موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

في الإمارات: القضاء مسيس في خدمة القمع وسلب الحرية

260

يسيس النظام الحاكم في الإمارات الجهاز القضائي ويطوعه كوسيلة في خدمة القمع وسلب الحرية وإخماد المطالب بالإصلاح والديمقراطية.

وفي شهر يوليو/تموز من كل عام منذ قرابة عقد من الزمن تأتي ذكرى الاعتقالات والمحاكمات السياسية لأحرار الدولة، في قضية عُرفت بـ”الإمارات 94″، التي شهدت صدور أكبر مجموعة أحكام سياسية في تاريخ الإمارات الحديث عام 2013.

وصدرت تلك الأحكام بعد عام على حملة اعتقالات طالت المحكوم عليهم في هذه القضية.

إذ أصدرت محكمة أبو ظبي الاتحادية العليا أحكاماً بإدانة 69 من المتهمين الأربعة والتسعين، بمن في ذلك الثمانية من المحكومين غيابياً، وببراءة 25 منهم، تراوحت أحكام السجن بين سبع سنوات و15 سنة.

يمثل هؤلاء الـ69 كل المجتمع الإماراتي فهم نخبته فمنهم “المسؤولون الحكوميون السابقون، وأساتذة القانون، ومحامون، ورجال أعمال، وصحافيون، وقادة عمل طلابي، وخبراء تربويون، ومعلمون، ومهندسون، وقضاة، ودعاة ومصلحون، وشيوخ دين، وشيخ قبيلة.. الخ.

من بينهم أستاذ القانون الدستوري ومحامي حقوق الإنسان البارز والرئيس السابق لجمعية الحقوقيين الاماراتية الدكتور محمد الركن.

والمحاميان الشهيران والمدافعان عن حقوق الإنسان الدكتور محمد المنصوري (المستشار القانوني السابق لحاكم رأس الخيمة) وسالم الشحي.

والشيخ الدكتور “سلطان بن كايد القاسمي” ابن عم حاكم رأس الخيمة ورئيس جمعية دعوة الإصلاح.

والشيخ الدكتور محمد عبدالرزاق الصديق أستاذ الفقه، الذي أسقطت السلطات الجنسية عن أبنائه وتركتهم بلا دولة وبدون وثائق ثبوتية.

والدكتور علي الحمادي الخبير التربوي الذي يملك عشرات المؤلفات، وأحمد غيث السويدي الخبير التربوي، والقاضي وعضو مجلس إدارة جمعية الفجيرة الخيرية محمد سعيد العبدولي.

وأستاذ القانون والقاضي السابق الدكتور أحمد الزعابي، الأكاديمي الدكتور هادف راشد العويس؛ ومدير جمعية الإرشاد والتوجيه الاجتماعي خالد الشيبة النعيمي؛ والعشرات مثلهم.

ومحامي حقوق الإنسان والقاضي السابق الدكتور محمد بن صقر الزعابي الذي تم الحكم عليه غيابياً بالسجن لمدة 15 سنة وهو أحد الرؤساء السابقين لجمعية الحقوقيين الإماراتية.

الحرمان من المحاكمة العادلة

لم تستوف محاكمة “الإمارات94” المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، بل لم يكن هناك أبسط حقوق للمعتقلين بما في ذلك الحصول على ملفات للقضايا قبل بدء المحاكمة وسُلمت قبل أيام من الحُكم عليهم.

كما مُنعت التغطية الصحفية والمراقبون الدوليون الخارجيون من حضور جلسات المحاكمة، وتعرضت هذه المحاكمة لإدانات دولية واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان وهيئات دولية أخرى.

منذ اليوم الأول لاعتقالهم في 2012، كانت السلطات الإمارتية ترتكب الانتهاكات التي تؤكد سعيها لإصدار أحكام سياسية قد انتهكت القانون الإماراتي والقوانين الدولية والعربية.

منذ اعتقالهم دون أوامر قضائية، وحرموا من الحق في إبلاغهم بأسباب الاعتقال والإبلاغ الفوري بالتهم الموجهة إليهم بموجب القانون، وحُرمت عائلاتهم من معرفة أسباب الاعتقال وقت القبض عليهم، وتجاهلت السلطات وجوب “إخطارهم على الفور بالتهم الموجهة إليهم”.

