بـ “الدعوة الدائمة” إلى خبراء الأمم المتحدة، وهذا يعني أنها مستعدة -من حيث المبدأ- لاستقبال زيارة من أي صاحب ولاية موضوعية في أي وقت.

أحياناً تكون هذه الزيارات جزء من التزامات الدولة حين توقع على اتفاقيات معينة، مثلاً اتفاقية مناهضة التعذيب تسمح للأمم المتحدة بإرسال لجان للتحقيق وزيارة الدولة بهدف التأكد من التزامها بما وقعت عليه، لكن هذه البنود تكون اختيارية، وبعض الدول ترفض الموافقة عليها أو تتحفظ.

خلال هذه الزيارات، يقوم خبراء الأمم المتحدة بتقييم الحالة العامة لحقوق الإنسان في بلد معين، فضلاً عن الحالة المؤسسية والقانونية والقضائية والإدارية وحالة الأمر الواقع المحددة بموجب ولاية كل منهم، ويجتمعون مع السلطات الوطنية.

بما في ذلك أعضاء السلطة القضائية والبرلمانيون، أعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إن أمكن، المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، الأمم المتحدة والوكالات الحكومية الدولية الأخرى، والإعلام عند عقد مؤتمر صحفي في نهاية المهمة.

بعد الانتهاء، تُرفع نتائج الزيارة القطرية واستنتاجات وتوصيات الإجراءات الخاصة على شكل تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان، ويتم نشر النتائج على موقع الأمم المتحدة.

طلبات الزيارة التي يقدمها المكلفون بولايات الأمم المتحدة لا تعد تدخلاً في شؤون الدول ولا تنتقص من سيادتها، أولاً لأنها تتم بموافقة حكومة البلد المعني، ثانياً لأنها تعد جزء من طبيعة عمل خبراء الأمم المتحدة، والكثير من الدول توافق عليه بمن فيها الدول العظمى.

وقد سبق لدولة الإمارات الموافقة على زيارة بعض خبراء الأمم المتحدة، ففي 2009 وافقت أبوظبي على زيارة المقرر الخاص المعني بمسألة بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية، وآخر زيارة وافقت عليها الحكومة، كانت للسيد غابرييلا نول للمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين في عام 2014.

ومنذ تلك الزيارة، رفضت الإمارات أو تجاهلت جميع الطلبات التي قدمها خبراء الأمم المتحدة، بحجة أن نول قدمت تقريراً لاذعاً انتقدت فيه استقلال القضاء في البلاد وقالت إنه لا يزال تحت السيطرة الفعلية للسلطة التنفيذية للحكومة.

وأضافت نول في بيان صحفي بعد الزيارة “لقد شعرت بالقلق لعديد التقارير الموثوقة التي تفيد بأن الأشخاص الذين تم القبض عليهم بزعم انتهاك أمن الدولة يتعرضون لانتهاكات إجرائية عديدة، بعضهم يُحتجزون في مرافق احتجاز سرية ويُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، أو حتى في الحبس الانفرادي، لفترات طويلة من الزمن، وفي ظل هذه الظروف يتعرض الكثير منهم للتعذيب و/أو سوء المعاملة”.

الخبيرة الأممية كشفت أيضا، أنه “لم يجر أي تحقيق جاد ومستقل في مزاعم التعذيب هذه، حتى عندما قُدمت شكاوى إلى النيابة أو القضاة، فيما هم والمدّعون العامّون ملزمون بدعم حقوق الإنسان. ولهذا السبب أدعو الإمارات إلى إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في مزاعم سوء المعاملة والتعذيب ضد الأشخاص المحتجزين”.

وللمفارقة، فإن الإمارات تعاملت مع نتائج هذا التقرير على مستويين، الأول دولي، حيث أصدرت خارجيتها بياناً نفت فيه الانتقادات التي وجهتها المبعوثة الأممية للقضاء، وقالت “إن نول استندت إلى معلومات من مصادر غير معلومة”، ومنذ ذلك الوقت رفضت أو تجاهلت جميع طلبات خبراء الأمم المتحدة للزيارة.

الثاني هو المستوى المحلي، حيث احتفى الإعلام الإماراتي بتقرير السيدة غابرييلا نول، وحاول تضليل الجمهور حول نتيجة التقرير الحقيقية من خلال اقتطاع بعض العبارات من الجزء الافتتاحي لبيان السيدة نول الذي قالت فيه: ” إن الإمارات قطعت شوطاً طويلاً منذ استقلالها عام 1971، ويجب الاعتراف بالانجازات والثناء عليها …”، دون أن يذكر الإعلام المحلي تتمة هذا الجزء الذي أشار أيضاً إلى أن على الدولة أمعالجة الثغرات وأوجه القصور في أنظمتها القانونية والقضائية التي قد تقوض ممارسة الشعوب لحقوق الإنسان الخاصة بهم.

