موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

خراب دبي قد يمهد لمزيد من الانقلابات في الإمارات

188

المتابع لفترات الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها يعلم جيدًا أن عملية الانتقال السلمي للسلطة ليست واردة في قاموسها، خاصة في ظل ازدياد ورثة العرش، كما أنَّ عهدها حافل من الانقلابات السوداء والبيضاء على حد سواء.

ومن المعروف أن “خليفة” هو رئيس الإمارات اسمًا منذ سنوات، أمَّا المسؤول الحقيقي عن كل شاردة وإدارة في البلاد، هو أخوه “محمد بن زايد”، ولي عهد أبو ظبي.

بَيدَ أنَّ أوساطًا سياسية بدأت تتحدث مؤخرًا عن وجود صراع “مكتوم” بين إمارة أبو ظبي التي يحكمها الأمير “محمد بن زايد”، وإمارة دبي التي يحكمها “محمد بن راشد آل مكتوم”.

وإمارة دبي التي اقترن اسمها بالنهضة الاقتصادية وسمعتها في عالم التجارة الحرة وحرية الأعمال مؤخرًا، باتت مهدَّدة نتيجة سياسات بن زايد.

وأوضح أنَّ سياسات “بن زايد” تركزت في الفترة الأخيرة على اعتقال المعارضين والتوسع في انتهاكات حقوق الإنسان داخليًا وخارجيًا وتدخلاته في عدد من قضايا الدول العربية، وهو ما أثر سلبًا على مدينة دبي اقتصاديًا.

وتتحدث تقارير إعلامية محلية ودولية عن حالة الركود التي بدأت تضرب مدينة دبي، والتي بدأت تتصاعد مع حصار قطر، مما دفع العديد من المعالم السياحية في مدينة الجميرا لإغلاق أبوابها، كما أنَّ الكثير من الوجهات الأخرى أوشكت أن تلقى نفس المصير.

هو ما يدفعنا للتساؤل، هل يخرج الصمت المكتوم في نفوس العوائل الحاكمة في الإمارات وتعلن رفضها لسياسات ولي عهد أبو ظبي الأمير “محمد بن زايد” المثيرة للجدل وتطيح به حرصًا على عدم الدخول في نفق مظلم، أم أن دبي ستتراجع عن أجندتها الداخلية والخارجية وتصحِّح مسارها؛ تفاديًا للصدام المحتمل بين الأمراء؟

من المؤكد أنَّ أول الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية هو ملف الأزمة الخليجية وقرار مقاطعة دولة قطر، والذي أثَّر بالسلب على الإمارات، وتحديدًا مدينة دبي التي يشعر حاكمها بالضيق من محمد بن زايد.

واستطاع محمد بن زايد منذ فترة طويلة التحكم في الاستثمارات الأجنبية في الإمارات، من خلال السيطرة على إصدار تأشيرات الاستثمارات في البلاد وبموافقته. لكن لا يستطيع آل المكتوم الخروج من الاتحاد ولا مخالفة أبوظبي، ولا يسعه إلا الرضا بغضاضة على ما يحدث.

وأحد أسباب المخاوف في دبي يتعلّق في كون إيراداتها النفطية تشكل 6% فقط من إجمالي اقتصادها، باعتبار أنَّ اعتمادها الرئيسي يرتكز على التجارة وإعادة التصدير والعقارات والخدمات المالية والسياحة، وكلها ملفات تتأثّر بالأوضاع السياسية.

فالدوحة تمثّل بؤرة اهتمام لإمارة دبي كونها إحدى الأماكن التي كان يقصدها المستثمرون والمواطنون القطريون، ولكن على خلفية الحصار منذ منتصف 2017 توقفوا عن الذهاب للإمارات، ما أدَّى إلى تراجع حركة البيع والشراء والسياحة.

وقدّر وقتها خبراء خسائر الإمارات العربية المتحدة جراء مشاركتها في محاصرة قطر بنحو 1.950 مليار ريال، مشيرين إلى أنَّ دبي ستخسر ما يناهز 11 مليار ريال في حال تواصلت الأزمة.

ويبلغ حجم الاستثمارات المشتركة بين قطر والإمارات 16 مليار درهم إماراتي، بإجمالي نحو 1078 شركة، من بينها 487 شركة فعّالة في الإمارات تستثمر في صناعة الأغذية والمشروبات.