كما حرمتهم من حق الوصول إلى مستشار قانوني ومحامي أثناء الاستجواب طوال أشهر من الاعتقال لم يعرفوا محاميهم، بل إنهم حرموا من الوصول إلى المحام حتى أثناء المحاكمات إلا في حالات نادرة.

وتعتبر هذه الضمانات ضرورية للحماية من الاحتجاز التعسفي والحماية من السجون السرية والتعذيب وسوء المعاملة.

لقد قبلت المحكمة بالاسترشاد باعترافات أحد المعتقلين وهو الخبير التربوي أحمد بن غيث السويدي، الذي تعرض لتعذيب وحشي شديد لإجباره على توقيع أوراق لا يعرف محتواها، شمل التعذيب تهديده باستهداف عائلته وأسرته.

وفي أول الجلسات تراجع “بن غيث” عنها، وتجاهلت المحكمة تراجعه، كما تقاعست هيئة المحكمة عن الإيعاز بإجراء تحقيق محايد ومستقل في كل ما ذكره المعتقلون عن تعرضهم للتعذيب وغيره من إساءة المعاملة، كما حُرموا من الطعن أو الاستئناف أمام محكمة أعلى درجة فيما يشكل مخالفة للقانون المحلي والدولي الإنساني.

وفي ذلك الوقت كانت الأحكام الصادرة عن دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا قطعية وغير قابلة للطعن، على الرغم من أن هذه الدائرة تعمل بصفتها محكمة ابتدائية. تراجعت السلطات بعد سنوات من الأحكام السياسة وسمحت للقضايا الجديدة بالحصول على طعن.

لقد فرضت السلطات تعتيم على كل تفاصيل المحاكمات، وطُرد عدد من المحامين والحقوقيين والصحافيين الدوليين من مراقبة المحاكمة، وسمحت فقط لوسائل الإعلام الرسمية التابعة للسلطات.

بل فرضت السلطات إجراءات عقابية للمحامين الدوليين الذين حاولوا مراقبة المحاكمات ومنعوا لاحقاً من دخول دولة الإمارات.

في تقريرها عام 2014 توصلت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة، “غابرييللا كنول” إلى أن محاكمة “الإمارات94” غير عادلة وأنها القضاء الإماراتي غير مستقل ويتم التحكم به من قبل السلطة التنفيذية، وأوصت باستقلاله.

وأكدت تعرض المعتقلين للتعذيب الشديد، وأن السلطات لم تقدم أدلة قاطعة لإثبات التُهم “الغامضة” الموجهة إليهم، وأن رفض المحكمة التحقيق في شكاوى التعذيب تؤكد أن السلطات استخدمت التعذيب وسوء المعاملة بهدف ضمان إدانة النشطاء.

كما أكدت الأمم المتحدة أن التُهم الموجهة إلى المعتقلين هي “أفعال تندرج في إطار حرية الرأي والتعبير والتجمع، وترى أن اعتقالهم يأتي لممارستهم حقوقهم في الرأي والتعبير وحرية التجمع”.

التعذيب الجسدي

تعرض المعتقلون الـ61 في القضية لتعذيب جسدي خلال الفترة التي سبقت نقلهم إلى سجون رسمية، حيث ظلوا أشهر عديدة في سجون سرية يتعرضون فيها لتحقيق من قِبل جهاز أمن الدولة، وتعذيب وانتهاكات متعددة في سجن الرزين والسجون الأخرى سيئة السمعة.

وقدموا روايات حول تعرضهم لضرب مبرح على أيدي حراس السجن. وقال “إبراهيم المرزوقي” إنه خضع لاعتداءات جسدية متكررة، وتعرض للصفع، وأُجبر على الوقوف تحت المكيف لمدة أربع ساعات، والضرب بماسورة ماء، ووخزه بالمسامير، وأجبر على الوقوف لساعات طويلة رغم معاناته من آلام حادة في الظهر.

أما الدكتور أحمد يوسف الزعابي، فقد تعرض للضرب لدرجة شعوره بالانتفاخ، كما غطت الكدمات جميع أنحاء جسده، وأصبح يتبول دماً، وسحبت أظافر يده بالترتيب، كما ضرب حتى انتفخت قدمه ولم يكن قادراً على المشي.

فيما الدكتور محمد صالح المنصوري فقال إنه تعرض لخلع في الكتف عندما هاجمه حراس السجن. ونتيجة الاعتداءات فقدّ عيسى السري كميات كبيرة من الوزن وعانى من تشقق الشفتين بسبب الجفاف الشديد.