وعلى أية حال فإن السلطات الإماراتية منذ ذلك الوقت رفضت أو تجاهلت طلبات كل من:

المقرر الخاص المعني بتعزيز حرية التعبير ( قدم طلب في نوفمبر 2014).

المقرر الخاص المعني بالتعذيب (قدم أول طلب في 13 أكتوبر 2015 وأرسل عدة طلبات تذكير آخرها كان في 27 يناير 2021).

الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري ( قدم أول طلب في 27 أكتوبر 2015 وأرسل عدة طلبات تذكير آخرها كان في 18 يناير 2019)

الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (قدم طلب في في 15 نوفمبر 2016).

المقرر الخاص المعني بالعبودية (قدم طلب في 1 يناير 2018)

المقرر الخاص المعني بالبيئة ( قدم طلب في 7 مايو 2019).

المقرر الخاص في تعزيز حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب (أرسل عدة طلبات منذ 2013 حتى الآن)

أحد التناقضات التي تقوم بها حكومة الإمارات في هذه السياق، أنها تتغنى دوماً بجهوها في مكافحة الإرهاب، ورغم ذلك فهي ترفض الإجابة على طلب الزيارة الذي قدمه المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، لأن الموافقة على طلبه سيعني انكشاف حقيقة أن أبوظبي تستغل مكافحة الإرهاب كغطاء من أجل محاربة حقوق الإنسان.

بالطبع، فإن موافقة السلطات الإماراتية على هذه الزيارات ليس إلزامياً ومن حقها رفض بعضها أو كلها، لكنها أيضاً لا تمتلك الحق في إنكار تقارير الخبراء الأممين واستخدام الحجة الأشهَر بأنهم يعتمدون في تقاريرهم على المنظمات اليسارية.

مثلاً، أحد الحجج الأساسية التي قدمها الإعلام الإماراتي بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي حول حالة حقوق الإنسان، أن أعضاء البرلمان لم يزوروا الإمارات ويعتمدون على تقارير كاذبة، وهي نفس الحجة التي يتم استخدامها ضد خبراء الأمم المتحدة، رغم أن أبوظبي هي من ترفض السماح لهم بزيارتها، بل إن البرلمان الأوروبي يطالب حكومة الإمارات ليلاً ونهاراً بالسماح له بزيارة البلاد، والتأكد من المزاعم الواردة في التقارير.

وبنفس الأسلوب الذي تواجه به حكومة الإمارات تقارير الخبراء عبر القول إنهم لم يزروا الدولة طوال حياتهم رغم أنها هي من ترفض زيارتهم، فإن أبوظبي تتذرع برفض أو تجاهل طلبات الزيارة التي يقدمها خبراء الأمم المتحدة من خلال الحديث عن سيادة الدولة ورفض وسائل الاستعمار الحديثة.

وهي حجج واهية هدفها محاولة التستر على انتهاكات حقوق الإنسان، لأن الزيارات لا علاقة لها بسيادة الدولة أو الاستعمار، هي جزء من عمل المقررين الخاصين وخبراء الأمم المتحدة من أجل التحقق من أوضاع حقوق الإنسان.

لو كان الأمر يتعلق بسيادة الدولة كما تقول السلطات الإماراتية، فلماذا ترفض طلبات المنظمات الحقوقية المستقلة بزيارة السجون والتأكد من أوضاعها؟! هذه المنظمات غير مرتبطة بدول، وتقوم بعملها بشكل مستقل عن الأمم المتحدة، وهي تقوم فقط بتوثيق الوضع الحقوقي، ولا يترتب على زيارتها أية أضرار.

بعد استعراض هذه الحقائق، فإن “مركز مناصرة معتقلي الإمارات” خلص إلى القناعة التي تقول، إن رفض السلطات الإماراتية وتجاهلها لطلبات خبراء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية هو اعتقادها أن الموافقة على هذه الزيارات سيعني انكشاف مزيد من الانتهاكات التي كانت تحاول تغطيتها، وربما تدرك أن الوضع على أرض الواقع هو أسوأ كثيراً من التقارير، وبالتالي ليس لديها مصلحة بالموافقة على مثل هذه الزيارات.

إن الموافقة ستعني بالنسبة للسلطات الإماراتية، التوقيع على اعتراف بارتكابها انتهاكات حقوق الإنسان، لأن هذه الزيارات تعني تقديم أدلة لخبراء الأمم المتحدة حول هذه الانتهاكات، ولا يوجد مجرم يقدم أدلة تدينه مجاناً أو يعترف بالجريمة.