ليأتي بعد ذلك التوقف عن التوغُّل في القرن الإفريقي الذي سبّب للبلاد خسائر مادية فادحة؛ ففي الفترة بين نوفمبر 2017 وأبريل 2018، فقدت الإمارات السيطرة على عددٍ من موانئ البحر الأحمر في 3 دول.

وكان بدء الأمر من جيبوتي، التي أعلنت فسخ عقدها مع شركة “موانئ دبي العالمية” لإدارة محطة حاويات في مينائها الرئيسي، ثم صوت بعد ذلك برلمان الصومال في مارس الماضي لصالح حظر عمل الشركة في البلاد، وانتهاءً بالسودان، لتتوالى خسائر الإمارات بعد معركة سابقة وصامتة دارت نهاية العام الماضي، وتحديدًا في شهر نوفمبر 2017، للسيطرة على ميناء بورتسودان من شركة موانئ دبي، لكن آمالها خابت بعد اتفاق استراتيجي مع دولة قطر لإنشاء ميناء “بورتسودان”.

ثم بعد ذلك تأتي الحرب في اليمن التي دخلت عامها الرابع، والتي أثّرت على اقتصاديات الإمارات النفطية، واستمرارها يعني مزيدًا من الضغوط الاقتصادية على دبي، وذلك بالتزامن مع استمرار أسعار النفط في الانخفاض، والتي تسبَّبت في تفاقم عجز الموازنة في الإمارات.

ووفق ورقة بحثية أعدَّها مركز الإمارات للدراسات والإعلام، في فبراير الماضي، فإنَّ الإمارات تنفق قرابة 1.3 مليار دولار شهريًّا (على أقل تقدير) في اليمن، في العمليات البرية والجوية ضمن التحالف الذي تقوده السعودية، ما يصل إلى (16 مليار دولار) سنويًّا.

والمتابع لفترات الحكم في دولة الإمارات، يعرف أنها لا تقبل بالانتقال السلمي للسلطة، وأن محمد بن زايد لن يقبل بتصحيح المسار الداخلي والخارجي، بل سيمضي قدمًا في الطريق الذي رسمه لنفسه وللإمارات، إذ يخطط بشكل أو بآخر لانتقال السلطة رسميًا له.

ولعلَّ ما يوضح ذلك ما شهدته الساحة الإماراتية خلال الآونة الأخيرة من سلسلة خطوات، تقود لفرض أمر واقع يتعلق برئاسة الدولة؛ إذ يتعمد ولي العهد “محمد بن زايد” على “إخفاء منطقي” للشيخ “خليفة بن زايد آل نهيان”، وتنصيب نفسه بديلًا عنه، إذ إنه يقود الدولة حاليًا؛ أملًا في أن تمضي الأمور دون خلافات في الإمارات السبع أو لدى أبناء العوائل الحاكمة نفسها.

ويرى كثير من المتابعين أنَّ ولي عهد أبوظبي هو الحاكم الفعلي للبلاد، خاصة أنّه صاحب الحضور الدائم والتأثير في كل القرارات والمغامرات التي تخوضها دولته، لا سيما المتعلقة بسياسات البلاد الخارجية والتي غالبًا ما تأتي مقرونة باسمه.

وخلال الفترة الماضية، لم يظهر رئيس دولة الإمارات “خليفة بن زايد”، وهو الأخ الأكبر لولي العهد، إلا مرات معدودة لا تتجاوز الثلاثة، بأقصى تقدير، بحسب ما رصدته تقارير إعلامية.

كما أنَّ الخلاف بين العائلتين ليس بجديد، ومن يرجع إلى تاريخ الخلاف بين أبوظبي ودبي سيتوقف أمام ما يسمى “بالمذكرة”، وهو بيان شديد اللهجة أصدره في أواخر السبعينيات الشيخ “راشد” حاكم دبي انتقد فيه قيام رئيس الدولة الشيخ “زايد” بتعيين ابنه سلطان قائدًا للجيش.

بعدها، كان لـ”آل مكتوم” انتقاد تجاه حملة الاعتقالات التي تقوم بها أبوظبي، سواء في صفوف مواطنيها أو صفوف المستثمرين العرب، على خلفية الاشتباه بمواقفهم السياسية، معتبرًا أنها تمثل عنصرًا طاردًا ومخيفًا لرؤوس الأموال، وهو مازال قائمًا حتى الآن.