وأفاد بأنه وضع في صندوق سيارة بينما كان يتم تسريب البنزين في فتحات الهواء. وأبقى جها الأمن مصبح الرميثي في صندوق سيارة وهو معصوب العينين، مكبل اليدين، لعدة ساعات.

وفي مناسبات منفصلة، قال ما لا يقل عن 41 معتقلاً إنهم حرموا من النوم لساعات طويلة من الزمن، وأجبروا على الوقوف لساعات طويلة، وتعرضوا للضرب المبرح، والتعليق من اليدين.

وسبب حرمان النوم للمعتقلين مشاكل صحية رئيسية بما فيها: انخفاض جهاز المناعة وانخفاض خلاي الدم البيضاء، والأجسام المضادة، وفقدان كبير في الوزن، والضعف العضلي العميق، وارتفاع ضغط الدم.

ذكر معتقل آخر أنه عُصبت عيناه واقتيد إلى غرفة تعرض فيها للضرب المبرح. كما وصف تعرضه للتهديد من قبل المحققين وقال إنه لو كان القرار للمحقق لكان قُتل على يديه.

وقال معتقل أخر إنه تعرض للتعذيب بالإيهام بالغرق، فيما قال المعتقلون إنهم تعرضوا للضوء الشديد أثناء النهار والليل، والتهديد بالقتل والتهديدات الأخرى.

في سجن الرزين شكا المعتقلون من: منعهم من الصلاة جماعة، والحرمان من الوصول إلى الشمس، ومصادرة أغراضهم، ومنعهم من التواصل، وبشكل دائم يتم مداهمة عنابرهم، ووضع معظمهم في سجون انفرادية بعضهم وضع عدة مرات، ويرفض تقديمهم للشكاوى.

وظلوا يجبرون على فك الإضراب عن الطعام، ويعتدي حراس السجن عليهم باستمرار، ويحرمون من تلقي الرعاية الصحية المناسبة، كما أن الأكل الذي يقدم لهم سيء للغاية، وتمنع عنهم في فترات مواد التنظيف والغسيل.

من بين الحوادث في سجن الرزين أغشي على الدكتور محمد الركن في زنزانته يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني2015 بعد أن أذاعت سلطات السجن عمداً صخباً عالياً للغاية -وهو ما يعتبر تعذيباً- واستيقظ “الركن” من نومه على صوت الموسيقى الصاخبة، يتردد في السماعات في السجن، ودُقت أجراس الطوارئ في زنزانته المقفلة ولم يكن يستجب أحد، وفقد الوعي.

ثم جاء الحراس الذين يتابعون كاميرات المراقبة المثبتة في الزنازين عندما رأوه ممداً على الأرض. ووجدوه غائباً عن الوعي وأخذوه على كرسي متحرك إلى عيادة السجن -وهي حالات نادرة ينقل المعتقلون إلى الأطباء- ووجد الأطباء أن “الركن” يعاني من ارتفاع ضغط الدم.

وأعيد إلى زنزانته التي تغلق عليه من العاشرة ليلاً إلى الخامسة صباحاً، وفي الصباح أذاعت السلطات موسيقى صاخبة من جديد، وشعر “الركن” بألم في أذنه ونقل ثانية إلى عيادة السجن حيث شخصت حالته أنه التهاب في الأذن أدت الموسيقى الصاخبة إلى تفاقمها.

المدون والطالب “خليفة النعيمي” تعرض عدة مرات للضرب في سجن الرزين، وحُرم من تلقي الزيارات العائلية، ووضع عدة مرات في الحبس الانفرادي. الأمر نفسه تكرر مع معظم المعتقلين السياسيين خلال ثمان سنوات.

التعذيب النفسي

تعرض المعتقلون لسيل من التعذيب النفسي بَعد وأثناء استجوابهم، وقبل المحاكمات وبعدها. حيث تعرضوا: للإهانات وغيرها من الإساءات اللفظية، والحبس الانفرادي المطول التي استمرت، في بعض الحالات، أكثر من 236 يومًا.

وبحسب ما ورد أكد عدد من المعتقلين خلال جلسات المحاكمة أن حبسهم الانفرادي ألحق خسائر فادحة بصحتهم العقلية.

كما أن المعتقلون حرموا لساعات طويلة من النوم في بعض المرات حُرموا لعدة أيام من النوم، وهو ما يسبب الخرف وفقدان الذاكرة والقلق، وأشار المعتقلون أنهم لم يتمكنوا من التفكير السليم، وعانوا من فقدان التركيز.

وقام حراس السجن والمحققون بالاعتداء اللفظي على المعتقلين وتهديدهم ب”الاغتصاب”، “القتل”، “تعذيب شديد”، كما تعرضوا للتهديد باستهداف أُسرهم إما ب”الاعتداء الجسدي” أو “القتل” أو “الاختطاف”..الخ.

عانى المعتقل “عبدالسلام درويش” من ألم نفسي شديد ومعاناة نتيجة التعذيب وسوء المعاملة، والتهديد بالعنف الجسدي المتكرر من قبل “المحققين” و”حراس السجن”.

وقال “درويش” إنه خلال استجوابه قام حراس السجن والمسؤولين الحكوميين الإماراتيين بالإملاء عليه مراراً وتكراراً ليقول للقاضي في أول جلسة محاكمة أنه “يريد إقامة الخلافة”!.

كما هدد حراس السجن والموظفين الحكوميين الآخرين “درويش” بأن “محاولات للاستيلاء على السلطة سوف تسبب باهدار الدماء” في إشارة إلى قتله وعائلته والإماراتيين. ووصف بأنه “عاهر” و”أنه لم يرى شيئاً بعد”. أما المعتقل “جمعة الفلاسي” فذكر أن حراس السجن كانوا يطلقون عليه “حمار” و”فأر”.

وذكر المعتقل “أحمد بن غيث السويدي” بأن ممثلي السلطات هددوا بقتله وكل عائلته في حال لم يعترف أنه “مذنب” في جلسة المحاكمة، وفي أولى جلسات المحاكمة يوم الرابع من مارس/أذار 2013، أقر السويدي ببرائته من جميع التُهم وتوسل المحكمة بحمايته وعائلته وقال كلمة تاريخية “حضرة القاضي، أطلب توفير الحماية لشخصي ولعائلتي، ما أنا على وشك التفوه به، سوف تكون حياتي ثمنا له. وأنا أنكر جميع التهم الموجهة لي. وأنا خائف، وأخشى على حياتي وحياة أفراد عائلتي وأطلب من المحكمة أن توفر الحماية لنا لأنني أنكر جميع هذه التهم.”

وكان واضحاً في هذه الجلسة بأن السويدي أصيب بصدمة نفسيه بعد معاناته من المعاملة المريرة من قبل موظفي الدولة. كما طلب أستاذ القانون الدكتور محمد الركن المعتقل معه من المحكمة بأن تأمر بإجراء جلسات علاج مكثفة وفورية لـ”السويدي”، لأنه أصبح من الصعب التعرف عليه بعد الإساءة التي تعرض لها.

الانتهاكات بحق أهالي المعتقلين

خلال السنوات التسع من الاعتقال حتى اليوم، تعرض أهالي المعتقلين إلى سيل من الانتهاكات الكفيلة بدفع أي سلطة نحو الهاوية والسقوط.

إذ سُحبت الجنسية عن عائلات المواطنين السبعة المسحوبة جنسياتهم المعتقلون في هذه القضية، وتركوا دون وطن وهويات إثبات.

وعانت عائلات المعتقلين من تشويه السمعة، وفرض حظر على التعامل معهم من قبل المجتمع، وحرموا من الوظيفة العامة، والتعليم العام، وتم محاربتهم في مصادر رزقهم، ومنعوا من السفر، وتعرضوا للاعتقالات والسجن لسنوات بسبب تضامنهم مع أقاربهم المعتقلين بينهم “أسامة النجار” و”عبدالله الحديدي” و”عبيد الزعابي”. وزوجة “محمد بن صقر الزعابي” والتي أفرج عنها لاحقاً وتمكنت من اللحاق به إلى لندن حيث يعيش.

وسلطت وفاة آلاء الصديق – جراء  حادث سيارة وقع في 19 يونيو/حزيران 2021 في المملكة المتحدة – الأضواء على محنة أسر الذين فُرّقوا ظلماً عن أحبائهم طيلة ما يقرب من 10 سنوات.

وآلاء الصديق – المديرة التنفيذية لمنظمة القسط – وهي منظمة غير حكومية رائدة تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية – هي ابنة محمد الصديق أحد السجناء في قضية ’الإمارات – 94.