ففي فترة محمد بن زايد تنوَّعت الوسائل الأمنية الإماراتية في إسكات الرأي العام وتضييق الحريات على الشارع السياسي بين الاعتقالات المباشرة، والإخفاءات القسرية، وسحب الجنسيات، وفرض قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، والتقاضي أمام المحكمة الاتحادية غير القابلة للاستئناف، وتجميد الأرصدة والمضايقة على أهالي المعتقلين، والمنع من السفر، وملاحقة المقيمين الأجانب، وتحويل القضاء إلى جهات أمنية، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، ومصادرة حق المعتقل بالمرافعة القانونية.

وقد صدرت في الآونة الأخيرة تقارير حقوقية لمنظمات عالمية وعربية تعبِّر عن تراجع مأساوي للحريات العامة في الإمارات، عبر عنها مراقبو حقوق الإنسان داخل الإمارات وخارجها بوصفهم أبو ظبي أنها دولة بوليسية، واتهموها باستخدام المحاكمات السياسية ضد المعتقلين.

أما عن تاريخ الانقلابات في الإمارات فلابدَّ هنا من لمحة تاريخية عن الحكم في أبوظبي؛ وذلك لتوضيح كيفية انتقال الحكم في تسلسل العائلة، الذي يُفسر نهج “آل نهيان” للتسلط خلال تاريخ العائلة، ويؤكّد أن الانتقال السلمي للسلطة غير وارد.

فبداية حكم إمارة أبوظبي عاصمة الإمارات كانت مع “عيسى بن نهيان” الذي تولى بداية حكم الإمارة في عام 1761 حتى وفاته عام 1793، والذي يعدّ أول من استقرَّ في تلك المنطقة، خلفه “ذياب بن عيسى” الذي تولى الحكم لمدة أقل من عام عقب وفاة والده، واغتيل في منطقة سهل الحمرا بتدبير من بعض أفراد العائلة، بعد ذلك تولى “شخبوط بن ذياب” الحكم من 1793 حتى 1816، ونقل السلطة بعد ذلك لابنه “محمد بن شخبوط”، الذي ظلَّ في الحكم عامين فقط من 1816 إلى 1818.

بعد ذلك جاء “طحنون بن شخبوط” الذي تولى الحكم من 1818 حتى اغتيل عام 1833، وبعده “خليفة بن شخبوط” وحكم من 1833 إلى أن كان مصيره الاغتيال أيضًا عام 1845 في ظروف غامضة قيل إن لأفراد العائلة يدًا فيها، وكان يساعده في فترة ولايته في إدارة شئون الإمارة أخوه “سلطان بن شخبوط”.

وتولى الحكم بعد ذلك “عيسى بن خالد” في نفس العام، ليخرج على الحاكم السابق، لكنه شرب من نفس الكأس أيضًا، وخرج عليه خلال هذا العام أيضًا “ذياب بن عيسى”، إلى أن تولى “سعيد بن طحنون” سدة الحكم لكنّه عُزل من منصبه عام 1855.

وجاء بعد ذلك “زايد بن خليفة” من سنة 1855 إلى 1909، وبعده ابنه “طحنون بن زايد” من عام 1909 إلى وفاته عام 1912.

ثم تولى “حمدان بن زايد” سدة الحكم في الإمارة عام 1912، وعاد مسلسل القتل العائلي مجددًا؛ حيث جرى اغتياله على يد أخيه “سلطان بن زايد” عام 1922، والذي تولى السلطة 4 سنوات انتهت بأن شرب من نفس الكأس المعتاد بين آل نهيان؛ حيث اغتيل على يد أخيه صقر عام 1926 وحكم صقر الإمارة مدة عامين فقط، وكالعادة اغتيل ليس على يد أخ له، ولكن على يد ابن أخيه شخبوط بن سلطان عام 1928، وتولى شخبوط الحكم في تلك السنة إلى أن أجبر على التنازل لأخيه الشيخ زايد بن سلطان، الذي حكم الإمارة حتى وفاته عام 2004.

وتولى السلطة صوريًا خليفة بن زايد لكن بقي محمد بن زايد الحاكم الفعلي لإمارة أبو ظبي، ومن ثمّ دولة الإمارات برُمّتها، حيث تطاله أيضًا اتهامات بقتل أخويه غير الشقيقين أحمد وناصر بن زايد في حوادث غامضة حتى يتولّى سدة الحكم منفردًا، وبشكل رسمي بعد موت خليفة.