وقالت لين معلوف نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن السجناء في قضية ’الإمارات – 94‘ ما برحوا يقبعون ظلماً خلف القضبان منذ أكثر من تسع سنوات الآن، مع عدم السماح لبعضهم بمقابلة أسرهم أو التحدث إليهم على مدى سنوات متواصلة”.

وأضافت “وقد ازدادت الآثار المدمرة لهذه السياسة القاسية وضوحاً بوفاة آلاء الصديق ابنة محمد الصديق السجين في قضية ’الإمارات – 94‘، والتي توفيت من دون التحدث إلى والدها طيلة ثلاث سنوات لأن السلطات قطعت عنه الاتصالات”.

تعامل السلطات مع تعذيب المعتقلين

على الرغم من هذه الشكوى والادعاءات التي أدلى بها العديد من المعتقلين خلال الجلسات، لم يأمر رئيس غرفة أمن الدولة في المحكمة العليا ولا المدعي العام بإجراء تحقيق مستقل ونزيه وشامل في هذه الادعاءات أو أجروا تحقيقًا فيه.

من بين أمور أخرى، وبحسب المعلومات المتوفرة، لم تأمر المحكمة ولا المدعي العام حتى بإجراء فحص طبي للمعتقلين الذين زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة.

ارتكب قاضي المحكمة والمدعي العام انتهاكاً لدستور الإمارات والقوانين المحلية الإماراتية والقوانين الدولية، حيث تحظر المادة 26 من الدستور التعذيب وهو ما تؤكد عليه المادة 48 من القانون الاتحادي بشأن المحكمة العليا.

وتتوسع المادة 28 من الدستور والمادة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية في الحظر بحيث يشمل الحظر التسبب بالأذى المعنوي للمحتجزين.

وتجرم المادتان 242 و245 من قانون العقوبات وتعاقبان بالسجن و/ أو الغرامة كل موظف عام عذب متهما أو هدده بغية حمله على الاعتراف بارتكاب جريمة أثناء قيامه بمهام منصبه رسميا، وتحظران عليه استخدام القوة بحق المتهم أو الإخلال بشرفة أو إحداث آلام بدنية.

كما تجرم المادة 259 من قانون العقوبات تعذيب شخص أو  إجباره أو تهديده من أجل كتمان أو الإدلاء بأقوال أو معلومات كاذبة لجهة قضائية.

طوال قرابة عشر سنوات لا توجد قضية واحدة شهدت التحقيق في سلوك عناصر جهاز أمن الدولة ناهيك عن ملاحقتهم جنائيا بتهمة تعذيب المحتجزين أو إساءة معاملتهم أو التسبب بتعريض أحدهم للاختفاء القسري الذي يجرمه القانون الدولي.

وقد رفضت الإمارات طلبات متعددة خلال عشر سنوات من الأمم المتحدة ومنظمات دولية بالوصول إلى السجناء والمعتقلين، في محاولة لدفن الجرائم ضد الإنسانية بحق مواطنيها.

في تقريرها المرفوع إلى مجلس حقوق الإنسان في مايو/أيار 2015، أوصت مقررة الأمم المتحدة “غابرييلا كنول” بتشكيل هيئة مستقلة من المهنيين ذوي الخبرة الدولية في مجالات شتى، تتضمن “الطلب الشرعي” و”علم النفس” و”أمراض الاضطرابات بعد الصدمات”، كي تتولى التحقيق في جميع الاتهامات للإمارات بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وأوصت بأن تُمنح هذه الهيئة صلاحية الدخول إلى جميع السجون والمعتقلات، وإجراء مقابلات مع المعتقلين على انفراد، وعلى أن يوافق محامو الدفاع وعائلات المعتقلين على تشكيلة أعضائها.

منذ ثمان سنوات ترفض الإمارات تشكيل “هيئة تحقيق”، على الرغم من تعهداتها المتكررة في مجلس حقوق الإنسان، وأمام المجتمع الدولي بتحسين وضع حقوق الإنسان، وفق المبادئ العالمية.

كل جرائم التعذيب “لا تسقط بالتقادم”، وجميع من مارسوا هذا التعذيب ومن وجهوا الأوامر وتغاضوا عنه لأجل تحقيق مساعٍ سياسية سيتم محاكمتهم في المستقبل في الإمارات أو خارجها.